لتأييدهم المعارضة.. إردوغان منع المعتقلين السياسيين من التصويت في «البلدية»
السبت، 13 أبريل 2019 09:00 م
كحاكم مستبد، ينتهك الرئيس التركي كل القوانين والحقوق ويصادر الحريات، طالما تحقق له مصالحه، ضاربا عرض الحائط بالمواثيق الدولية، التي تكفل للأفراد الحق في الإدلاء بأصواتهم فى أى استحقاق انتخابى.
فضيحة جديدة بطلها رجب إردوغان، فيما يعد انتهاكًا واضحًا لقانون السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بعد حرمان سلطات العدالة والتنمية نحو 551 ألف معتقل سياسي من حق التصويت في الانتخابات البلدية، التي أُجريت في 31 مارس الماضي، خوفا من اختيارهم مرشحى المعارضة.
في تقرير نشر أمس الخميس، رصد موقع نورديك مونيتور السويدي، جملة من الانتهاكات التي مارستها الحكومة التركية، لمنع المعتقلين السياسيين من ممارسة حقهم الدستوري في المشاركة بالانتخابات.
الدستور التركي ينص على حق جميع المواطنين في التصويت والترشح للانتخابات، والمشاركة في الأنشطة السياسية، إما بشكل مستقل أو في حزب سياسي، وكذلك المشاركة في الاستفتاء، كما يسمح للمعتقلين في المؤسسات العقابية بالتصويت، مع استبعاد المدانين في السجون - باستثناء الذين أُدينوا بالتصرف دون نية خبيثة - وهو ما يعني بحسب الموقع السويدي أن إدارات السجون مُلزمة باتخاذ الترتيبات اللازمة التي تكفل للمحتجزين الذين لم يُدانوا بالإدلاء بأصواتهم، وهو ما لم يحدث.
تضارب
أفراد عائلات الأشخاص الذين سُجنوا بشكل غير قانوني، كجزء من حملة قمعية واسعة النطاق على الأحزاب المعارضة في تركيا، قالوا لموقع نورديك مونيتور، إن سلطات السجون رفضت طلبات المعتقلين السماح لهم بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الأخيرة.
سلطات العدالة والتنمية رفضت طلبات السجناء بالذهاب إلى مركز الاقتراع، مشيرة إلى أن المعتقلين يمكنهم تقديم شكاواهم لأي شخص أو أي سلطة مهما كانت، لكن النتيجة لن تختلف.
يستثني من ذلك، سماح السلطات في أحد سجون مقاطعة مرسين لشخص واحد فقط، في كل جناح من أجنحة الزنزانات، بالذهاب إلى مركز الاقتراع للمشاركة في الانتخابات، فيما لم يُسمح لأي من المعتقلين في سجن آخر بالإدلاء بأصواتهم.
المادة 7 من قانون الأحكام الأساسية للانتخابات وسجلات الناخبين تنص على أنه لا يمكن للسجناء المُدانين في السجون التصويت، فيما قضت "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان" في عام 2013 بأن الإنكار التام لحقوق المُدانين في التصويت ربما يمثل انتهاكًا للمادة 3 من البروتوكول الأول من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والذي يتناول الحق في انتخابات حرة.
في الحكم الصادر في قضية رجل الأعمال التركي أحمد أتاهور سويلر، قالت المحكمة إن الحظر المفروض على حقوق السجناء المدانين في التصويت كان "أكثر صرامة وأوسع نطاقًا من أي قضية سابقة يتعين على أي محكمة النظر فيها".
أُدين سويلر في عام 2007 بتحرير شيكات بدون رصيد كاف في حسابه المصرفي، وحُكم عليه بالسجن لمدة خمسة أعوام، لذلك فلم يتمكن من التصويت في الانتخابات العامة التي اُجريت عام 2011 بالرغم من إطلاق سراحه المشروط.
قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن الدستور التركي وقانون حقوق التصويت للسجناء كانا صارمين للغاية، لأنهما لم يأخذا بعين الاعتبار طبيعة الجريمة، كما أنهما يتسمان بالعشوائية.
تنص المادة 90 من الدستور التركي على أن "الاتفاقيات الدولية المطبقة حسب الأصول لها قوة القانون، ولا يجوز الطعن في هذه الاتفاقيات أمام المحكمة الدستورية، على أساس أنها غير دستورية، وفي حالة وجود تعارض بين الاتفاقات الدولية في مجال الحقوق والحريات الأساسية، المطبقة حسب الأصول والقوانين المحلية، بسبب الاختلافات في الأحكام المتعلقة بالمسألة ذاتها، تكون الأسبقية لأحكام الاتفاقيات الدولية".
نورديك مونيتور أوضح أن للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان الأسبقية على الدستور التركي، ويكون حكم المحكمة ملزمًا للدولة، ما يعني أنه يتعين عليها معالجة الاختلافات بين السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والامتثال للحكم القضائي.
وأشار إلى أن الأمر لم يقتصر على عدم تغيير تركيا للمادة ذات الصلة من الدستور والقانون من أجل السماح للسجناء المُدانين بالإدلاء بأصواتهم في بعض الحالات، بل مضت قدمًا أيضًا واتخذت المزيد من الإجراءات لتقييد حقوق التصويت للمعتقلين الذين لم يُدانوا بعد.
انتهاكات حقوقية
في ديسمبر 2018، قررت اللجنة العليا للانتخابات في تركيا عدم تمكين السجناء من التصويت، إلا إذا سُجنوا في المقاطعة التي تم تسجيلهم للتصويت فيها، قبل إيداعهم السجن.
بما أن السجناء ليس لديهم رفاهية اختيار مكان سجنهم، اعتبرت منظمات حقوق الإنسان الدولية هذا القرار صارمًا.
وصوّت ثمانية أعضاء من اللجنة العليا للانتخابات لصالح هذا القرار، بينما رفضه ثلاثة أعضاء آخرين .
ممثل حزب الشعب الجمهوري في المجلس الأعلى للانتخابات، محمد خادمي يعقوب أوغلو، قال إنه للمرة الأولى في تاريخه، أيّد الحزب تقييد حقوق التصويت بالرغم من مخالفته للمادة 67 من الدستور.
نورديك مونيتور قال إن حكومة العدالة والتنمية تمارس سلطة لا مبرر لها على اللجنة العليا للانتخابات، وفي خطوة غير مسبوقة، مدّدت الحكومة فترة عضوية بعض الأعضاء مؤخرًا.
تعديلات
أُدخلت تعديلات على الدستور التركي عام 1995 لاستثناء السجناء المحتجزين على ذمة التحقيق من القيود المفروضة، باعتبار حرمان شخص مُحتجز وينتظر نتيجة الإجراءات الجنائية ضده من حق التصويت يتعارض مع مبدأ افتراض البراءة.
وفي التعديلات التي أُدخلت عام 2011، تم استثناء الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم بدون نية خبيثة من القيود المتعلقة بالتصويت، فيما أدت قرارات حكومة إردوغان إلى عكس مسار التقدم الذي أُحرز في مجال حقوق المعتقلين والمُدانين، باتخاذ المزيد من الإجراءات لتقييد حقهم.
من الناحية العملية، حتى هؤلاء الذين يُسمح لهم بالإدلاء بأصواتهم بموجب القيود الجديدة المفروضة من قبل اللجنة العليا للانتخابات، لم يتمكنوا من المشاركة في عملية التصويت ، لأن سلطات السجن لم تسمح لهم بذلك.
وزير الداخلية التركي سليمان صويلو ذكر أنه تم احتجاز 511 ألف شخص، منذ صيف 2016، في إطار الحملة القمعية ضد حركة الخدمة التابعة للداعية المقيم بولاية بنسلفانيا الأمريكية فتح الله جولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير مسرحية الانقلاب، بحسب وكالة الأناضول.