التهرب الضريبي وحبس سعد الصغير.. كيف سقط هؤلاء الفنانين في الجريمة «المخلة بالشرف»؟
الإثنين، 15 أبريل 2019 08:00 م
شهدت الدولة خلال الفترة الماضية الكثير من حالات التهرب الضريبى من نجوم كبار دائما ما يدّعون الوطنية وحبهم للوطن إلا أنهم عند دفع الضرائب المستحقة تجدوهم كما يردد البعض«يعملوا من بنها».
وفي الوقت الذي كان فيه مسألة تسديد الضرائب «مفخرة» لعدد من مشاهير السياسين والفنانين، بينما كان على البعض الآخر مصدرًا للإزعاج دعاهم للتهرب من تسديدها.
أشهر القطاعات تهربًا من دفع الضرائب هم أصحاب المهن الحرة خاصةً الفنانين، بالرغم من تحقيقهم أرباحًا طائلة، وفي المقابل يبادر المواطنين البسطاء بسداد الضرائب المستحقة على نشاطاتهم من المنبع خصمًا من رواتبهم.
حبس سعد الصغير
آخر وقائع التهرب الضريبى – وفقاَ للأحكام القضائية – ما قضت به محكمة جنح التهرب الضريبى، اليوم، بمعاقبة المطرب سعد الصغير بالحبس سنة وتغريمه ما يعادل الضريبة المستحقة عليه مع إيقاف التنفيذ وإلزامه بالمصاريف، فى اتهامه بالتهرب من سداد مليون و320,197 ألف جنيه للضرائب.
المحكمة كانت قد قضت فى 8 أكتوبر 2018 بحبس المطرب سعد الصغير، سنتين وكفالة 50 ألف جنيه، وتغريمه ما يعادل الضريبة المستحقة، وذلك بعد أن أسندت النيابة للفنان سعد الصغير، تهمة التهرب وإخفاء إدارة عمله فى الفترة من 2007 إلى 2015، مع شركات «القاهرة والنَّاس، وmbc، وسيجما للإعلام، والنهار، والسبكى للإنتاج الفنى»، بالإضافة لعدد من الحفلات الغنائية بعدد من الفنادق الكبرى.
تامر عاشور
محكمة جنح التهرب الضريبي، سبق وأن عاقبت الفنان بالحبس سنة والكفالة 10 آلاف جنيه، وتغريمه ما يعادل قيمة الضريبة المستحقة عليه.
وأسندت النيابة للمطرب تامر عاشور، تهمة التهرب الضريبي بقيمة 183 ألف و 269 جنيه خلال الفترة من 2011 إلى 2014، وإخفاء إدارة وأرباح التعامل مع شركة «أرت استديو، والشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي، وشركة روتانا للتوزيع الفني».
فيفي عبده
وسبق وقد أحالت وزارة المالية ملف الفنانة فيفي عبده، إلى نيابة الأموال العامة، بتهمة إخفاء نشاطها الفني الحقيقي، وعدم تسجيل إيرادات أعمالها الفنية، بهدف التهرب من دفع الضرائب، وتم بالفعل تسجيل قضية تهرب ضريبي في النيابة، حيث إنه بمراجعة سجلات الضرائب لعام 2016، تبين إخفاء «فيفي» لإيراداتها الحقيقية عن مصلحة الضرائب.
بشرى
فى غضون يوليو عام 2014، تم تحويل الفنانة بشرى، للنيابة، بتهمة التهرب الضريبي بسبب إيرادات لم تفصح عنها في إقرارها الضريبي، وصلت قيمتها إلى 450 ألف جنيه، عن عقدها مع أحد الفنادق الكبرى عن نشاط الغناء عام 2007، حتى أرسلت الفنانة للمصلحة شهادة تنفي تعاملها مع الفندق.
أحمد برادة
اتُهم الفنان أحمد برادة، بالتهرب الضريبي عن تحقيقه أرباحا تصل إلى نصف مليون جنيه عن دوره في فيلم «حب البنات»، عام 2004، ومجموعة أعمال فنية أخرى، ومستحق عليها مبلغ 112 ألف جنيه ضرائب، وفي أبريل 2014، أمرت نيابة التهرب الضريبي، بحفظ التحقيقات مع برادة عقب تصالحه مع الضرائب وسداده المبلغ.
