«أسانج والجاسوسية».. قصة تعاون مؤسس ويكيليكس مع روسيا للتدخل في الانتخابات الأمريكية
الجمعة، 12 أبريل 2019 12:00 م
بعد محاولات شاقة من الولايات المتحدة طيلة 9 سنوات، جرى القبض على الرجل الذى أحدث زلزالا دبلوماسيا عام 2010 عندما نشر آلاف المراسلات الدبلوماسية الخاصة بالسفارات الأمريكية حول العالم على موقع «ويكيليس».
مشهد اعتقال مؤسس ويكيليس، جوليان أسانج، يبعث بالكثير من اللغط والتعقيدات، فذلك الشخص الذى حاز على جائزة مارثا جيلهورن للصحافة لعام 2011، وهى الجائزة التى تمنح للصحفيين المنقبين عن خبايا الأحداث وكشف الحقائق التى تفضح الدعاية المزيفة، أو كما وصفته صاحبة الجائزة بأنه «يتحدى الهرائات الرسمية»، تم جره من قبل الشرطة البريطانية السرية فى مشهد مهين، من داخل سفارة الإكوادر التى احتمى داخلها منذ عام 2012 وقاموا بسحب حق اللجوء الذى منحوه له.
لكن هناك وجه نظر أخرى وربما حرب تدور رحاها فى أروقة الاستخبارات الكبرى، فمن وجهة النظر الرسمية الأمريكية، فإن أسانج متهم بكشف وثائق سرية وبالفعل أعلنت شرطة لندن أن اعتقاله يأتى، جزئيًا، بناء على مذكرة ترحيل تقدمت بها السلطات الأمريكية، حيث سيواجه اتهامات بالقرصنة، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز.
وأنشأ أسانج، المولود فى أستراليا، ويكيليكس كأداة للناس لنشر مواد سرية مجهولة. وقد اكتسب اهتمامًا هائلا عام 2010، حيث أصدر مجموعة من الوثائق ومقاطع الفيديو السرية الخاصة بالولايات المتحدة حول الحروب فى أفغانستان والعراق.
وثّقت الملفات مقتل المدنيين والصحفيين وإساءة معاملة المحتجزين على أيدى القوات الأمريكية وغيرها من البلدان، وكذلك من قِبل المقاولين الخاصين، كما كشفت عن هويات الأشخاص الذين يعملون مع قوات التحالف فى العراق وأفغانستان، والتى قال مسئولون أمريكيون إنها تعرض حياتهم للخطر.
وبعيدًا عما يعرف إعلاميا بوثائق ويكيليكس فإن المعركة لها جانب آخر أكثر تشويقًا فى عالم الجاسوسية، إذ يشتبه فى لعب أسانج دورًا فى التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016 من خلال نشر مواد مسروقة من أجهزة كمبيوتر حملة هيلارى كلينتون والحزب الديمقراطى.
وفى يوليو الماضى، اتهمت وزارة العدل 12 من ضباط المخابرات الروسية باختراق أجهزة الكمبيوتر هذه، وتزعم لائحة الاتهام أن واحدًا منهم على الأقل كان على اتصال بـ«ويكيليكس». اعتقال أسانج يفتح الآن طريقًا جديدًا لتحقيقات الولايات المتحدة فى مكافحة التجسس الخاصة بجهود روسيا للتدخل فى الانتخابات الرئاسية.
وكان مسئولو الحزب الديمقراطى قد اتهموا روسيا علنًا باختراق أجهزة الكمبيوتر التابعة للحزب والعمل من خلال ويكيليكس لنشر المواد المسروقة. والمثير أن سرعان ما انتقدت روسيا، اعتقال أسانج السفارة ، قائلة «يد الديمقراطية تخنق الحرية»، ما يؤكد أن أعتقال أسانج هو أحد فصول المعركة الاستخباراتية بين القوى العظمى، وتحديدا روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا، هم قضيتين آخرتين لا تقلان فى ثقلهما عن قضية مؤسس ويكيليكس.
فموسكو تحتضن حاليا إدوارد سنودن، الموظف السابق لدى وكالة الأمن القومى الأمريكى، الذى يتمتع باللجوء السياسى فى روسيا بعد تسريب وثائق سرية حول برامج المراقبة الأمريكية فى جميع أنحاء العالم عام 2013. وخرج سنودن أيضا ليدافع عن أسانح واصفًا اعتقاله بأنه «لحظة مظلمة لحرية الصحافة».
هناك قضية أخرى عالقة تسببت فى قطيعة دبلوماسية بين موسكو ولندن، وهى قضية تسميم الجاسون الروسى «سيرجى سكريبال»، الذى يعيش فى بريطانيا منذ 2010 بموجب صفقة تبادل جواسيس معتقلين بين البلدين حيث كان يعمل عميلا للمخابرات البريطانية.
وفى 4 مارس 2018، وُجد سكريبال وابنته يوليا ( 33 عاما) مغمى عليهما فى الشارع فى سالسبرى ببريطانيا حيث عثر عليهما شرطى نتيجة تسميمهما بمادة مجهولة وتم نقلهما والشرطى إلى مستشفى فى حالة حرجة. وتصر الحكومة البريطانية إنهما سُمما بغاز للأعصاب تم تطويره فى روسيا ويحمل اسم نوفيتشوك.