على مدار 10 سنوات.. كيف انهارت صناعة النفط في فنزويلا؟
الثلاثاء، 09 أبريل 2019 05:00 صكتب- أمين قدري
تعرض قطاع النفط في فنزويلا منذ عشرة أعوام، إلى حالة تدهور شديدة، خاصة مع تطبيق الإدارة الأمريكية عقوبات جديدة عليه بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في يناير الماضي، وشهدت الأوضاع الاقتصادية في فنزويلا حالة من التردي، والتي دفعتها إلى الهاوية، وجعلت الأوضاع تشتعل في الدولة التابعة لأمريكة اللاتينية، التي كانت وما تزال مطمعا أمام أمريكا.
وكانت الولايات المتحدة قد اعترفت بزعيم المعارض الفنزويلي «خوان جوايدو»، كرئيسا للبلاد لسحب الشرعية من الرئيس الحالي للبلاد «نيكولاس مادورو».
وكادت العقوبات الأمريكية، أن تخلق عراقيل كبيرة أمام فنزويلا في تسويق نفطها بالولايات المتحدة التي تعتبر أكبر مشتري له، بما قد يحرمها من جزء كبير من عائدات صادرات النفط ما لم تجد سريعا مشترين آخرين لنفطها في الأسواق الدولية، وهذا ما قد يتسبب في نهاية المطاف في تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، وزيادة وتيرة الضغوط السياسية والدولية على «مادورو».
ويبدو أن الطمع الأمريكي، الذي زرع منذ قديم الأزل بدأ يؤتي ثماره، خاصة بعد أن تولى نيكولاس مادورو موروس، السياسي المخضرم، ووزير خارجية فنزويلا السابق، ورئيسها المطاح به على يد خوان جويدو.
- انخفاض الإنتاج في فنزويلا خلال أخر 10 سنوات.
- وبدأ الانخفاض في خطوط الإنتاج عامه الأول في 2009 حتى وصل إلى 2.39 مليون برميل يوميا.
- وفي عام 2010 وصل الانخفاض إلى 2.33 مليون برميل يوميا.
- وفي عام 2011 وصل الانخفاض إلى 2.38 مليون برميل يوميا.
- واستمر الانخفاض في عام 2012 إلى 2.35 مليون برميل يوميا.
- وتواصل الانخفاض في 2013 وهو عامه الخامس على التوالي إلى 2.36 برميل يوميا.
- وفي 2014 وهو العام السادس على التوالي 2.35 مليون برميل يوميا.
- وفي 2015 وصل الانخفاض لـ 2.36 مليون برميل يوميا.
-وفي 2016 وصل إلي 2.31 مليون برميل يوميا.
- وفي عام 2017 وصل معدل الانخفاض إلى 2.15 مليون برميل يوميا.
- وفي عام 2018 وصل إلى 1.91 مليون برميل يوميا.
- وفي 2019 وصل إلى 1.33 مليون برميل يوميا.
ضغوط أمريكية
وكثفت الإدارة الأمريكية من ضغوطها بالآونة الأخيرة على «نيكولاس مادورو» الرئيس الحالي لفنزويلا لإجباره على التخلي عن السلطة وتنصيب منافسه «خوان جوايدو» زعيم المعارضة الفنزويلية بدلًا منه، وقد اعترفت واشنطن بالأخير رئيسا للبلاد في يناير الجاري، وهو ما دفع «مادورو» في خطوة متوقعة لقطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة في 23 يناير الماضي.
ومن أجل تدعيم سلطة «جوايدو»، وضعت الإدارة الأمريكية الأصول المملوكة للبنك المركزي الفنزويلي وللشركات الفنزويلية في البنوك الأمريكية تحت تصرف «خوان جوايدو»، كما فرضت عقوبات إضافية مؤخرا على الاقتصاد الفنزويلي، وتستهدف بالأساس قطاع النفط الفنزويلي الذي يعد النشاط الاقتصادي الرئيسي، علما بأن صادرات الخام تمثل أكثر من (95%) من صادرات البلاد.
وبموجب جولة العقوبات الأمريكية الجديدة، جمدت وزارة الخزانة الأمريكية أصول شركة النفط الفنزويلية (بتروليوس دي فنزويلا) في الولايات المتحدة والبالغ قيمتها (7) مليارات دولار، كما فرضت قيودا على مدفوعات المشترين الأمريكيين نظير واردات النفط الفنزويلية، حيث لن تتسلمها حكومة «مادورو» وإنما سيتم إيداعها في حسابات بنكية خاضعة عمليًّا لسيطرة زعيم المعارضة الفنزويلية، وينطوي ذلك أيضًا على عائدات شركة سيتيجو التابعة لشركة بتروليوس دي فنزويلا، التي تعمل في السوق الأمريكية من خلال تشغيل ثلاث مصافٍ في ولايات لويزيانا وتكساس وإيلينوي، وبطاقة كلية قدرها (750) ألف برميل يوميا.
