مدد يا «أم العواجز».. المصريون يحجون للاحتفال بالليلة الكبيرة للسيدة زينب
الثلاثاء، 02 أبريل 2019 08:00 م
شهد مسجد السيدة زينب، (الثلاثاء)، الاحتفال بالليلة الختامية لمولد السيدة زينب، حيث يحتفل بذكرى مولدها، جميع محبيها من الطرق الصوفية والعامة، والذين يأتون من جميع محافظات مصر.
واستعدت أجهزة حي السيدة زينب، بشكل مكثف لاستقبال الاحتفال، حيث رفع الإشغالات من محيط المسجد، والشوارع المؤدية له، مع رفع إشغالات الباعة الجائلين لتسيير حركة المرور هناك.
واختتم المصريين احتفالاتهم (الثلاثاء) الأخير من شهر رجب، بمولد السيدة زينب رضى الله عنها، وأحيا الليلة الختامية عميد الإنشاد الدينى الشيخ ياسين التهامى، ونقيب المنشدين الشيخ محمود التهامى.
وقال الشيخ محمود التهامى، فى تصريحات صحفية، قبل الليلة الختامية، أنه سيحيى الليلة الختامية بميدان السيدة زينب، فى تمام العاشرة مساءً، موجها التهنئة لجميع المصريين باحتفالات مولد السيدة .
وتوافد مئات الآلاف على حى السيدة زينب بوسط القاهرة للاحتفال بالليلة الختامية لمولد السيدة زينب، حفيدة النبى وابنة الإمام على والسيدة فاطمة الزهراء، التى تحظى بمكانة خاصة لدى جموع المصريين من بين كبار «آل البيت» كافة. ويحيى الليلة الختامية المنشد الدينى الكبير ياسين التهامى، بجانب فرقتى «الإخوة أبوشعر» و«المرعشلى» السوريتين، وترصد «صوت الأمة»، فى السطور التالية أبرز استعدادات الطرق الصوفية لاستقبال زوار «أم هاشم» فى الليلة الكبيرة لمولدها، بعد أن نلقى الضوء على بعض من أفضالها ومشاهد سيرتها العطرة.
وكانت جهزت وزارة الأوقاف مسجد السيدة زينب من الداخل بمفروشات جديدة، فضلًا عن «تعطير» ضريحها بـ«المِسك»، وأقام أتباع الطرق الصوفية، منذ الثلاثاء الماضى، خدمات وساحات فى الشوارع الصغيرة المحيطة بميدان السيدة زينب، لاستقبال المريدين من كل محافظات الجمهورية. وتقدم تلك الساحات المأكولات والمشروبات للزوار، والتى تنوعت ما بين الفراخ والكفتة والفول النابت والطعمية، بجانب العصائر.
وإلى جانب الخدمات، حرص مريدو الطرق الصوفية على إقامة حلقات الإنشاد، ومن بين تلك الطرق: الرفاعية، والبرهامية، والقصبية، والعزمية، والشبراوية، والسعدية، والهاشمية، وذلك داخل الساحة الزينبية، مرددين فيها مدائح نبوية وقصائد فى حب «بنت الزهراء».
كما انتشر على مداخل المسجد العديد من بائعى الكتب الدينية التى تتحدث عن السيرة النبوية وحياة «أم هاشم»، بجانب بائعى الحلوى وحمص الشام، ونصبت «المراجيح»، وذلك استعدادًا لـ«الليلة الكبيرة».
وأعلنت مصادر صوفية مشاركة ٨٠ طريقة فى احتفالات مولد السيدة زينب هذا العام، ومنذ اليوم الأول للمولد توافد العديد من مشايخ تلك الطرق وأتباعهم، من جهته، قال الدكتور عبدالهادى القصبى، شيخ مشايخ الطرق الصوفية: إن مولد السيدة زينب تشارك فيه أطياف الشعب المصرى كافة، ولا يقتصر على أهل التصوف فقط، مشيرًا إلى أن الطرق الصوفية تستقبل الزوار لتأكيد روح المحبة والوسطية التى تنتهجها.
وأضاف «القصبى»: «الكل مرحب به داخل خيام وخدمات أهل التصوف، إلا كارهو مصر وبائعو الأوطان، الذين يحاولون إفساد كل شىء، ويحاولون هدم الدول»، مشددًا على أن موالد «آل البيت» وفعاليات الصوفية المختلفة تحمى الشباب من التطرف والإرهاب، وتعبر بوضوح عن الإسلام الوسطى الذى لا يكفر الآخر ولا يهاجمه.
ووعد بأن تخرج احتفالات الطرق الصوفية بمولد السيدة زينب، بشكل حضارى وجميل، دون أى سلبيات تؤثر على سيرها، وقال: إن «احتفالات آل البيت محروسة من الله عز وجل، ولا تحتاج إلى عمليات تأمين كبيرة، لأن المحتفلين والزائرين هم من يؤمنونها، ولا نتخيل أن يحاول أحد إفساد فرحتهم».
وأعلن العديد من المنشدين والمبتهلين، مشاركتهم فى الليلة الختامية لمولد السيدة زينب، وعلى رأسهم الشيخ ياسين التهامى، الذى سيشدو بقصائد فى حب آل البيت الكرام أمام مسجد السيدة زينب، بجانب نجله الشيخ محمود التهامى، فضلًا عن مشاركة الفرقتين السوريتين «الإخوة أبوشعر» و«المرعشلى».
