الإعدام للخائن.. الصيد الثمين في قبضة المخابرات
السبت، 01 يونيو 2019 04:00 مدينا الحسيني
خلية الواحات الإرهابية كانت من ضمن تعليمات وأوامر «عشماوى» لصديقه «عماد الدين» لاستهداف قوات الجيش والشرطة
وجوده فى مصر يساهم بشكل كبير فى سقوط العديد من الخلايا الإرهابية والعناصر المتطرفة
تخفى مستخدما أسماء حركية عديدة أما كنيته الأشهر فهى «أبو عمر المهاجر»
وجوده فى مصر يساهم بشكل كبير فى سقوط العديد من الخلايا الإرهابية والعناصر المتطرفة
تخفى مستخدما أسماء حركية عديدة أما كنيته الأشهر فهى «أبو عمر المهاجر»
اسمه بالكامل هشام على عشماوى مسعد إبراهيم، يبلغ من العمر 41 عاما، فهو من مواليد 1978، انضم إلى الجيش المصرى فى التسعينيات، ثم التحق بقوات الصاعقة، وعمل فى سيناء أكثر من 10 سنوات، وكان عام 2011 نقطة التحول فى حياة الضابط السابق، بعد استبعاده من الجيش لثبوت تبنيه لأفكار متطرفة، وعقب فصله كوّن عشماوى خلية تضم مجموعة من المتطرفين، بينهم 4 ضباط شرطة مفصولون من الخدمة على رأسهم هاشم حلمى، هو ضابط شرطة تم فصله من الداخلية، بعدما تبين أنه اعتنق الفكر المتطرف أيضا وثبت أن له علاقة بتنظيم «أجناد مصر» الذى يحمل فكر القاعدة، وفى 2013 سافر هشام عشماوى إلى درنة بليبيا وتدرب فى معسكرات تنظيم القاعدة، وشكّل تنظيم «أنصار بيت المقدس» ودرّب أكثر من 200 عنصر فيه.
بدأ السجل الإرهابى لـ«عشماوى» الذى سافر إلى تركيا فى أبريل من عام 2013، وتلقى دعما وتمويلا من الجماعات الإرهابية، حيث انضم إلى سوريا وقاتل ضد نظام بشار الأسد، وعقب ثورة 30 يونيو عاد إلى مصر، ليبدأ تنفيذ أجندات الجماعات الإرهابية، فحاول اغتيال اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الأسبق، واتهم فى قضية «عرب شركس»، والتخطيط والمشاركة فى تنفيذ مذبحة كمين الفرافرة فى يوليو 2014، وفى الفترة ما بين نهاية عام 2014 وحتى عام 2015 انشق «عشماوى» عن تنظيم «داعش» الإرهابى، والذى سبق وأن أعلن الولاء له ونفذ عمليات إرهابية باسمه، وأسس تنظيم «المرابطون» فى ليبيا والموالى لتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامى، ونصّب نفسه أميرا للتنظيم، وتولى عملية تدريب عناصره.
لم يكن «عشماوى» يحتاج إلى خبرة للقيام بتلك المهمة، فقد تدرب فى معسكرات تنظيم القاعدة الموجودة فى درنة، واستطاع استقطاب وتجنيد عناصر جديدة من مصر إلى درنة، وقام بتدريبهم لتنفيذ عمليات فى الداخل المصرى، حتى أصبح من أكثر العناصر المطلوب القبض أو القضاء عليهم.
واتهم «عشماوى» بتنفيذ عدة عمليات إرهابية أخرى فى مصر، من بينها استهداف الكتيبة (101) فى العريش واغتيال النائب العام السابق هشام بركات عام 2015، واستهداف حافلات الأقباط فى المنيا والهجوم على قوات الأمن الوطنى فى طريق الواحات عام 2017.
وخلال الفترة التى انتقل فيها «عشماوى» بين دول الشرق الأوسط يبث سمومه، كان القضاء العسكرى المصرى يتداول جلسات محاكمته فى القضايا المتهم فيها، وصدر ضده حكم بالإعدام فى قضية «كمين الفرافرة» و«أنصار بيت المقدس 3»، وما زالت هناك العشرات من القضايا المتهم فيها «أبو عمر المهاجر» - كما هو معروف بين أتباعه - متداولة فى ساحات القضاء.
