أموال الدم والفساد.. من يدير الولايات المتحدة الأمريكية؟
الإثنين، 08 أبريل 2019 01:00 مصابر عزت
صنم الدولة محاربة الفساد والقائمة على العدالة، انهار مع سطور الفضيحة التي فجرتها جريدة «جيروزاليم بوست»، اليومية الإسرائيلية، الناطقة باللغة الإنجليزية، كارثة جديدة، تطال عدد من الدول التي تتدخل في الشؤون الأمريكية، وتدير الوضع من الخفاء، في تقرير كان يحمل عنوان: «أموال الدم والفساد في السياسة الخارجية الأمريكية».
تطرق التقرير للعديد من النقاط، أبرزها العلاقات الأمريكية الروسية، وحقيقة تأثير اللوبي القطري على الوضع في الولايات المتحدة الأمريكية، لافتين إلى أن اللوبي القطري أكثر سيطرة على أمريكا من روسيا. وقد لفتت «جيروزاليم بوست»، إلى أن التأثير الأجنبي في الولايات المتحدة مشكلة كبيرة، قائلين، في مدخل التقرير: «ولكن قد يفاجئك لمعرفة ما هو أكثر اللاعبين أهمية. من المؤكد أنك ستفكر في روسيا بالنظر إلى التغطية الهائلة لمحاولاتها للتأثير على انتخابات الولايات المتحدة عام (2016). لكن اسمًا واحدًا لم تسمعه من قبل هو الأكثر تأثيرا- إنها قطر- وهي دولة صغيرة في الشرق الأوسط تتمتع بنفوذ كبير من خلال عملية كبيرة جيدة التمويل».
ويشير تقرير «جيروزاليم بوست»، إلى أن الفترة المقبلة، تشهد طرح فيلم، بعنوان: أموال الدم والفساد»، والذي يكشف كواليس، تحول واشنطن، إلى «ملعبًا للمصالح الأجنبية»، يحكي الفيلم الوثائقي قصة اللوبي القطري، وكيف غيروا الحوار بشكل فعال فيما يتعلق بسياسة الشرق الأوسط في دوائر التأسيس خلال الإدارة الحالية.
وتطرق «الفيلم»، إلى فترة ولاية أوباما، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ألقت بثقلها وراء حركة الربيع العربي على النظرية القائلة بأن دعمنا للديمقراطية سيؤدي إلى مزيد من الاستقرار وإلى المزيد من النتائج المؤيدة لأمريكا- ولكن يبدو انه كان رهانًا سيئًا- لافتين إلى إن الإطاحة بالأنظمة في: «مصر وتونس وليبيا»، مكّن القوى الراديكالية مثل الإخوان المسلمين، مما يقوض الاستقرار في المنطقة في وقت واحد ويؤدي إلى زيادة الدعم للأنشطة الإرهابية في جميع أنحاء العالم.
وفي مايو 2017، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن انعكاس المسار، حيث وضع القفاز للقادة العرب في خطاب ألقاه في الرياض، المملكة العربية السعودية، من خلال الإصرار على أنهم «يخرجون» ويهمشون الفصائل الإسلامية المؤيدة للإرهاب التي كان لدى الكثير منها تم التدليل.
كان رد فعل العديد من القادة الحاضرين، بمن فيهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، هو اتخاذ إجراءات صارمة ضد المتطرفين داخل حدودهم، بما في ذلك رجال الدين الذين يبشرون بالكراهية المؤيدة للجهاديين وكذلك المليارديرات الذين يمولون الإرهاب وانتشار الدعاية الإسلامية المتطرفة. ومن بين الاستثناءات الواضحة في هذا الاتجاه قطر، التي واصل نظامها تمويله وتوفير الملاذ الآمن للجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة وحماس وغيرها.
