بعد "أبي فوق الشجرة".. كيف تحوّل حسين كمال من مخرج العُمق لرائد السينما التجارية؟
الثلاثاء، 09 أبريل 2019 11:00 ص
بكاميرا وشريط فيلم، يخلق المخرج لوحته السنيمائية على الشاشة معتمدا على كادراته وأدواته، وما يميز مخرج عن غيره رؤيته في طرح القضية محل الفيلم، هنا يكمن عُمق السينما التي تتجلى في قدرة المخرج في تغيير جلد النجوم، وفي العصر الذهبي للسينما بالتحديد فترة ستينات وسبعينات القرن الماضي شهدت تطور وطفرة وظهور العديد من نجوم الفن في السينما والمسرح، لم يكن هؤلاء النجوم مجرد ممثلين وممثلات، بل كُتاب، ومصورين، وموسيقيين، حتى أن المُخرج قديمًا كان هو البطل الأول للفيلم لمن يعي.
كتب عدد من مُخرجي تلك الفترة أسمائهم من ذهب على أرشيفات السينما، أعمالا لا زالت خالدة حتى اليوم، ومن بين هؤلاء النجوم "حسين كمال" رائد السينما التُجارية بشكلها الأول، كما شاهدناها في "أبي فوق الشجرة" مع نهاية عام 1969 قبل بداية الحِقبة السبعينية التي شهدت أفلام "الفيديو كليب" في شكلها البدائي، والتي اتخذت نفس النهج التجاري مثل "خلي بالك من زوزو".
في أرشيف "كمال" أكثر من 30 فيلمًا، أغلبها تُعد من علامات السينما المصرية، هذا المخرج الذي درس في معهد باريس للسينما، ثم درس الإخراج المسرحي والدراما في روما، قدّم على مدى ثلاثين عاما أعمالًا مختلفة للتلفزيون والمسرح والسينما والإذاعة.
ما هو سر التحول ؟
اتخذ كثير من مُخرجي فترة الستينيات الطابع العميق والتقليدي وهو ما شاهدناه في أفلام حسين كمال أهمها شىء من الخوف، هذا العمل الذي تسبب في مُضايقات قبيل عرضه لأسباب سياسية، ولكن سمح عبد الناصر بعرضه بعد مشاهدته لوقف الشائعات.
ففي هذا العمل طرح ثروت أباظة دور فؤادة الفتاة الصغيرة التي تحب عتريس الفتى البريء النقي لكن عتريس الذي ينقلب إلي وحشِ كاسر ويعيش علي القتل والنهب يعاقب البلدة ذات يوم بأن يمنع عنها الماء، فلا يجد من يقف له سوي فؤادة، حبه القديم ونقطة ضعفه الوحيدة. ولما لم يستطع ان يقتلها كان عليه أن يمتلكها بالزواج.
وترفض فؤادة ويتم تزوير الوكالة وتنتقل إلى العيش مع عتريس دون شرعية، وتقاوم البلدة محاولات عتريس انتزاع الشرعية، وترفض فؤادة الاستسلام لعتريس حتي الموت، عندما تحرقه البلدة، ويفر رجاله، وتنضم فؤاده للبلدة لتوديع الشهيد محمود.
وفي نهاية هذه المرحلة، حين أُسند لحسين كمال إخراج أبي فوق الشجرة ليكون التعامل الأول له مع معشوق الجماهير العندليب عبد الحليم حافظ، ليتجرد "كمال" من العمق لأول مرة ويُقدم أول كليبات مُصورة داخل أفلام السينما.
كُتاب صنعوا نجومية حسين كمال
أخرج حسين كمال أفلامًا معظمها مقتبس من روايات مصرية، خاصة روايات إحسان عبدالقدوس وهو من كتب قصة فيلمه الشهير "أبي فوق الشجرة" وإمبراطورية ميم، ودمي ودموعي وابتسامتي.
كما عمل كبار الكتاب في تلك الفترة أمثال يحي حقي في "البوسطجي"، وثروت أباظة في "شىء من الخوف"، ويوسف السباعي في "محم لا نزرع الشوك"، والعالمي نجيب محفوظ في "ثرثرة فوق النيل"، ويوسف السباعي في "الندّاهة" وحبيبي دائمًا، والعديد من الكتاب والنجوم الذين صنعوا أفلام هذه الحقبة.
توفى حسين كمال عام 2003 وهو في عقده السابع، وجاءت أربعة من أفلامه في قائمة أفضل مائة فيلم مصري وثلاثة في قائمة أهم مائة فيلم عربي، لتترك أعماله بصمة في تاريخ السينما المصرية.