صافيناز
وكذلك سبق لمصلحة الضرائب، اتهام الراقصة الأرمينية الأصل «صافيناز»، في عام 2014، بتهربها من تسديد ضرائب بإجمالي 650 ألف جنيه، وتم إخطارها لفتح ملف والتصالح مع المصلحة، وذلك بعدما وقعت عقدًا مع أحد فنادق الجيزة، بقيمة 480 ألف جنيه عند قدومها لمصر، وتمت زيادة قيمة العقد بعد حصولها على شهرة واسعة، إضافة إلى الحفلات الخاصة والأفلام التي شاركت فيها، دون أن تبلغ مصلحة الضرائب عن تعاملاتها المالية أو تفتح ملفًا ضريبيًا.
أحمد مكي
اتُهم الفنان أحمد مكي، هو الآخر، بالتهرب من الضرائب، وفي أبريل 2014، حفظت النيابة التحقيقات عقب إقراره بالتصالح، بعدما وقع عليه مستحقات ضريبية قدرت بـ136 ألف جنيه عن أعماله الفنية من الفترة 2006 وحتى 2008 إضافة إلى الإعلانات المصورة للشركات.
حميد الشاعري
تم تحريك دعوى قضائية ضد الفنان حميد الشاعري، تطالبه بـ600 ألف جنيه مستحقات ضريبية نظير اشتراكه في بعض الأعمال الفنية، في الفترة ما بين عامي 1990 و2003، وفي مارس 2013 تصالح المطرب الليبي الأصل مع مصلحة الضرائب وقام بسداد المبلغ المستحق عليه بعد أن تبين أن المبلغ المستحق عليه هو 10% فقط مما ذكر في التقرير، وقام بسدادها.
تامر حسني
الفنان تامر حسني، لم ينجو من مصلحة الضرائب، حيث حررت المصلحة دعوى ضد الفنان تامر حسني، في أغسطس 2015، لعدم سداده الضرائب المستحقة عليه منذ عام 2000 وحتى 2009، وقيمتها 650 ألف جنيه، وفي نوفمبر 2016، أعلنت المصلحة التصالح مع «تامر» بعدما سدد المبلغ.
وضمت قائمة الفنانين الذين سبق اتهامهم بالتهريب الضريبى حيث انتهت معظمها بالتصالح بعد سداد القيمة المستحقة كل من: « المطرب خالد عجاج، الفنانة روبي، وحلا شيحة، وراغب علامة».
الشأن القانونى
وبالنسبة للشأن القانونى فى مسالة التهرب الضريبى، يقول جمال الجنزورى، الخبير القانونى والمحامى بالنقض، أنه قبل الحديث عن العقوبات المقررة الخاصة بجرائم التهرب الضريبى فيجب الحديث أولاَ عن حق المتهم خلال مرحلة التحقيق والتى تأتى كالتالى:
أولا : خلال مرحلة التحقيق:
تمهيد :
جريمة التهرب الضريبى تعد من أخطر وأشد أنواع الجرائم التى تقع على النفس والمال من ناحية العقوبات المقررة لها والآثار التى تترتب على حكم الادانة فى مثل هذه النوعية من الجرائم، وهى وعلى حسب الفعل الاجرامى أو القانون الحاكم لها تنقسم إلى مخالفات و جنح وجنايات :
إذ أن كل الجرائم الواردة بقانون ضريبة الدخل وقانون ضريبة الدمغة وقانون ضريبة الملاهى والمسارح وقانون الضريبة على العقارات المبنية والضريبة الجمركية كل الأفعال التى تقع فى ظل العمل بأحكام هذه القوانين يشكل الفعل الإجرامى إما مخالفة أو جنحة، ولم يشذ عن هذه القوانين والقاعدة العامة بإعتبار التهرب إما مخالفة أو جنحة سوى قانون الضريبة على القيمة المضافة الذى اصبغ على الفعل الاجرامى الصبغة الجنائية – وفقا لـ«الجنزورى».
ويُضيف «الجنزورى» فى تصريح لـ«صوت الأمة» جعل الاختصاص لمحكمة الجنايات لا محكمة الجنح حسب ما ورد فى باب العقوبات من هذا القانون رقم 67 لسنة 2016 والمعمول به من اليوم التالى لنشرة أى فى تاريخ 8 سبتمبر 2016 والذى نص فى المادة 67 منه على :... يعاقب على التهرب من الضريبة وضريبة الجدول بالسجن ...»، والسجن هو ما تحكم به محكمة الجنايات لا محكمة الجنح التى لها أن تحكم بالحبس.
