حكايات تروي مجزرة «بحر البقر»: دماء لم تجف.. ودروس لم تنته
الإثنين، 08 أبريل 2019 09:00 ممحمود علي
تظل ذكرى مجزرة بحر البقر عالقة في الأذهان، يوم تجرع فيه أهالى إحدى قرى محافظة الشرقية قبل 49 عامًا مرارة مذبحة أزهقت أرواح 30 تلميذًا وخلفت ورائها 50 مصابًا، ولكن تبقى الصور التي وضعت في الأرشيف، والحكايات التي يقصونها الناجين وجدران المدرسة المستهدفة، شاهدة على جريمة العدو الإسرائيلي.
«49 عامًا مرت على هذه المجزرة البشعة ولكن مازالت أرواح اﻷبرياء تحوم حول المكان»، بهذه العبارة بدأ أحد الناجيين حديثه عن المجزرة، فكلما وقف أهالي القرية ممن حضروا الواقعة أمام المدرسة استحضروا صور اﻷبرياء وهم بالزي المدرسي، وتناثر اﻷشلاء التي ﻻذنب لها الا أنها كانت تتلق العلم، بحسب المتحدث.
وقال يوسف إن العار وبصماته ستلاحق الاحتلال الإسرائيلي طوال السنين جراء هذا الجرم، مؤكدًا أن الذكرى ستظل عالقة باﻷذهان ولن ينساها أهالي بحر البقر والمصريين جميعهم.
«صوت الصراخ كان عاليًا حتى ظن الجميع أن القيامة حضر وقتها»، بهذه الكلمات تذكر أحمد أحد أهالي القرية المجزرة وقتما كان صغيرًا لا يتعدى الأربع سنوات، مؤكدًا أنه لم يكن يعي ما يحدث على الرغم من أن منزل أسرته كان يبعد أمتار عن المدرسة.
وقال تجمع الأهالي من كل حدب وصوب في لحظات قليلة، وسط ذهول من مشاهد التلاميذ التي تناثرت أشلائهم، وأغرقت دمائهم الأرض، وتطايرت أوراق كراريسهم في الهواء وكأنها تشتكي آلام أصحابها، ما جعل هذا المشهد يحف في ذهني حتى وقتنا هذا.
والمجزرة التي شهدتها بحر البقر، كانت نتيجة قصف طائرات من طراز فانتوم مدرسة بحر البقر المشتركة في قرية بحر البقر بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية، وأثار الهجوم حالة من الغضب والاستنكار على مستوى الرأي العام العالمي، وبالرغم من أن الموقف الرسمي الدولي كان سلبيًا ولم يتحرك على النحو المطلوب، إلا أن تأثير الرأي العام تسبب في إجبار الولايات المتحدة ورئيسها نيكسون على تأجيل صفقة إمداد إسرائيل بطائرات حديثة.
أما الدميري فقص المشهد حسب ما حفظه عيناه حيث كان أحد الأطفال الناجين من المجزرة عندما كان عمره 7 سنوات، والتي مرت عليه بحسبه كالكابوس المزعج الذي لم ينسى مرارته طوال حياته، لما للمجذرة من أثار نفسية عليه.
ولكن البعض الآخر أكد أن ما يثبت أن الهجوم الإسرائيلي كان عمدًا وعلى غير ما زعمت إسرائيل أنه كان استهداف لأهداف عسكرية، حيث راح شقيق لإحدى الناجيات من المجزرة ويدعى مجدي أن ضرب المدرسة كان يستهدف محور تنمية واقتصاد مصر، مؤكدًا أن اهتمام الدولة كان ينصب حينذاك على قرى اﻹصلاح ومنها بحر البقر، التي تم الإعداد لها لتكون اللبنة الأولى لنهضة مصر.
يضيف مجدي - التي نجت شقيقته من المجزرة جراء الصدفة، حيث لم تكن تعلم أن غيابها من المدرسة في يوم 8 أبريل عام 1970 كان قدرًا رحيمًا من الله لتُنجى من هذه الكارثة - أن أرض والده كانت ملاصقة للمدرسة، إلا أن قرر بيعها بعد ذلك وأشترى أخرى.
وأكد أن العدو كان يستهدف من هذه الضربة الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى توجيه رسالة للمواطنين الذين كانوا بدأوا في تطبيق مشوار اﻹصلاح والتنمية الذي أطلقه الزعيم جمال عبد الناصر، لترهيب وتخويف هؤالاء لبيع أرضهم مرة أخرى والرجوع إلى ديارهم خوفا على أبنائهم من تلك المجازر الإسرائيلية الشنيعة.