في ذكرى ميلاده.. مراحل ترقي «عرابي» في الصفوف العسكرية
الأحد، 31 مارس 2019 10:00 مولاء عكاشة
الثائر المهزوم....زعيم وطني مناضل، عرف بمواقفه المناهضة للتميز بين المصريين وللتدخل الأنجليزي في مصر، عاش حياة زاخرة بالكثير من المواقف البطولية التي بصمت أسمه في التاريخ بحروف من نور، فكانت حياة شاقة وحافلة بالعديد من المحطات، تقلب فيها البطل المصري بين الزعامة والنفي، فتارة نصر وفرحة وتارة هزيمة وإنكسار .
الزعيم المصري أحمد عرابي، والذي يحل اليوم ذكرى ميلادة، كان والده شيخ البلد التي ولد فيها وهي قرية "هرية رزنة" الواقعة في مدينة الشرقية، ودأب والده، على تعليمة القرأة والكتابة، منذ أن كبر وشب عودة، إضافة إلى دور صراف البلد "ميخائيل غطاس" في تعليمة الأمور الحسابية، حيث أستمر ينهل من علمه خمس سنوات، حتى بعثه والده لطلب العلم من الأزهر الشريف.
ومكث "عرابي" هناك أربع سنوات ظل يتلقى فيهم علوم القران الكريم، ولكن يبدو أن الصبي وقتها لم يقدر على اتمام دراسته في الأزهر، فعاد إلى بلده للالتحاق في الصفوف العسكرية عام 1854 ميلادي، بعد أن أمر المرحوم سعيد باشا بدخول أولاد مشايخ البلاد وأقاربهم في العسكرية، وذلك عقب توليه الحكومة الخديوية وقتها، وانتظم وقتها "عرابي" في سلك الأروطة السعيدية المصرية، بقناطر فم البحر، حيث جعل فيها وكيل بلوك أمين، وبعدما أثبت انتظامه في العمل العسكري المكلف به وقتها تم ترقيته إلى رتبة بلوك أمين، دون أي وساطة.
وبعد عام علم أن بعض الباشجاويشية المصريين ترقوا إلى رتبه الملاذم الثاني، لاسيما وأن البلوك أمين لا يترقى إلا إلى رتبة الصول، فجال في خاطرة وقتها أن يطلب من الأمير الآلاي، ترتيبه في رتبه جاوييش، الأمر الذي أثار تعجب الميرالاي المذكور، خاصة وانه من المعروف أن راتب الجاويش أقل 10 قروش من راتب البلوك أمين، فرد عليه وقتها معللا سبب طلبه كما جاء في مذكراته قائلا " إذا صرت جاويشا سهل على الحصول على رتبة الباشجاويش ثم الأنتقال إلى رتبة ظابط".
وأمر بعدها الأميرلآلاي بجعله جاويشا، حيث مكث في هذه الرتبة سنتين، ويسرد عرابي عن هذه الفترة في مذكراته قائلا " في هذه المدة حبب إلى الأعتزال عن الناس والأشتغال بدراسة القوانين العسكرية مع التدبر في معانيها حتى أتقنت قانون الدخلية وقوانين تعليم النفر والبلوك والأورطة، وبعض من فصول تعليم الألاي" .
وفي أحدى المرات أجتمع بهم سعيد باشا في قصر النيل ليخبرهم بالأتي " أن افندينا بلغه أنكم تقولون فيما بينكم كيف يصير ترقى الصف ضباط الجدد وتأخير من هو أقدم منهم في الرتب، وأنه أمر أن لا يترقى أحد بعد الأن إلا بعد الأمتحان علما وعملا، فمن فاق اقرانه في الأمتحان ترقى إلى الرتبة التي يستحقها ولو لم يلبث في رتبة الأولى غير شهر واحد، فمن اراد منكم الأمتحان فليتقدم إلى الأمام" .
وبلغ عدد االراغبين في طلب الاختبار نحو 30 شخصا، وصار الأمتحان وأجتازه "عرابي" تحت رئاسة إسماعيل باشا الفريق، فكان أول الفائزين فيه، فوضع راتب باشا والذي كان وقتها أميرلاي، نيشان الباشوجاويش في صدره، واعلن ترقيته إلى هذه الرتبة .
وبعد مرور سبعة أشهر جاء أمتحان الضباط في القصر العالي وكان هو ايضا _عرابي- أول فائز فيه، ولما عرض الجدول على سعيد باشا، أمر بإعادة امتحانه مرة اخرى، حيث انتدب سعيد باشا لذلك سليمان باشا الفرنساوي رئيس رجال العسكر .
وطلب عرابي للامتحان مره ثانية حيث وصف هذه اليوم في مذكراته بـ"اليوم المشهود"، وبعد الأمتحان التمس سليمان باشا المشار اليه، خروج الخديوي الي ميدان الأمام الشافعي رضي الله عنه، ويحكي لنا في مذكراته قائلا "وهناك حيث يصير أمتحاني في الميدان بأورطة من العساكر بحضرة الخديوية" .
وعندما سئل الخديوي سلمان باشا عما يقصد بذلك، قال إن عرابي مستحق لرتبة الميرالاي، ذلك ولان الذين ترقوا إلى هذه الرتبة من المدارس الحربية لم يقرروا في أجوبتهم مثله .
ورد الخديوي على هذا الكلام وقتها قائلا "لايمكن ذلك"، فقال له يحسن إليه عرابي على الأقل برتبة بكباشي، فمن الضروري أن يتدرج في كل رتبة ليعرف واجباتها، حيث أمر بعدها باعتبار جدول هذا الأمتحان وأن يكون الترقي على مقتضاه بدون تجديد أمتحان لمدة مجهولة، وقبل مضى شهرين على هذا الموقف أحسن على عرابي برتبة يوزباشي .