طع طايع وإلا...
الثلاثاء، 07 مايو 2019 01:20 ص
خرج علينا الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، ببيان غريب مريب، حذر فيه جميع الأئمة من عدم الخروج في أدعية القنوت عن الدعاء «المأثور».
في الوقت الذي تكابد فيه الدولة التطرف وتحاربه على جميع الجبهات، الخارج من طيات بعض ورقيات التراث المسمومة، نجد وزارة الأوقاف التي من المفترض أنها تحمل على عاتقها مسئولية تجديد الخطاب الديني، تمارس جهرًا الوصاية على رأس العبادات، وتضع رقابة بشرية على الحديث بين العبد والرب، فبدلًا من أن تحارب تقديس نصوص التراث، تقع في فخ أدنى منه وهو تقديس المأثورات، والسبب لا يعلمه إلا الله والجالسون حول مكتب فخامة الوزير.
الأمر ببساطة أن جزء كبير من تجديد الخطاب الديني، يرتكز على تفكيك الفهم المغلوط للنصوص القرآنية وبعض الأحاديث والمسائل الفقهية والاجتهادات الموجودة في كُتب التراث الإسلامي، وهو عمل جهيد وشاق، لكن التناقض الفج هو في أن المؤسسة المسؤولة عن هذا العمل، تطالب أئمتها أن تلتزم بمأثورة ليست بنص قرآني ولا حتى اجتهاد، بحسب ما وصفته الوزارة نفسها في بيانها.
ومن ثم على الشيخ طايع أن مفسرًا ومفندًا أسباب ذلك القرار، وأن يحترم في رده عقلية الجمهور، مستخدمًا أسباب منطقية، وألا يلجأ إلي الأجوبة الدبلوماسية أو الفزاعات من نوعية "أخاف أن يستغل أحد دعاء القنوت في تكدير السلم العام".
أعظم مصائب البشرية هي وصاية جماعة ما على العقول والنفوس، والادعاء بامتلاك الحق المطلق والعلم السرمدي، وهو المكون الرئيسي في معادلة صنع جماعات تحمل عقول خاوية، ولا تملك من أمرها شيء إلا تنفيذ تعليمات الأمير، وأربأ بمؤسسة ذات باع طويل في تشكيل وجدان الأمة الإسلامية على مدار قرون، أن تتماس مع مثل هذه الممارسات، بتحديدها قالب واحد معمم لا يجب الخروج عنه في الدعاء.