قنوات ON والحياة و cbc و dmc تنتصر للفن الراقى فى دراما رمضان

 

انطلق مدفع الإفطار، وأنهت الأسرة صلاتها ومن ثم طعامها، ثم هم رب البيت لإجراء فعل لم يقم به منذ سنوات، تقدم نحو شاشة التليفزيون، وأعد برمجة قنواته، ليشغلها على  مجموعة لا بأس بها من القنوات الفضائية، ثم التفت إلى أسرته والابتسامة مرسومة على وجهه، ما دفع أفراد العائلة للاندهاش والذهول، إلا أن هذا لم يفاجئهم بقدر حديث الأب، حينما قال: «يمكنكم هذا العام مشاهدة ما يحلو لكم من مسلسلات رمضان».

 

أثرت كلمات رب الأسرة على الأبناء، بالسعادة الغامرة، فلم يكن لهم فى السابق فرصة الاختيار بين عدة أعمال درامية، وإنما كانت تفرض عليهم مسلسلات معدودة ينقص منها الكثير من الحلقات يمنعهم عن متابعتها الأب، لحمايتهم مما يسىء لمسامعهم ورؤيتهم أو يؤثر على  شخصياتهم سلبًا كما حدث لدى الكثير من الجيران.

 

فى رمضان هذا العام اجتمعت الأسرة دون خوف أو قلق حول شاشة التليفزيون، واستمتعوا بحبكة درامية لا مثيل لها، خالية من العنف والابتذال والتحريض والتبذير والإسراف المالى، فشهدوا أعمالًا عائلية تعبر عن حياتهم، وترصد يومياتهم بكل صدق دون تهويل أو تقليل.

 

هكذا يكون الوصف الأقرب لحال الكثير من المصريين هذا العام، فلا شك أبدًا أنه خلال الـ7 سنوات الأخيرة، شهدت أسواق الدراما والفن الرمضانية، حالة من الانفلات الأخلاقى والاجتماعى والمادى، فأضحت مظاهر العنف ومحاور الابتذال والإسراف المالى تسيطر على  أغلب المشاهد، وهو ما انتقده الكثير من رواد منصات التواصل الاجتماعى، ووصفوا السوق الفنى فى رمضان بأنه عرض للكبار فقط، وليس بفن عائلى هادف كما يجب أن يكون، ولعل أبرز ما أدى  إلى ذلك خلال السنوات الماضية، هو غياب الرقابة عن الأعمال الفنية، وكذلك احتدام المنافسة بين الفنانين ليصل الأمر لصراع غير لائق هدفه الوحيد تحقيق الربح والشهرة الواسعة من خلال إثارة الجدل بأى سبيل كان، فيتجه البعض للابتذال فى المشاهد من خلال إدراج إيحاءات جنسية أو أحاديث غير أخلاقية، وكذلك إضافة مشاهد عنف مبالغ فيها، وأيضا الإعلان عن أجور الممثلين المرتفعة للغاية.

 

فى رمضان 2019، الأمر يبدو متغيرا بنسبة 180 درجة، فتتسم الأعمال الفنية هذا العام بقدر كبير من الاتزان الأخلاقى والمالى إضافة إلى تميز نوعى للأعمال الفنية، وذلك وفقا لما رواه رواد منصات التواصل الاجتماعى، الذين قالوا إن هذا يأتى بسبب عمليات الهيكلة التى شهدتها الفضائيات وتمكن مجموعة «إعلام المصريين» من تنظيم العملية الإعلامية وقنوات العرض قبيل شهر رمضان، ما جعل الأمر منظمًا فى عملية شراء المسلسلات قبل عرضها، وأيضًا حسن التدبير والإنتاج الجيد من قبل شركات الإنتاج، فضلًا عن تضمين المسلسلات لحكايات جاذبة ورائعة دراميًا.

حكايات مجتمع وحبكة درامية غير مسبوقة
من الملاحظ أن مسلسلات هذا العام المعروضة عبر شبكة تليفزيون مجموعة إعلام المصريين، وهى قنوات ON والحياة وcbc وdmc، تمكنت من جذب المشاهدين من خلال حبكة درامية متقنة، قدمها مؤلفو هذه الأعمال، فأثارت عواطف رواد منصات التواصل الاجتماعى، وعبروا عن ذلك من خلال حساباتهم الشخصية، وكان أبرزها مسلسل «أبوجبل» الذى يلعب بطولته الفنان مصطفى شعبان ويعرض عبر قناة «On E»، ومسلسل «بركة» ويلعب بطولته الفنان عمرو سعد ويعرض عبر فضائية «Cbc»، ولمس أكتاف ويلعب بطولته الفنان ياسر جلال، ويعرض عبر فضائية «Cbc»، ومسلسل «ابن أصول» ويلعب بطولته الفنان حمادة هلال ويعرض على قناة «Dmc»، بالإضافة إلى أن مسلسلات هذا العام استعرضت قصص شخصيات من واقعنا لم تحظ باهتمام فنى من قبل، ويعد هذا الأمر متمثلًا فى مسلسل «هوجان» الذى يلعب دور بطولته الفنان «محمد عادل إمام» ويعرض عبر فضائية «الحياة»، حيث يستعرض المسلسل قصة شاب من الخوارق، وهو ما لم يقدمه أى عمل مسبقًا.

