مكاسب المواطن من التعديلات الدستورية
السبت، 06 أبريل 2019 02:57 م
ان اتجاه المواطن نحو تعديل دستور 2014 للتخلص من بعض العوار أو أوجه القصور التي ألمت به لأسباب لا تعود لسوء نية النخبة التي كانت قائمة عليه، ولكن تعود في الأساس للمناخ العام الذي كان سائدا في البلاد آنذاك والذي كان يفرض نفسه فرضا على هذه النخبة يتأسس على الوعى المجتمعي الساعي نحو تنقية دستور 2014 مما به من عوار ، وهو اتجاه يؤكد في المقام الأول وعى الرأي العام وبُعد نظره لأنه اضحى يتحلى بوعى يدفعه نحو تصحيح ذاتي لأوجه القصور التي تشوب هذا الدستور وهو وعى يتأسس في المقام الأول على حس وطني راسخ يسعى نحو تبنى دستور يليق بالشعب المصري العظيم الذى سبق وان تحلى بالوعى الوطني الجارف عندما استشعر خطر الهوية المصرية من مسعى جماعة الشر في 2013 وقد دفعه هذا الوعى للانتفاض ضد هذه الجماعة في ثورة 30 يونيه . واليوم فينتفض الشعب المصري نحو تعديل دستور أيقن المواطن وبحق ضرورة تغيير بعض مواده بما يتسق مع المتغيرات التي فرضت نفسها داخليا وإقليميا ودولياً.
سؤال يفرض نفسه علينا الآن : هل هناك مكاسب للمواطن العادي من التعديلات الدستورية؟ تأتى الإجابة بالإيجاب طبعا،فاللتعديلات الدستورية مكاسب جًمة ليس فقط لرجل الشارع المصري ولكن أيضا على المنطقة العربية وكذلك العالم الغربي، وتأتى هذه المكاسب على النحو التالي:
أولا: بالنسبة لرجل الشارع.
مما لا شك فيه ان رجل الشارع عانى كثيرا جراء حالة عدم الاستقرار الأمني ومن ثم الاقتصادي التي سادت البلاد في اعقاب ثورة 25 يناير، ثم مع وصول الاخوان لسدة الحكم لتأتى ثورة 30 يونية بمثابة تصحيح للمسار.أي اننا امام مواطن شهد ثورتين كبيرتين في غضون عامين انهكته الى حد كبير. ثم جاء بعد ذلك برنامج الإصلاح الاقتصادي الطموح والذى تحمل المواطن اعباءه الصعبة، واليوم فمن حق المواطن ان يجنى ثمار صبره وتحمله في ظل القيادة السياسية التي خططت و نفذت هذا البرنامج، وان أي تغيير في السياسات الحالية انما يجازف بالتأثير سلباً على مكتسبات برنامج الإصلاح الاقتصادي بالنسبة للفرد وهى مكتسبات بدأت تؤتى أوكلها الآن الامر الذى دفع القيادة السياسية لأن تعلن مؤخرا عن زيادة عظيمة في المعاشات والمرتبات مع هيكلة واضحة لأجور الموظفين الذين تحملوا أعباء برنامج الإصلاح الاقتصادي.
بالإضافة الى ذلك، فان هناك مكسب آخر من التعديلات الدستورية يعود على المواطنين من منظور اجتماعييكمن في أن المقترح الخاص بأن مجلس الدولة غير مسئول عن مراجعة العقود من منطلق الإفتاء، انما يخفف العبء عن مجلس الدولة ومن ثم يحدث عدالة ناجزة فىالتقاضي ، لأن اثقال مجلس الدولة بعقود الدولة ومراجعة اللوائح والقوانين ينهك مجلس الدولة بما يؤثر على القضايا المنظورة أمام ، فلما يخفف عن مجلس الدولة هذا العبء ينعكس على القضاة بتوفير مساحات الوقت الكافي لتحقيق العدالة الناجزة للمواطنين.
والثابت أن التعديلات الدستورية المقترحة تضمن كذلك تحقيق عدد من المكاسب السياسة لصالح الدولة المصرية والتى تهدف إلى المصلحة العامة، ومنها على سبيل المثال ضمان تمثيل عدد من فئات المجتمع فى المجالس النيابية ، لأنه من المفترض أن المجلس النيابى يكون معبرا عن المجتمع بكامل أشكاله وأطيافه وأنواعه فئة عمال وفلاحين ومرأة وشباب ومصريين بالخارج، فلما كانت التعديلات الدستورية تسعى وتهدف إلى تمثيل تلك الشرائح بالبرلمان فهذا مكسب كبير يعود على المجتمع بالفائدة الإيجابية لأن هذه الشرائح سيكون لها من يمثلها فى المجلس النيابى.
