الرابحون من صيام رمضان: «مدفعجية» الافطار والإمساك
الثلاثاء، 21 مايو 2019 09:00 صكتبت- إيمان محجوب
«مدفع الإفطار إضرب.. مدفع الإمساك إضرب».. بهذه الكلمات وصوت المدفع ينطلق، يبدأ ملايين المصريين في تناول إفطارهم كل يوم من أيام شهر رمضان، ويعتبر هذا التقليد مصري أصيل منذ 560 عاما، وهناك العديد من القصص والروايات عن هذه العادة الرمضانية، التي يقوم بها المصريين ونقلوها إلى عدة دول عربية أخرى.
وهناك عدة روايات عن انطلاق المدفع للمرة الأولى في رمضان، من بينها أنه عند غروب أول يوم من رمضان عام 865 هـ أراد السلطان المملوكي «خشقدم» أن يجرب مدفعًا جديدًا وصل إليه. وقد صادف إطلاق المدفع وقت المغرب بالضبط، فظن الناس أن السلطان تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار قد حان.
خرجت جموع الأهالي إلى مقر الحكم تشكر السلطان على هذه البدعة الحسنة التي استحدثها، وعندما رأى السلطان سرورهم قرر المضي في إطلاق المدفع كل يوم إيذانًا بالإفطار ثم أضاف بعد ذلك مدفعي السحور والإمساك.
وهناك رواية أخرى، تفيد بأن ظهور المدفع جاء عن طريق الصدفة، فلم تكن هناك نية مبيتة لاستخدامه لهذا الغرض على الإطلاق، حيث كان بعض الجنود في عهد الخديوي إسماعيل يقومون بتنظيف أحد المدافع، فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء القاهرة، وتصادف أن كان ذلك وقت أذان المغرب في أحد أيام رمضان، فظن الناس أن الحكومة اتبعت تقليدًا جديدًا للإعلان عن موعد الإفطار، وصاروا يتحدثون بذلك، وقد علمت الحاجة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل بما حدث، فأعجبتها الفكرة، وأصدرت فرمانًا يفيد باستخدام هذا المدفع عند الإفطار والإمساك وفي الأعياد الرسمية.
ويوجد في القاهرة خمسة مدافع للإفطار، إثنان في القلعة، وواحد في كل من العباسية وحلوان ومصر الجديدة وأخيرا انطلق مدفع الافطار بمحافظة الجيزة هذا العام من ميدان النهضة. واعترضت هيئة الآثار المصرية على موقع مدفع الإفطار بالقلعة، حيث كان يهز جدران القلعة والمسجد والمتاحف المتواجدة في المكان، ولكن وافقت وزارة الداخلية على نقله من القلعة إلى جبل المقطم، مما يتيح لكل أبناء العاصمة سماعه.
وبسبب اتساع العمران وكثرة السكان تم تسجيل صوت المدفع وسماعه عن طريق الإذاعة والتليفزيون وقت الإفطار والإمساك في السحور، وقد توقف المدفع عن الانطلاق في الافطار والسحور وقت الحروب منذ 1976 حتي صدر قرار بعودته للانطلاق من وزير الداخلية عام 1983. وقد استمر المدفع يعمل بالذخيرة الحية حتى عام 1859م ميلادية، بيد أن امتداد العمران وظهور جيل من المدافع التي تعمل بالذخيرة «الفشنك» أدى إلى الاستغناء عن الذخيرة الحية، ويقوم على المدفع أربعة جنود يقومون بتهيئته وحشوه بالبارود وإطلاقه مرتين وقت الإفطار ووقت الإمساك.
يشير التاريخ إلى أن المسلمين في شهر رمضان في بدر الإسلام، كانوا يأكلون ويشربون من الغروب حتى وقت النوم، وعندما بدأ استخدام الأذان اشتهر بلال وابن أم مكتوم بأدائه، وقد حاول المسلمون على مدى التاريخ مع زيادة الرقعة المكانية وانتشار الإسلام أن يبتكروا الوسائل المختلفة، إلى جانب الآذان للإشارة إلى موعد الإفطار، إلى أن ظهر مدفع الإفطار إلى الوجود.