كوميديا نظيفة
من غير المعهود، تعدد أعمال الكوميديا خلال شهر رمضان واعتمادها على  التلقائية الشعبية دون إسفاف، فتعرض القنوات التابعة لمجموعة «إعلام المصريين» عددا جيدا من الأعمال الكوميدية اللائقة والنظيفة، التى تهدف لرسم ابتسامة على  وجوه المصريين دون إسفاف وابتذال، ومن أبرز هذه الأعمال برنامج المقالب «هانى فى الألغام» الذى يقدمه الفنان هانى رمزى، ويقوم فيه بإجراء مقالب ساخرة مع الفنانين دون عرض أى ألفاظ بذيئة وغير مستحبة للجمهور كغيرها من البرامج عبر فضائيات أخرى ، وكذلك عرض مسلسلات كوميدية يقدمها نجوم وتعرض عبر فضائيات «On E والحياة وCBC  وDMC»، وهي: «الواد سيد الشحات، ويقدمه الفنانان هنا الزاهد وأحمد فهمى، وبدل الحدوتة 3 وتلعب بطولته الفنانة دنيا سمير غانم، وطلقة حظ ويقدمه الفنانان مصطفى  خاطر ومحمد أنور، والبرنسيسة بيسة وتلعب بطولته الفنانة مى عز الدين، ومسلسل هوجان الذى يلعب البطولة فيه الفنان محمد عادل إمام.

السباق يشتعل بالوجوه المحبوبة
لوحظ أيضًا خلال الموسم الرمضانى الحالى، أن السباق شهد عودة وجوه فنية محبوبة لدى الجماهير المصرية، من أبرزها الفنان محمد رجب، حيث يقدم مسلسل «علامة استفهام»، ويبدو أنه يتسلح بكل مواهبه الفنية من أجل حصد مقعد ثابت فى السنوات المقبلة، كما يشهد هذا الموسم عودة أخرى للفنانة ياسمين عبد العزيز من خلال مسلسل «لآخر نفس» والذى تضمن إثارة كبيرة لدى متابعيه، لما يتضمنه من غموض فى أولى حلقاته، بالإضافة إلى أن هناك وجوها محبوبة لدى الجماهير تخوض لأول مرة دور البطولة المطلقة فى مسلسلات رمضان، مثل الفنانة الشابة ياسمين صبرى والتى تلعب دور البطولة فى مسلسل «حكايتى».

إنتاج ضخم خال من الإسراف
يبدو أن شركات الإنتاج، خصصت أموالها هذا الموسم، من أجل الإنتاج الضخم بدلًا من الإسراف على  أجور النجوم وغير ذلك، وهو ما يمكن ملاحظته من المشاهد المتقن تصويرها والاعتماد على  تقنيات عالية خلال إجرائها، ولاسيما مشهد الحريق بمسلسل «أبوجبل» الذى دل على صورة مكتملة احتوت كل عناصر الإبهار، ما يفيد باستخدام تقنيات عالية، وكذلك المطاردات التى تم تصويرها وإخراجها بشكل رائع واعتمدت على  تقنيات تصوير عالية فى مسلسلى «كلبش» و«لمس أكتاف»، وأيضًا لا يمكن تجاهل النقلة النوعية فى الملابس التى شهدتها مسلسلات «حكايتى» و«هوجان» و«قمر هادى»، بالإضافة إلى الديكورات المعبرة والظاهرة فى مسلسلات «زلزال» و«لآخر نفس» و«بدل الحدوتة 3»، كما يشار إلى  أن هذا الموسم لم نسمع ولن نسمع عن مشاكل بين صناع الأعمال المنتجة من مجموعة «إعلام المصريين» وأبطالها بسبب خلافات حول الأجور، لأن المجموعة توفى دائما بالتزاماتها.

الالتزام بالسياق الأخلاقى ورقابة مشددة
بالتأكيد فإن الشىء المهم الذى  ساعد على  خروج الموسم الرمضانى  بهذا الشكل، التزام ورش الكتابة والتأليف بالتقاليد المجتمعية والحد من مشاهد العنف المبالغ فيها، والسياقات الدرامية المبتذلة، والإسفاف، فضلًا عن تشديد المجلس الأعلى  لتنظيم الإعلام على  التزام الشركات المنتجة بالأخلاقيات المجتمعية، وكذلك تدشين لجنة لمراقبة المسلسلات وتوقيع عقوبات على  القنوات التى تعرض مشاهد منافية منافيًا والآداب العامة، بالإضافة إلى تدشين جائزة أفضل مسلسل يلتزم بالمعايير الأخلاقية المجتمعية.

 

كما من المشهود له أيضًا، مراقبة هيئة الرقابة على المصنفات الفنية للمسلسلات، وتشديدها على ضرورة استصدار تراخيص منها، ومخاطبة المجلس بشأن المخالفين لذلك.

 

وفى السياق ذاته، يشار إلى أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، قد طالب شركات الإنتاج والقنوات التليفزيونية، بضرورة الحفاظ على  الهوية المصرية ومراعاة القيم والتقاليد والأخلاق فى الإعلانات والمسلسلات والبرامج، المقرر عرضها خلال شهر رمضان، وشدد المجلس فى بيان أصدره مؤخرا، على  ضرورة مراعاة طبيعة الشهر الكريم، بالإضافة إلى التأكيد على منع الإعلانات التى تخالف القيم المصرية وروحانيات شهر رمضان الفضيل، والتى تتضمن مشاهد خادشة للحياة.

 

كما أعلن المجلس عزمه على اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لمن يخالف ميثاق الشرف الإعلامى، مشددًا على أنه سيفرض عقوبات صارمة ضد عدم الالتزام بالقيم والمهنية وميثاق الشرف الإعلامى فى كافة المواد الإعلانية والأعمال الدرامية والبرامج، التى سوف يتم تناولها، وبالأخص خلال شهر رمضان.