«ملف ضوابط رحلات العمرة» بين اتهامات ترويج المخدرات والتزوير (مستند)
الأربعاء، 10 أبريل 2019 07:00 ص
على ما يبدو أن الفترة المقبلة سوف تشهد عملية مد مجزر داخل أروقة المحاكم والنيابات بسبب أزمة شروط وضوابط تنفيذ رحلات العمرة لعام 2018 حيث دعاوى قضائية تُرفع هنا وأخرى ترفع هناك منها ما يصب فى صالح المواطن بينما الأخرى تضره، إلا أن الثابت من وراء كل هذه الدعاوى أن هناك حقائق تنكشف جلياَ سوف يفصل فيها القضاء المصرى خلال الفترة المقبلة.
«ملف ضوابط وشروط العمرة» شاءت الظروف أن يشهد معركة محتدمة بين طرفين داخل نقابة المحامين حيث يلقى أحداهما على الأخر حزمة من الإتهامات بالتزوير والنصب والشطب من النقابة العامة للمحامين بينما يرمى الطرف الأخر خصمه بأنه مروج مخدرات من خلال جناية تقنين الحشيش على بطاقة التموين وصاحب دعوى الإبادة العشوائية للقطط والكلاب.
حزمة من المستندات حصلت عليها «صوت الأمة» كشفت من خلالها ما يدور من وراء الكواليس بعيداَ ملف ضوابط وشروط العمرة الذى طالما شغل الرأى العام المصرى خلال الأيام الماضية خاصة بعد صدور حكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزارة السياحة بشأن شروط وضوابط تنفيذ رحلات العمرة لعام 2018، وبطلان ما ترتب على ذلك القرار من آثار، أخصها إلغاء فرض رسوم إضافية على تكرار العمرة، التي تقدر بـ 2000 ريال سعودي، ذلك الحكم الذى هلل له القاصى والدانى فرحاَ وسروراَ به.
فمنذ 72 ساعة تقريباَ كانت المفاجأة التى قلبت الأمور رأساَ على عقب حينما فوجئ الشعب المصرى قاطبة وعلى رأسها شركات السياحة حينما حددت حددت الدائرة السابعة بمحكمة القضاء الإدارى، بمجلس الدولة، موعد جلسة 13 أبريل كأولى جلسات أول إستشكال مقدم من كل من المحاميان محمد عبد المجيد، ومصطفى شعبان، يطالب بوقف تنفيذ الحكم الصادر بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزارة السياحة بشأن شروط وضوابط تنفيذ رحلات العمرة لعام 2018، وبطلان ما ترتب على ذلك القرار من آثار، أخصها إلغاء فرض رسوم إضافية على تكرار العمرة، التي تقدر بـ 2000 ريال سعودي.
الإستشكال المُقيد برقم 40235 لسنة 73 ق، فى حقيقة الأمر، كشف عن أمور فى غاية الأهمية تخص مقدم دعوى وقف تنفيذ قرار وزارة السياحة بشأن شروط وضوابط تنفيذ رحلات العمرة المحامى الدكتور حسين عبدالله محمد المطعنى، تتضمن تزوير المدعى كونه محامياَ على الرغم من شطبه من جداول المحامين حيث أرفق بالإستشكال حافظة مستندات حصلت «صوت الأمة» على نسخة منها تتضمن قرار شطبه من النقابة العامة للمحامين وصحيفة جنائية تثبت أنه مسجل خطر وسابق اتهامه فى إنشاء نقابة موازية للصحفيين عام 1997.
ولكن متى وكيف بدأت تلك الأزمة؟ فهذا ما أجاب عنه الإستشكال من خلال تسلسل الأحداث حيث تتمثل فى غضون 24 فبراير 2018 حينما أقام كل من حسين عبد الله المطعنى، وتامر محمد عبد الراضى، الدعوى رقم 26543 لسنة 73 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بموجب صحيفة غير مكتملة الأركان وموقعة من المعلن حسين عبد الله المطعنى، والذى انتحل صفة محام بالنقض وهو من غير المقيدين بجداول نقابة المحامين ويحمل كارنية مزور منسوب صدوره إلى نقابة المحامين مدون فيه أنه محام مقبول المرافعة أمام محكمة النقض وأنه حصل على درجة الدكتوراة.
وبالفعل تداولت الدعوى رقم 26543 لسنة 73 ق أمام الدائرة السابعة بمحكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، وبجلسة 23 مارس 2019 أصدرت هذه الدائرة حكماَ فى الدعوى بعدم قبول الطلب الأول لزوال شرط المصلحة، وبقبول الطلب الثانى شكلاَ وفى الموضوع بإلغاء القرار التنظيمى المطعون فيه الصادر من وزيرة السياحة بصفتها بإعتماد الضوابط التى اقرتها اللجنة العليا للحج والعمرة بوزارة السياحة للعام الهجرى 1440/ 2019.
