هذا ما قدمت أيديهم.. كيف حاول الإخوان تدمير التراث القبطي؟
الخميس، 04 أبريل 2019 03:00 م
فى دراسة جديدة قدمها الباحث ماركو الأمين لمؤتمر مركز الدراسات القبطية الذى استضافته الكاتدرائية منذ أيام، كشف عن جريمة ارتكبها الإخوان بحق التراث القبطى حين تم إحراق وتدمير كنيسة الأمير تادرس بالمنيا ضمن الأحداث التى تلت فض اعتصام رابعة العدوية وتم على أثرها إحراق ما يقرب من 65 كنيسة ومبنى خدمات تابع لها.
والدراسة التى أنجزها الأمين كشفت عن القيمة الفنية للكنيسة التى أعادت القوات المسلحة بناءها مرة أخرى وتم افتتاحها منذ عامين، مؤكدًا على أن الخسائر التى وقعت فى الأيقونات القبطية لا يمكن تعويضها ولن ينساها التاريخ.
حكاية الكنيسة التى شهدت تطور فن الأيقونة القبطية
وتقع كنيسة الشهيد العظيم الأمير تادرس الشطبى بوسط مدينة المنيا أمام مجمع مدارس الأقباط وتتبع إداريًا ايبارشية المنيا وأبو قرقاص وهى تعتبر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الثانية فى مدينة المنيا من حيث القدم.
يروى الأمين تاريخ الكنيسة فيقول: "تم شراء الأرض من قبل سعيد باشا عبد المسيح أحد أشهر اراخنه قبط المنيا منذ عام 1914 وصدر لها الأمر الملكى بالبناء من الملك أحمد فؤاد الأول فى نفس العام ثم بدء البناء فى عصر الأنبا توماس مطران كرسى المنيا عام 1917 وانتهى العمل وأقيم أول قداس فيها عام 1919.
بينما شهدت الكنيسة عمليات تجديد وتوسعة فى الخمسينات من القرن الماضى وتم إزالة حامل الأيقونات الخشبى واستبداله بأخر حجرى أكبر حجما وفقا لما يرويه الأمين، حتى أن الكنيسة ذائعة الصيت قد عاصرت سبعة بطاركة وزارها ثلاثة منهم هم البابا كيرلس السادس والبابا شنودة الثالث والبابا تواضروس الثانى.
إرهاب الإخوان آتى على أيقونات أثرية تجسد مراحل متعددة فى الفن القبطى
يشير الأمين إلى عام 2013، وتحديدا فى الأربعاء الـ14 من أغسطس الذى شهد أحداث فض اعتصام رابعة العدوية العدوية ثم هاج أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى وهجموا على الكنيسة ونهبوها وأحرقوها إلى أن تم هدمها عام 2014 ليعاد بنائها وافتتاحها فى العام التالى بعدما جددتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
أيقونات كنيسة الأمير تادرس التى دمرها حريق الإخوان
أما عن أيقونات الكنيسة، قال الأمين، إن أقدم أيقونات الكنيسة رسمت وقت إنشائها وهى أيقونات ترجع للمدرسة الرومية المقدسية وهناك تقليد متواتر يشير إلى أن رسامى تلك الأيقونات هم أنفسهم رسامى أيقونات كنيسة مارجرجس بالدير المحرق وهناك تقليد أخر ينسب هؤلاء الرسامين إلى عائلة البرمكى وهى عائلة مقدسية رومية مشهورة بتجارة الخشب والأيقونات.
وعن سمات تلك الأيقونات أوضح الباحث فى التراث القبطى، أنها أيقونات المدرسة المقدسية بالخلفية مذهبة والملامح اليونانية النسكية الصارمة ذات البهاء والعظمة فى التصوير، مضيفًا: :تزين الكنيسة أيقونات المدرسة المقدسية وأبواب الأيقونستاس(حامل الأيقونات) وشرقيات الهيكل الثلاث والقبة الوسطى الكبرى المستطيلة وثلاث أيقونات محمولة عن الصلبوت (حادث صلب المسيح) والدفن والقيامة وأيقونة العماد المقدس أعلى المعمودية القديمة".
وعن ملامح تلك المدرسة الفنية قال الأمين، إن أيقونات الفن الشعبى تتميز بالحرية والاختلاف والرمزية فى الملامح والأبعاد الجسمانية مضيفا: "مصطلح الفن الشعبى القبطى مصطلح كبير يضم تحته عشرات الفنانين والمدارس القبطية الفنية التى لم تلق رواجا على مستوى واسع وهى التى بدأت على أثر النهضة الفنية والتشكيلية المصرية فى ثلاثينيات القرن الماضى".
وترك بانوراما شبه كاملة لحياة السيد المسيح وأهم أحداثها مع خمس أيقونات للقديسين مارمينا والأنبا ابرام أسقف الفيوم والأنبا شنودة رئيس المتوحدين والملاك ميخائيل ومار بولس.
الملامح الفنية للأيقونات القبطية التى احترقت بفعل الإخوان
وتابع الأمين: "آخر مجموعة أيقونات فنية أضيفت للكنيسة كانت فى عام 2013 قبل الحريق وهى من رسم بيشوى موريس وكانت عبارة عن خمسة أيقونات للأمير تادرس ومارجرجس وأبو سيفين ومارمرقس والأنبا كاراس".
وعن ما جرى فى الكنيسة بعد الحريق، استطرد الأمين: "عند إعادة بناء الكنيسة أهدى لها أيقونتين هما مار مرقس والأمير تادرس وأيقونتا الصلبوت والقيامة فى محاولة تقليد للأيقونات الأورشليمية التى كانت موجوده قبل الحريق
وتابع حديثه: "بعد الإعمار لم يتم استدعاء فنان لرسم الكنيسة بل تم الاستعانة بالصور شبه الجاهزةالحديثة ذات النظام والشكل الموحد كباقى الكنائس التى تم انشاءها حديثًا، أما رسومات الكنيسة العليا تنتمى لما يعرف بمدرسة الفن القبطى الحديث المنبثقة عن مدرسة الراحل ايزاك فانوس وأما الكنيسة السفلى فبها فسيفساء السيد المسيح فى الشرقية وأيقونات بلا إمضاء قديمة من الفن الشعبى مهداة من إحدى الكنائس".
وعبر الأمين عن آسفه على خسارة تلك الكنيسة قائلا: "عبر 100 عام كانت الكنيسة شاهدة على تطور فن الأيقونوجرافى القبطى بداية من أيقونات المدرسة الأورشليمية مرورًا بالفن الشعبى القبطى المحلى بكل تطوراته منذ ثلاثينات القرن العشرين حتى الآن وقد كانت كنيسة الأمير تادرس دائما شاهدة على تاريخ الأيقونة والفن القبطى فى مرحلة تاريخية للكنيسة القبطية.