عن ضوابط الشهادة نتحدث.. هل الخصومة مع الشاهد تمنع قبول شهادته؟
الخميس، 16 مايو 2019 10:00 م
الشهادة هى إخبار الشاهد بحق لغيره على آخر، والأصل ألا يكون قول الشاهد حجة على المشهود عليه لأنه إخبار، وكل خبر يحتمل الصدق والكذب على السواء وإنما شرعت حجية الشهادة عند تعذر وجود دليل آخر للضرورة التي تقدر بقدرها صيانة لحقوق الناس من الضياع فلا تصلح الشهادة دليلا إلا بشروط يجمع بينها ترجح الصدق في الشهادة على الكذب.
فى التقرير التالى «صوت الأمة» تُجيب على سؤال أحد القراء وهو هل الخصومة مع الشاهد تمنع قبول شهادته؟، وما هى الشروط التى لا تصلح الشهادة إلا بها لصيانة حقوق العباد، وهل حجية الشهادة متعديه أم لا؟
وللإجابة على حزمة هذه الإسئلة، يقول الخبير القانونى والمحامى سامى البوادى أنه «لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين ولا ذي الإحنة»، ولأن الخصومة تئول إلى العداوة، والعداوة تمنع من قبول الشهادة ، ويجوز أن يشهد لخصمه وإن لم يشهد عليه، فلو شهد عليه ولا خصومة بينهما، ثم قذف المشهود عليه الشاهد فصار بالقذف خصما قبل الحكم بشهادته، لم ترد وجاز الحكم بها مع حدوث الخصومة والعداوة، بخلاف حدوث الفسق قبل الحكم بالشهود، ولأن حدوث الخصومة والعداوة ليس بجرح يوجب رد الشهادة، ولو منع حدوث ذلك من الحكم بها لما صحت شهادة على أحد، لأنه يقدر على إسقاطها بحدوث نزاع وخصومة، وما أدى إلى هذا بطل اعتباره .
ولا تصلح الشهادة دليلا – بحسب «البوادى» فى تصريح لـ«صوت الأمة» - إلا بشروط يجمع بينها ترجح الصدق في الشهادة على الكذب، ومن هذه الشروط انتفاء التهمة في الشهادة بحيث لا تجر على الشاهد مغنما ولا تدفع عنه مغرما، ومنها عدم وجود العداوة بينه وبين المشهود عليه أو الميل للمشهود له للحديث الشريف «لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين ولا ذي إحفة»، فجمع أسباب الميل، فإذا تمسك المشهود عليه بوجود بينه وبين الشاهد تمنع من ترجيح صدقه وقدم الدليل على ذلك تعين على محكمة الموضوع أن تورد دفاعه وتمحصه وتقول كلمها فيه قبل أن تطمئن إلى صدق الشاهد و إلا كان حكمها قاصرا وللشهادة حجية متعدية، وجوب ألا يقوم بالشهادة مانع من موانعها مثل وجود خصومة بين الشاهد ومن يشهد عليه مانع من قبول شهادته.
وفي ذلك قالت محكمة النقض:
أن الشهادة ذات حجية متعدية لأن ما يُثبت بها لأحد الخصوم يعد ثابتاً بالنسبة للخصم الآخر وذلك اعتباراً بأن من صدرت منه الشهادة شخص عدل لا يقصد بها تحقيق مصلحة لأحد أو مضارته ولهذا الأثر للشهادة واعتبارات العدالة فإنه يجب ألا يقوم بالشاهد مانع من موانعها من شأنه أن يدَع للميل بشهادته لخصم على آخر سبيلاً ومن هذا القبيل أن تكون بين الشاهد والخصم المشهود عليه خصومة فقد ورد في الحديث الشريف «لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين ولا ذي إحنة».
وإذ خلت مواد قانون الإثبات المنظمة لشهادة الشهود من نص يعالج أثر وجود خصومة بين الشاهد والخصم المشهود عليه فليس أمام القاضي من سبيل ألا أن يلتجئ إلى مبادئ الشريعة الإسلامية التي تقضى بأن قيام هذه الخصومة يعد مانعاً للشهادة باعتبار هذه المبادئ المصدر الرئيسي للتشريع بنص المادة الثانية من الدستور والمرجع الأصيل للقضاء عند غياب النص وعدم وجود العرف طبقاً لنص المادة الأولى من القانون المدني وينبني على ذلك أنه إذا ما طعن الخصم على أقوال الشاهد بوجود خصومة بينهما مانعة من الإدلاء بأقواله دون ميل وأقام الدليل على ذلك تعين على المحكمة أن تمحص دفاعه وتحققه قبل أن تحكم في النزاع فإن هى لم تفعل واستندت إلى أقوال هذا الشاهد رغم الطعن بفسادها وقع الحكم باطلاً طبقا للطعن الطعن رقم 2195 لسنة 68 ق الصادر بتاريخ 10 يونيو 2010.
من المقرر أيضاَ في قضاء المحكمة الموقرة أن وجود خصومة قائمة بين الشاهد وبين المتهم لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله مادامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وأنها كانت على بينه من الظروف التى أحاطت بها ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
وذلك لانه لما كانت الأدلة فى المواد الجنائية إقناعيه، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية مادام لا يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها من باقى الأدلة القائمة فى الدعوى - وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات فإن ما يثيره الطاعن فى شأن ذلك بوجود خصومة مسبقة إنما ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض.