اليمين يزداد تطرفا في أوروبا
الخميس، 18 أبريل 2019 12:00 م
يسعى اليمين المتطرف في أوروبا لتحقيق مكاسب إضافية، مستفيدا من الأزمات التى تهدد بعض الدول، وارتفاع سيطرته في المجالس النيابية، حيث فازت عدد من الأحزاب اليمينية المتطرفة في الانتخابات التشريعية مؤخرًا.
صحيفة الموندو الإسبانية، قالت إن هناك تخوفات كثيرة من صعود اليمين المتطرف، نظرًا لتبنيه نزعة تطرفية معادية للمسلمين والأجانب المهاجرين، كما أنه يتمسك بالقيم الوطنية وبالهوية السياسية والثقافة واللغة، وجميع الأحزاب اليمينية المتطرف تنشر تحذيرات من أن أوروبا فى طريقها لخسارة هويتها بسبب الهجرة القادمة من البلدان المسلمة وخاصة بلدان شمال أفريقيا، ولذلك فهناك مخاوف من انفراط عقد الاتحاد اللأوروبى بعد اجتياح اليمين المتطرف القارة العجوز.
وتؤكد تحذيرات الموندو، تزايد المردود الشعبى الداعم لهذه التيارات والأحزاب السياسي، حيث ساعدها ذلك في تحقيق مكاسب سياسية هامة بالفعل خلال العقدين الأول والثانى من القرن الحادى والعشرين، وشارك بعضها فى حكومات وأصبحت تحظى بتمثيل واسع فى برلمانات بلدانها، وكذلك فى البرلمان الأوروبى.
وتعد فنلندا آخر بلد يمنح تمثيلًا عاليًا لليمين المتطرف فى مؤسساته، واقترب كثيرًا مع دعم برلمانى أكبر، تقول صحيفة الموندو الإسبانية، إن مسألة الهجرة فرضت نفسها كواحدة من القضايا الرئيسية فى الحملة الانتخابية، مع أن 6.6 % فقط من سكان فنلندا البالغ عددهم 5.5 ملايين نسمة مولودون فى الخارج.
وتشير استطلاعات الرأى إلى أن الحزب اليمينى القومى سيحل فى المرتبة الثانية أو الثالثة، وقد تقدم نقطة واحدة فى استطلاعات الرأى منذ مارس وست نقاط منذ الخريف، وتمكن حزب "الفنلنديين الحقيقيين" من تجاوز التوقعات وحل ثالثا فى انتخابات 2011 ثم ثانيًا في 2015. وفى 2017 تفكك الحزب وغادر الفنلنديون الحقيقيون الحكومة، وأسست غالبية من نوابهم "البديل الجديد" الذى سمى لاحقا حزب "الإصلاح الأزرق" الذى بقى فى السلطة، بينما انضم آخرون إلى الرئيس الجديد المتشدد للحزب يوسى هالا - اهو.
وبدأ صعود اليمين التطرف في فرنسا، بتمكن الجبهة الوطنية برئاسة مارين لوبين من الوصول إلى الجولة الثانية فى انتخابات 2002، وكررت ابنتها النجاح مرة آخرى فى عام 2017، وتشكل حالة صحية جيدة بسبب القبول الواسع لالتزامها بالحمائية الاقتصادية والدفاع عنها لدولة فرنسية قوية، معاداة لأوروبا وسياستها المناهضة للهجرة.
وفي إيطاليا، تمكن زعيم حزب رابطة الشمال المتطرف ماتيو سالفينى، من فرض نفسه على المشهد السياسي، بعد تصدره نتائج تحالف اليمين واليمين المتطرف الذى يضم حزب "فورتسا إيطاليا" لسيلفيو برلسكوني وأحزاب متطرفة صغيرة، ويتبع سياسة استفزازية متمثلة فى تقييد الهجرة وتحدياته للسيطرة على بروكسل، حيث بدأ سالفينى حملته لخوض انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبى، وسط دعوات لخروج إيطالى من عضوية الاتحاد على غرار بريكست فى بريطانيا.
وأعاد سالفينى إحياء مكافأة تعود إلى عهد موسولينى، بهدف التشجيع على الانجاب، واعداً بأن يتم صرفها لكل أسرة تنجب أكثر من طفل، بهدف المساهمة فى تعديل معدلات المواليد السلبية، ذلك بخلاف وضع معوقات وشروط إضافية للحصول على الجنسية الإيطالية للحد من موجة تجنيس أبناء المهاجرين. وتسود مخاوف لدى اليسار الإيطالى من تحركات سالفينى المعادية لأوروبا، فيما يواصل نائب رئيس الوزراء الهجوم على رموز هذا التيار بوصفهم من "المتغطرسين" الذين لا يريدون خيراً لإيطاليا.
صحيفة الكوديديانو الإيطالية، تحدثت عن سالفيني في آخر تقاريرها، قالت إنه يسعى لنشر نهج متشدد تجاه الاتحاد الأوروبي، خاصة وأنه نجح فى خلال عام من خفض الهجرة غير الشرعية بشكل كبير من خلال غلق موانئ البلاد أمام القوارب، والتخفيف من صرامة قوانين حمل السلاح، وإدخال تشريع اضرب بالنار أولا للدفاع عن النفس.
وفى هنجاريا وبولندا، تميل التشكيلات الرئيسية لليمين المحافظ الى المواقف المتطرفة ، تم طرد حزب رئيس الوزراء الهنجارى، فيكتور اوربان، من حزب الشعب الاوروبى بسبب بيانه المعادى للبورمى، وكانت سياسته مثيرة للجدل بسبب دفاعه القوى عن الهوية الوطنية ، وموقفه من الهجرة واللاجئين ، وهجماته على التفكير الليبرالى.
وفى السويد، انفتح اليمين المتطرف بفضل خطابه حول الأمن وضد الهجرة، ويعتبر الديمقراطيون السويديون القوة الثالثة منذ العام الماضى، وأيضا فى اليونان تعد "جولدن داون" التشكيل الثالث ذو وزن برلمانى كبير. وفى إسبانيا، تقدم استطلاعات الرأى تمثيلا برلمانيا واسعا لحزب "فوكس" اليمينى الممتطرف" وذلك فى الانتخابات التى تجرى فى 28 أبريل الجراى، وسوف يحصلون على 11.2 % من الأصوات ، بين 25 و29 مقعدا، وفقا لاستطلاعات الرأى التى اعددتها صحيفة "لابانجورديا" وصحيفة "إيه بى سى".
وأشارت الصحيفة إلى أن حزب "فوكس" اليمينى المتطرف الذى يكره الإسلام والمهاجرين، يجذب الانتباه بشكل كبير، حيث أنه يشكل مفاجأة حقيقية بحكم حداثة تأسيسه واقتحامه المشهد السياسى الإسبانى بقوة عكس الأحزاب القومية اليمينية الأوروبية التى ظهرت منذ عقود واستثمرت كثيرا سياسيا لتصل الى البرلمان، خاصة أنه يحظى فى استطلاع الرأى بين 9 % إلى 12% من الأصوات.
ويتبنى هذا الحزب خطابه السياسى على التشدد فى القضايا التاريخية مثل المسيحية وطرد المسلمين والحد من الهجرة، وبدأ حملته من بلدة كوبادونجا فى إقليم أستورياس التى كانت بداية حروب الاسترداد لطرد المسلمين. ويزيد هذا الحزب من مستوى حدة خطابه بسبب تزامن الحملة الانتخابية مع عطلة الربيع المعروفة هنا بـ "الأسبوع المقدس"، حيث تعيش إسبانيا أجواء احتفالات دينية استثنائية مقارنة مع باقى أوروبا.
أما فى بلجيكا، فيعد فيليب ديونتر، وهو سياسى بارز فى بلجيكا، ويميني متطرف بامتياز، أحد الأعضاء البارزين فى الحزب السياسى الفلمنكى اليمينى الوطنى والانفصالى "فلامز بيلانج"، له تصريحات مثيرة للجدل وعدائية تجاه الإسلام والمسليمن والمهاجرين، كان من ضمن الأوائل الذين شكلوا موجة صعود جديدة لأحزاب اليمين المتطرف فى أوروبا.