منحدر سقوط «هشام عشماوى» بدأ فى عام 2018 وتحديدا فى 8 أكتوبر، حينما أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية عن إلقاء القبض عليه فجر ذلك اليوم الذى وافق الاثنين، فى عملية أمنية بمدينة درنة، ولم تمر سوى أشهر قليلة حتى تم تسليمه للسلطات المصرية مساء الثلاثاء الماضى.
وتكشف أوراق القضية 160 عسكرية، سبب خروج الإرهابى «هشام عشماوى» من أروقة الجيش المصرى، وكيف استقى معلوماته الدينية، وعلاقته بحادث الواحات، حيث يقول المتهم نادر عبدالرازق قطب، 43 سنة، ضابط قوات مسلحة بالمعاش، وفقا لمستندات القضية، إن المتهم الرئيسى بحادث الواحات «عماد الدين»، كان على علاقة وطيدة بالمتهم «هشام عشماوى»، مؤكدا أن «عشماوى» خرج من صفوف الجيش المصرى بسبب «مرض نفسى»، مستطردا: «فى ضابط صاحبى قالى إن هشام عشماوى خرج طبى نفسى وكان محجوز فى مستشفى نفسى عسكرى».
ويستكمل «قطب»: «بعد الثورة وفى انتخابات 2012 بدأت تظهر على (عماد الدين) أمير جماعة الواحات، أفكار جديدة وغريبة فكان رافضا للانتخابات، وبيقول إنها مش من الدين، وقالى إنه بياخد معلوماته هو وعشماوى، من شيخ اسمه أحمد عشوش، فى كفر الدوار، وقالى إن الشيخ ده بيتكلم عن الجهاد، وخدته معايا عند شيخ قاله إن الشيخ اللى بيروحله ده معاه إعدادية، وقاله انت راجل متعلم اقرأ أمهات الكتب».
وفى سياق متصل، كشف الإرهابى «عبدالرحيم محمد» الناجى الوحيد من معركة الواحات، خلال اعترافاته فى القضية رقم 160 عسكرية، والمعروفة بـ«الهجوم على مأمورية الواحات»، كيف هرب «عشماوى» من أرض سيناء لليبيا، بعد تحقيق الجيش المصرى انتصارات ضد أوكار الإرهاب، قائلا: «لما انضميت لجماعة الواحات فى ليبيا، الشيخ حاتم قالنا إنه عايز ينظم الجماعة ويتلافى أى أخطاء وقعت فيها جماعة أنصار بيت المقدس، وتسببت فى انهيارها على يد الجيش فى سيناء بعد قيامها بأكثر من عملية جهادية».
وأضاف الإرهابى: «الشيخ حاتم، قالنا إنه كان عضوا فى جماعة أنصار بين المقدس هو و«هشام عشماوى» وكنيته «أبوعمر»، وبعد حادث الفرافرة هربوا إلى ليبيا ليصبحوا فى نظر داعش مرتدين عن مبايعة جماعة أنصار بيت المقدس لداعش، عشان لو كانوا استمروا فى سيناء كان الجيش المصرى هيقضى عليهم».
وفى سياق الاعترافات وفقا لنص التحقيقات، فقد اعترف المتهم محمد على عفيفى أحد مؤسسى تنظيم بيت المقدس الإرهابى، فى تحقيقات القضية أمام النيابة العامة، أن «عشماوى» كان يعرف فى التنظيم باسم «شريف» أو «أبو مهند»، مضيفا أن هشام عشماوى ورفيقه عماد عبدالحميد مؤسس خلية الواحات، توليا معا مسئولية تدريب وإعداد أعضاء التنظيم وخلاياه على استخدام الأسلحة والمتفجرات ونقل خبرتهما فى التعامل مع قوات الأمن والمواجهات العسكرية والأمنية لمنفذى العمليات التى يقوم بها التنظيم.
