عمر قورة.. كومسري قطار الفشل الفني والإعلامي
الإثنين، 13 مايو 2019 09:22 ممصطفى الجمل
يُعرف الرجل بتاريخه وأثره وبصمته في المجال الذي اختاره بنفسه ليجددَ فيه ويُقدمُ قيمةً مضافةً، تبقى بعد وفاته أو حتى اعتزاله مذكرة قومه به، ويعرف أشباه الرجال بالضد، فيعيشون حياتهم يتنقلون في قطار الفشل من محطة إلى محطة، مكتفين بإخراج رأسهم من الشبابيبك، يصيوح بأصوات لا فائدة منها ولا هدف، سوى لفت الانتباه لضجيج لم ولن ينتج يوماً طحيناً.
هذا هو حال رجل السطور المقبلة، أو كما يقال على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، الناشط الفني الإعلامي عمر قورة، قبل أن ندلف لسيرة الرجل، لفت انتباهنا لقبه المتداول خلال الفترة الماضية «الناشط الفني الإعلامي»، سمعنا وانتبهنا ووعينا بعد ثورة لوظيفة الناشط السياسي، وكذلك الناشط الحقوقي، ومؤخراً الناشط الفيسبوكي، ولكن جديد على مسامعنا هذه الوظيفة الجديدة، الناشط الفني ومضاف إليه الإعلامي، لا ندري كيف لمجال كالفن والإعلام يصبح بين جدرانه موظفين بدرجة ناشطين، وبعد بحث طويل اكتشفنا أن الأمر استحدث من أجل الرجل، فلم يأت قبله من حاز على هذا اللقب، وهكذا لن يأتي بعده ليناله، هو فقط شيء لاح في أفق أحد أصدقائه ذات ليلة صاخبة بأحد الملاهي الليلية، فقرر أن يطلقه عليه، وتناقلته الصحبة الجميلة فيما بعد، وبات لقبه ينادى به أينما حل.
عمر قورة، المتفرغ خلال الأيام القليلة الماضية لنقد وتجريح وتشويه نجوم الموسم الدرامي الرمضاني، لا لشيء سوى فراغه الذي كاد أن يقتله، له تاريخ طويل من الفشل الملحوق بفشل المؤدي إلى فشل أكبر، ثم اعتزال اجباري للإنتاج السينمائي، فالرجل بدأ مسيرة الانتاج الفني بعمل لا يختلف اثنين على جماله وجذبه لقطاع كبير من الأطفال، ألا وهو «عالم سمسم».
وقتها لم يكن لمواقع التواصل الاجتماعي أثر يذكر، فادعى الرجل أن المسلسل الكارتوني من ابتكاره، كذب الكذبة على نفسه وصحبته وصدقها، حتى اُكتشف أنه اشترى "فورمات" المسلسل جاهزاً من الخارج، ولم يضف إليه حرف واحد.
حقق المسلسل نجاحاً جيداً بفضل الفورمات والصيغة الجديدة التي استحضرها "قورة" من صناعها، ولأنه لا يجيد الصنعة ولا علاقة له بها لم يستطيع الحفاظ على هذا الأمر، وتوقف عند "ضربة الحظ"، فتوقف المسلسل وسط محاولات مستميتة لإعادته، إلا أن باءت كلها بالفشل، ليس لشيء إلا أن الرجل - كما يدّعي - لم يجد أطباء نفسيين يُعالجون حلقات المسلسل قبل عرضها على الأطفال.
توقف عالم سمسم، ففكر الرجل في مدخل آخر لعالم الإعلام والأضواء والشهرة، ولأنه قليل الخبرة ومستجد بهذا المجال، أقنعه جماعة من المستنفعين بإطلاق موقع الكتروني، وبعد تفكير طويل في مسماه، لم يجدوا أمامهم إلا أن يسموه إعلام.اورج، ولو أن طالباً في عامه الجامعي الأول بكلية الإعلام، عصف ذهنه لربع ساعة فقط، لاستطاع أن يخرج لهم بعشرات الأسماء للمواقع الالكترونية غير ذلك الاسم الذي لا يدل إلا على كسل وسطحية في التناول.
أحس قورة ومن معه بأنهم تساهلوا في اختيار اسم الموقع، وليخرجوا من عثرتهم، ادعوا أن اسم الموقع نسبة إلى الملف الذي سيركوزن عليه، وهو ملف الإعلام، مرت 3 سنوات كاملة، ولم نر للموقع سالف الذكر أي إضافة تذكر في مجال الصحافة أو الإعلام، بل أن شابة صحفية قررت أن تدشن صفحة على موقع التواصل الاجتماعي قضيتها الأولى والأخيرة التنقلات في سوق الجرائد والقنوات الفضائية تفوقت إليهم، وأعجزتهم عن الإتيان بمثل انفراداتها.
قال «قورة» والطاقم الذي أُسندت إليه مهمة التحرير في انطلاقة الموقع، إننا أمام موقع فريد من نوعه، يهتم بمعالجة قضايا الوسط الإعلامي، وينقل أخباره يوميًّا بانفرادات وخفايا ومعلومات لا تتوفر لدى الآخرين، ليكون الموقع إضافة للعاملين والمتابعين، ليس هذا فقط وإنما ردد أحد القائمين على إدارة تحرير الموقع بأنهم سيصبحوا بمثابة «ستايل بوك» لكل المواقع، يعود إليه المُحرّرون ورؤساء التحرير لاقتباس قوالب وأساليب يُفرّغون فيها ما لديهم من معلومات ومواد صحفية، وقطعاً كان ذلك كما يقال في الأمثال الشعبية «كلام ليل مدهون بزبدة.. طلع عليه النهار ساح».
«قورة»، هو نموذج حي للفاشلين الواقفين عن البكاء على الأطلال، ليس ذلك فقط، بل أن الرجل فأل شؤم على كل من يقترب منه، فلك أن تتخيل أن النجم أمير كرارة، ما كان ليصل إلى هذه الدرجة من النجومية، لو بقي بجواره، فكرارة كان نجم آخر عملين انتجهم قورة، وهما حواري بوخارست ٢٠١٥ و الطبال ٢٠١٦، وبمجرد أن انتهت علاقة كرارة بقوة، بدأن نجمه في السطوع، وفي غضون شهور أصبح من نجوم الصف الأول.
لو أن هناك عملاً فنياً يستطيع «قورة» أن يصبح بطله، فلن يكون هناك أولى من فيلم بعنوان «قطار الفشل»، وسيبدع الرجل في دور الكومسري، يجلس على كرسيه البالي، يقطع التذاكر لكل الراغبين في اللحاق به، ويفتح حديثاً مع هذا وتلك، ويكمل الطريق تالياً عليهم سيرته الأولى، عندما كان وكان، وهو متيقن أنهم من نفس ملته، لن يعودوا ويراجعوا ويوثقوا حديثه، فسيأخذوه على محمل الجد، ممنيين النفس أن يجلسوا مكانه ذات يوم.