وتحسبًا للدواعى الأمنية، وخوفًا من وقوع أعمال إرهابية، تكثف الأجهزة الأمنية من وجودها لتأمين المولد، فيما يشارك أبناء الطرق الصوفية فى تنظيم صفوف الزائرين وإدخالهم لضريح «صاحبة الشورى».
وقالت مصادر فى الطرق الصوفية: «جهزنا استعدادات تأمينية مكثفة لليلة الختامية لمولد السيدة زينب، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، خوفًا من حدوث أى عمليات تخريبية أو إرهابية، من شأنها إفساد فرحة المحتفلين بـ(أم العواجز)»، مضيفة أن عددًا كبيرًا من الطرق الصوفية دفع بشبابه للمشاركة فى تأمين الاحتفالات، ومساعدة الأجهزة الأمنية فى التنظيم، بجانب منع الاختلاط والإمساك بالمتحرشين من خلال لجان شعبية.
وشدد الدكتور أحمد لقمة، وكيل وكلاء الطرق الصوفية، على وجود «تأمينات كبيرة لمولد السيدة زينب، وهو أمر تعودت عليه الأجهزة الأمنية خلال الفترة الأخيرة، خاصة أن هناك جماعات وتنظيمات تحاول دائمًا النيل من أهل التصوف، لاتباعهم الفكر الوسطى، ورفضهم الفكر المتطرف الذى تتبعه هذه الجماعات».
وقال: «الطرق الصوفية تحتفل بالمولد هذا العام دون أى خوف أو رهبة من هذه الجماعات، فالحامى والمغيث هو الله»، متوقعًا أن يشارك أحباب السيدة زينب هذا العام بكثافة كبيرة، لتأكيد محبتهم لـ«حفيدة المصطفى» صلوات الله وسلامه عليه.
وأشار إلى وجود تنسيق قوى بين وزارة الأوقاف والطرق الصوفية، لإقامة ندوات ثقافية ودينية تحذر من خطر الفكر المتطرف طوال أيام المولد، وهو ما يعبر عن الالتقاء بين علماء التصوف وعلماء الأوقاف، خاصة فيما يتعلق بمواجهة التطرف.
وقالت مصادر بوزارة الأوقاف: «الوزارة تعاقدت مع شركات تأمين خاصة وأخرى للنظافة، طوال أيام مولد السيدة زينب، وذلك لتأمين المشاركين والزائرين، والحفاظ على نظافة المكان».
السيدة زينب، رضوان الله عليها، هى البنت الكبرى للسيدة فاطمة الزهراء والإمام على بن أبى طالب، ولدت فى شهر شعبان بعد مولد شقيقها «الحسين» بسنتين، وعاصرت إشراق النبوة عِدَّةَ سنوات، وسَمَّاهَا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «زينب» على اسم ابنته.
وعاشت السيدة زينب حياة مليئة بالأهوال، بداية من فقد جدها رسول الإنسانية وهى بنت ٥ سنوات، مرورًا بفقد أمها «الزهراء» بعدها بأشهر، لُيلقى على عاتقها وهى صبية صغيرة عبء إدارة بيت والدها ورعاية شئون شقيقيها، لتصدم بعدها باستشهاد أبيها الإمام على، ثم ترى شقيقها الإمام الحسين شهيدًا فى «كربلاء»، لكنها صبرت صبر أولياء العزم من الأنبياء.
وتحلت السيدة زينب بالعلم والتقوى، والشجاعة والإقدام، والبلاغة وقوة البرهان، وتكنى بـ«أم هاشم»، لأنها حملت لواء «الهاشميين» بعد شقيقها الإمام الحسين، و«صاحبة الشورى»، لأن كثيرًا ما كان يرجع إليها أبوها وإخوتها فى الرأى، و«عقيلة بنى هاشم»، وهى الوحيدة التى أطلق عليها ذلك من بين «آل البيت».
وسماها شقيقها الإمام الحسن «الطاهرة»، عندما قال لها: «أنعم بك يا طاهرة حقًا إنك من شجرة النبوة المباركة ومن معدن الرسالة الكريمة»، وذلك عندما شرحت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «الحلال بيّن والحرام بيّن».
وتزوجت السيدة زينب بابن عمها عبدالله بن جعفر الطيار بن أبى طالب، وأنجبت منه «جعفر» و«على»» و«عون» و«أم كلثوم» و«أم عبدالله»، وعندما انشغلت بأمر الدعوة مع شقيقيها «الحسن» و«الحسين» أذنت لزوجها بالزواج، فتزوج مرتين.
وبعدما قدمت إلى مصر، وشاهد أبناء النيل مساعدتها العجزة والمساكين، أطلقوا عليها الكثير من الألقاب، مثل «أم العزائم» و«أم العواجز»، بجانب «رئيسة الديوان»، لأن الوالى وحاشيته كانوا يأتون إليها وتعقد لهم بدارها جلسات للعلم، يتعلمون فيها الأمور الدينية، وفق الدكتور طلعت مسلم، القيادى الصوفى.
وقال «مسلم»: إن السيدة زينب من أوائل سيدات «أهل البيت» اللاتى شرفن أرض مصر بالمجىء إليها، موضحًا أنها وصلت مع بزوغ هلال شهر شعبان بعد ٦ أشهر على استشهاد «الحسين»، ومعها أبناؤها «فاطمة» و«سكينة» و«على»، واستقبلها أهل مصر وواليها فى داره بـ«الحمراء القصوى» التى عرفت بعد ذلك بـ«حى السيدة زينب».