وسبق وأن فرضت وزارة الخزانة الأمريكية في العامين الماضيين عقوبات على الاقتصاد الفنزويلي بهدف تقييد وصول فنزويلا للنقد الأجنبي، وشملت حظر استثمار الأفراد أو الكيانات الأمريكية في الديون الفنزويلية، أو استخدام العملة الإلكترونية التي استحدثتها الحكومة الفنزويلية مؤخرًا، كما أبقت على إمكانية فرض عقوبات على القطاعات الاقتصادية في فنزويلا في أي وقت بالاتفاق مع وزارة الخارجية الأمريكية.
الأرقام تثبت بتفاقم الأزمة الفنزويلية
ومن المعروف لدى الجميع- وفقا لم نشر في تقارير رسمية- أن عدد سكان فنزويلا يصل إلى قرابة الـ(32) مليون نسمة، وقد وصلت نسبة الهجرة في نهاية عام (2018) إلى نحو (7%)، وقد كانت المكسيك وبيرو، أكثر الدول المستضيف للهاربين من فنزويلا.
فما بين عامي (2004-2006)، هاجر من فنزويلا (43728) شخصا، بينما في الفترة ما بين (2010-2012)، رحل قرابة الـ(556641) شخصا، وما بين (2014-2016)، رحل قرابة (695551) شخصا، وفي نهاية عام (2018) وصل عدد المهاجرين من فنزويلا نحو (2328949) شخصا.
التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد الفنزويلي، قد يشهد خلال الفترة المقبلة، انكماشا أكبر- بعد أن كانت فنزويلا إحدى الدول الأغنى في العالم- خاصة في الناتج المحلي، فقد أكد صندوق النقد الدولي في تقرير له، أن الناتج المحلي لـ«فنزويلا»، في (2019) من المتوقع أن ينخفض مرة أخرى، بنسبة لا تقل عن (5%).
وعلى الرغم من كون النسبة أقل من عامي (2018 و2018)، اللذان تراوحت النسبة فيهم ما بين (14%، و18%) إلا أن النسبة لا تبشر بالخير، خاصة وأن معدلات التضخم، في «كاراكاس» مرتفعة للغاية، وقد فكر «مادورو» في حذف (5)، أصفار لمحاولة تدارك الأزمة، وهو ما أكد خبرا الاقتصاد أنه غير مجدي.
خسائر الحلفاء:
تفرض تطورات المشهد السياسي الأخيرة في فنزويلا تهديدات محتملة للمصالح الروسية والصينية معها، وهما أهم الحلفاء لها منذ فترة طويلة، حيث من المتوقع أن تتسبب في تقويض العلاقات التجارية بين الطرفين، فضلا عن أنها قد تخلق مخاطر تشغيلية كبيرة لمشاريع النفط التي تشارك بها الشركات الصينية والروسية في فنزويلا متأثرة بالاضطرابات السياسية والأمنية المحتمل تصاعدها في البلاد بالفترة المقبلة.
ومن المعروف أن شركات النفط الروسية والصينية من أكبر المستثمرين الأجانب في قطاع النفط الفنزويلي بعد أن قيام الرئيس الفنزويلي السابق "هوجو تشافيز" بين عامي 2007 و2009 بتأميم أصول الشركات الأوروبية والأمريكية في البلاد، مثل: بي بي البريطانية، وشركات إكسون موبيل، وشيفرون، وكونوكوفليبس الأمريكية.
وتمتلك شركة روسنفت الروسية حصصا في خمسة مشاريع للتنقيب والإنتاج النفط في فنزويلا، وتشكل مجتمعة حوالي (4%) من إجمالي إنتاج النفط في فنزويلا، فيما تشارك الصين بحصص في عدة مشاريع من أبرزها مشروع سينوفينسا الذي تسيطر فيه مؤسسة البترول الصينية الوطنية على حصة بـ(49%) ويبلغ إنتاجه نحو (10%) من إجمالي إنتاج فنزويلا من النفط.
كما ستدفع التطورات الأخيرة فنزويلا حتمًا لتأجيل سداد مستحقات الدائنين الرئيسيين للبلاد، ومن بينهم الصين وروسيا اللتين لا تتلقيان مستحقاتهما نقدًا وإنما كمبيعات نفط. وفي هذا الإطار، قال نائب وزير المالية الروسي «سيرجي ستورشاك» في (29 يناير): «إن فنزويلا قد تواجه مشكلات في سداد ديونها المستحقة لموسكو والبالغة (3.15) مليارات دولار في ضوء العقوبات الأمريكية على قطاع النفط الفنزويلي»، ناهيك عن ديون أخرى للصين بقيمة (19.3) مليار دولار وفق بعض التقديرات.
ويتضرر قطاع النفط الفنزويلي بشدة من العقوبات الأمريكية المفروضة عليه مؤخرا، وهذا سيؤدي بنهاية المطاف لتفاقم الأوضاع الاقتصادية في البلاد، مما يزيد من حدة الضغوط المحلية والدولية على «مادورو» لدفعه للتخلي عن السلطة، هذا ما لم يتدخل حليفاه روسيا والصين لإنقاذه.