وكشفت النيابة العامة، وفقا لأوراق التحقيقات، أن الإرهابى «هشام عشماوى» كان العنصر الأساسى فى تكوين الخلايا الإرهابية فى مصر منذ 2011، بداية من التخطيط لاغتيال وزير الداخلية، بصحبة صديقه الإرهابى عماد الدين، والذى استطاع عشماوى أن يستقطبه بعد فصله من القوات المسلحة المصرية، كما أوضحت النيابة قيام «عشماوى» بتنظيم وتدريب جماعة «أنصار بيت المقدس»، واستغلال التدريبات التى تلقاها بالجيش المصرى لتدريب الإرهابيين على استهداف قوات الجيش والشرطة، وكيفية الهروب عبر الأنفاق.
وأضافت النيابة، أن خلية الواحات الإرهابية كانت من ضمن تعليمات وأوامر «عشماوى» لصديقه « عماد الدين» لاستهداف قوات الجيش والشرطة.
وتشير الأوراق إلى أن «عشماوى» تخفى مستخدما أسماء حركية عديدة، أما كنيته الأشهر فهى «أبو عمر المهاجر»، وتوعد فى تسجيل له فى العام 2015 باستهداف ضباط الجيش والشرطة فى مصر، وبالمزيد من العمليات الإرهابية فى سيناء، إلى أن تمكن الجيش الوطنى الليبى من القبض عليه بحى المغار بمدينة درنة فى 8 أكتوبر الماضى، وذلك بعد كمين محكم لقوات الجيش الليبى فى درنة شرق البلاد.
وتسبب الإعلان عن استلام مصر للإرهابى هشام عشماوى من الجانب الليبى فى ارتباك حسابات قيادات التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية، لتعيش يوما أسود فى تاريخها لم تذق فيه طعم النوم، وترتعد أوصالها لما سيدلى به هذا الإرهابى من معلومات وأسرار عن مخططات هذه الدول، وأسماء الشخصيات التى كان على اتصال بها، وهو ما سيكشف الستار بالأدلة عن تورط تركيا وقطر تحديدا مع الهاربين من جماعة الإخوان الإرهابية فى العبث بأمن مصر.
وقالت مصادر لـ«صوت الأمة»، إن هناك قلقا داخل التنظيم منذ الإعلان عن تسليم عشماوى، خشية الإيقاع بقياداتهم وكوادرهم المهمة بمناطق الصراع «سوريا والعراق واليمن وليبيا»، الأمر الذى دعاهم لاجتماع طارئ بإسطنبول والدوحة ـ بالتزامن - واتصالات مكثفة مع القيادى إبراهيم منير أمين عام التنظيم فى أوروبا، لدراسة الموقف بعد تسليم عشماوى، الذى يملك معلومات عن شبكات تهريب السلاح وصناعة العنف وخطوط التمويل عبر الصحارى الممتدة من ليبيا إلى سيناء.
وعقب الاجتماع بثت المنصات الإعلامية لجماعة الإخوان الإرهابية أكاذيبهم وادعاءاتهم من خلال فبركة الأخبار والمواد الإعلامية، وترويجها بشكل كبير عبر السوشيال ميديا، وعبر قنواتهم التى تبث من تركيا ومواقعهم الإلكترونية، فمع كل حدث كبير فى الدولة المصرية تخرج عناصر الإخوان رافعة شعارات «الكذب أولا وأخيرا».
مسلسل الفبركة المتواصل من جماعة الإخوان وعناصرها الهاربين، ما هو إلا محاولات يائسة منهم، تؤكد التخوف الشديد لدى عناصر الجماعة، من أن يكون مصيرهم هو نفس مصير الإرهابى هشام عشماوى، وأن تقوم الدول بتسليمهم إلى مصر خلال الفترات المقبلة، وهو ما جعلهم يزيفون أخبارا وبوستات عبر مواقع التواصل الاجتماعى تزعم مقتل الإرهابى هشام عشماوى أكثر من 5 مرات من قبل.