الحقيقة الغائبة في حريق الموسكي.. نيران الإهمال والعشوائية أكلت 50 مليون جنيه
السبت، 04 مايو 2019 08:25 م
للمرة الثانية على التوالي، في أقل من عامين، تشهد منطقة الموسكي كارثة محققة، باندلاع حريق ضخم التهم عدد كبير من محلاتها، ظهر أمس الجمعة، واتى على محتوياتها بالكامل، إلا أن البطل الحقيقي الذي تصدر المأساة كان «العشوائيةۚ»، وعدم توافر أبسط وسائل إطفاء الحرائق، إلى جانب الجهل بضرورة التأمين على المحلات داخل المحلات والمخازن.
الحريق الضخم الذي وقع في عمارة الشابوري التجارية، الواقعة في حارة اليهود، والتي تضم داخلها أكثر من 200 محل تجاري يعمل معظمهم في مجال تجارة الملابس، كشف القناع عن عن حجم الإهمال الذي يضرب المنطقة الجارية الأشهر في مصر، حيث غابت أبسط وسائل الأمان، وعشوائية تخزين البضائع داخل المخازن في المنطقة التي تكتظ بالباعة الجائلين ومحال الأقمشة والملابس والأحذية وأدوات التجميل ولعب الأطفال والاكسسوارات، وجميعها مواد قابلة للأشتعال، وعلى الرغم من أن سيارات الإطفاء لا يبعد كثيرا عن المنطقة التي اندلع فيها الحريق، حيث توجد الإدارة العامة للحماية المدنية بالقاهرة، التي تمركز في ميدان العتبة، إلا أنها واجهت صعوبة بالغة للوصول إلى موقع اندلاع الحريق بسبب صعوبة دخول سيارات الإطفقاء بين الممرات الضيقة المكتظة بالبضائع المكدسة بشكل عشوائي في الطرقات الضيقة.
والافت للنظر، أن تكرار اندلاع الحريق الضخم في منطقة الموسكي، لم يكن درسا كافيا لباقي التجار والمحال التجارية في العتبة، حيث تفتقد لأدنى شروط الحماية المدنية، فالشقق والعمارات تحولت إلى محلات تجارية ومخازن، مما يُصعب من سرعة دخول سيارات الإطفاء والدفاع المدني إلى تلك المناطق، بسبب عمليات التخزين العشوائي للبضائع وتكدسها في الطرقات، فضلا عن أن طفايات الحريق التي وجدت داخل المحلات أغلبها فارغ أو منتهي الصلاحية، ويضعها أصحاب المحلات للافلات من غرامات تفتيش الدفاع المدني التي تمر على المحلات للتأكد من وجود أدوات إطفاء الحرائق «الطفايات».
وقال محسن عبد الموجود أحد شهود العيان على الحريق، ومالك إحدى مكاتب بيع الملابس بعقار الشابوري المحترق، إن سيارات الحماية المدنية حضرت بعد نشوب الحريق بحوالي 15 دقيقة، لكنها لم تستطيع الدخول إلى مكان الحريق والسيطرة عليه إلا بعد مرور ساعة كاملة، بسبب الإشغالات الموجودة التي أعاقت سيارات الإطفاء.
وأوضح أن هناك 4 أدوار كاملة احترقت، والخسارة تقدر بالملايين، حيث أنه وغيره من التجار، اشتروا مؤخرا بضائع كثيرة استعدادا لموسم عيد الفطر، إلا أنها احترقت في الحريق الذي أتى على عشرات المحلات.
كشفت معاينة نيابة الجمالية برئاسة المستشار أحمد البرديني رئيس النيابة، والمستشار شادي سيف مدير نيابة الجمالية الجزئية، وأحمد طارق ومحمود عبد العزيز مدراء النيابة، تحت إشراف المستشار أحمد الأبرق المحامي العام لنيابات غرب القاهرة، عن اندلاع الحريق في الدور الأرضي، ثم انتقل إلى الدور الرابع بسبب ماس كهربائي، مما أسفر عن احتراق 54 محل وإصابة ما يقرب من 45 شخص، تم نقلهم 21 إلى مستشفى أحمد ماهر، تم علاج 17 منهم، واحتجاز 4 آخرين بهم إصابات وكسور وحروق من الدرجة الثانية، وفي مستشفى سيد جلال تم علاج 5 حالات، ومستشفى الحسين بها 6 حالات تم علاج 5 منهم واحتجاز آخر، كما كشفت تحقيقات النيابة عن تفاوت حجم الخسائر ما بين 30 إلى 50 مليون جنيه، وأمرت نيابة الجمالية بانتداب المعمل الجنائي لمعاينة الحريق والوقوف على بداية اندلاع الحريق ونهايته.
على الجانب الأخر، كشف علاء الزهيري رئيس الاتحاد المصري لشركات التأمين، عن أن 95% من محلات ومخازن منطقة الموسكي والعتبة، غير مؤمن عليها ضد الحرائق، مما يحرم الكثير من أصحابها من فرصة الحصول على تعويض عن الخسائر التي لحقت بهم.
وقال: عدم وجود وعي بضرورة التأمين ضد الحرائق، لدى أصحاب العقارات والمحلات والمخازن عامة، وبصفة خاصة في منطقة العتبة والموسكي، يتسبب في حرمان أصحابها من الحصول على أي تعويض عند حدوث كارثة، مطالبا بضرورة حصر هذه الأماكن والتأكد من توافر وسائل الأمان الكافية فيها، من طفايات وحنفيات حريق، إلى جانب أهمية تشريع قانون يلزم أصحاب العقارات والمخازن التي بها بضائع تقدر بالملايين، أن يكون التأمين ضد الحرائق إجباريا، لتفادي وقوع مثل هذه الخسائر الفادحة.