مسجد السيدة نفيسة.. قبلة عشاق آل بيت النبي
الأربعاء، 15 مايو 2019 11:00 ص
مسجد السيدة نفيسة أو مشهد السيدة نفيسة يقع في منطقة السيدة نفيسة بالقاهرة، المسماة قديمًا بـ«درب السباع» حيث يقع بشكل مباشر فى بداية الطريق المسمى طريق أهل البيت، وبذلك يصبح المشهد النفيسي هو المحطة الثانية في هذا الطريق بعد مشهد الإمام علي زين العابدين.
بمجرد دخولك مسجد السيدة نفيسة تشعر عادة بحالة روحانية نادرة تبعث على السكينة والهدوء فى نفس زائرى المسجد، ذلك المسجد الآثرى الذى يحظى بمكانة منقطعة النظير فى وجدان المصريين، الذين لا يمر عليهم يوماَ من أيام الأسبوع إلا ويتزورونه خاصة يوم الأحد من كل أسبوع أو كما يسمونه منذ القدم بـ «يوم الحضرة».
تاريخ بناء المسجد
والمتفق عليه بين المؤرخين أن مسجد السيدة نفيسة بُنى عام 1314 هجرية، الموافق 1897 ميلادية، مُشرفا باسم «السيدة نفيسة» بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالب، رضى الله عنه التى ولدت بأرض مكة بينما نشأت بالمدينة، وأما عن قدومها إلى مصر فكانت سنة 193 هجرية، الموافق 809 ميلادية، وعاشت بها إلى أن شرفّ الله أرض مصر بوفاتها عليها سنة 208 هجرية الموافق 824 ميلادية.
فبمجرد أن تقترب من صحن المسجد العتيق وتدخل إلي قرب الضريح الشريف تشعر براحة نفسية غريبة تجعلك لا تشعر بكل من حولك وكأنك داخل ملكوت أخر لا علاقة له بالعالم الخارجي اخشع فانك في حضرة نفيسة العلوم، سليلة البيت النبوي السيدة نفيسة بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن علي بن أبي طالب والتي ولدت في مكة في 11 ربيع الأول 145 هـ، وأمها زينب بنت الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وقيل أن أمها أم ولد، وأن زينب أم إخوتها.
زواج السيدة نفيسة
الكثيرون تقدموا للزواج من نفيسة لدينها وعبادتها، إلى أن قبل أباها بتزويجها بإسحاق المؤتمن بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وتم الزواج في رجب 161 هـ، فأنجبت له القاسم وأم كلثوم. وفي سنة 193 هـ، رحلت نفيسة مع أسرتها إلى مصر، مروا في طريقهم بقبر الخليل، وحين علم أهل مصر بقدومهم خرجوا لاستقبالهم مهللين مستبشرين في محافظة العريش .
أول من بنى على قبرها
وفقاَ لمؤرخى العصر فإن السيدة «نفسية» كانت مثلاَ يُحتذى به فى الصالح والتقوى والزهد وحفظ القرأن وعلوم تفسيره لما لا وهى حفيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما يقال إن أول من بنى على قبرها هو أمير مصر عبيد الله بن السرى بن الحكم، وفى سنة 482 هجرية، الموافق 1089 ميلادية، أمر الخليفة الفاطمى المستنصر بالله بتجديد الضريح، كما أمر الخليفة الحافظ لدين الله فى سنة 532 هجرية، الموافق 1138 ميلادية بتجديد القبة.
فى غضون سنة 714 هجرية، الموافق 1314 ميلادية، أمر الناصر محمد بن قلاوون بإنشاء مسجد بجوار مشهدها، وفى سنة 1173 هجرية، الموافق 1760 ميلادية، جدد الضريح والمسجد الأمير عبدالرحمن كتخدا، وحينما أتلف الحريق قسما كبيرا من المسجد سنة 1310 هجرية، الموافق 1892 ميلادية، أمر الخديو عباس باشا الثانى بإعادة بنائه هو والضريح، وتم ذلك فى سنة 1314 هجرية، الموافق 1897 ميلادية، وهو المسجد القائم الآن بالحى المعروف باسمها.
