علم القضاء العربي.. «عبد العزيز باشا فهمي» أول من وضع مشروع الدستور المصري
السبت، 27 أبريل 2019 09:00 م
«صاحب أهم قاعة قضائية مصرية» داخل دار القضاء العالى قلعة العدالة في الوطن العربي، هو عبد العزيز فهمي حجازي عمر، سياسي وقاضي وشاعر مصري وطني ورئيس حزب الأحرار الدستوريين، من ألقابه «قاضى القضاة» و«النقيب الجليل».
عبد العزيز باشا فهمي بن الشيخ حجازي عمر ولد في 23 ديسمبر من عام 1870 في قرية «كفر المصيلحة» من أعمال مديرية «المنوفية» لأسرة فلاحة تتمتع بالوجاهة والزعامة وبمركز اجتماعي مرموق.
تلقى عبد العزيز فهمي تعليمه الأول وحفظ القرآن الكريم ببلدته، ثمَّ قصد الجامع الأزهر بالقاهرة فحفظ المتون وألفية ابن مالك، وبعدها انتقل إلى مدرسة الجمالية الابتدائية ثم إلى مدرسة طنطا الابتدائية والثانوية، ثم انتقل منها إلى المدرسة الخديوية بالقاهرة، ثم التحق بمدرسة الحقوق و تخرج عام 1890م، ثم شغل بعد ذلك وظائف عدة في النيابة والقضاء و المحاماة وانتخب عضوا بالبرلمان.
وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى كان أحد أعضاء الوفد المصري الذي خوَّله الشعب سنة 1918م للعمل على استقلال مصر بزعامة سعد زغلول، وكان أحد الثلاثة الذين سافروا عقب انتهاء الحرب إلى إنجلترا للمطالبة بحق مصر في الاستقلال وهم: سعد زغلول و محمد شعراوي و عبد العزيز فهمي، وفي عام 1925 اختير وزيراً للحقّانية «العدل» في وزارة أحمد زيور باشا، ثم اعتزل السياسة ليتفرغ لمهنته الأصلية «المحاماة».
ويُعد عبد العزيز فهمي هو أول من وضع مشروع الدستور المصري، وكان ذلك سنة 1920 أثناء وجوده في باريس، إذ عهد إليه الوفد بوضع مشروع لدستور مصر فعكف على دراسة دساتير أوروبا ، واجتمع الوفد لقراءة ما أعده فهمي، إلا أن سعد اعترض على بعض مواده إلى أن صدر تصريح 28 فبراير و تم إعلان إستقلال البلاد.
يشار إلى أن عبد العزيز باشا فهمي هو الذي اختار اسم محكمة النقض، الذي قيل إنه استوحاه من الآية الكريمة «ولَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا»، و يذكر أيضا أنه ابتدع بعض المصطلحات القضائية مثل تعبير «أوجه النفى للدلالة على أسباب الطعن»، كما استحدث نظرية القدر المتيقن في القانون الجنائى.
الأوسمة و التكريم:
• الوشاح الأكبر من نيشان محمد علي.
• رتبة الامتياز من الدرجة الأولى.
• أطلق اسمه على شارع كبير في ضاحية مصر الجديدة، و إليه ينسب خط من خطوط مترو مصر الجديدة.
• أطلق اسمه على عدة مدارس في محافظتي المنوفية و القاهرة.
قال عنه «طه حسين» يوم تأبينه : « كان عبد العزيز فهمي مثقفاً في اللغة والدين، عميق الثقافة مؤمناً بهذا أشد الإيمان، مترف الذوق فيها إلى أقصى حدود الترف، وما أعرف أن أحداً ناقشني في الشعر الجاهلي كما ناقشني فيه عبد العزيز فهمي، وما أعرف أن أحداً أصلح من رأي في الشعر العربي كما أصلح من رأي عبد العزيز».
كما قال عنه «عبد الرزاق السنهوري» في يوم تأبينه : «… ولعلّ أبرز ما يميز الفقيد في حياته الصاخبة المضطربة بالأحداث هو أنه كان يفكر بعقله و بقلبه، بل كان يخضع عقله لقلبه، وهذا ما جعله قريباً إلى كل نفس، فإن أرستقراطية العقل تُبعد ذا الفضل الكبير عن الناس، أما أرستقراطية القلب فتدنيه منهم».
عبد العزيز باشا فهمى أول رئيس لمحكمة النقض، وصاحب أعظم كلمة في حفل افتتاح أعمال محكمة النقض والإبرام المدنية في 5 نوفمبر عام 1931 م، حيث نذكر منها «بسم الله الرحمن الرحيم»: نفتتح اليوم أعمال محكمة النقض والإبرام المدنية التي وفق جلالة مولانا الملك المعظم وحكومته إلى إنشائها بمقتضى القانون الصادر في شهر مايو الماضي.
وأنه لمن حقي وحق حضرات اخواني القضاة وحضرات إخواني المحامين – وكل متبصر في حالة القضاء في هذا البلد – من حقوقنا جميعا أن نغتبط بإنشاء هذه المحكمة التي كانت الأنفس تتوق اليها من عهد بعيد، هذه المحكمة التي أنشئت لتلافي الأخطاء القانونية في الأحكام النهائية كان وجودها أمراً ضرورياً جدا، فإنه لا يوجد أي قاض يستطيع أن يدعي لنفسه العصمة من الخطأ.
ولقد حاول الشارع المصري أن يتلافى بعض ما قد كان يقع من الخطأ في المسائل القانونية فأنشأ نظام الدوائر المجتمعة ولكنه، كما تعلمون حضراتكم، كان نظاماً قاصراً جدا لا يتعرض للأحكام النهائية بشيء ولا يمسها أدنى مساس بل كان مقصوراً علي ناحية خاصة من نواحي التقويم والإرشاد في المبادئ القانونية دون أن يصلح من الأحكام ذاتها.
وقد سارت محكمة استئناف مصر الأهلية زمنا طويلا علي هذا النظام حتى أنشئت محكمة استئناف أسيوط فأصبح غير واف بالغرض وأصبح من الضرورات القصوى ايجاد نظام النقض والإبرام الذي هو وحده الكفيل بتحري أوجه الصواب فيما يتعلق بالأحكام النهائية وإصلاح الخطأ فيها لأنه يؤثر في تلك الأحكام ويبين ما بها من الأغلاط القانونية ويدعو إلى إعادة الإجراءات في القضايا الصادرة فيها، فنحن مغتبطون بهذا النظام ونحمد الله تعالى على أنه أنشئ الآن.
«قصة الحمار» الشهيرة
جاء ذات يوم إليه فقير عجوزا من أهل بلدته طالبا عملا ليقتاد منه هو وزوجته العجوز بعد إصابتة فى حادث قطار - فقال له - أنت لا تقدر على العمل وأخذ حمار هذا الرجل وعينه فى البريد أن ذاك حيث كان البوسطجى يمطتى الحمار تنقلا بين البلاد.
- توفي عبد العزيز باشا فهمي بالقاهرة عام 1951.