هذا بالإضافة الى بعض المكاسب السياسية المتمثلة في عودةمجلس الشيوخ او مجلس لخبراء الذى سيقوم على التدارس العميق لمشروعات القوانين بما يعنى أن الدولة ليست متسارعة فى شأن إصدار القانون بل ستخضع لقاعدة التدارس وإعادة التدارس وذلك يؤدى إلى إحكام صياغة القوانين بما يحقق الثبات التشريعيالنسبي بما يضمن تحقيق الأمن القانونى الذى يصب فى مصلحة المجتمع وهنا يبرز فائدة اقتصادية مهمة للمواطنين واطمئنان بأن تلك النصوص جيدة وثابتة.
و هناك مكسب سياسى آخر من حيث رفع كلمة التمثيل المتكافئ فى تقسيم الدوائر بما يؤدى إلى سهولة تقسيم الدوائر ويجنب الطعن بعدم دستورية الدوائر الانتخابية وهو ما ينعكس إيجابا على المسار السياسىفى الدولة ، مؤكدا أنه دون شك تستهدف التعديلات الدستورية تحقيق المصلحة العامة للدولة.
كما ان استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية لأن الاعباء الجسام الملقاه على عاتق رئيس الجمهورية فى ظل دور مصر المحورىفى الدول العربية وأفريقية والعالم أجمع وحجم المشروعات التى يتم تنفيذها، يتطلب المتابعات ودائما وظيفة النائب معاونة الأصيل وبالتالى فهذا التعديل يهدف إلى تخفيف العبء نسبيا عن رئيس الجمهورية ويحدث مزيد من المتابعة والتى تعتبر أحد المكاسب الاقتصادية لأن المتابعة المستمرة تؤدى إلى تحقيق الإنجاز فى مواعيده.
ثانيا: مكاسب على إقليمية.
مما لا شك فيه ان المنطقة العربية تمر الآن بلحظة فارقة في تاريخها تتطلب وجود صف عربى موحد لتجاوز ما يحُاك ويُدبر لها ، وبالتالي فان هناك ضرورة الان امام المواطنالمصرى وكذلك المواطن العربىلهذه التعديلات الدستورية التي تتيح الفرصة للرئيس السيسى للترشح مع اخرين لهذا المنصب الرفيع حتى يتمكن من استكمال بناء اركان الدولة وتعزيزها حفاظا ليس فقط على الدولة المصرية ولكن أيضا على وحدة الصف العربي لان وجود مصر قويه الان انما يمثل عنصر فاعل للمنطقة برمتها.
ثالثا: مكاسب دولية.
الثابت ان الإدارة المصرية نجحت بصورة مذهله في العديد من الإشكاليات والأزمات التي طالما عانت منها القارة الأوروبية مثل الهجرة غير الشرعية، بل وصل الامر الى ما هو أبعد من ذلك، اذ وقعت أوروبا فريسة لاستغلال سئ وقذر من جانب القيادة التركية لمساعدتها في وقف تدفقات الهجرة غير الشرعية اليها.
وعلى العكس تماما ، نجد الإدارة المصرية قد نجحت بدرجة امتياز في هذا الملف وهو ما شهد واعترف به رئيس المجلس الأوروبي حلال زيارته للقاهرة في سبتمبر 2018 ، وتأكيده على نجاح مصر التام والكامل في ضبط حدودها الشمالية التي لم تشهد منذ 2016 أي حالة هجرة الى أوروبا منذ هذا التاريخ. وبالتالي فنحن امام نجاح مصري فريد من نوعه يحمل في طياته الكثير من الخير للجانبين المصريوالأوروبي، ففيما يتعلق بالجانب الأوروبي،فأضحى يعًول كثيرا على القاهرة في هذا الملف الذى يسبب له صداعا كبيرا وفى المقابل فأضحى لدية قناعة تامة وكاملة بقدرة مصر القيام بدور فاعل في المنطقة مما يدفع الأوروبيين نحو ضخ مزيد من الاستثمارات التي تنعكس إيجابا على المواطن المصرى.
وأخيرا ، فان الرهان المعقود على وعى الرأي العام لا يزال كبيراً ليقرر وبحرية تامه وكاملة هل هو بحاجة ماسة فعلا لمثل هذه التعديلات ام لا ؟ الان ان الإجابة معلومة مسبقاً وتكمن في تحلى مصر برأى عام واعى وناضج يتفهم تماما ضرورة هذه التعديلات الدستورية ومردودها الايجابى عليه بشكل واضح.
المستشار الإعلامي السابق ببروكسل