علاقتها بالشافعى
ولما وفد الشافعي إلى مصر سنة 198 هـ، توثقت صلته بنفيسة بنت الحسن، واعتاد أن يزورها وهو في طريقه إلى مسجد الفسطاط، وكان يصلي بها التراويح في مسجدها في رمضان، وكلما ذهب إليها سألها الدعاء، وأوصى أن تصلي عليه السيدة نفيسة في جنازته، فمرت الجنازة بدارها حين وفاته عام 204هـ، وصلت السيدة نفيسة عليه احتراما لوصيته، ويقول المريدون إن الحجرة التى كانت تتعبد فيها، حافظ عليها رعاة مشهدها جيلاً وراء جيل، وإن «خاصتهم» يمكنهم البقاء فيها لساعات أو أيام، ومنهم فنانون ومثقفون ورجال أعمال وساسة.
شرح المسجد فى الداخل والخارج
وأما عن واجهة المسجد الرئيسية يتوسطها المدخل، وهو بارز عن سمتها ومرتفع عنها، تغطيه طاقية مقرنصة، وتقوم أعلاه منارة رشيقة، بنيت مع الوجهة على الطراز المملوكى، ويؤدى هذا المدخل إلى «دركاه»، يدخل منه الزائر المسجد، وهو عبارة عن حيز مربع، تقريبا مسقوف بسقف خشبى منقوش بزخارف عربية جميلة، ويعلو منتصف البائكة الثانية منه شخشيخة مرتفعة، وهو محمول على ثلاثة صفوف من العقود المرتكزة على أعمدة رخامية مثمنة القطاع.
يتوسط جدار القبلة محراب، مكسو بالقاشانى الملون البديع، وفى طرف الجدار، وعلى يمين المحراب، باب يؤدى إلى ردهة مسقوفة، بوسط سقفها شخشيخة حليت بنقوش عربية، ومن هذه الردهة يصل الإنسان إلى الضريح بواسطة فتحة معقودة، وبوسطه مقصورة نحاسية أقيمت فوق قبر السيدة نفيسة، ويعلو الضريح قبة ترتكز فى منطقة الانتقال من المربع إلى الاستدارة على أربعة أركان من المقرنص المتعدد الحطات.
ومن الطرائف الأثرية التى نقلت من مشهد السيدة نفيسة، ذلك المحراب الخشبى المتنقل الذى صنع للمشهد بين سنتى 532-541 هجرية، 1137-1147 ميلادية، والمودع الآن بدار الآثار العربية، مع محرابين خشبيين آخرين، صُنع أحدهما للجامع الأزهر، والثانى لمشهد السيدة رقية، وفيها تتمثل دقة صناعة النجارة الفاطمية وروعة بهائها.
علاقة يوم الأحد بزيارة المسجد
وعادة ما ترتبط زيارة «المقام النفيسى» بصلاة العصر، ولا يعرف أحد ما هو سر ارتباط الزيارة بيوم الأحد وبصلاة العصر تحديداً، ومبرر خصوصيتهما لدى مريدى السيدة، وإن فسّر الشيخ حسن، حفيد أقدم أئمة المسجد الشيخ عبدالخالق، الأمر بـ«اجتهاد من المصريين توارثوه جيلا عن جيل» فمن منطلق حبهم لآل البيت، خصصوا لكل ضريح من أضرحتهم يوما للزيارة، أطلقوا عليه «الحضرة». أما هى، فمع خصوصية الأحد وصلاة العصر، اختصها المصريون بقائمة طويلة من الألقاب، فمع لقبها الأشهر «نفيسة العلوم»، هى نفيسة الدارين، السيدة الشريفة العلوية، والسيدة النقية، والعفيفة والساجدة والمتبحرة، وأم العواجز.. تتشارك فيه مع «السيدة زينب»، وفرع الرسالة، وجناح الرحمة، ونفيسة المصريين.
من أهم أقوالها
من أراد النجاة من الفقر فعليه بقراءة سورة الواقعة، وقد ذكر هذا عبد الله بن مسعود - ومن أراد الثبات على الإسلام فعليه بقراءة سورة تبارك، ومن أراد النجاة من عطش يوم القيامة فعليه بقراءة الفاتحة ومن أراد الشُرْب من حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - فعليه بقراءة إنا أعطيناك الكوثر وكانت تحرص على ربط نفسها ومن تجالسهن بالقرآن الكريم، وأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبما تحصِله من العلم المفيد للأمة.