انقلب السحر على الساحر.. أوروبا تفرض قيود وضرائب كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي
الأحد، 07 أبريل 2019 12:00 م
انتبهت مؤخرا، الدول الأوروبية، إلى مخاطر «السوشيال ميديا» وأثارها الضارة على النشء وأفراد المجتمع، نشر الأكاذيب والترويج لمحتويات ضارة ومشاهد العنف والإرهاب، وبدأت تتخذ مواقف متشددة في التعامل مع هذه المنصات، للحد من مخاطرها على الأمن والمجتمع على حد سواء، وهو ما حذرت منه مصر، على مدار الـ5 سنوات الماضية.
في بريطانيا، تعتزم الحكومة، تشديد القيود والإجراءات على المسئولين التنفيذيين لمواقع التواصل الاجتماعي، ومحاسبتهم شخصيا عن الآثار السلبية للمواد المنشورة عبر منصاتهم، حيث تخطط الحكومة البريطانية، لإصدار تشريع يفرض التزاما قانونيا على مديري شركات التواصل الاجتماعي، يتضمن مراقبة الموقع من قبل جهة تنظيمية مستقلة، ومن المرجح تمويله من خلال فرض ضريبة على الشركات الإعلامية.
ومن المحتمل تولي هيئة تنظيم الاتصالات البريطانية «أوفكام»، كجهة تنظيمية في بداية الأمر، على أن يتم تشكيل هيئة جديدة، تملك سلطة فرض غرامات كبيرة على الشركات التي تنتهك القانون الجديد، وتحمل المسئولين التنفيذيين المسئولية الشخصية وتحاسبهم.
وذكرت صحيفة «الجارديان» البريطانية، أن هذه الخطط تأتي بسبب القلق المتزايد حول دور الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في نشر المواد متعلقة بالإرهاب وانتهاك حقوق الأطفال والأذى الذاتي والانتحار والعنف، بعدما واجهت الحكومة البريطانية ضغوطا مجتمعية، للتحرك إزائها، على خلفية ما أسفرت عنه النقاشات الدائرة حول قضية «المراهقة البريطانية مولي راسيال» التي أقدمت على الانتحار متأثرة بمشاهدتها لصور «إيذاء نفس» تم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي انستجرام، وكذلك حادث «إطلاق النار على مسجدين في نيوزيلندا»، الي بثه مباشرة مرتكب الهجوم، عبر الفيس بوك.
الفتاة البريطانية صاحبة الـ 14 عاما «مولي راسيال» انتحرت عام 2017، وأطلق والدها حملة موسعة، لتسليط الضوء على حقيقة الترويج للأذى الجسدي والانتحار والعنف، على نطاق واسع عبر موقع تبادل الصور الشهير «انستجرام»، وهي الحقيقة التي شعر معها بأنها ساهمت في وفاة ابنته.
لم يقتصر الموقف البريطاني المتشدد ضد مواقع التواصل الاجتماعي، لنشرها محتويات ضارة فقط، بل لاختراقها خصوصية المستخدمين، ففي شهر مارس الماضي، وجه أعضاء بالبرلمان البريطاني اتهاما مباشرا لـ «فيس بوك» بانتهاك قوانين خصوصية البيانات والمنافسة، وأكدوا في تقريرهم تضليل الموقع، وازدراء رئيس مجلس الإدارة مارك زوكربيرج، ورفضه الظهور أمامهم للإدلاء بشهادته.
وفي نفس السياق، أوردت لجنة الثقافة والإعلام والرياضة بالبرلمان البريطاني، فى تقريرها، بأن مجموعة هائلة من إيميلات «فيس بوك» الداخلية، التي راجعتها اللجنة، أظهرت انتهاك منصة التواصل الاجتماعي، قوانين المنافسة وخصوصية البيانات، عن عمد، ودللت بالوثائق استعداد فيس بوك، لتجاوز إعدادات الخصوصية الخاصة بمستخدميه من أجل نقل البيانات إلى مطوري التطبيقات، في نفس الوقت، أوضح المشرعون البريطانيون أن الوثائق أظهرت تجويع الشبكة الاجتماعية، لبعض مطوري البيانات لإجبارهم على ترك العمل.
بينما في فرنسا، تمثل إعلانات «فيس بوك» مصدر قلق بالغ، للسلطات بسبب سياسات الاحتكار أو توجهاتها السياسية، وهو ما أكده وزير المالية الفرنسي برونو لومير، في إصرار بلاده على فرض ضريبة أكبر على شركات التكنولوجيا، من أجل إضفاء مزيد من العدالة والفعالية على النظام الضريبي العالمي، برغم التحذيرات الأمريكية، التي جاءت على لسان مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي، محذرا فرنسا من فرض ضريبة على الشركات التكنولوجية مثل فيس بوك وجوجل، لما لها من تأثير سلبي كبير على الشركات الأمريكية الكبرى، وكذلك المواطنين الفرنسيين الذين يستخدمونها.
على الجانب الأخر، فإن تأثير الإعلانات السياسية الموجهة التي تنشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة «فيس بوك»، فإن الأمر يثير قلقا بالغا بالتزامن مع قرب موعد الانتخابات البرلمانية الأوروبية، ووفي خطوة استباقية من جانبه، حاول «فيس بوك» إرسال رسالة طمأنه لمستخدميه في القارة العجوز، بالإعلان عن فرض قيود صارمة على الاعلانات عبر منصته خلال فترة الاستعدادات لانتخابات البرلمان الأوروبي، للحد من مسألة أي محاولات للتدخل الخارجي، مثلما حدث من قبل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي جرت في 2016، وتعرضت الشركة لضغوط لتعزيز الشفافية والمراجعات عبر منصته في أعقاب الدعاية الروسية التي تردد أنها أثرت على التصويت داخل الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها دونالد ترامب.