هذه الجريمة قد اولاها الدستور المصرى الصادر فى 2014 اهتماما بنص خاص حيث نص فى الفقرة الأخيرة من المادة 38 منه على أن: « وأداء الضرائب واجب والتهرب منه جريمة»، وقد اولاها المشرع بالنظر إلى هذه الخطورة وجسامة الفعل والعقوبة بعضا من الحيطة والحذر إذ قيد مصلحة الضرائب ومعها النيابة العامة فى اجراء المناقشة أوالمواجهة الاستجواب أوالتحقيق وما يصدر عنه من أوامر جنائية أو قضائية بقيد سبق صدور طلب مكتوب من وزير المالية إلى النيابة العامه قبل الشروع أو القيام بأى من اجراءات التحقيق هذا القيد ورد نصا فى جميع التشريعات الضريبية – الكلام لـ«الجنزورى».
كل هذا يدل على خطورة وجسامة تلك الجريمة بالنظر إلى العقوبات المقرره لها والآثار المترتبة عليها :
1- بالنسبة إلى العقوبات المقررة :
نجد أن المشرع لم يفرق بين ممول متهم مسجل لدى مصلحة الضرائب ومتهم أخر غير مسجل إذ ساوى بينهما فى العقوبة عن ذات الفعل الإجرامى ونظر إلى الفعل الإجرامى وكان من الأجدى أن يكون للمسجل موقف متميز نسبيا عن غير المسجل.
ثم وضع عقوبات شديدة القسوة على نفس ومال المتهم والذى يمول الخزانة العامة، فقد بدأ من الغرامة المالية ثم سداد الضريبة الاصلية ثم سداد الضريبة الاضافية - التى قد تجاوز الضريبة الاصلية - ثم المصادرة لوسائل النقل والادوات والمواد المستعمله فى التهرب ثم الحبس ثم السجن.مع تضامن الفاعلين بالضريبة وضريبة الجدول ومضاعفة العقوبة فى حالة العود خلال ثلاث سنوات .
ب- بالنسبة إلى الآثار المترتبة عليها :
اعتبار جريمة التهرب من الضريبة وضريبة الجدول من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة .
والإخلال بالشرف والأمانة هى الاداة التى يستعملها المُشرع لحرمان المُدانين بها من بعض الحقوق، مثل الحرمان من تقلد الوظائف العامة أو ممارسة المهن داخل النقابات العامة أو الترشح لرئاسة الجمهورية أو الانتخابات البرلمانية أو عضوية ورئاسة الجمعيات والنقابات والاتحادات والشركات أو الفصل من الوظائف التي يشغلونها هذا خروجا واستثناء على قانون العقوبات المصري الذى لم يضع أي تعريف لماهية الجرائم المخلة بالشرف ،وقد سعت محكمة النقض وقررت في أحد أحكامها أن: «تكييف الجريمة وإصباغ صفة الإخلال بالشرف عليها من عدمه سلطة القاضي الإداري وحده، وفقاً لنوع الفعل المُعاقب عليه وظروف ارتكابه»، «محكمة النقض المصرية - الطعن رقم 1413 لسنة 07 مكتب فنى 10 صفحة رقم 1113 – الصادر بتاريخ 24/4/1965».
وقد حاولت المحكمة الإدارية العليا في عدد من أحكامها تفسير ماهية الجرائم المخلة بالشرف، فذهبت إلى أنه: «لم يحدد قانون العقوبات أو أي قانون آخر سواه الجرائم المخلة بالشرف والأمانة تحديداً جامعاً مانعاً، كما أنه من المتعذر وضع معيار مانع في هذا الشأن، علي أنه يمكن تعريف هذه الجرائم بأنها تلك التي ترجع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع مع الأخذ في الاعتبار نوع الجريمة والظروف التي ارتكبت فيها والأفعال المكونة لها ومدى كشفها عن التأثر بالشهوات والنزوات وسوء السير»، «حكم المحكمة الإدارية العليا رقم 5086 لسنة 24 قضائية عليا – بتاريخ 22/9/1996».
هذا الآثر المرتب على المدان بعقوبة من عقوبات التهرب هو اعتباره مخل بالشرف والأمانة وما يستتبعة من حرمانه من ممارسة حقوقه والحصول عليها كفيل بذاته للقطع بجسامة وخطورة جريمة التهرب الضريبى بالنظر إلى العقوبات المقررة لها.