أدى خطاب ترامب في الرياض إلى الضغط المتضافر على النظام القطري من القادة العرب الآخرين لوقف رعايتهم للإخوان المسلمين والقوى الراديكالية المرتبطة بها. بدلاً من تغيير المسار، وبدأت قطر في «هجوم هجومي» للدعاية، حيث أنفقت أكثر من (16 مليون) دولار في عام (2017) لوحدها على أنشطة الضغط في حين أنفقت ملايين لا تحصى على عمليات شراء وسائل الإعلام، واستهداف «تويتر» ورعاية «الصحافة المدفوعة للعب».
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن «التبرعات» القطرية ذات الصلة بالخيوط القطرية لمراكز الفكر الأمريكية المرموقة مثل معهد «بروكينجز» اشترت فعلياً إنتاج أوراق سياسات واتفاقيات مؤيدة لقطر لا تنتقد النظام. أعطى النظام ما لا يقل عن (24 مليون) دولار لشركة «بروكينغز»، ولا تخضع «تبرعات» أخرى لفرع «بروكينغز» الدوحة في قطر لقوانين الإبلاغ الأمريكية. في أحد البرقيات المسربة في العام الماضي، كتب أحد المسؤولين القطريين أن (Brookings) تساوي أكثر من حاملة طائرات لنا، وهو اعتراف مذهل بعائد الاستثمار الذي تتلقاه قطر من المبالغ الضخمة التي تنفقها على جهود الضغط والدعاية.
من الأهمية بمكان أن تكمن هذه الجهود في كسب الجمهوريين الرئيسيين في واشنطن لنموذج قرار سياسي مع الإسلام الراديكالي لحل الخلافات، على عكس خطاب ترامب في الرياض المتمثل في «طرد» قوى الإرهاب الراديكالي. ولتحقيق هذه الغاية، تم تجنيد المحافظين المعتمدين أمثال نيك مازين، من الحزب الجمهوري، للضغط نيابة عن الحكومة القطرية مقابل الحصول على رواتب كبيرة من الدوحة.
قطع «الهجوم السحري»، على مدى السنوات القليلة الماضية شوطًا طويلاً نحو تحقيق هدفه. لقد تحولت الإدارة من موقفها الأولي المتمثل في الضغط على الزعماء المسلمين إلى «طرد» الراديكاليين إلى «العمل معا» للتوصل إلى حل سياسي - بالكاد يمكن تمييزه عن خطاب الربيع الموالي للعرب للإدارة السابقة.
يتنفس الشيوخ والأمراء في الدوحة وحول المنطقة الذين يمولون الإرهاب الصعداء. وقد أظهرت وسائل الإعلام الأمريكية تحفظًا غريبًا للتحقيق بقوة في دعم النظام القطري المستمر للتطرف الإسلامي أو الجهد الدعائي القوي لتغطية مساراتهم.
لم يكن شراء النفوذ هو الطريقة الوحيدة التي عملت بها قطر لتعزيز جدول أعمالها ووقف محاولات كبح جماح أنشطتها الخبيثة. كما أجروا حملة قرصنة ضد العديد من الأفراد المؤثرين والمسؤولين الحكوميين في جميع أنحاء العالم. وشمل ذلك أيضًا المواطنين الأمريكيين وكذلك الأعضاء الحاليين والسابقين في الحكومة الأمريكية ومراكز البحوث. لقد استخدموا رسائل البريد الإلكتروني وغيرها من المعلومات التي جمعوها بشكل غير قانوني للضغط علانية وخاصة على هؤلاء الناس.
لذلك في المرة القادمة التي تقرأ فيها وصفًا للجهود الروسية لشراء النفوذ وتقويض عمليتنا الديمقراطية (مشروع فاشل، بالنظر إلى الهستيريا المناهضة لروسيا التي تسود الآن بين النخبة السياسية وصنع الرأي)، تذكر أن التأثير الأجنبي الفعال حقًا من المحتمل أن يتجول الباعة المتجولون مثل الصين وقطر تحت الرادار. بعد كل شيء، هذا أحد المقاييس الرئيسية لفعاليتها.