لماذا اتجه العالم في الوقت الراهن للاعتماد على وسائل الإثبات الإلكترونية؟
الجمعة، 05 أبريل 2019 06:00 م
أصبح استخدام الوسائل الإليكترونية في المراسلات أمراً شائعاً، بل وصارت العقود الإليكترونية جزءاً أصيلاً من سياسات الشركات المحلية والدولية على حد سواء بعد أن صار التعاقد الإليكتروني تطبيقاً عملياً صريحاً لقواعد التعاقد بين الغائبين، وإزاء هذا التوسع في الإستخدام التقني ظهرت إشكالية قانونية حول حجية الإثبات القانوني بالوسائل الإليكترونية، وفي هذا الحوار يجيب المستشار القانوني محمد الشهير عن أهم الأسئلة المثارة حول المعاملات الإليكترونية وإستخدامها في المنازعات التحكيمية.
1ـ ما المقصود بمصطلح الإثبات الإليكتروني؟
يري الخبير القانوني محمد الشهير أنه يجدر التعرف أولاً على ماهية الإثبات القانوني والذي عرفته محكمة النقض بأنه إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التى حددها القانون فهو قوام الحق الذى يتجرد من قيمته ما لم يقوم الدليل عليه، وقد اتجهت الأنظمة القانونية والقضائية وكذلك الآراء الفقهية بوجه عام الى قبول وسائل الاثبات الإليكترونية متى كانت طبيعتها توفر الثقة والقدرة على اثبات الوقائع المتنازع عليها وذلك بشرط أن تكون هذه الوسائل قادرة على حفظ المعلومات عند الحاجة للرجوع إليها، فعلى سبيل المثال لم يشترط القانون صدور الكتابة في شكل محدد إلا ما تم الإشارة إليه بنص خاص، وقد أدت هذه المرونة في وصف الكتابة إلى قبول الأشكال الجديدة من الكتابة وأخصها الكتابة الإليكترونية التي تخضع لذات القواعد المنظمة لحجية المحررات الورقية الرسمية والعرفية مع إختلافات بسيطة تتعلق بالطبيعة الخاصة للمحرر الإليكتروني.
2ـ ما هي السمات المميزة للمحررات الإليكترونية؟
يجيب الخبير القانوني محمد الشهير بأن المحرر الإليكتروني بطبيعته لا يقبل الدفع بالجحد (إنكار مطابقة الصورة الضوئية للأصل) وإنما يكون الدفع في صورة طلب مطابقة الرسالة المطبوعة بأصلها الثابت في السجل الإليكتروني المنتظم، ويستمد حجيته من وجوده في "سجل إليكتروني" ويعرف هذا السجل بأنه مجموعة المعلومات التي تدون على وسط ملموس أو تكون محفوظة على وسط إلكتروني أو على أي وسط آخر وتكون قابلة للاستخراج بشكل قابل للفهم.
كما ترتبط المحررات الإليكترونية بسمة اخرى مميزة هي "التوقيع الإليكتروني" الذي يعرف بانه وسيلة المعلومات في الشكل الإلكتروني التي تكون موجودة في سجل إلكتروني أو مثبته أو مقترنة به منطقياً، ويمكن لصاحب التوقيع استعمالها لإثبات هويته.
3ـ ما مدى إنتشار وطبيعة التعاقدات الإليكترونية؟
على المستوى التجاري الدولي فإن التعاقد الإليكتروني ما زال يحافظ على إنتشاره وأصبح من الخيارات الأولى في إتمام مفاوضات التعاقد، وتتماز التعاقدات الإليكترونية بانها تصرفات ثابتة قانوناً، فلا يتصور وجود عقد إليكتروني غير ثابت بوسيلة مقبولة ـ ولو عن طريق التوقيع الإليكتروني ـ ومن ثم فهي تمتاز بسهولة الإثبات للإلتزامات المترتبة عليها، ولكن يجب يجب ملاحظة أنه يمكن تصور وجود علاقة عقدية إليكترونية دون توافر عنصر الكتابة، فبالرغم من أن غالبية عمليات الشراء عن طريق الإنترنت تتم عن طريق إدخال بيانات المنتج وبيانات القائم بالشراء وهو ما يتوافر به وسيلة الإثبات الإليكترونية فضلاً عن إستخدام التوقيع الإليكتروني في إتمام هذه العمليات، إلا انه من الجائز أن يتم التعاقد الإليكتروني عن طريق الرسائل الصوتية التي تجيز وسائل التواصل الإجتماعي إستخدامها، ومن ثم فيمكن القول بأن شرط الكتابة في العقود الإليكترونية هو شرط لإثبات العقد، وليس شرطاً لوجوده، وبعنى ادق فإن الكتابة في العقود الإليكترونية ليست شرط شكلي لازم لإنعقاد العقد وإن تخلف شرط الكتابة في العقد الإليكتروني لا يصيبه بالبطلان.
3ـ هل توجد علاقة بين وسائل الإثبات الإليكتروني وبين القضاء التحكيمي؟
يؤكد الخبير القانوني محمد الشهير أن في ظل الإتجاه نحو العولمة و بعد ظهور الشركات متعددة الجنسيات ، فإن التحكيم التجاري الدولي أخذ مكانة متميزة كأحد الطرق الفعالة لإنهاء المنازعات، وكثير من النزاعات التحكيمية تعتمد في إجراءاتها على الوسائل الإليكترونية، فبداية من إستخدام البريد الإليكتروني في الإعلانات والمراسلات المتعلقة بالنزاع التحكيمي، إلى قبول المذكرات والمستندات بذات الطريق ـ إلا في حالات ضرورة تقديم الأصل ـ بالإضافة إلى الإعتداد بالرسائل الإليكترونية المتبادلة بين أطراف النزاع وإعتبارها مكملة للإتفاق الأساسي بينهما.
4ـ ما هو دور الوسائل الإليكترونية في التدريب القانوني؟
إن التدريب القانوني هو أحد أهم مجالات عمل شركات المحاماة، وهو السبيل لإختصار زمن التعليم، فالمحامي يستطيع التعرف على معلومات ومهارات الدفاع من خلال الحصول على تدريبات قانونية توفر عليه عناء التعلم بالممارسة والتجريب وتقلل من نسبة الوقوع في أخطاء قانونية قد تمس حقوق موكليه، ويعتبر الإثبات الإليكتروني أحد المحاور الهامة التي يركز عليها التدريب القانوني، لأن مستقبل العمل الإجرائي القانوني يقوم بصورة أساسية على إستخدام وسائل التقنية، واوضح سيل على ذلك إتجاه عدد من تشريعات المرافاعات بإجارزة تحرير محاضر الجلسات القضائية بالطرق الإليكترونية السمعية والكتابية، بالإضافة إلى إعتداد المحاكم برسائل التواصل الإجتماعي ضمن وسائل الإثبات الكتابية التي تحوز قوة المحرر العرفي.