وسرد الإستشكال وقائع التزوير منذ 10 مارس 2015 حيث تم قيد «المطعنى» بنقابة المحامين كمحام بالجدول العام بموجب أوراق مرزوة فى نقابة المحامين تحت رقم 554779 وفى غضون 15 أغسطس 2015 بعد تقديم شكوى ضده لتزويره مستندات قيده استعملت النقابة العامة من قسم شرطة شبرا عما اذا كان المبلغ ضده مسجل خطر لديها بالقسم من عدمه، وبناء على خطاب النقابة العامة للمحامين أرسلت وحدة المباحث بقسم شبرا إلى نقابة المحامين تقريراَ من واقع سجلات مسجلين الخطر بقسم شبرا.
الأجهزة المعنية فحصت ملف «المطعنى» حيث تبين أنه يدعى حسين عبدالله عبدالله، مواليد 30/11/1965 وشهرته «المطعنى» مسجل خطر بديوان القسم تحت رقم 1504 فئة «ب» نصب، وسابق اتهامه فى عدد 12 قضية آخرهم 5915 لسنة 2014 بولاق نصب، ومفرج عنه تحت شرط بتاريخ 23 أكتوبر 2012 بمراقبة شرطة فى القضية رقم 9099 لسنة 2007 جنايات الموسكى تزوير وتقليد اختام والمُقيدة تحت رقم 1431 لسنة 2007 كلى وسط القاهرة والتى كان مقيد الحرية الحرية فيها 3 سنوات من 23 /11/ 2009 حتى 23/11/2012، وبتاريخ 19 أغسطس 2015 تم اسقاط قيد المعلن إليه «المطعنى» من جداول نقابة المحامين واحالة أوراقه المزورة المقدمة للقيد فى النقابة إلى النيابة العامة.
حافظة المستندات كشفت أنه بتاريخ 20 سبتمبر 2015 أقام «المطعنى» طعناَ على قرار إسقاط قيده من نقابة المحامين وقيدت الطعن برقم 9344 لسنة 132 ق أمام محكمة استئناف القاهرة «الدائرة 47 مدنى» وتداول الإستئناف وبجلسة 24 يناير 2014 حكمت المحكمة بعدم جواز الطعن والزمت الطاعن بالمصروفات، فطعن المعلن إليه «المطعنى» على الحكم سالف الذكر وقيد طعنه أمام محكمة النقض تحت رقم 5434 لسنة 87 ق وبجلسة 27 أكتوبر 2018 حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن بالنقض.
وبحسب «الإستشكال» فإن «المطعنى» وهو من محترفى التزوير والتقليد قام بتزوير وتزييف كارنية محاماة منسوب صدوره على خلاف الحقيقة مدون به أنه يحمل دكتوراة وأنه مقيد بجداول نقابة المحامين المقبولين المرافعة أمام محكمة النقض، وقد قام بإستخدام الكارنية المزيف فى رفع الدعوى رقم 26543 لسنة 72 ق أمام الدائرة السابعة بمحكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، وقد قام بالتوقيع على هذه الصحيفة بصفته محامياَ بالنقض.
رد المطعنى
ما جاء فى الإستشكال من اتهامات يرى أنها من شأنها تحقيره بين أبناء المجتمع حيث قدم ما يفيد حصوله على حكم حديث من محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة صادر بتاريخ 23 فبراير 2019 فى الدعوى المُقيدة برقم 62358 لسنة 71 ق المقامة من حسين عبد الله محمد – الشهير بـ«المطعنى» - يطالب فيها بوقف تنفيذ قرار وزير الداخلية بإدراج اسمه بقوائم الاتهامات على الحاسب الآلى، ووقف التسجيل الجنائى لعدم ثبوت أية جرائم تمس الأمن العام أو أمن ادولة ومحو وشطب كل ما تضمنه ملفه بوزارة الداخلية.
وخلال الدعوى أبدى «المطعنى» شرحاَ لدعواه أنه تم تسجيله جنائياَ فئة «ب» نصب، ولم يعلم بذلك إلا بعد اشتراكه بنقابة المحامين حيث فوجئ بقيام النقابة بإسقاط عضويته لوجود أحكام تسئ لسمعته، فأقام دعوى أمام محكمة استئناف القاهرة طعناَ على قرار النقابة، ففوجئ بتقديم النقابة مستندات طويت على كشف صادر عن قطاع مصلحة الأمن العام مرفقاَ به نتيجة استعلام عليها صورته واسم والدته وينطوى على 17 اتهام، فتقدم بطلب إلى هيئة المحكمة المذكورة لاستخراج شهادات من محكمة شمال القاهرة ونيابة شبرا عن تلك الإتهامات فحصل على التصريح وتوجه إلى النيابة المذكورة.
تبين أن جميع الإتهامات – بحسب «الدعوى» - لا تخصه ومنسوبة لأشخاص آخرين عدا واحد هو 5915/2000 تم تلفيقه له من قبل رجال المباحث لتصفية خلافات وتم القضاء فيه بالبراءة قطعياَ، وعلى إثر ذلك توجه إلى الجهة الإدارية بطلب رفع اسمه من أجهزة البحث وكارت المعلومات بوزارة الداخلية، إلا أن طلبه قوبل بالرفض، مما حدا به إلى إقامة هذه الدعوى بطلباته المتقدمة، وتداولت الدعوى بجلسات التحضير أمام الهيئة، وقدمت المستندات بذلك.
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت أنه عن موضوع الدعوى فإن الأصل فى الإنسان البراءة ولا يجوز نقض هذه البراءة إلا من خلال القانون وبحكم قضائى تكفل فيه للمتهم كافة الضمانات للدفاع عن نفسه، وإذا كان المشرع فى المادة الثالثة من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 قد اختصها بالمحافظة على النظام العام والأمن العام والآداب العامة وآنا طبها العمل على منع وقوع الجرائم وضبط مرتكبيها وتقديمهم للعدالة صونا للمجتمع وحفاظاَ على المصلحة العامة الأمر الذى يجيز لها أن تتخذ من الإجراءات والتدابير ما يكفل تحقيق ذلك وحفظ الأمن وتعقب الخارجين عليه والساعين إلى تكدير النظام العام.
واخذت المحكمة تُفند فى حيثيات الحكم القضايا التى من المفترض أنها صادره ضد المدعى بصحيفته الجنائية، حيث أكدت إنه لما كان ما تقدم – وكان الثابت من الأوراق، وبخاصة كشف الاستعلام الصادر عن مصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية والشهادات الصادرة من واقع الجدول الإدارى لنيابات بولاق أبو العلا وشمال القاهرة وشبرا الجزئية، والمقدمة ضمن ما طويت عليه حوافظ المستندات المقدمة من المدعى، ولم تنكرها جهة الإدارة – أن المدعى مدرج جنائياَ بسجلات الوزارة برقم 860326 «خطر نصب» عن القضايا التالية:
1-القضية رقم 5915/2014 جنح بولاق «نصب»، وطبقاَ لما تضمنته الشهادة الصادرة عن نيابة بولاق أبو العلا، فإنها مقيدة ضد المدعى وقد قضى فيها بالبراءة بجلسة 15/11/2014.
2-القضية رقم 10094 /1999جنح شبرا «أموال عامة»، وطبقاَ لما تضمنته الشهادة الصادرة عن نيابة شبرا الجزئية، فإنها مقيدة ضد المدعو إبراهيم عبد العزيز مطر – وهو شخص آخر خلاف المدعى.
3-القضية رقم 10094/1999 كلى شمال القاهرة، فقد أفادت نيابة شمال القاهرة بأنه بالإطلاع على جدول جنايات نيابة شمال القاهرة تبين أنها لم تصل إلى رقم 10094/1999 كلى شمال القاهرة.
4-القضية رقم 1829/1999 جنح شبرا / طبقاَ لما تضمنته الشهادة الصادرة عن نيابة شبرا الجزئية، فإنها مقيدة ضد المدعو محمد حسين محمد – وهو شخص آخر على خلاف المدعى.
5-القضية رقم 2773/1999 كلى شمال القاهرة مقيدة برقم 19619 جنايات الأزبكية «تعاطى مخدرات»، طبقاَ لما تضمنته الشهادة الصادرة عن نيابة شمال القاهرة الكلية، فإنها مقيدة ضد المدعو أسامة عبد المنجد محمد – وهو شخص أخر خلاف المدعى.
6-القضية رقم 2773/1999 جنح شبرا «أموال عامة»، وطبقاَ لما تضمنته الشهادة الصادرة عن نيابة شبرا الجزئية، فإنها مقيدة ضد المدعو عبد الحليم حلمى محمد – وهو شخص آخر خلاف المدعى.
7-القضية رقم 4435/1999 جنح شبرا «نصب»، وطبقاَ لما تضمنته الشهادة الصادرة عن نيابة شبرا، فإنها مقيدة ضد المدعوة شادية حسنى على – وهى شخص آخر خلاف المدعى.
8-القضية رقم 4800/1999 جنح شبرا «تبديد غير محجوز»، وطبقاَ لما تضمنته الشهادة الصادرة عن نيابة شبرا الجزئية، فإنها مقيدة ضد المدعو ناصر عاشور محمد – وهو شخص آخر خلاف المدعى.
و9 قضايا أخرى ما بين أموال عامة وإصابة خطأ وسرقة متنوعة وتبديد، تضمنت جميع الشهادات فيها أنها مقيدة باشخاص آخرين وهم خلاف المدعى، وترتيباَ على ما تقدم وإذ أفصحت الأوراق عن عودة المدعى إلى سيرته الأولى مستصحباَ أصل البراءة المقررة له، الأمر الذى يضحى معه لزاماَ على الجهة المختصة بوزارة الداخلية محو اسم المدعى ورفعه من سجلاتها الجنائية والحاسب الآلى وإلا كان مسلكها اعتداء على الشرعية وسيادة القانون، وأصل البراءة المقرر للمدعى دستورياَ لما يمثله استمرار إدراج القضايا المشار إليها فى السجلات الجنائية والحاسب الآلى لوزارة الداخلية من إساءة لسمعة المدعى وآسرته، فضلاَ عن أنه يُعد قراراَ إدراياَ سلبياَ مخالفاَ للدستور مجافياَ صائب حكم القانون لافتقاده لسند صحيح يقيمه، مما تقضى معه المحكمة بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.