خوفا من هزيمة منكرة.. الإقالة مصير مرشحي الأحزاب المعارضة في تركيا
الأحد، 31 مارس 2019 07:00 م
يبدو أن معركة البلديات التي ستجري غدا في المدن التركية قد تحولت إلي معركة شخصية بفعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يخشي تلقي أولي الهزائم السياسية في ظل النظام الرئاسي الجديد، وهو ما دفعه إلي التهديد بإقالة مرشحي الأحزاب المعارضة، إذا تم انتخابهم لعضوية أو رئاسة مجالس البلديات، في الوقت الذي تري فيه الأحزاب السياسية فرصة ذهبية لاحراج ديكتاتور تركيا وسط استقطاب حاد يشهده المجتمع بين العثمانيين الجدد وأنصار التيار العلماني المتمسكين بميراث أتاتورك.
السباق الانتخابي رقم 19 في تاريخ تركيا سيشارك فيه غدا 56 مليون ناخب تركي لاختيار ممثلي 81 بلدية كبرى (محافظة)، و519 حيا، و403 أقضية، و386 ناحية، حيث يخوض غمار السباق 1389 مرشحًا عن 12 حزبا سياسيا بما فيهم مستقلون، فضلا عن انتخاب أمناء أحياء (مخاتير) لــ 32 ألفا و46 حيا، و18 ألفا و190 قرية، إلى جانب 227 ألفا و624 عضوا للمجالس المحلية وهيئات المخاتير، .
ولعل الأهمية التي اكتسبتها الأنتخابات هذه المرة رغم عدم تاثيرها على تركيبة الحكم في أنقرة، التي يهيمن عليها حزب العدالة والتنمية منذ عام 2002، أنها أول استحقاق انتخابي بعد تغيير نظام الحكم من البرلماني إلى الرئاسي والذي منح إردوغان بصفته رئيسا للجمهورية صلاحيات شبه مطلقة.
كما ستجري هذه الانتخابات مصاحبة لحملة غير مسبوقة من الاعتقالات التي طالت كل أطياف المجتمع، منذ تمثيلية انقلاب يوليو 2016، التي اتهمت أنقرة حركة الخدمة وزعيمها الدعاية المعارضة فتح الله جولن بالوقوف خلفها، إذ اعترف وزير الداخلية سليمان صويلو ، في 11 مارس الجاري، باحتجاز 511 ألفا من أعضاء الحركة اضافة إلي عمليات ما يسمها بـ"التطهير" عناصر كردية.
كما سيصاحب هذه الانتخابات حالة من التردي في الاوضاع الأقتصادية حيث تعاني أنقرة من ارتفاع قياسي في الديون الخارجية تقترب من 500 مليون دولار أمريكي، وخدمات الدين 125 مليارا، فضلا عن ارتفاع التضخم إلى نحو 20%، بالتوازي مع تراجع حاد في قيمة الليرة التي فقدت نحو 40% من قيمتها أمام العملة الأمريكية خلال عام 2018.
المثير في الأمر أن نظام إردوغان يخشي من تراجع نسبة تأييده في الشارع عن ما حققه في آخر انتخابات بلدية، إذ حصد فيها حزب العدالة والتنمية 43% من إجمالي الأصوات في عام 2014، وحقق فوزا مريحا عن أقرب منافسيه "الشعب الجمهوري" الذي نال نحو 24%.
الغريب أن إردوغان أدرك صعوبة المنافسة مبكرا، لذلك فقد استعد لها بخطة بديلة بدأ في تطبيقها منذ العام الماضي،عندما أصدر تشريعا جديدا في 2018، نقل صلاحية التحقيق مع رؤساء البلديات من وزارة الداخلية إلى رئاسة الجمهورية، وبموجبه ستنقل الصلاحيات إليه، ما يتيح له فصل من يشاء بقرار مباشر منه، كما أنه يستخدم قانون الوصاية الذي يمكنه من عزل رؤساء البلديات الأكراد وتعيين آخرين من "العدالة والتنمية"، بحجة التورط في مد يد العون لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تركيا كمنظمة إرهابية، ما يرفضه الأكراد جملة وتفصيلة، وتعد بلدية "سور" الكردية أول من عين لها إردوغان وصيا عام 2007، ليتوسع بعدها ويعصف بـ 250 بلدية وقرية خلال العام 2018.
الجدير بالذكر أن العدالة والتنمية" يدخل الانتخابات هذه المرة متحالفا مع حزب الحركة القومية اليميني المتشدد، ضمن ما يعرف بتحالف الشعب، ويواجه منافسة شرسة من تحالف الأمة" الذي يضم: "الشعب الجمهوري" و"السعادة" و"الخير" و"الشعوب الديمقراطي"، فيما يتوقع أن تشهد البلديات ذات الأغلبية الكردية في جنوب وجنوبي شرق البلاد تصويتا عقابيا ضد الحزب الحاكم.
تحالف إردوغان الانتخابي يواجه منافسة شرسة في المدن الكبرى خاصة إسطنبول وأنقرة وإزمير، فيما يبدو أن التيار العلماني حسم المنافسة في الأخيرة المطلة على البحر المتوسط، وتتأرجح إسطنبول كبرى المدن التركية، بين مرشح "العدالة والتنمية" رئيس البرلمان السابق بن علي يلدريم، وممثل المعارضة أكرم إمام أوغلو، أما في العاصمة أنقرة فيتنافس محمد أوزهاساكي مرشح الحزب الحاكم، والمعارض البارز منصور يافاش.
وزير داخلية إردوغان سليمان صويلو قال صراحة الاثنين الماضي، إن الإقالة مصير مرشحي الأحزاب المعارضة، إذا تم انتخابهم لعضوية أو رئاسة مجالس البلديات، خاصة في مناطق جنوب البلاد، ذات الأغلبية الكردية.
أضاف صويلو في تصريحات نقلتها صحيفة بيرجون، أن العديد من أعضاء الأحزاب المعارضة مدرجون في منظمات إرهابية، لافتًا إلى أن حوالي 378 معارضًا ينتمون لـ"جماعات متطرفة"، مؤكدا اتخاذ إجراءات قانونية وقضائية بحق 178 مرشحا معارضا بحجة انتمائهم لحزب العمال الكردستاني، و45 آخرين لحركة الخدمة، و4 للتنظيمات اليسارية المتطرفة، و4 لتنظيم داعش الإرهابي.