نيكولاس مادورو VS خوان جويدو
بداية اشتعال الأزمة بين الاثنين، بدأت في نهاية يناير (2019)، عقب أن فجر رئيس البرلمان الفنزويلي- خوان جويدو- أزمة جديدة بإعلان نفسه رئيسا للبلاد بشكل مؤقت، لتخرج احتجاجات ضخمة في عدة ولايات أسفرت عن مقتل عشرات، فيما دعمت بعض الدول (جويدو) في الوقت الذي وقفت دول أخرى إلى جانب الرئيس المنتخب نيكولاس مادورو.
وكان «جويدو»، أعلن نفسه رئيسا انتقاليا لفنزويلا، وتلقى دعما مباشرا بعد ذلك بساعات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليشعل إعلان (جويدو) فتيل أزمة في البلاد تجاوزت حدودها الجغرافية.
كما تسبب دعم «ترامب»، لـ«جويدو»، في إعادة النظر مرة أرخى في الأمر لدى شريحة كبيرة، وبدؤوا ينظرون للأمر، بخوف وترقب، خاصة وأن أمريكا تطمع في أن تسيطر على فنزويلا.. وربما كانت تلك المخاوف هي التي دفعت بالعديد للتظاهر، أملا في ألا تشهد الدولة التابعة لأمريكة الجنوبية ثورات، مماثلة للربيع العربي.
موقف ترامب والاتحاد الأوروبي
كان ترامب اعترف بـ«جويدو» رئيسا شرعيا للبلاد ورأى أنه الممثل الشرعي الوحيد للديمقراطية في فنزويلا واعتبر «مادورو» رئيسا غير شرعي، كما طالبت أمريكا بعقد جلسة لمجلس الأمن، من أجل الاعتراف بـ«جويدو» رئيس لفنزويلا.
أما دول الاتحاد الأوروبي فقالت إنها تؤيد المعارضة الفنزويلية، ولوحت كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا، بالاعتراف بزعيم التجمع الوطني رئيسا لفنزويلا بحال عدم إجراء انتخابات نزيهة خلال (8) أيام.
وفي سياق متصل تلقى «جويدو» دعما من بعض الدول اللاتينية أيضا وعلى رأسها: «الأرجنتين والباراجواي والبرازيل والإكوادور وتشيلي»، بالإضافة إلى كندا وعدد من الدول أمريكا الوسطى.
مصير مادورو
كانت كل من: «روسيا، وتركيا، وإيران، والصين، وسوريا»، وقفت إلى جانب الحكومة، إذ أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، دعمه لمادورو في اتصال هاتفي واعتبر التدخل الخارجي في الشأن الداخلي لفنزويلا مخالفا للقوانين الدولية.
وطالب «مادورو» بإيجاد حل سلمي للأزمة عبر الحوار، وبعد ذلك بيومين أبدت روسيا استعدادها لأن تكون «وسيطا» بين الحكومة والمعارضة في فنزويلا. ومن جانبها استنكرت سوريا تدخل أمريكا في الشؤون الداخلية لفنزويلا وعبرت عن وقوفها إلى جانب «مادورو».
كما أعلن الجيش الفنزويلي وقوفه إلى جانب «مادورو»، ليعود «جويدو» ويوجه نداء للقوات المسلحة، (الجمعة)، يطالبها فيها بالوقوف إلى جانب «الشعب والدستور». وقال إن الجيش سيكون أمام اختبار هام في الأيام المقبلة.
الاحتمالات الممكنة
ربما السيناريوهات المتاحة في الأزمة الفنزويلية ليست كثيرة.. فمن المرجح أن يشتعل الوضع أكثر، خاصة في ظل تضارب المواقف، وظهور الوجه الأخر لأمريكة، والذي قد يبشر بعداء جديد بين أمريكا وروسيا ولكن تلك المرة على أرض فنزويلا.
السيناريو الأول:
تفاقم الأزمة، ورفض «جويدو»، العودة في موقفه وتمسكه بإعلان نفسه رئيسا مؤقتا لفنزويلا، وهو ما قد يتسبب في معادة بين الأطراف الداخلية في فنزويلا، وقد يتسبب في انقسام الجيش، ما بين مؤيد ومعارض لـ«مادورو».
السيناريو الثاني:
تطور التدخل في فنزويلا، إلى أن يتسبب الوضع في تواجد قوات من روسيا، والدول المؤيدة لـ«مادورو»، إضافة إلى قوات من أمريكا، من المؤيدين لـ«جويدو»، وهو ما قد يشعل فتيل الحرب الأهلية في فنزويلا، ويلبي رغبة أمريكا في السيطرة على فنزويلا.
السيناريو الثالث:
انسحاب «جويدو»، من المشهد مجددا وعودته إلى البرلمان الفنزويلي، منعا لاشعال فتيل الحرب الأهلية في فنزويلا، وانتظار الانتخابات المقبلة للدولة التابعة لأمريكة الجنوبية حتى يتم إقصاء «مادور» من قصر الرئاسة.
السيناريو الرابع:
رضوخ «مادور»، للحملة التي يقودها «جويدو»، حتى لا يشتعل فتيل الحرب في بلاده، ويتزايد حجم التدخل، والنجاة من ربيع أمريكا الجنوبية المرتقبة.