وتبدأ "أنيتا أناند"، فى كتابها قائلة "الانتقام طبق يفضل يقدم بارداً، لكن قلة من الناس قد تركوا فكرة الانتقام لفترة طويلة من الزمن، مثلما فعل أودهام سينج"
فى 13 أبريل 1919، أطلق الجنود البريطانيون النار على عدة مئات من المنتظاهرين فى حديقة مسورة فى" أمريتسار بالهند "، ولمدة عشر دقائق، قاموا بضخ أكثر من 1500 طلقة ذخيرة على المتظاهرين، مما أسفر عن مقتل حوالى 350 شخصا لا أحد يعرف العدد الدقيق.
فى مارس 1940، أى بعد21 سنة من مذبحة أمر يتسار، قام أودهام الناجى من المذبحة، بإخراج مسدس من جيب معطفه وأطلق النار على "مايكل أودير"، الملازم السابق لحاكم البنجاب، والمسئول عن إطلاق الرصاص على المتظاهرين.
وقبض على أودهام سينغ على الفور، وتمت محاكمة سينغ فى "أولد بيلى" ببريطانيا - وكان يظهر على وجهه ابتسامة عريضة طوال الوقت - وحُكم عليه بالإعدام شنقا، لكنه كان مصممًا على الهروب من حبل المشنقة عن طريق تجويع نفسه حتى الموت، لكن سلطات السجن كانت تغذى سينغ لضمان أنه فى حالة صحية مناسبة تمكنه من الوصول إلى حبل المشنقة.
وبحلول الوقت الذى أعدم فيه، أصبح بطلاً فى الهند، وتمت الإشادة به باعتباره الرجل الذى فرض بشجاعة - وإن كان متأخراً – فكرة الانتقام من مضطهديه الاستعماريين.
وفى بريطانيا بالطبع، كانت هناك قصة مختلفة، بعيداً عن كونه بطلا، حيث وصفته بأنه أسوأ أنواع المتمردين "الأصليين".
أوضحت أنيتا أناند، فى هذا الكتاب، أن الحقيقة كانت أكثر تعقيدًا، ففجرت الكاتبة مفاجأة تقول فيها، لا يوجد دليل واحد أن سينغ كان فى حديقة أمريتسار وقت حدوث المذبحة، على الرغم من أنه ادعى أنه هرب فى الوقت المناسب، لكن يمكننا أن نقول أنه ربما كان على بعد عدة أميال، والأكثر من ذلك، أن الرجل الذى أطلق النار عليه، مايكل أودير ، لم يأمر بفتح النار.
وألقت الكتابة الضوء على العميد "ريجنال ريكس داير" الذى أمر بإطلاق النار على المتظاهرين، وعندما سئل لماذا تركت رجالك يواصلون إطلاق النار، قال بلامبالاة: "أعتقد أنى أفعل الكثير من الخير"، وعلى النقيض من ذلك كان مايكل أودوير رجلا محبا للشعر، متزوجا، ومعارضا بشدة القومية الهندية وخاصة لغاندى، كما أنه كان يكره بشده الطعام الهندى حيث أصر على إحضار طعامه فى سله كلما ذهب إلى أى مكان، لم يكن أسلوك دايرز وأوديوير مرحب به فى إنجلترا..
وترى الكاتبة أنه بالنسبة لأودهام سينج، كانت له بداية بائسة تمامًا فى الحياة، نشأ فى دار للأيتام، تعذب من الجوع، وأصبح ينظر إلى البريطانيين على أنهم طغاة ساديون كانوا يحتفظون بملايين الهنود - قبل كل شىء - فى ظروف من العبودية المهينة.
يقول الكتاب، إن "سنج" نشأ فى زمن كان التمرد الهندى فيه على أشده، حتى أنه خلال أربعة أشهر من تمرد 1857، أعدم البريطانيون أكثر من 10 ألاف من الهنود فى محاولة للقضاء على التمرد، وتم ربط بعضهم بأفواه المدافع وتحولوا إلى قطع أمام زملائهم الجنود.
وتقول الكاتبة إن أودهام سينج كان لديه الكثير من الصبر، فقد كان عازمًا على قتل كلٍ من ريكس داير، ومايكل أودير،وبعد إلقاء القبض عليه قال سينغ "قتيل واحد فقط!" ظننت أننى استطيع الحصول على المزيد من عمليات القتل"