الإنسان المصري الجديد

الجمعة، 31 مايو 2019 04:36 م
الإنسان المصري الجديد
سمر جاد تكتب:

لعل من أهم مزايا التعرف على ثقافات مختلفة هو رؤية الثوابت بمنظور مختلف، ويأتي على ذكر ذلك موقفا تعلمت منه الكثير.. كنت في ذلك الوقت أعمل في أحد البنوك المرموقة، وكنت و بعض زملائي في اجتماع مع مديرين باكستانيين لنعرض عليهم مشاكل أقسامنا، حتى يجدوا لها حلا.. ولقد انتهى الاجتماع بعد 10 دقائق فقط ! لا، لم يكن لديهم مصباحا سحريا لحل مشكلاتنا ولكنهم لم ينظروا إليها.. فلقد طلبوا منا أن نبحث نحن، عن حلول لها، و في الاجتماع المقبل، سيستمعون للاثنين معا.. المشكلة و الحل. 
 
هذا المنهج إذا ما اتبع في مواجهة جميع مشكلاتنا، سنحصل على نتائج استثنائية، و هذا ما يجب أن نزرعه فى صغارنا.. كيف؟! إليكم روشتة د. سارة الشقنقيري-  استشاري الطب النفسي بالمركز القومي للبحوث-  للقضاء على سمة السلبية/العدوانية.
 
أولا.. بالنسبة للأجيال الصاعدة
 
عملا بمبدأ الوقاية خير من العلاج، يمكن أن نمنع وصول تلك السمة للأجيال الناشئة، بأن نربيهم منذ نعومة أظافرهم على تحمل مسئوليات صغيرة، فلا يصبح اعتماديا، فالاعتمادية تقود الى السلبية.
 
 يجب أن نعلمهم مسئولية الفعل ومسئولية النتيجة. مثال: يمكنك اللعب بكل ألعابك، لكنك سوف ترتبها بعد أن تنتهي من اللعب.
 
علينا أن نعود أطفالنا على اتخاذ القرار، مما يستدعى أن  نعطيهم حرية القرار في الأمور البسيطة، مع توضيح نتائج كل خيار.
 
يجب أن يعرف الطفل أن من حقه أن يخطىء، ولكن من مسئوليته أن يصلح هذا الخطأ. مثال: إذا سكب الطفل عصيرا على الأرض، لا تنهره بل اعطه ما ينظف به ما سكب.
 
من المهم جدا أن نخاطب عقل الطفل، و نفهمه السبب وراء ما نمليه عليه من قواعد منزلية، ولننسف عبارة «لازم تسمع الكلام من غير ليه» من بيوتنا، حتى يعتاد الطفل التفكير و يشعر بأنه إنسانا مهما، ومع التطور العمرى له سيشب على أن الهدف، هو الوصول إلى النتيجة التى خطط لها، ولن يقف عند تفادى العقاب.
 
من الضروري أن ننمي ثقة الطفل بنفسه و نعززها من خلال تعاملاتنا معه و من خلال لغة الخطاب الموجه له كذلك، لأن ما نقوله يصل للطفل بطريقة قد لا نتخيلها.
 
«لا تواجههم حتى لا يضربوك.. أو لا تدفع ثمن اللعبة سأدفعها أنا حتى لا يغشك البائع».. و هكذا من أمثلة، لتصل الرسالة للطفل بأنه غير كفء ويصبح جبانا. الحماية الزائدة لأطفالنا تضرهم وإن كنت من أولياء الأمور القلوقين، يمكنك المراقبة من بعيد، مع ترك للطفل مساحة من الحرية.
 
هل معنى هذا أن نترك الطفل يواجه العالم بمفرده.. بالعكس تماما. .يجب أن يرى الإيجابية في سلوك ولي الأمر، حتى يتعلم منه، يجب أن يراه لا يقبل بالظلم أو بالقهر. وإذا تم التعدي عليه و هو ما زال صغيرا على المواجهة وحده، على ولى الأمر أن يسانده ويدعمه حتى يتعلم ألا يضيع حقه.
 
من المهم أن نعلم  الطفل أن يتعامل لغويا من منطلق الفاعل و ليس المفعول به. فاستخدام أسلوب المفعول به «قالولى.. فعلوا بى كذا»، هي طريقة الشخص السلبي/الاعتمادي، الذي ينفي عن نفسه المسئولية ويعيش في دور الضحية.
 
ويظل يبرر سلوكه السلبي بأنه الضحية حتى يتحول في النهاية إلى جاني.. أما ما نريده لأطفالنا هو أن يصبحوا أشخاصا إيجابيين.. لغتهم تقول: «أنا فعلت كذا.. إذا أنا المسئول.. فالأبحث عن الحل».
 
ثانيا: بالنسبة للأشخاص الناضجين:
 
يحتاج الشخص الناضج الذى يتصف بالسلبية/ الاعتمادية أن يعمل جاهدا على تعديل سلوكه من خلال الآتى: يجب أن يقرر أنه الوحيد الذى يملك قرار نفسه، حتى في حالة القرارات الخاطئة، ويعلم نفسه ذلك حتى يعتاده.
 
عليه أن يتعلم كيفية التعبير الحر عن نفسه وأن يتقبل أخطاءه.. سيكون ذلك صعباّ في البداية، لكن بمرور الوقت سينجح فى فعل هذا.
 
وأخيرا و ليس آخرا، يجب أن يدرك أنه شخص فاعل وليس مفعول به-على الأقل فى حياته الشخصية- و ليتمكن من هذا يجب أن يبدأ فى فهم دوافعه.. البعض يستطيع أن يفعل هذا وحده و البعض الآخر قد يحتاج الى اللجوء الى استشارى نفسى للمساعدة. و تذكروا دوماّ  قوله تعالى﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق