الفريق مهاب مميش: قناة السويس قلب التجارة العالمية وإيراداتنا 8 مليارات دولار فى 2023 (حوار)

الخميس، 28 مارس 2019 06:00 م
الفريق مهاب مميش: قناة السويس قلب التجارة العالمية وإيراداتنا 8 مليارات دولار فى 2023 (حوار)
الفريق مهاب مميش

- إيرادات قياسية فى 2017/ 2018 ووعد قاطع بالوصول إلى 8 مليارات دولار خلال 4 سنوات.. ومئات المشروعات فى المنطقة الاقتصادية بإجمالى 100 مليار دولار

- الفريق مهاب مميش لـ«اليوم السابع»: سنظل قلب التجارة العالمية وإيراداتنا 8 مليارات دولار فى 2023

- الرئيس السيسى كان يتابع مشروع قناة السويس الجديدة من خلال الاتصالات اللحظية والتصوير الجوى يوميا.. وأتوقع افتتاحه للأنفاق فى 30 يونيو

- سيادة الرئيس حل مشكلات مرسيدس مع الجمارك لتعود بقوة إلى السوق المصرية وقراره بسحب الأراضى غير المستغلة بعد 3 سنوات أجبر المستثمرين على الجدية

- نستحوذ على 12% من تجارة العالم ونستهدف زيادتها لمضاعفة الإيرادات خلال 4 سنوات.. واستقبلنا أكثر من مليار طن بضائع فى 2017/ 2018 للمرة الأولى طوال 150 سنة من عمل قناة السويس

- المنطقة الاقتصادية للقناة ستكون الأعظم فى العالم والطرق الملاحية الجديدة «على راسى بس مفيش حاجة تعادلنا»

- اقتراح القناة الإسرائيلية يحتاج 20 ألف عربة قطار لكل ناقلة ونستقبل 60 سفينة يوميا إحداها كافية لإغلاق ميناء إيلات

- الصين أدرجت قناة السويس ضمن مبادرة الحزام والطريق لأننا الممر الأسرع فى العالم.. واليوان دخل ضمن سلة عملات القناة ولا يمكن تحصيل رسوم العبور بالجنيه لعدم التأثير على مواردنا الدولارية

- جمعنا تكاليف تمويل القناة الجديدة بعد 8 شهور فقط من بدء التشغيل.. و6 مليارات دولار إيرادات متوقعة من رسوم العبور نهاية العام المالى الجارى رغم تراجع التجارة العالمية

- موانئ دبى تدير مرافق فى 78 دولة حول العالم ونحتاج خبراتها الواسعة لتطوير موانئنا وزيادة تنافسيتها ونعمل على تنويع مواردنا من خلال صناعة السفن وإنشاء شركة تكريك وتأجير الوحدات البحرية لحقل «ظهر»
 
 
«لا صوت يعلو فوق صوت الانضباط».. ربما تُمثل تلك الجملة الاختصار الأعمق والأكثر بلاغة للملحمة التى لا تتوقف فى هيئة قناة السويس والهيئة العامة لتنمية المنطقة الاقتصادية للقناة.
 
كل التفاصيل تبدو محسوبة بدقة، فى حركة العاملين ومواعيدهم، بدءا من القيادات والكوادر الإدارية حتى العمالة العادية والمعاونة من غير الفنيين، النظام والنظافة وإجراءات التأمين، أدبيات التعامل ومُدوّنة العلاقات العامة فى التواصل مع المتعاملين من الإعلام والشركات والمواطنين العاديين، وحتى مواعيد قائد تلك الكتائب من خلايا النحل، الفريق مهاب مميش، الذى يمكنك أن تضبط ساعتك على تحركاته وأنت مطمئن تماما إلى قدسية كل ثانية فى وقتك، لأنها تمثل له 100 مليون ثانية فى عُمر مصر، بتعداد أبنائها الذين يُعلقون آمالا عريضة عليه هو ورجاله، وتُمثل له أيضا موردا مهما من موارد هذا البلد، وسلاحا ناجعا وأساسيا من أسلحته فى معركة البناء والتنمية.
 
 
قبل 160 سنة تتابعت أقدام العابرين على الرمل، وعبر 10 سنوات أنفق 120 ألف فلاح وعامل مصرى أرواحهم من بين مليون مواطن شاركوا فى حفر قناة السويس، بينما لم يتجاوز تعداد مصر وقتها 4 ملايين نسمة، والآن يُمكنك أن تقطع الرحلة نفسها، لكنك لن تسير على الرمل، ولن تنفق روحك أو طاقتك لعشر سنوات كاملة، وإنما ستعبر فى مساحة من الخير والنماء، تفرشها مياه البحرين الأحمر والمتوسط، وتُظلّها سماء باتت أكثر صفاء وزُرقة، وأكثر تفاؤلا بالخير.
 
افتُتحت القناة فى 15 نوفمبر 1869، فى حفل مهيب نظمه الخديو إسماعيل على شرف عشرات من الملوك والملكات والأباطرة وقادة العالم وحكامه، وبفضل القناة والافتتاح امتلكت مصر أول دار أوبرا فى وسط القاهرة، وأول أوبرا مصرية خالصة كتب قصتها عالم المصريات الفرنسى الشهير ميريت باشا، وكتب نصوصها الغنائية الشاعر الإيطالى جيسلا نزونى، ووضع ألحانها الموسيقار الإيطالى البارز جوزيبى فيردى، وحملت اسم الأسيرة الحبشية «عايدة” التى وقعت فى غرام قائد عسكرى مصرى اسمه «راداميس»، واليوم وبعد 150 سنة من الافتتاح المهيب، تتكرر المهابة بشكل يومى، على إيقاع مصرى خالص، يكتب كلماته ويضع موسيقاه فريق من المقاتلين الحقيقيين فى هيئة قناة السويس، والهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية للقناة.
 
منذ افتتاحها فى 1869 حتى الآن تولى إدارة قناة السويس 12 رئيسا، منهم 6 أجانب أداروها تحت اسم «شركة قناة السويس»، أولهم فرديناند ديليسبس، صديق الخديو سعيد، وصاحب فكرة حفر القناة الذى استمر فى منصبه 39 سنة، وجول ريشار الذى أدارها سنتين، وأوجست لويس 17 سنة، وتشارلز جونار 14 سنة، ولويس دى رواج 21 سنة، وفرانسوا شارل رو 8 سنوات، و6 مصريين منذ تأميمها وتحويلها إلى هيئة عامة: محمد حلمى بهجت لمدة سنة، ومحمود يونس 8 سنوات، ومشهور أحمد مشهور 18 سنة، ومحمد عزت عادل 11 سنة، وأحمد على فاضل 16 سنة، والفريق مهاب مميش منذ 12 أغسطس 2012 حتى الآن، ورغم أن الأخير الثالث ضمن قائمة أصحاب الفترات الأقصر فى إدارة المرفق الحيوى، إلا أن ما حققه بين 2012 و2019 يتجاوز وفق حسابات الأرقام والمؤشرات والإنجاز على أرض الواقع، ما فعله 11 رئيسا سابقا عليه طوال 143 سنة.
 
شهدت القناة فى رحلتها الطويلة من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط والعكس، عشرات من المحطات والتحولات والقفزات، إلا أن أوسعها وأبعدها أثرا وإضافة تحقق مع وقوف الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 6 أغسطس 2014، وبعد أقل من شهرين على توليه أمانة إدارة البلاد، معطيا إشارة البدء فى تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة الذى وجه باختصار فترة تنفيذه من ثلاث سنوات وفق الدراسات الفنية والتنفيذية، إلى سنة واحدة فقط، لتبدأ رحلة عمل شاقة فى معركة إرادة حقيقية صنعتها سواعد 50 ألف مهندس وفنى وعامل، ومئات من معدات الحفر والأوناش وسيارات النقل، و75% من طاقة التكريك البحرى فى العالم، بإشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ورجالها، حتى اكتملت المهمة خلال 354 يوما وقبل 11 يوما من الموعد الذى حدده الرئيس.
 
كانت تلك الخطوة قفزة النجاح الأوسع للفريق مهاب مميش ورجاله، ورجال القوات المسلحة والهيئة الهندسية، لكنها لم تكن الأولى أو الوحيدة، بدأ «مميش» رحلته منذ اليوم الأول فى منصبه، بينما كانت قناة السويس تشهد تراجعا فى مؤشرات الأداء على خلفية التوترات السياسية والأمنية التى رافقت ثورة 25 يناير 2011 والسنة التى حاولت فيها جماعة الإخوان اختطاف الدولة ومؤسساتها، وما صاحب ذلك من تراجع التجارة العالمية وتدفقاتها المنقولة بحريا، ليضع الرجل وفريقه خطة لتعزيز تنافسية القناة كممر ملاحى حيوى، واستعادة شركات النقل والتجارة الكبرى، وتقديم حوافز ومزايا لاستقطاب كبار العملاء، وتخفيض رسوم الخدمات البحرية بغرض التحول إلى وجهة جاذبة قياسا على تكلفة العبور وأزمان الرحلات واقتصادياتها حال اللجوء إلى الطرق البديلة، وإلى جانب ذلك كانت تختمر فى غُرف التخطيط ولدى القيادة السياسية القفزة الأكثر أهمية فى تاريخ القناة، لتبدأ الانطلاقة الحقيقية مع الرئيس عبدالفتاح السيسى فى العام 2014، وتشهد السنوات الخمس الأخيرة قفزات واسعة ربما لم تحققها المنطقة فى 145 سنة سابقة عليها.
 
خلال العام 2015 خرجت الفكرة للنور، بإعلان تأسيس الهيئة العامة لتنمية المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وفق قانون المناطق الاقتصادية الخاصة رقم 82 لسنة 2003، وعُين أول مجلس إدارة لها فى نوفمبر من العام نفسه برئاسة الدكتور أحمد درويش الذى ظل فى منصبه قرابة 18 شهرا حتى صدر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى بتعيين الفريق مهاب مميش، رئيسا للهيئة الجديدة، إلى جانب رئاسته لهيئة قناة السويس، لتبدأ مرحلة مختلفة فى التعامل مع المشروع الحلم، عبر توسيع المدى الجغرافى للمنطقة ليتجاوز 400 كيلو متر مربع، تشمل 4 مناطق صناعية نوعية، و6 موانئ متفاوتة القدرات، و8 محاور نوعية للتنمية تشمل عشرات الأنشطة الصناعية والتحويلية، وتستهدف جذب آلاف الشركات فى ظل ما يتوفر من مزايا تنافسية تتعلق بالحوافز الضريبية والأيدى العاملة والتسهيلات المالية واللوجستية.
 
 
الآن تواصل المنطقة الاقتصادية توسعها، بينما تحتضن 192 مشروعا قائما، و100 شركة خدمية ولوجستية، باستثمارات حالية تتجاوز الـ25 مليار دولار، إضافة إلى 20 مليار دولار جرى التعاقد عليها بالفعل، و55 مليارا مستهدفة على المدى المتوسط حتى 2034، بإجمالى 100 مليار دولار تتجاوز 42% من الناتج المحلى الإجمالى فى الوقت الحالى، بحسب مؤشرات البنك الدولى، توفر آلافا من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، بما يسهم فى تعزيز موقع قناة السويس كممر ملاحى، والاستفادة من دورها المحورى ضمن منظومة التجارة العالمية فى توسيع القاعدة الصناعية المصرية وتنمية القيمة المضافة لأراضى وموارد وإمكانات محور القناة ومحافظات البحر الأحمر وشمال وجنوب سيناء، وخلق مجتمعات عمرانية وصناعية ومناطق خدمية ولوجستية ومشروعات صغيرة.
 
تحتضن المنطقة فى الوقت الحالى شركات متخصصة فى عشرات المجالات، بدءا من البتروكيماويات وتكرير البترول، مرورا بصناعة السيارات والصناعات المغذية لها، والأجهزة المنزلية والإلكترونية، وصناعة السفن بشراكة مع 3 ترسانات قائمة حاليا، وصناعة الحاويات، والأثاث والمنسوجات والصناعات الغذائية والدوائية والحديد والجلود و54 مصنعا متوسطا وصغيرا، والمشروعات السياحية والترفيهية ومناطق الخدمات، وتُكمل تلك الصورة قائمة الآثار الإيجابية التى خلقتها قناة السويس الجديدة بتعميق غاطس القناة إلى 24 مترا «66 قدما»، لاستيعاب كل أنواع السفن وناقلات البترول والحاويات، والسماح بالعبور المزدوج لقافلتى الجنوب والشمال بين خليج السويس وبورسعيد، مع تقليص زمن الرحلة من 22 ساعة إلى 11 ساعة فقط، وتطوير وتنشيط ترسانات الهيئة وشركاتها المتخصصة فى الصيانة وتصنيع السفن وتوفير الخدمات البحرية وخدمات تموين القطع البحرية، وإطلاق إنتاج مشروع الاستزراع السمكى الضخم الذى دشنته الهيئة عبر 4441 حوضا على مساحة 7500 فدان تُنتج آلاف الأطنان من الأسماك سنويا، بما يُسهم فى توفير البروتين الحيوانى وتعزيز الأمن الغذائى للمواطنين فى إقليم القناة وأنحاء مصر، وهو ما يُمثل فى أحد جوانبه دعما كبيرا للجهود الممتدة فى تطوير المنطقة وإعادة صياغتها على الأصعدة الاقتصادية والتنموية والمعيشية.
 
إلى جانب مسارات العمل النوعية التى يركز الفريق مهاب مميش ورجاله جهودهم على تحقيقها، لم تُغفل هيئة قناة السويس دورها الأساسى وخططها المحورية لاستقطاب مزيد من العملاء، فاستقبلت القناة 17 ألفا و845 سفينة متفاوتة الأحجام والحمولات خلال العام المالى 2017/ 2018 مسجلة إيرادات قياسية لم تحققها القناة من قبل، بما يتجاوز 5 مليارات و600 مليون دولار «100 مليار جنيه مصرى تقريبا»، بزيادة تتجاوز 600 مليون دولار «11 مليار جنيه تقريبا»، عن إيرادات العام المالى السابق 2016/ 2017، من المستهدف الوصول بها إلى 8 مليارات دولار فى 2025، حسبما وعد الفريق مميش، بزيادة 2.4 مليار دولار عن المستويات القياسية الحالية، لنظل الشريان الملاحى الأهم وقلب التجارة العالمية والممر الذى لا يمكن تجاوزه أو حتى معادلته من المنافسين بفضل الموقع الاستراتيجى والرؤية التنموية الشاملة والمحاور الاقتصادية والصناعية الناشئة على جانبى القناة والداعمة لها، وأمام تلك الخريطة الواسعة من الأرقام والمؤشرات ومعدلات الإنجاز والقفزات المتوالية، تطلب الأمر أن نقترب من «خلية النحل» التى لا تهدأ على طول خط القناة وتتفرع إلى سيناء وتمتد جنوبا إلى البحر الأحمر والعين السخنة، اقتراب المعايشة وتلمس وصفة النجاح ومفاتيحها، وليس اقتراب الاطمئنان والتثبت، إذ لا تترك الأرقام والمنحنى البيانى أى مساحة للشك، ولا تسمح للمراقب والناظر من خارج المشهد إلا بالإعجاب الذى يلمس حدود الانبهار.
 
حملنا شغفنا بالمعرفة، وحماستنا لمعايشة التجربة على أرض الواقع، وقدرا كبيرا من الآمال التى يعقدها ملايين المصريين على المشروعات القومية والنظرة غير التقليدية للاستثمار والتنمية، وذهبنا إلى محور قناة السويس، إلى المقاتل فى عرينه وغرفة عملياته ووسط جنوده، وبينما كنا نتوقع أن ينطفئ وهج الانبهار حينما نقترب ونرى ونلمس ماكينة العمل بأيادينا، فإننا عدنا فى الحقيقة بقدر أكبر من الدهشة والإعجاب بتلك المنظومة وأسس تخطيطها وإدارتها، دهشة لا تجعل قناة السويس هدية مصر للعالم فقط كما كانت طوال تاريخها، وإنما هدية مصر لأبنائها قبل أصدقائها، والشريان الأمين على دماء الأرض وتجارتها وأقوات مليارات البشر فى أنحاء الكوكب.. وهكذا كانت «أم الدنيا» منذ فجر التاريخ، وينبغى أن تظل.
 
 
- 5 سنوات من العرق والإنجاز تحقق ما لم يحققه شريان الملاحة البحرية فى 145 سنة سابقة «مميش» يتفوق خلال وقت قياسى على 11 رئيسا سابقا للقناة من الأجانب والمصريين
 
يعمل الفريق مميش ومقاتلوه فى صمت يليق بالتحدى القائم والآمال اللامعة فى المستقبل القريب، وربما لأن إيقاع العمل أعلى من إيقاع بعض وسائل الإعلام وكل مواقع التواصل الاجتماعى، غابت كثير من المعلومات المهمة عن الناس، وكما يقول المثل الشعبى «اللى ما يعرفش يقول عدس» فإن الجميع ارتاحوا إلى حالة عدم المعرفة، ولم يهتموا بالاقتراب من الحلم الذى يواصل رحلته نحو التحقق، حتى ولو اقتراب الاهتمام والمعرفة دون جهد أو عرق، فلم يعرف كثيرون للأسف تفاصيل ما حدث فى السنوات الأخيرة، بدءا من حفر قناة السويس الجديدة وتحدياتها ومصاعبها والجهد المُضنى الذى بُذل فيها، وإطلاق المنطقة الاقتصادية ووضع مخططها وبدء تسويقها واستقطاب الشركات والمستثمرين، والقفزة المتحققة فى أعداد السفن والحمولات والإيرادات التى تحققها القناة، ومشروعاتها لتطوير مرافقها وتحديث معداتها وترساناتها وشركاتها العديدة، وهو ما وجدنا فى «اليوم السابع» أن مسؤوليتنا تحتم علينا المشاركة فى هذا الجهد، وإذا كان رجال الميدان يبنون وينجزون، فليس أقل من أن يفرح رجال الإعلام بالإنجاز ويحتفل بإرادة المصريين التى تتجاوز كل مانع وعقبة.
 
أعدت «اليوم السابع» عُدتها للوقوف على جبهة الإنجاز، ومشاهدة خلية النحل فى مهامها اليومية بدلا من الاكتفاء بالأرقام والمؤشرات، رغم إيجابيتها التى لا يُمكن إنكارها. حددنا الموعد وقطعنا الطريق، لنجد الفريق مهاب مميش فى انتظارنا بكامل لياقته وحضوره الذهنى وملفات معلوماته وتفاصيل إنجازه، وبكتيبة رائعة من رجاله من الجنسين، ومن كل الأعمار، وبقدر مدهش من التفاعل والتكامل والرهان على الكفاءة وطاقة الشباب، وطوال أكثر من 3 ساعات قضيناها وسط الفريق مميش وسواعد تنمية القناة، تحدث الفريق عن توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى وتكليفاته، وعن ذكريات العمل والزيارات الميدانية مع الرئيس، ومتابعته اللحظية للمشروع من خلال التقارير الفنية والتصوير الجوى، كما حرص على توثيق كل معلومة وخبر وبشرى وإنجاز بالرقم والصورة والصوت، عرض ملفات القناة وما حققته فى السنوات الأخيرة، ومخطط المنطقة الاقتصادية، وأعداد الشركات والمصانع التى بدأت العمل، ومشاهد حية من خطوط الإنتاج ومرافئ الشحن. جدارية ضخمة وكاملة من المعلومات والصور والتفاصيل، يضيق المجال عن استعراض كل مكوناتها، والأهم ما تضمنته من طاقة وبهجة وإشاعة للحماس فى النفوس، لكننا نجتهد قدر الإمكان لأن ننقل جانبا من الصورة، حتى يعيشها معنا المصريون، ويُعايشوا السعادة الغامرة التى حلّت فى أرواحنا طوال حوار الأمل والعمل والإنجازات وقفزات المستقبل القريب،
وإلى تفاصيل الحوار..
 
 

خالد صلاح: كيف بدأ التفكير فى حفر قناة السويس الجديدة؟
  
وضعنا مخططا لتنفيذ قناة السويس الجديدة منذ سنوات، ولكن لم يأخذ طريقه للتنفيذ إلا بعد عرضه على الرئيس عبد الفتاح السيسى عقب وصوله لرئاسة البلاد منتصف العام 2014، فاتخذ قرار التنفيذ بكل حسم وجدية، ولولا قرار الرئيس لظل الأمر على ما هو عليه وما حفرنا قناة السويس الجديدة، لذا أوجه له كل التحية والتقدير والامتنان.
 
وعندما عرضنا المشروع على السيد الرئيس تفهم تماما وشجعنا على التنفيذ بكل قوة، بل إنه وضعه ضمن أولوياته وتابع العمل متابعة دقيقة ثانية بثانية، وفى حفل إطلاق المشروع اختصر مدة التنفيذ من 3 سنوات إلى سنة واحدة فقط، وبالفعل التزمنا بتوجيهات سيادته وفى ظرف سنة رفعنا رمالا تُعادل حجم الهرم الأكبر 203 مرات و10 أضعاف السد العالى، وهذا المشروع الضخم ومدة التنفيذ القياسية يثبتان عزم المصريين وقدراتهم، ويؤكدان أن لديهم من القوة والإرادة للنجاح، لكنهم يحتاجون فقط للإدارة والتوجيه الصحيح مع القدوة الجيدة، وهو ما حدث فى حفر قناة السويس بقيادة الرئيس السيسى وعزيمة الشعب المصرى، فالقناة الجديدة عمل مصرى خالص من الألف إلى الياء.
 

هبة حسام: هل واجهتم أية عوائق خلال حفر القناة الجديدة؟
  
 
التحدى الوحيد أمامنا عند حفر القناة، كان فى الدعم المادى، فكنا فى حاجة له لتنفيذ حفر قناة السويس الجديدة، خاصة أننا كنا فى وقت ظروفه السياسية صعبة جدا وخارجين من محنة نفسية، ولكن الحقيقة أن الرئيس السيسى هو من تبنى فكرة أن الشعب المصرى يمول المشروع، وهذه الفكرة وفرت معنا تكاليف التمويل من أول يوم، وهو ما سهل علينا التنفيذ وخلانا نعتمد على نفسنا تماما من غير ما ناخد سنت واحد من أى دولة، بل ساعدنا أيضاً على تنفيذ المشروع فى الوقت المحدد له.
 

هبة حسام: ما أبرز الآثار الإيجابية التى حققتها الهيئة بعد حفر القناة الجديدة؟
 
 
قناة السويس الجديدة خدمت العالم كله، فهى ساهمت فى اختصار زمن عبور السفن من 22 ساعة إلى 11 ساعة فقط، كما أن حفرها فرق جدا فى حركة التجارة العالمية معنا وفى العائد من العملة الصعبة لخزانة الدولة المصرية، علاوة على، العائد النفسى الذى حققته القناة من خلال اللُحمة التى حققتها بين الشعب المصرى، فبعد فرقة كادت تفرقه إلى أكثر من طريق، أعاد حفر القناة الجديدة الترابط بين الشعب مرة أخرى، من خلال فكرة تمويله للمشروع.
 

خالد صلاح: وكيف أثرت قناة السويس الجديدة على العائدات الإجمالية للهيئة؟ 
 
 
بفضل القناة الجديدة وأعمال التطوير والتحديث فى الممر الملاحى زادت القدرة الاستيعابية وتقلص زمن العبور، فاستقبلنا خلال العام المالى الماضى 17 ألفا و860 سفينة بزيادة 856 سفينة نسبتها 5% قياسا على العام المالى السابق، وزادت الإيرادات 600 مليون دولار بفضل ارتفاع حمولات السفن العابرة، فرسوم العبور تُحدد وفق حمولة السفينة وليس بعدد السفن، وفى 2017/ 2018 تخطينا حاجز مليار طن بضائع للمرة الأولى فى تاريخ قناة السويس الطويل، بزيادة 97.7 مليون طن عن العام السابق.
 

هبة حسام: ما هى الإيرادات المتوقعة خلال العام المالى الحالى الذى قارب على الانتهاء؟
 
 
حققنا فى العام المالى الماضى 2017/ 2018 إيرادات قدرها 5.6 مليار دولار، وهو رقم يتحقق للمرة الأولى فى تاريخ القناة، ومن المتوقع أن نتخطى 6 مليارات دولار فى العام المالى الجارى 2018/ 2019. 

هبة حسام: كان شعار المشروع «هدية مصر للعالم».. فكيف ساهمت القناة الجديدة فى خدمة العالم؟
 
 
طوال تاريخ قناة السويس كان العبور من خلال 3 قوافل يومية، قافلتين من الشمال وقافلة من الجنوب، مع أوقات انتظار طويلة لكل منها حتى تعبر القافلتان الأخريان، وبعد حفر قناة السويس الجديدة استوعبت القناة للمرة الأولى العبور المزدوج مع تقليص زمن العبور من 22 إلى 11 ساعة، وكانت المشكلة القديمة أن تعطل سفينة واحدة يمكن أن يُعطل القناة وحركة التجارة العالمية بأكملها، لكن القناة الجديدة قضت على تلك المخاطر، وأصبح لدينا مساران للعبور إذا تعطل أحدهما يمكن اللجوء للآخر، «كنا الأول ماشيين على رجل واحدة دلوقتى بقينا ماشيين على جوز رجلين»، وهذا كفيل بأن نسير بشكل أسرع وأكثر أمانا وإنجازا.

محمود سعد الدين: ترددت شائعات عن تأثير القناة الجديدة على عوائد خدمات السفن فى أوقات الانتظار.. فهل هذا الكلام دقيق؟
 
 
هذا الكلام بعيد تماما عن الصحة ولا أساس له، فالسفن التى كانت تتوقف فى انتظار العبور كانت تتوقف فى مناطق انتظار جانبية ضمن نطاق المجرى الملاحى، ولا يستطيع طاقمها التحرك أو مغادرتها والخروج من منطقة الانتظار إلا بإذن من الجمارك وبعض الجهات الأخرى، وبالتالى لم نتأثر بتقليص زمن العبور، وإنما خدمنا العالم والعملاء بإيصال البضائع والأغذية والدواء لكل دول العالم بشكل أسرع.
 

افتتاح قناة السويس

دندراوى الهوارى: هل هذا يشجعنا على القول إن القناة الجديدة حققت الجدوى المتوقعة منها؟
 
 
بالفعل، حققنا الجدوى الاقتصادية المتوقعة، وبعد 8 أشهر فقط من حفل الافتتاح وبدء عمل القناة الجديدة، إذ حققنا عائدات تعادل ما دفعه المصريون لتمويل عملية الحفر، وهذا أكبر دليل على أهمية المشروع ونجاحه والأثر الإيجابى لقرار الرئيس السيسى بتنفيذه سريعا، علاوة على أنه بفضل القناة الجديدة أصبحنا قادرين على استيعاب كل أجيال السفن، وبأعداد أكبر وأزمنة عبور أقل، فاجتذبنا كل الخطوط الملاحية التى كانت تستخدم طرقا وقنوات بديلة، وزادت مؤشرات أدائنا رغم تراجع حركة التجارة العالمية بشكل عام، وهذا عزز دور قناة السويس كمصدر رئيسى للعملة الصعبة المتدفقة إلى الخزانة العامة، وفى ضوء أهمية هذا الدور نعمل ليل نهار لزيادة أعداد السفن العابرة بشكل مستمر، وإذا كنا حققنا نتائج اقتصادية مبهرة خلال فترة قصيرة، فإننا نتطلع إلى مزيد من النجاحات والنتائج.

شعبان هدية: وماذا عن التوقعات المستقبلية؟
 
 
بعض التوقعات تشير إلى احتمال انخفاض حصة قناة السويس من إجمالى التجارة العالمية خلال العام المالى الجارى، تأثرا بتراجع حركة التجارة والأسواق العالمية نفسها، لكن رغم ذلك فإن العائدات ستزيد بمستويات قياسية جديدة فى ظل الآثار الإيجابية الناجمة عن نجاح القناة فى استقطاب خطوط ملاحية جديدة، ووفق الجدوى الاقتصادية والخطط المستهدفة على المديين القصير والمتوسط فإننا نتوقع الوصول إلى ضعف المتحققة فى العام 2014 خلال 4 سنوات فقط من الآن، وتحديدا فى العام المالى 2022/ 2023.
 

خالد صلاح: ما هى الرؤية المستقبلية لقناة السويس بالنسبة لحركة التجارة العالمية وكم تستهدف من حركة الملاحة الدولية؟
 
 
نظرتى للمستقبل متفائلة دائما، فالمستقبل هنا، فى قناة السويس ومنطقتها الاقتصادية، بس إحنا نشتغل صح وبجدية وأمل، قناة السويس تتحول الآن إلى قلب التجارة العالمية، إذ تبلغ حصتنا الحالية من الملاحة الدولية 12%، ونستهدف مضاعفتها للوصول بإيرادات القناة إلى ضعف ما حققته فى العام المالى 2014/ 2015 قبل تنفيذ قناة السويس الجديدة. 

هبة حسام: ما حجم الإيرادات التى تستهدفون مضاعفتها؟ ومتى يتحقق الهدف؟
 
 
سجلت إيرادات القناة فى 2014 نحو 4 مليارات دولار تقريبا، ونستهدف الوصول بها إلى 8 مليارات دولار خلال أقل من 5 سنوات، وتحديدا فى العام 2023.
 

حازم حسين: إيقاع التجارة العالمية متبدل بقوة وسرعة فهل نواكب تطورات الأسواق ولوجستيات النقل؟
 
 
نضع حركة التجارة والأسواق العالمية نصب أعيننا، ونستهدف دائما أن نكون جاهزين لاستيعاب أى تطورات فى سوق النقل البحرى، فبعدما اتجه العالم إلى بناء السفن العملاقة وزيادة عمق الغاطس، قررنا حفر قناة السويس الجديدة وتعميق المجرى إلى مستوى 24 مترا بدلا من 16 مترا فى السابق، لتعزيز قدرات القناة على المدى المتوسط والبعيد واستيعاب كل أنواع وأجيال السفن. ما ينفعش نقف محلك سر والعالم بيتقدم حوالينا، إحنا كمان لازم نتقدم ونبص لبكرة، لأن لولا حفر القناة الجديدة وتعميق الغاطس كان يمكن أن يأتى يوم ونجد أنفسنا غير قادرين على استيعاب بعض السفن لأنها ممكن «تشحط» فى المجرى، بس دلوقتى مفيش الخوف ده ونقدر نستقبل كل السفن.
 

خالد صلاح: حدثنا عن كواليس حفر القناة الجديدة ومتابعة الرئيس السيسى للعمل؟
 
 
كان الرئيس متابعا للمشروع لحظة بلحظة، ومن أبرز المواقف التى حدثت فى كواليس ما قبل افتتاح القناة يوم 24 يوليو 2015، قررت أجرب التكريك والملاحة فى القناة الجديدة قبل الافتتاح، لأن الاحتفال هيحضره ملوك ورؤساء دول مع الرئيس السيسى، وبالفعل ذهبت إلى التكريك وجاءنى المشرف على الكراكات الأجنبية رافضا التجربة، وطلب أن نجرب يوم 4 أغسطس، قلت له إن الرئيس قادم مع ضيوفه يوم 6 أغسطس وما ينفعش أجرب قبلها بيومين، افرض اكتشفت حاجة هلحق أصلحها إزاى، قال لى خلاص تمضى على مسؤوليتك، ومضيت فعلا، وبعدين قال نعمل التجربة بسفن صغيرة، رفضت وقلت لأ هعملها بسفن عملاقة علشان ما يتقالش إن القناة اتعملت للسفن الصغيرة، وعملتها بسفن عملاقة فعلا وما كنتش قايل لحد، ولا حتى الرئيس نفسه، ونجحت التجربة جدا وكانت الناس بره على المعديات بتتفرج علينا وفرحانة وبتهتف للسفن اللى ماشية فى القناة الجديدة، بس لاحظت ساعتها إن فيه طيارتين فوقى يمين وشمال، فلما سألت قالوا دول بيصوروا، استغربت وقلت عرفوا منين؟ ولما وصلت عشان أدى تمام للرئيس السيسى ردّت عليا الرئاسة وقالت لى هو قاعد بيتابعك ثانية بثانية، وساعتها عرفت الطيارات دى كانت إيه، وباركت له وشكرته على دعمه، وقال لى وقتها مبروك عليك وعلى الشعب، لذلك أتقدم بعظيم التحية للشعب المصرى البطل الذى أنجز المشروع العملاق، وللرئيس السيسى على السرعة فى اتخاذ القرار الذى كان أول عوامل نجاح المشروع، ونفسى يكون ده النظام السائد فى كل المؤسسات الاقتصادية بعيدا عن الروتين، وأقدر أقول إننا فى قناة السويس الجديدة نموذج حى لكده.

خالد صلاح: كيف تلخص ملحمة قناة السويس الجديدة؟
 
 
الشعب المصرى مفتاح تلك الملحمة وبطلها، شعب رائع وقادر على إنجاز المستحيل، علشان كده لازم ناخد بإيده وندعمه ونشتغل لصالحه، الشعب ده هو اللى موّل واللى اشتغل وحفر، وده اتوثق باليوم والساعة والاسم فى كتاب أصدرته هيئة قناة السويس يضم كل صغيرة وكبيرة عن عملية الحفر طوال سنة كاملة، إحنا ما حضرناش حفر القناة الأولى من أكتر من 150 سنة، فقلنا نوثق حفر القناة الجديدة ونكتب إيه اللى حصل باسم الكراكة واللى اشتغلوا واحد واحد، لأن الحاجات دى لازم تتوثق ويتوارثها الأجيال، حفر القناة كان ملحمة بطلها الإنسان المصرى، طوال فترة الحفر التى اقتربت من سنة لم نسجل أية حالة وفاة أو إصابة، مفيش شخص واحد صباعه انجرح من بين 50 ألف شخص اشتغلوا فى القناة، لأن كان فيه انضباط وحرص على تطبيق قواعد السلامة والصحة المهنية، بجانب العزيمة والإرادة والأمل من الشعب، وتلخيصى للملحمة المبهرة دى إن حرب 1956 بدأت من قناة السويس، وحروب 1967 والاستنزاف و1973 بدأت منها، ودلوقتى فيه حرب جديدة للتنمية تبدأ من قناة السويس، فالقناة أهم هدف استراتيجى وشريان حياة بالنسبة لمصر التى انتقلت انتقالة واسعة وناجحة للغاية، لكن فيه ناس بتدور لك على الغلط مش الصح، ورغم الترصد والشائعات تواصل الدولة نجاحها بقيادة الرئيس السيسى، ويتغير وجه الحياة والتنمية فى محور قناة السويس، مع تحقيق نجاحات كبيرة خلال سنتين فقط، لذا أؤكد أن الإرهاب سينتهى من هنا، سينتهى بالبناء والتنمية والتحديث، وده اللى بنعمله من خلال تنفيذ الأنفاق والكبارى وتطوير الموانئ، خاصة ميناء العريش ليكون منفذا لسيناء على البحر المتوسط.

السيد فلاح: تنفذ الهيئة مشروعا للاستزراع السمكى فإلى أين وصل المشروع؟
 
 
أطلقنا مشروعا ضخما على مساحة 7500 فدان بإجمالى 4441 حوضا، ونستعد الآن لإنتاج سمك البورى والبلطى التزاما بتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى طالب باستزراع تلك الأنواع لتوفيرها للمستهلك بأسعار مناسبة، بعدما بدأنا المرحلة الأولى ببعض الأنواع مرتفعة السعر، ومن المقرر خروج أول إنتاج من تلك الأنواع خلال إبريل المقبل، وتتميز أسماك مزارع القناة بجودتها العالية وتربيتها النظيفة والسليمة صحيا، خاصة أن الزريعة تعيش فى مياه مالحة على تربة القناة فيخرج السمك شبيها بأسماك القناة وخليج السويس والبحر الأحمر تماما.

هبة حسام: وماذا عن مشروع تنمية المنطقة الاقتصادية وأسباب إنشائها؟
 
 
جاءت فكرة إنشاء المنطقة الاقتصادية بالتزامن مع حفر قناة السويس الجديدة، فمصر تتميز بموقع جغرافى استراتيجى يفصل قارتين ويربط بين بحرين، وتستقبل قناة السويس بين 18 و20 ألف سفينة سنويا، ورغم النجاحات المتحققة إلا أننا لم نستغل كل تلك الإمكانيات بالشكل اللازم حتى الآن، لذا فكرنا فى توظيف الموقع وعبقريته لصالح الاقتصاد، بدلا من تركه دون تنمية والتعامل معه كممر ملاحى فقط، ففكرنا فى كيفية الاستفادة من ثقافة القيمة المضافة فى التعامل مع البضائع العابرة للقناة، وهو الفكر الذى يعمل العالم كله عليه فى الوقت الحالى. فى السنة المالية الماضية استقبلت القناة أكثر من  مليار طن بضائع، وليس منطقيا أن تكون كل علاقتنا بتلك البضائع تنظيم مرورها فقط، يجب أن نملك ثقافة القيمة المضافة ونوظفها لصالح اقتصادنا، عبر الخدمات والمناطق اللوجستية والصناعات التكميلية والتحويلية وخدمات التعهيد، استغلالا لتفرد الموقع وتعدد المزايا والإمكانات، وسعيا إلى خلق مزيد من فرص العمل ودفع النمو الاقتصادى وعجلة الاقتصاد القومى إلى الأمام.

خالد صلاح: هل هناك سر وراء تزامن فكرة المنطقة الاقتصادية مع حفر القناة الجديدة؟
 
 
قناة السويس شريان حياة مهم جدا لمصر، فالقناة التى حملت اسمها من مدينة السويس التى لم يكن هناك سواها فى المنطقة وقت الحفر، ساهمت فى خلق محافظتين كاملتين، الإسماعيلية وبورسعيد، أى أنها منذ سنواتها الأولى كانت قادرة على خلق الحياة، ومع النمو والتطوير وتحديث الممر وزيادة طاقته الاستيعابية يمكن أن تلعب القناة دورا أكبر فى خلق الحياة، وهذا ما نراهن عليه وكان سببا وراء تفكيرنا فى إنشاء المنطقة الاقتصادية، وعمل توسع عمرانى حول محور القناة، خاصة أن المصريين يعيشون على 6.5% فقط من مساحة مصر، ونحن فى حاجة ماسة إلى زيادة تلك النسبة عبر التوسع العمرانى وخلق مجتمعات عمرانية جديدة، ولأن كل شخص يحتاج إلى مسكن وعمل وخدمات، ولن ينتقل من مكان لآخر دون تلبية تلك الاحتياجات، عملنا فى المنطقة الاقتصادية على تأمين توفر كل الخدمات لاجتذاب آلاف العاملين عبر المشروعات الصناعية والمناطق الخدمية واللوجستية، لتقليص الكثافة السكانية فى الوادى والدلتا، وخلق مناطق تنمية وعمران جديدة فى مصر، وكل ذلك ستكون قناة السويس الخلفية الملاحية له، ومن هنا جاء التزامن فى تنفيذ المنطقة الاقتصادية مع حفر القناة الجديدة.

هبة حسام: وهل هناك مجتمعات عمرانية خلقتها القناة الجديدة؟ 
 
 
بالفعل، مدينة الإسماعيلية الجديدة التى افتتح الرئيس السيسى مرحلتها الأولى فى العام 2016، وهى من مدن الجيل الرابع المتكاملة وجاهزة فى الوقت الحالى لاستقبال السكان، لكنها تنتظر افتتاح الأنفاق العملاقة أسفل القناة حتى نستوعب حجم السكان وحركتهم، ونعيد توزيع الكتلة السكانية المتركزة فى بعض المناطق.

شعبان هدية: ما المعايير التى حددت اختيار موقع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس؟
 
 
عند اختيار منطقة استثمارية يجب مراعاة عدد من الأمور، أبرزها سهولة الدخول إليها والخروج منها، سواء عبر البر أو البحر، لذا كان اختيار موقع المنطقة الاقتصادية ومحاورها مرتبطا بحركة النقل وربطها بالبحرين والأحمر والمتوسط، لأن ذلك سيوفر الوقت والجهد وجانبا كبيرا من تكلفة النقل، فكلما كانت المواصلات سهلة وربطنا المنطقة بالعالم كانت جاذبة للاستثمار، وهذا ما يتحقق فى المنطقة الاقتصادية صاحبة الموقع المتميز والمرتبط بكل أنحاء الجمهورية، وبالعالم بكامله من خلال شبكة واسعة تضم 6 موانئ متنوعة.
 

هبة حسام: كيف تتصل المنطقة الاقتصادية بأنحاء مصر؟ 
 
 
ترتبط المنطقة الاقتصادية بشبكة طرق برية واسعة، كما ترتبط أجزاؤها ببعضها وبالمحافظات من خلال عدد من الأنفاق العملاقة أسفل قناة السويس، وعدد من الكبارى العائمة، وشبكة الطرق القومية التى تنفذها الدولة، لدينا حاليا 5 أنفاق عملاقة، و5 كبارى عائمة تنفذها هيئة قناة السويس فى ترساناتها، الكوبرى الأول يحمل اسم الشهيد أحمد المنسى فى المنطقة 6 بالإسماعيلية، والثانى باسم الشهيد أبانوب جرجس فى القنطرة، وتسميتهما باسمى الشهيدين رسالة تقدير وعرفان وامتنان لما قدموه من أجل مصر، أما الكوبرى الثالث فهو كوبرى طه زكى فى سرابيوم، ثم كوبرى الشط فى السويس وكوبرى النصر فى بورسعيد، وإلى جانب الأنفاق أصبحت لدينا 17 نقطة اتصال تربط سيناء بالضفة الغربية وجسد الوطن الأم، إضافة إلى كوبرى السلام وكوبرى الفردان ونقاط المعديات الخاصة بقناة السويس.

السيد فلاح: هل انتهى تنفيذ كل تلك الأنفاق والكبارى؟ 
 
 
هناك 4 أنفاق عملاقة انتهى تنفيذها بالفعل وتنتظر قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى بالافتتاح وبدء التشغيل، كما أنجزنا الكبارى الخمسة العائمة، وبدأ ذلك قبل العمل فى الأنفاق لتسهيل حركة العبور وتفادى أية أعطال طارئة فى الأنفاق.

خالد صلاح: ومتى تتوقع افتتاح الرئيس السيسى لأنفاق القناة؟
 
 
موعد الافتتاح قرار رئاسى يرتبط برؤية القيادة السياسية وظروفها، لكن أتوقع أن يكون الافتتاح فى عيد تحرير سيناء يوم 25 إبريل المقبل، أو فى ذكرى ثورة 30 يونيو المقبلة، أما النفق الخامس فسيُوضع حجر الأساس له عند افتتاح الأنفاق الأربعة وسيكون على مقربة من نفق الشهيد أحمد حمدى.

حازم حسين: هل ستتولى هيئة قناة السويس إدارة الأنفاق أم ستتبع جهة أخرى؟
 
 
أنشأنا إدارة للأنفاق فى هيئة قناة السويس، لتتولى مسؤولية إدارة وتشغيل أنفاق القناة العملاقة، فالهيئة تحملت تكلفة التنفيذ وأرسلت 30 مهندسا إلى ألمانيا فى دورة شاملة فى التشغيل والصيانة، حتى نكون جاهزين لإدارة تلك المرافق المهمة، كما وفرنا أجهزة تأمين وكشف متقدمة للغاية، إضافة إلى إعداد ساحات أمنية بعيدة عن مداخل الأنفاق منعا لحدوث تكدس على المداخل أو ازدحام فى الحركة، وتلافينا كل العيوب التى كشفتها حركة العمل فى الأنفاق القديمة، وبفضل ذلك المشروع تحملنا قيمة 4 ماكينات حفر نفذت الأنفاق، ودعمنا مترو أنفاق القاهرة بواحدة منها بعد إنجاز المشروع، كما استطعنا خلق وتأهيل جيل جديد من المهندسين المدربين على حفر الأنفاق وفق أعلى الخبرات والمعايير العالمية.

هبة حسام: ما أبرز مزايا المنطقة الاقتصادية التى لا توفرها غيرها من المناطق الاستثمارية؟
 
 
لدينا عديد من الحوافز والمزايا لدعم الاستثمار وتشجيع الشركات والمستثمرين، أبرزها أننا نُطبق صفر جمارك على كل صادرات المنطقة للخارج، ونقدم تخفيضات كبيرة فى الرسوم، وفى ضريبة القيمة المضافة، كما يتمتع المستثمر بضمانات واسعة تشمل الحماية القانونية وإمكانية تحويل العوائد والأرباح وعدم التعرض إلى الحجز أو المصادرة، وبعدما كانت العقوبات القانونية والأحكام القضائية تُنفذ على الشركات أصبحت تُنفذ على المستثمر أو الشخص المسؤول عنها بمفرده، فلم يعد المستثمرون يخشون الاستثمار، إذ تقع العقوبة على الأشخاص لا المنشآت.

- وماذا عن موانئ المنطقة والخدمات البحرية التى تقدمها؟
 
 
قمنا مؤخرا بتخفيض رسوم السفن فى ميناء شرق بورسعيد، الذى يعد أهم ميناء محورى فى منطقة شرق البحر المتوسط، وهذا ما أضفى عليه ميزة جديدة، خاصة أنه، مؤخرا، انسحبت بعض التحالفات لخطوط الملاحة العالمية من ميناء شرق بورسعيد بسبب ارتفاع الرسوم، والتى كانت تصل إلى 116 ألف دولار تدفعها السفينة عند دخول الميناء، فى مقابل دفعها لـ36 ألف دولار فقط عند الدخول فى ميناء آخر، لذا بدأت بعض الخطوط العالمية تترك ميناء شرق بورسعيد وتتجه لموانئ أخرى، وهو ما دفعنا لاتخاذ قرار تخفيض الرسوم 50% لخدمات الموانئ، وبالفعل انعكس هذا الأمر على أعداد السفن التى بدأت فى التحسن.

هبة حسام: كم تبلغ نسبة العمالة المصرية فى المنطقة الاقتصادية؟
 
 
الهيئة أُنشئت بموجب قانون المناطق الاقتصادية الخاصة، وبحسب نصوص ذلك القانون فإن المستثمر ملزم بالاستعانة بـ90% من العمالة المصرية، على ألا تتجاوز حصة العمالة الأجنبية نسبة 10% من العمالة الإجمالية.

محمود سعد الدين: هل هناك عوائق تواجه المنطقة الاقتصادية بالنسبة للعمالة المصرية؟
 
 
هناك نقص فى العمالة الفنية المدربة، وحتى أتمكن من إلزام المستثمر بتخصيص 90% من العمالة للمصريين يجب أن أوفر له العامل الفنى الماهر والمدرب، لهذا بدأنا إنشاء مراكز تدريب فنية، فاتفقنا بالفعل على مركزين، الأول مع شركة «سيمنس» الألمانية، والثانى مع الصين، بغرض توفير تدريب فنى للعمالة ورفع مستواها، تمهيدا لمدّ المستثمرين والمشروعات العديدة بها، وتنفيذ قانون المنطقة الاقتصادية الذى يُلزم بالاستعانة بأغلبية من العمالة الوطنية، والأهم إكساب تلك العمالة خبرات فنية ومعرفية وعملية ذات طابع دولى عبر كبرى الشركات والمؤسسات العالمية.

هبة حسام: كم يبلغ حجم الإنجاز فى المنطقة الاقتصادية حاليا؟ وما خطتكم المستقبلية؟ 
 
 
المنطقة فى مرحلة متطورة للغاية قياسا على ما كان عليه الأمر قبل سنوات قليلة، وما زالت فرص التنمية والتطوير واسعة جدا، الآن لدينا 192 مشروعا قائما، و100 شركة لوجستية وخدمية، 90% من العاملين فيها من المصريين، وذلك باستثمارات إجمالية تتجاوز 25 مليار دولار، إضافة إلى 25 مليارا تعاقدنا عليها و55 مليار دولار نستهدفها على المدى المتوسط خلال الـ15 سنة المقبلة، وتستهدف المنطقة عشرات الأنشطة الصناعية، أبرزها صناعة تكرير البترول والبتروكيماويات، والملابس والمنسوجات، والحديد والصلب، والجلود، والأدوية، والأغذية والمشروبات، والأثاث، والأجهزة المنزلية والكهربائية، ومن المستهدف تنفيذ أنشطة سياحية وإنشاء موانئ لذلك الغرض على البحر المتوسط، ستكون مخصصة لاستقبال اليخوت والسفن والرحلات السياحية، بغرض وضع مصر على الخريطة السياحية العالمية واستعادة موقعها الرائد والمتقدم فى هذا القطاع المهم.

السيد فلاح: ما آخر التطورات فى تنفيذ مجمع التحرير للبتروكيماويات؟
 
 
هذا المجمع هو الأضخم فى الشرق الأوسط، وفى الوقت الحالى تتواصل الاستعدادات لبدء الخطوات التنفيذية له، باستثمارات إجمالية تصل إلى 200 مليار جنيه ومدة تنفيذ 5 سنوات، ومن المتوقع أن يحقق صادرات ضخمة بعد اكتمال مراحل إنشائه الثلاث، بما يتجاوز 8 مليارات دولار سنويا، إلى جانب توفير 48 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وهو اتجاه لدى المنطقة الاقتصادية للتركيز على المشروعات كثيفة العمالة، لتوفير مزيد من فرص العمل ودعم رؤية الدولة وتحركاتها لتنمية سوق العمل وتقليص معدل البطالة.

هبة حسام: المنطقة الاقتصادية مشروع تنموى عملاق فهل تهتمون بجذب المشروعات الكبرى فقط؟
 
 
بالطبع لا، الاقتصاد لا يقوم على المشروعات الكبرى وحدها، لهذا تحرص المنطقة على تنفيذ واجتذاب المشروعات المتوسطة والصغيرة أيضا، وبادرنا فى ذلك المسار بإنشاء وتأسيس ومدّ المرافق إلى 54 مصنعا صغيرا، وتجهيزها بالتراخيص والموافقات اللازمة، والآن تنتظر تلك المصانع الشباب والماكينات لبدء العمل والإنتاج، وكل ما على الراغب فى الحصول على مصنع منها أن يتقدم بفكرته ويُحضر معداته ويبدأ العمل، وبالفعل هناك رواج كبير وطلب واسع عليها.

شعبان هدية: ما هى كلمة السر فى نجاح المنطقة الاقتصادية؟
 
 
المنطقة الاقتصادية منطقة خاصة ذات طبيعة مستقلة، لا تتبع أية وزارة فى الحكومة، ولذلك فإنها تتمتع بالاستقلالية والمرونة فى اتخاذ القرار، فنحن نحدد مستوى التسهيلات والتخفيضات والمزايا وفق الحالة الاقتصادية وموقف التجارة العالمية، بغرض جذب أكبر عدد من السفن، ونتحرك فى هذا بدون الرجوع لأية جهة، لأن هذا دورنا، أن نعزز قدراتنا باستغلال الإمكانات المتاحة ونجذب مزيدا من العملاء والاستثمارات والخطوط الملاحية العالمية، ومزيدا من النقد الأجنبى لدعم الموازنة العامة والاحتياطى النقدى، ونحن ناجحون فى هذه المهمة بقوة لأن مفيش عندنا مركزية فى اتخاذ القرار، والمرونة مش غايبة عننا، وبنتحرك كجهة مستقلة قرارها من داخلها حسب الظروف والأوضاع والأهداف الوطنية العليا.
 

خالد صلاح: هل لديكم أى تخوفات من تأثير الطرق الجديدة على معدل الملاحة فى القناة؟
 
 
كل تلك الطرق الجديدة، مثل طريق الحرير وفكرة القناة الإسرائيلية، «على راسى»، لكن ستظل قناة السويس قلب التجارة العالمية، والمنطقة الاقتصادية للقناة أيضا ستكون أعظم منطقة اقتصادية فى العالم، لأنها منطقة وسيطة بين الشرق والغرب، تصل بين بحرين مهمين، وتتوفر بها قناتان مهمتان، قناة السويس القديمة والقناة الجديدة، وتجلت تلك الأهمية واضحة فى وضع الصين لمنطقة القناة ضمن مخططات مبادرة الحزام والطريق كأسرع قناة ملاحية فى العالم.

هبة حسام: أشرتم فى كلامكم إلى عدم التخوف من فكرة القناة الإسرائيلية.. هل هناك أسباب عملية للاطمئنان؟ 
 
 
تقوم فكرة القناة على توفير ممر بحرى عبر خليج العقبة إلى ميناء إيلات بطول 180 كيلو مترا، ثم خط سكك حديدية إلى ميناءى حيفا وأشدود بطول 322 كيلو مترا، وشحن البضائع من الميناءين إلى وجهاتها النهائية فى أوروبا، والعكس فى مسار العودة، واستحالة الفكرة تتمثل فى أن كل حاوية 40 قدما تحتاج عربة قطار لنقلها، فإذا استقبلت 20 ألف حاوية فإنك تحتاج 20 ألف عربة قطار، بينما تحتاج سفينة واحدة عملاقة من السفن التى تعبر قناة السويس فى الوقت الحالى، ورغم الحديث عن تدشين منطقة لوجستية فى «إيلات» على مساحة 8 كيلومترات مربعة لتفريغ سفن الحاويات وإعادة شحنها عبر القطارات، فإن تلك الفكرة لا تصمد أمام زيادة حركة النقل البحرى، ولا يستطيع هذا الخط استقبال 60 سفينة عملاقة كالتى تستقبلها القناة يوميا، وهذا يوضح الفارق الكبير بين قناة السويس وأى مشروع آخر مقترح، ويزيد الاطمئنان إلى أنه لا تخوفات من تلك الأفكار، وأننا سنظل الممر الملاحى الأهم فى العالم.

خالد صلاح: وهل وضعتم حالة الموانئ وقدراتها الاستيعابية فى الحسبان؟ 
 
 
بالتأكيد إذا لم نقم بتطوير موانئنا فسنصبح غير قادرين على استيعاب السفن، فالسفينة تحسب وقتها بالدقيقة والثانية، والوقت بفلوس، ولو هتتعطل مش هتدخل عندنا، كما أن دخولها إلى الموانئ المصرية يتطلب توفير كل إمكانات الموانئ المتطورة من قدرات استيعاب ولوجستيات وخدمات بحرية وفق أحدث ما يمكن، ولأن التنافسية مطلوبة وتلعب دورا كبيرا فى تعزيز قدرات جذب العملاء فإننا نضع ذلك فى الحسبان دائما، ونعمل على تطوير الموانئ طوال الوقت، لكن لم يقتصر التطوير على الموانئ فقط فى ظل احتدام المنافسة حولنا وتنامى أعداد المناطق الاقتصادية إقليميا، فبدأنا العمل على تعزيز قدراتنا الشاملة إلى جانب خدمات العبور، لنكون أقوى من تلك المناطق، خاصة أن لدينا ميزة ربانية لا تتوفر لكثير منها، وهى موقعنا الاستراتيجى بالغ الأهمية، فمنطقتنا الاقتصادية أفضل موقع فى كل المناطق المجاورة، ووجود قناة السويس يعزز قدراتها التنافسية ويزيد أعداد السفن المارة فى المنطقة. 

دندراوى الهوارى: حدثنا عن أبرز مشروعات وجهود تطوير موانئ المنطقة الاقتصادية!
 
 
نعمل الآن على تطوير ميناء العين السخنة، ولكن جزءا مهما من تطوير الموانئ يتمثل فى إنشاء مناطق لوجستية وصناعية، وهو ما نعمل عليه بشكل شامل، خاصة فى ميناء شرق بورسعيد الذى ينقل البضائع إلى أوروبا والولايات المتحدة، ونستهدف تحويله إلى ميناء محورى وليس ميناء عاديا، ما يعنى توفير عدد من الاشتراطات والضوابط الفنية والقدرات الاستيعابية، أبرزها العمق وتوفر المناطق اللوجستية والصناعية، وبالفعل طورنا الميناء وصولا بعمق الغاطس إلى 18.5 متر، وخططنا عددا من المناطق اللوجستية والصناعية المتاخمة له، مع شبكة طرق ترتبط بأنحاء المنطقة الاقتصادية، والآن أصبح لدينا ميناء محورى مهم يملك منظومة من الخدمات تسمح له بالدخول إلى قلب التجارة العالمية، فكل السفن المتجهة إلى أوروبا وأمريكا يمكنها المرور من خلاله لتفريغ وشحن الحاويات والبضائع، ونعمل على تلك الاستراتيجيات بخطط شاملة ودراسات فنية واقتصادية وافية، ومستعدون للمنافسة بقوة.
 

مشروع الاستزراع السمكى
 

هبة حسام: هل هناك استثمارات أو مشروعات تنوع بها القناة دخلها إلى جانب رسوم العبور؟
 
 
بالفعل نهتم بتنويع مصادر الدخل من خلال عدد من الأنشطة، أبرزها بناء السفن، فى ظل اتجاه العالم إلى بناء السفن العملاقة، كما نعمل أيضا فى الاستزراع السمكى، فأنشأنا مزارع سمكية على مساحة 7500 فدان بإجمالى 4441 حوضا، وأنشأنا شركة تكريك مع الإمارات، ونبنى مشروعات سكنية للعاملين، فتعاملنا كهيئة اقتصادية لا يصح أن يتوقف على رسوم العبور فى القناة فقط.

شعبان هدية: وكيف تستغل الهيئة قدراتها اللوجستية وما تملكه من شركات ومعدات؟
 
 
نعمل على تعزيز القيمة المضافة للأصول الثابتة لهيئة القناة، فمثلا تعمل وحداتنا البحرية وسفن الخدمات حاليا فى حقل «ظهر» العملاق للغاز الطبيعى، بإيجار يصل إلى 6100 دولار فى اليوم للسفينة الواحدة فى تعاقد لمدة سنتين، ما يعنى استعادة ثمن السفينة أو الوحدة البحرية خلال عامى التعاقد، كما نعمل فى بناء السفن العملاقة التى تعادل الواحدة منها 5 أو 6 سفن صغيرة، فى ظل توفير الوقود ووقت وتكلفة نقل البضائع وتعاظم اقتصاديات صناعة السفن الضخمة. 
 
هبة حسام:ولماذا تحرص قناة السويس على تنويع دخلها بتلك المشروعات؟ 
 
 
إحنا خدنا درس من اللى حصل فى حرب 1967 لما قناة السويس اتقفلت 8 سنين، من يونيو 67 لحد 1975، وظلت مصر فى هذا الوقت بدون عملة صعبة طوال تلك المدة، وهذا الدرس كان كفيلا بأن يلفت أنظارنا إلى ضرورة عدم الرهان على رسوم العبور وحدها كمصدر دخل للقناة، وأن نبدأ تنويع مصادر الدخل عبر عدد من الموارد والمشروعات والاستثمارات. 
 

حازم حسين: مع نظرة هيئة القناة لتنويع مواردها وفى ظل رئاستكم للهيئتين لماذا لا تستثمر القناة فى المنطقة الاقتصادية؟
 
هيئة قناة السويس ليست جهة استثمارية بالأساس، وإنما تحاول تنويع مصادر دخلها بما لا يتعارض مع دورها الأساسى كمورد دخل ومصدر للعملة الصعبة للموازنة العامة، أنا وزير المالية بيعد عليا كل سفينة بتمر فى القناة، وكل مليم بيدخل لنا بنحوله لخزانة الدولة فورا، لأن الدولة تحتاج تلك الإيرادات الدولارية لتدبير المواطنين، وطبعا للشعب المصرى والدولة الأولوية الأولى، ولكن الهيئة تستثمر فيما يخصها بغرض تنويع مصادر دخلها بأقصى قدر ممكن.
 
حازم حسين: القناة تحصل رسوم العبور بوحدة حقوق السحب الدولية SDR التى تشمل الدولار واليورو والين والاسترلينى.. فلماذا لا تشمل الروبل الروسى واليوان الصينى فى ظل علاقاتنا المتنامية بالبلدين وهل يمكن إدخال الجنيه ضمن سلة العملات؟
 
 
اليوان الصينى دخل إلى سلة العملات الدولية بالفعل، لكن الأمر مرتبط بأبعاد اقتصادية ومالية دولية، أما فيما يخص الجنيه فإن الأمر لن يشكل دعما للاقتصاد، فإذا حصلت على رسوم العبور بالجنيه سأضطر إلى تحويله للدولار أو اليورو لتدبير وارداتى، فلماذا لا أحصل عليه بتلك العملات من البداية؟ كما أن اهتزاز أداء الجنيه أو انخفاض قيمته سيؤثر على دخل القناة، أما استقرار الدولار يضمن عدم تأثر إيرادات القناة سلبيا.
 

حازم حسين: حتى الآن هناك بعض سفن الصب الجاف وناقلات البترول لا تستطيع عبور القناة.. هل يعود الأمر لسبب فنى أم لوجستى؟
 
 
فى العام 1967 لجأت بعض الدول لبناء ناقلات بترول عملاقة لمعالجة آثار طول أزمان الرحلات وارتفاع تكلفتها بعد إغلاق قناة السويس بعد الحرب، وما زالت تلك الناقلات مستخدمة فى النقل من السعودية والكويت إلى الولايات المتحدة وأوروبا، ونتيجة ضخامة خزانات الناقلات لا يمكنها العبور بحمولتها، ولكنها تستطيع العبور بعد تفريغ الحمولة جزئيا أو كليا واستعادتها فى نهاية القناة، وذلك من خلال خط أنابيب «سوميد» وصولا إلى سيدى كرير، وتلك النقطة تحديدا تؤكد ضرورة التطوير المستمر وواسع المدى للتوافق مع كل تغيير تشهده حركة التجارة العالمية وصناعة السفن، لأن مفيش حاجة ثابتة طول الزمن، خاصة فى أجيال السفن الجديدة ومنظومة التجارة العالمية المتغيرة دائما بتطور السفن وقدرات الموانئ، فعلى سبيل المثال أصبحت الصين والهند الآن مسؤولتين عن حصة ضخمة من التجارة العالمية التى باتت تتحرك من الشرق للغرب، وليس من الشمال للجنوب كما كان الأمر فى الماضى، وفى مصر استعددنا جيدا لتلك التطورات ولاستيعاب الحركة التجارية المنتقلة من الشرق إلى الغرب، عبر تعميق المجرى الملاحى للقناة إلى 24 مترا «66 قدما» والسماح بالعبور المزدوج من خلال قناة السويس الجديدة ومشروع توسعة وتعميق التفريعات الجانبية، وإنشاء محور تنموى ضخم يضم عدة موانئ ومدن صناعية ضمن مشروع المنطقة الاقتصادية، لتعظيم القيمة المضافة ومواكبة التطور العالمى.

شعبان هدية: كم تبلغ حصة الاستثمارات المصرية ضمن مشروعات المنطقة الاقتصادية؟
 
 
حتى الآن يتصدر الاستثمار المحلى خريطة المستثمرين فى المنطقة الاقتصادية، بحصة عظيمة تصل إلى 90% من إجمالى الاستثمارات القائمة، من خلال عدد من الشركات المصرية الكبرى فى كل المجالات، فى مقدمتها السويدى للكابلات والمعدات الكهربائية، ومجموعات السلاب وأبو العينين ومحمد فريد خميس وأحمد عز، كل رجال الأعمال الكبار تقريبا دخلوا المنطقة الاقتصادية وبدأوا العمل، وبعدما كنا نواجه أزمة سابقة بسبب ممارسات بعض رجال الأعمال والشركات الذين يُجمدون الأراضى بدون تنمية، تغيرت تلك الصورة تماما بعد قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى بإنهاء تلك الحالة من خلال سحب الأراضى من المستثمرين بعد مضى 3 سنوات على قرار التخصيص بدون بدء العمل والتنمية والإنتاج.

خالد صلاح: وهل يتوفر تقدير لتأثير قرار الرئيس على حجم العمل فى المنطقة الاقتصادية؟
 
 
بالفعل حقق القرار نتائج إيجابية للغاية، ففى الوقت السابق كان بعض رجال الأعمال يحصلون على الأراضى لتسقيعها، بل وتوريثها أيضا بدون تنمية أو تطوير، لكن بعد قرار الرئيس وسحب عدد من قطع الأراضى، تسارع إيقاع العمل، وأصبح الجميع يعملون ويطورون المساحات المخصصة لهم ويساهمون فى خطط التنمية وفق مستهدفات الدولة.

خالد صلاح: وماذا عن الاستثمار الأجنبى؟
 
 
الاستثمار الأجنبى رهان مباشر بالنسبة للمنطقة الاقتصادية، لكننا نستهدف منه الشركات الكبرى والمستثمرين الأقوياء، وبثقة كبيرة يمكن القول إن كل الشركات العملاقة والدول الكبرى أصبحت موجودة فى المنطقة الاقتصادية الآن، ألمانيا دخلت فى منطقة شرق بورسعيد، وروسيا تستثمر لأول مرة خارج دول الاتحاد السوفيتى السابق، عبر تصنيع الجرارات والمعدات الزراعية التى تتميز فيها، إضافة إلى صناعة الأوناش والروافع الثقيلة، فالروس جاءوا إلى المنطقة الاقتصادية لاستغلال الترسانات المملوكة لهيئة قناة السويس والقاعدة العريضة المتوفرة لصناعة الأوناش والمعدات البحرية، وذلك إضافة إلى الوجود القوى للصين من خلال منطقة «تيدا» فى العين السخنة، وأحد أكبر مصانع «الفايبر جلاس» فى العالم الذى يصدر 90% من منتجاته، وهو ما ساهم فى وضع مصر بقوة على الخريطة العالمية للدول الكبرى المصدرة لذلك المنتج المهم.

هبة حسام: هل وضعتم قواعد منظمة لدخول الاستثمار الأجنبى للمنطقة؟ 
 
 
هناك قاعدتان أساسيتان لتنظيم دخول الاستثمارات الأجنبية إلى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، الأولى مراعاة تنوع الاستثمارات والأنشطة وعدم اقتصارها على دولة بعينها، والثانية المساواة الكاملة بين الجميع فى المزايا والالتزامات وعدم التمييز بين مستثمر وآخر. 

محمود سعد الدين: ماذا عن الشركات العالمية مثل مرسيدس التى عادت بعدما سحبت استثماراتها من مصر فى وقت سابق؟
 
 
المثل بيقول «من جاور السعيد يسعد»، وهذا الأمر ينطبق على الاستثمار، فكلما نجحت فى اجتذاب مستثمر قوى أصبحت المنطقة أكثر قوة وجذبا، وبالتالى فإن دخول شركات عالمية مثل مرسيدس وموانئ دبى يرفع تصنيف المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ويجعلها منطقة تنافسية وجاذبة للاستثمار والمستثمرين، لذلك نعمل على تهيئة المنطقة وتعزيز قدراتها وفى الوقت نفسه جذب المستثمرين الأقوياء والشركات الكبرى. وفيما يخص خروج مرسيدس من السوق فى وقت سابق لم يرتبط الأمر ببنية الاستثمار والقدرات الفنية واللوجستية، وإنما كان بسبب مشكلات مع مصلحة الجمارك، والسيد الرئيس تدخل بنفسه وحل كل المشكلات العالقة، وآخر مرة زار فيها العاصمة الألمانية برلين التقى مسؤولى شركة مرسيدس، لذلك يمكن القول إنها عائدة إلى السوق المصرية بقوة وبدعم من القيادة السياسية، لكن عودتها ستأتى عبر عدة مراحل تبدأ بمركز لوجستى فى المنطقة الاقتصادية، ثم عدة مصانع لتجميع السيارات، تليها إطلاق مصانع وخطوط إنتاج للصناعات المغذية وإنتاج السيارات محليا، وهذه المراحل المتتابعة ستوفر آلافا من فرص العمل وتعزز القيمة المضافة للمنطقة وقدراتها التنافسية وسمعتها كمنطقة جذب، أما موانئ دبى فهى شركة ضخمة تدير عددا كبيرا من الموانئ فى 78 دولة حول العالم، ولديها خبرة كبيرة فى المجال، ونحن فى حاجة إلى تلك الخبرة لتطوير أداء الموانئ المصرية وإدارتها، لأنها فى حاجة للتطوير والتحديث سواء فيما يخص الإدارة أو الخبرات الفنية، خاصة بعدما اتفقنا مع وزير النقل المهندس كامل الوزير على ضرورة إيجاد مخطط طموح لتطوير الموانئ باعتبارها بوابة مهمة للدولة، واستغلالا لما نملكه من إمكانيات فى القطاع ونتمتع به من موقع وسطى استراتيجى بالنسبة للعالم بأكمله، وبفضل تلك المزايا يجب أن تكون موانئنا متطورة وقادرة على التعامل مع كل أجيال السفن العملاقة وإنهاء إجراءاتها بسرعة من خلال إدارة جيدة وآليات عمل عصرية ومتطورة.
 

دندراوى الهوارى: هل هناك أشياء ما زالت تنقص المنطقة الاقتصادية حتى الآن؟ 
 
 
أنجزنا كثيرا من الأمور، لكن بعض مشروعات البنية التحتية ما زالت تنقصنا، وتلك المشروعات بالغة الأهمية لأن مفيش مستثمر بيشتغل ويستثمر من غيرها، لهذا كلما دعمت البنية التحتية وعملت على تقويتها رفعت تصنيف المنطقة وعززت تنافسيتها وقدرتها على جذب الاستثمارات.

هبة حسام: وإلى أين وصل الموقف التنفيذى للبنية التحتية؟
 
 
لدينا خريطة واسعة من المشروعات، ونبنى حاليا محطة للمياه فى العين السخنة بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، فى ظل اعتمادنا فى الوقت الحالى على خط المياه القادم من مدينة العاشر من رمضان، وذلك التزاما بنص قانون المناطق الاقتصادية الخاصة الذى يُلزم الدولة بتوفير المرافق وخطوط المياه والكهرباء للمستثمر على رأس الأرض، ليستكمل هو إنجاز الشبكات الداخلية بحسب طبيعة النشاط ونوعية الصناعة المنفذة فى أرض المشروع. أما فى بورسعيد فإن موقف البنية التحتية جيد جدا وليس قيد الاستكمال كما هو الحال فى العين السخنة، لكن البنية التحتية ليست خطوط مياه وكهرباء فقط وإنما تتسع لتشمل مشروعات أخرى عديدة، فمثلا قناة السويس الجديدة التى نفذناها فى السنوات الماضية بمثابة بنية تحتية للمنطقة الاقتصادية، وكذلك الأنفاق العابرة أسفل القناة جنوبى بورسعيد وشمالى السويس، والكبارى ونقاط العبور العديدة على المجرى الملاحى، وقانون الاستثمار الجديد، الموضوع مش ميّه وكهربا بس، لازم تشتغل فى كل حاجة فى وقت واحد وبرؤية شاملة حتى تزيد القيمة المضافة وترفع التنافسية وقدرات الموقع الاستثمارى، فكلما يسرت على المستثمر وسهلت بيئة العمل بدءا من إنهاء الإجراءات وإصدار التراخيص وصولا إلى إقامة المشروع وتشغيله ونقل احتياجاته ومنتجاته، وتيسير دخول أمواله وخروجها، وفرت مساحة أوسع من الجذب وقدرة أكبر على استقطاب مزيد من الشركات والمستثمرين، مع ضرورة أن توفر له العمالة الفنية التى تعد من مكونات البنية التحتية، والمشروعات السكنية ووسائل النقل والخدمات اللازمة لتلك العمالة، لذا يشمل المشروع إقامة محاور سكنية وشبكات طرق وخدمات، إضافة إلى مراكز تدريب مهنية للصناعات الوافدة، فكل تلك العناصر والمكونات تدخل ضمن مفهوم البنية التحتية، ونعمل عليها فى آن واحد وبإيقاع متسارع.
 
يعمل الفريق مميش ومقاتلوه فى صمت يليق بالتحدى القائم والآمال اللامعة فى المستقبل القريب، وربما لأن إيقاع العمل أعلى من إيقاع بعض وسائل الإعلام وكل مواقع التواصل الاجتماعى، غابت كثير من المعلومات المهمة عن الناس، وكما يقول المثل الشعبى «اللى ما يعرفش يقول عدس» فإن الجميع ارتاحوا إلى حالة عدم المعرفة، ولم يهتموا بالاقتراب من الحلم الذى يواصل رحلته نحو التحقق، حتى ولو اقتراب الاهتمام والمعرفة دون جهد أو عرق، فلم يعرف كثيرون للأسف تفاصيل ما حدث فى السنوات الأخيرة، بدءا من حفر قناة السويس الجديدة وتحدياتها ومصاعبها والجهد المُضنى الذى بُذل فيها، وإطلاق المنطقة الاقتصادية ووضع مخططها وبدء تسويقها واستقطاب الشركات والمستثمرين، والقفزة المتحققة فى أعداد السفن والحمولات والإيرادات التى تحققها القناة، ومشروعاتها لتطوير مرافقها وتحديث معداتها وترساناتها وشركاتها العديدة، وهو ما وجدنا فى «اليوم السابع» أن مسؤوليتنا تحتم علينا المشاركة فى هذا الجهد، وإذا كان رجال الميدان يبنون وينجزون، فليس أقل من أن يفرح رجال الإعلام بالإنجاز ويحتفل بإرادة المصريين التى تتجاوز كل مانع وعقبة.
 
أعدت «اليوم السابع» عُدتها للوقوف على جبهة الإنجاز، ومشاهدة خلية النحل فى مهامها اليومية بدلا من الاكتفاء بالأرقام والمؤشرات، رغم إيجابيتها التى لا يُمكن إنكارها. حددنا الموعد وقطعنا الطريق، لنجد الفريق مهاب مميش فى انتظارنا بكامل لياقته وحضوره الذهنى وملفات معلوماته وتفاصيل إنجازه، وبكتيبة رائعة من رجاله من الجنسين، ومن كل الأعمار، وبقدر مدهش من التفاعل والتكامل والرهان على الكفاءة وطاقة الشباب، وطوال أكثر من 3 ساعات قضيناها وسط الفريق مميش وسواعد تنمية القناة، تحدث الفريق عن توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى وتكليفاته، وعن ذكريات العمل والزيارات الميدانية مع الرئيس، ومتابعته اللحظية للمشروع من خلال التقارير الفنية والتصوير الجوى، كما حرص على توثيق كل معلومة وخبر وبشرى وإنجاز بالرقم والصورة والصوت، عرض ملفات القناة وما حققته فى السنوات الأخيرة، ومخطط المنطقة الاقتصادية، وأعداد الشركات والمصانع التى بدأت العمل، ومشاهد حية من خطوط الإنتاج ومرافئ الشحن. جدارية ضخمة وكاملة من المعلومات والصور والتفاصيل، يضيق المجال عن استعراض كل مكوناتها، والأهم ما تضمنته من طاقة وبهجة وإشاعة للحماس فى النفوس، لكننا نجتهد قدر الإمكان لأن ننقل جانبا من الصورة، حتى يعيشها معنا المصريون، ويُعايشوا السعادة الغامرة التى حلّت فى أرواحنا طوال حوار الأمل والعمل والإنجازات وقفزات المستقبل القريب...
 

خالد صلاح: كيف بدأ التفكير فى حفر قناة السويس الجديدة؟
 
 
وضعنا مخططا لتنفيذ قناة السويس الجديدة منذ سنوات، ولكن لم يأخذ طريقه للتنفيذ إلا بعد عرضه على الرئيس عبد الفتاح السيسى عقب وصوله لرئاسة البلاد منتصف العام 2014، فاتخذ قرار التنفيذ بكل حسم وجدية، ولولا قرار الرئيس لظل الأمر على ما هو عليه وما حفرنا قناة السويس الجديدة، لذا أوجه له كل التحية والتقدير والامتنان.
 
وعندما عرضنا المشروع على السيد الرئيس تفهم تماما وشجعنا على التنفيذ بكل قوة، بل إنه وضعه ضمن أولوياته وتابع العمل متابعة دقيقة ثانية بثانية، وفى حفل إطلاق المشروع اختصر مدة التنفيذ من 3 سنوات إلى سنة واحدة فقط، وبالفعل التزمنا بتوجيهات سيادته وفى ظرف سنة رفعنا رمالا تُعادل حجم الهرم الأكبر 203 مرات و10 أضعاف السد العالى، وهذا المشروع الضخم ومدة التنفيذ القياسية يثبتان عزم المصريين وقدراتهم، ويؤكدان أن لديهم من القوة والإرادة للنجاح، لكنهم يحتاجون فقط للإدارة والتوجيه الصحيح مع القدوة الجيدة، وهو ما حدث فى حفر قناة السويس بقيادة الرئيس السيسى وعزيمة الشعب المصرى، فالقناة الجديدة عمل مصرى خالص من الألف إلى الياء.

هبة حسام: هل واجهتم أية عوائق خلال حفر القناة الجديدة؟
 
 
التحدى الوحيد أمامنا عند حفر القناة، كان فى الدعم المادى، فكنا فى حاجة له لتنفيذ حفر قناة السويس الجديدة، خاصة أننا كنا فى وقت ظروفه السياسية صعبة جدا وخارجين من محنة نفسية، ولكن الحقيقة أن الرئيس السيسى هو من تبنى فكرة أن الشعب المصرى يمول المشروع، وهذه الفكرة وفرت معنا تكاليف التمويل من أول يوم، وهو ما سهل علينا التنفيذ وخلانا نعتمد على نفسنا تماما من غير ما ناخد سنت واحد من أى دولة، بل ساعدنا أيضاً على تنفيذ المشروع فى الوقت المحدد له.
 


هبة حسام: ما أبرز الآثار الإيجابية التى حققتها الهيئة بعد حفر القناة الجديدة؟
 
قناة السويس الجديدة خدمت العالم كله، فهى ساهمت فى اختصار زمن عبور السفن من 22 ساعة إلى 11 ساعة فقط، كما أن حفرها فرق جدا فى حركة التجارة العالمية معنا وفى العائد من العملة الصعبة لخزانة الدولة المصرية، علاوة على، العائد النفسى الذى حققته القناة من خلال اللُحمة التى حققتها بين الشعب المصرى، فبعد فرقة كادت تفرقه إلى أكثر من طريق، أعاد حفر القناة الجديدة الترابط بين الشعب مرة أخرى، من خلال فكرة تمويله للمشروع.

خالد صلاح: وكيف أثرت قناة السويس الجديدة على العائدات الإجمالية للهيئة؟ 
 
 
بفضل القناة الجديدة وأعمال التطوير والتحديث فى الممر الملاحى زادت القدرة الاستيعابية وتقلص زمن العبور، فاستقبلنا خلال العام المالى الماضى 17 ألفا و860 سفينة بزيادة 856 سفينة نسبتها 5% قياسا على العام المالى السابق، وزادت الإيرادات 600 مليون دولار بفضل ارتفاع حمولات السفن العابرة، فرسوم العبور تُحدد وفق حمولة السفينة وليس بعدد السفن، وفى 2017/ 2018 تخطينا حاجز مليار طن بضائع للمرة الأولى فى تاريخ قناة السويس الطويل، بزيادة 97.7 مليون طن عن العام السابق.

هبة حسام: ما هى الإيرادات المتوقعة خلال العام المالى الحالى الذى قارب على الانتهاء؟
 
 
حققنا فى العام المالى الماضى 2017/ 2018 إيرادات قدرها 5.6 مليار دولار، وهو رقم يتحقق للمرة الأولى فى تاريخ القناة، ومن المتوقع أن نتخطى 6 مليارات دولار فى العام المالى الجارى 2018/ 2019. 

هبة حسام: كان شعار المشروع «هدية مصر للعالم».. فكيف ساهمت القناة الجديدة فى خدمة العالم؟
 
 
طوال تاريخ قناة السويس كان العبور من خلال 3 قوافل يومية، قافلتين من الشمال وقافلة من الجنوب، مع أوقات انتظار طويلة لكل منها حتى تعبر القافلتان الأخريان، وبعد حفر قناة السويس الجديدة استوعبت القناة للمرة الأولى العبور المزدوج مع تقليص زمن العبور من 22 إلى 11 ساعة، وكانت المشكلة القديمة أن تعطل سفينة واحدة يمكن أن يُعطل القناة وحركة التجارة العالمية بأكملها، لكن القناة الجديدة قضت على تلك المخاطر، وأصبح لدينا مساران للعبور إذا تعطل أحدهما يمكن اللجوء للآخر، «كنا الأول ماشيين على رجل واحدة دلوقتى بقينا ماشيين على جوز رجلين»، وهذا كفيل بأن نسير بشكل أسرع وأكثر أمانا وإنجازا.
 

محمود سعد الدين: ترددت شائعات عن تأثير القناة الجديدة على عوائد خدمات السفن فى أوقات الانتظار.. فهل هذا الكلام دقيق؟
 
 
هذا الكلام بعيد تماما عن الصحة ولا أساس له، فالسفن التى كانت تتوقف فى انتظار العبور كانت تتوقف فى مناطق انتظار جانبية ضمن نطاق المجرى الملاحى، ولا يستطيع طاقمها التحرك أو مغادرتها والخروج من منطقة الانتظار إلا بإذن من الجمارك وبعض الجهات الأخرى، وبالتالى لم نتأثر بتقليص زمن العبور، وإنما خدمنا العالم والعملاء بإيصال البضائع والأغذية والدواء لكل دول العالم بشكل أسرع.

دندراوى الهوارى: هل هذا يشجعنا على القول إن القناة الجديدة حققت الجدوى المتوقعة منها؟
 
 
بالفعل، حققنا الجدوى الاقتصادية المتوقعة، وبعد 8 أشهر فقط من حفل الافتتاح وبدء عمل القناة الجديدة، إذ حققنا عائدات تعادل ما دفعه المصريون لتمويل عملية الحفر، وهذا أكبر دليل على أهمية المشروع ونجاحه والأثر الإيجابى لقرار الرئيس السيسى بتنفيذه سريعا، علاوة على أنه بفضل القناة الجديدة أصبحنا قادرين على استيعاب كل أجيال السفن، وبأعداد أكبر وأزمنة عبور أقل، فاجتذبنا كل الخطوط الملاحية التى كانت تستخدم طرقا وقنوات بديلة، وزادت مؤشرات أدائنا رغم تراجع حركة التجارة العالمية بشكل عام، وهذا عزز دور قناة السويس كمصدر رئيسى للعملة الصعبة المتدفقة إلى الخزانة العامة، وفى ضوء أهمية هذا الدور نعمل ليل نهار لزيادة أعداد السفن العابرة بشكل مستمر، وإذا كنا حققنا نتائج اقتصادية مبهرة خلال فترة قصيرة، فإننا نتطلع إلى مزيد من النجاحات والنتائج.
 

شعبان هدية: وماذا عن التوقعات المستقبلية؟
 
 
بعض التوقعات تشير إلى احتمال انخفاض حصة قناة السويس من إجمالى التجارة العالمية خلال العام المالى الجارى، تأثرا بتراجع حركة التجارة والأسواق العالمية نفسها، لكن رغم ذلك فإن العائدات ستزيد بمستويات قياسية جديدة فى ظل الآثار الإيجابية الناجمة عن نجاح القناة فى استقطاب خطوط ملاحية جديدة، ووفق الجدوى الاقتصادية والخطط المستهدفة على المديين القصير والمتوسط فإننا نتوقع الوصول إلى ضعف المتحققة فى العام 2014 خلال 4 سنوات فقط من الآن، وتحديدا فى العام المالى 2022/ 2023.
 
خالد صلاح: ما هى الرؤية المستقبلية لقناة السويس بالنسبة لحركة التجارة العالمية وكم تستهدف من حركة الملاحة الدولية؟
 
 
نظرتى للمستقبل متفائلة دائما، فالمستقبل هنا، فى قناة السويس ومنطقتها الاقتصادية، بس إحنا نشتغل صح وبجدية وأمل، قناة السويس تتحول الآن إلى قلب التجارة العالمية، إذ تبلغ حصتنا الحالية من الملاحة الدولية 12%، ونستهدف مضاعفتها للوصول بإيرادات القناة إلى ضعف ما حققته فى العام المالى 2014/ 2015 قبل تنفيذ قناة السويس الجديدة. 
 

هبة حسام: ما حجم الإيرادات التى تستهدفون مضاعفتها؟ ومتى يتحقق الهدف؟
 
 
سجلت إيرادات القناة فى 2014 نحو 4 مليارات دولار تقريبا، ونستهدف الوصول بها إلى 8 مليارات دولار خلال أقل من 5 سنوات، وتحديدا فى العام 2023.

حازم حسين: إيقاع التجارة العالمية متبدل بقوة وسرعة فهل نواكب تطورات الأسواق ولوجستيات النقل؟
 
 
نضع حركة التجارة والأسواق العالمية نصب أعيننا، ونستهدف دائما أن نكون جاهزين لاستيعاب أى تطورات فى سوق النقل البحرى، فبعدما اتجه العالم إلى بناء السفن العملاقة وزيادة عمق الغاطس، قررنا حفر قناة السويس الجديدة وتعميق المجرى إلى مستوى 24 مترا بدلا من 16 مترا فى السابق، لتعزيز قدرات القناة على المدى المتوسط والبعيد واستيعاب كل أنواع وأجيال السفن. ما ينفعش نقف محلك سر والعالم بيتقدم حوالينا، إحنا كمان لازم نتقدم ونبص لبكرة، لأن لولا حفر القناة الجديدة وتعميق الغاطس كان يمكن أن يأتى يوم ونجد أنفسنا غير قادرين على استيعاب بعض السفن لأنها ممكن «تشحط» فى المجرى، بس دلوقتى مفيش الخوف ده ونقدر نستقبل كل السفن.
 

خالد صلاح: حدثنا عن كواليس حفر القناة الجديدة ومتابعة الرئيس السيسى للعمل.
 
 
كان الرئيس متابعا للمشروع لحظة بلحظة، ومن أبرز المواقف التى حدثت فى كواليس ما قبل افتتاح القناة يوم 24 يوليو 2015، قررت أجرب التكريك والملاحة فى القناة الجديدة قبل الافتتاح، لأن الاحتفال هيحضره ملوك ورؤساء دول مع الرئيس السيسى، وبالفعل ذهبت إلى التكريك وجاءنى المشرف على الكراكات الأجنبية رافضا التجربة، وطلب أن نجرب يوم 4 أغسطس، قلت له إن الرئيس قادم مع ضيوفه يوم 6 أغسطس وما ينفعش أجرب قبلها بيومين، افرض اكتشفت حاجة هلحق أصلحها إزاى، قال لى خلاص تمضى على مسؤوليتك، ومضيت فعلا، وبعدين قال نعمل التجربة بسفن صغيرة، رفضت وقلت لأ هعملها بسفن عملاقة علشان ما يتقالش إن القناة اتعملت للسفن الصغيرة، وعملتها بسفن عملاقة فعلا وما كنتش قايل لحد، ولا حتى الرئيس نفسه، ونجحت التجربة جدا وكانت الناس بره على المعديات بتتفرج علينا وفرحانة وبتهتف للسفن اللى ماشية فى القناة الجديدة، بس لاحظت ساعتها إن فيه طيارتين فوقى يمين وشمال، فلما سألت قالوا دول بيصوروا، استغربت وقلت عرفوا منين؟ ولما وصلت عشان أدى تمام للرئيس السيسى ردّت عليا الرئاسة وقالت لى هو قاعد بيتابعك ثانية بثانية، وساعتها عرفت الطيارات دى كانت إيه، وباركت له وشكرته على دعمه، وقال لى وقتها مبروك عليك وعلى الشعب، لذلك أتقدم بعظيم التحية للشعب المصرى البطل الذى أنجز المشروع العملاق، وللرئيس السيسى على السرعة فى اتخاذ القرار الذى كان أول عوامل نجاح المشروع، ونفسى يكون ده النظام السائد فى كل المؤسسات الاقتصادية بعيدا عن الروتين، وأقدر أقول إننا فى قناة السويس الجديدة نموذج حى لكده.

خالد صلاح: كيف تلخص ملحمة قناة السويس الجديدة؟
 
 
الشعب المصرى مفتاح تلك الملحمة وبطلها، شعب رائع وقادر على إنجاز المستحيل، علشان كده لازم ناخد بإيده وندعمه ونشتغل لصالحه، الشعب ده هو اللى موّل واللى اشتغل وحفر، وده اتوثق باليوم والساعة والاسم فى كتاب أصدرته هيئة قناة السويس يضم كل صغيرة وكبيرة عن عملية الحفر طوال سنة كاملة، إحنا ما حضرناش حفر القناة الأولى من أكتر من 150 سنة، فقلنا نوثق حفر القناة الجديدة ونكتب إيه اللى حصل باسم الكراكة واللى اشتغلوا واحد واحد، لأن الحاجات دى لازم تتوثق ويتوارثها الأجيال، حفر القناة كان ملحمة بطلها الإنسان المصرى، طوال فترة الحفر التى اقتربت من سنة لم نسجل أية حالة وفاة أو إصابة، مفيش شخص واحد صباعه انجرح من بين 50 ألف شخص اشتغلوا فى القناة، لأن كان فيه انضباط وحرص على تطبيق قواعد السلامة والصحة المهنية، بجانب العزيمة والإرادة والأمل من الشعب، وتلخيصى للملحمة المبهرة دى إن حرب 1956 بدأت من قناة السويس، وحروب 1967 والاستنزاف و1973 بدأت منها، ودلوقتى فيه حرب جديدة للتنمية تبدأ من قناة السويس، فالقناة أهم هدف استراتيجى وشريان حياة بالنسبة لمصر التى انتقلت انتقالة واسعة وناجحة للغاية، لكن فيه ناس بتدور لك على الغلط مش الصح، ورغم الترصد والشائعات تواصل الدولة نجاحها بقيادة الرئيس السيسى، ويتغير وجه الحياة والتنمية فى محور قناة السويس، مع تحقيق نجاحات كبيرة خلال سنتين فقط، لذا أؤكد أن الإرهاب سينتهى من هنا، سينتهى بالبناء والتنمية والتحديث، وده اللى بنعمله من خلال تنفيذ الأنفاق والكبارى وتطوير الموانئ، خاصة ميناء العريش ليكون منفذا لسيناء على البحر المتوسط.
 

السيد فلاح: تنفذ الهيئة مشروعا للاستزراع السمكى فإلى أين وصل المشروع؟
 
 
أطلقنا مشروعا ضخما على مساحة 7500 فدان بإجمالى 4441 حوضا، ونستعد الآن لإنتاج سمك البورى والبلطى التزاما بتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى طالب باستزراع تلك الأنواع لتوفيرها للمستهلك بأسعار مناسبة، بعدما بدأنا المرحلة الأولى ببعض الأنواع مرتفعة السعر، ومن المقرر خروج أول إنتاج من تلك الأنواع خلال إبريل المقبل، وتتميز أسماك مزارع القناة بجودتها العالية وتربيتها النظيفة والسليمة صحيا، خاصة أن الزريعة تعيش فى مياه مالحة على تربة القناة فيخرج السمك شبيها بأسماك القناة وخليج السويس والبحر الأحمر تماما.

هبة حسام: وماذا عن مشروع تنمية المنطقة الاقتصادية وأسباب إنشائها؟
 
 
جاءت فكرة إنشاء المنطقة الاقتصادية بالتزامن مع حفر قناة السويس الجديدة، فمصر تتميز بموقع جغرافى استراتيجى يفصل قارتين ويربط بين بحرين، وتستقبل قناة السويس بين 18 و20 ألف سفينة سنويا، ورغم النجاحات المتحققة إلا أننا لم نستغل كل تلك الإمكانيات بالشكل اللازم حتى الآن، لذا فكرنا فى توظيف الموقع وعبقريته لصالح الاقتصاد، بدلا من تركه دون تنمية والتعامل معه كممر ملاحى فقط، ففكرنا فى كيفية الاستفادة من ثقافة القيمة المضافة فى التعامل مع البضائع العابرة للقناة، وهو الفكر الذى يعمل العالم كله عليه فى الوقت الحالى. فى السنة المالية الماضية استقبلت القناة أكثر من  مليار طن بضائع، وليس منطقيا أن تكون كل علاقتنا بتلك البضائع تنظيم مرورها فقط، يجب أن نملك ثقافة القيمة المضافة ونوظفها لصالح اقتصادنا، عبر الخدمات والمناطق اللوجستية والصناعات التكميلية والتحويلية وخدمات التعهيد، استغلالا لتفرد الموقع وتعدد المزايا والإمكانات، وسعيا إلى خلق مزيد من فرص العمل ودفع النمو الاقتصادى وعجلة الاقتصاد القومى إلى الأمام.
 
 

خالد صلاح: هل هناك سر وراء تزامن فكرة المنطقة الاقتصادية مع حفر القناة الجديدة؟
 
 
قناة السويس شريان حياة مهم جدا لمصر، فالقناة التى حملت اسمها من مدينة السويس التى لم يكن هناك سواها فى المنطقة وقت الحفر، ساهمت فى خلق محافظتين كاملتين، الإسماعيلية وبورسعيد، أى أنها منذ سنواتها الأولى كانت قادرة على خلق الحياة، ومع النمو والتطوير وتحديث الممر وزيادة طاقته الاستيعابية يمكن أن تلعب القناة دورا أكبر فى خلق الحياة، وهذا ما نراهن عليه وكان سببا وراء تفكيرنا فى إنشاء المنطقة الاقتصادية، وعمل توسع عمرانى حول محور القناة، خاصة أن المصريين يعيشون على 6.5% فقط من مساحة مصر، ونحن فى حاجة ماسة إلى زيادة تلك النسبة عبر التوسع العمرانى وخلق مجتمعات عمرانية جديدة، ولأن كل شخص يحتاج إلى مسكن وعمل وخدمات، ولن ينتقل من مكان لآخر دون تلبية تلك الاحتياجات، عملنا فى المنطقة الاقتصادية على تأمين توفر كل الخدمات لاجتذاب آلاف العاملين عبر المشروعات الصناعية والمناطق الخدمية واللوجستية، لتقليص الكثافة السكانية فى الوادى والدلتا، وخلق مناطق تنمية وعمران جديدة فى مصر، وكل ذلك ستكون قناة السويس الخلفية الملاحية له، ومن هنا جاء التزامن فى تنفيذ المنطقة الاقتصادية مع حفر القناة الجديدة.

هبة حسام: وهل هناك مجتمعات عمرانية خلقتها القناة الجديدة؟ 
 
 
بالفعل، مدينة الإسماعيلية الجديدة التى افتتح الرئيس السيسى مرحلتها الأولى فى العام 2016، وهى من مدن الجيل الرابع المتكاملة وجاهزة فى الوقت الحالى لاستقبال السكان، لكنها تنتظر افتتاح الأنفاق العملاقة أسفل القناة حتى نستوعب حجم السكان وحركتهم، ونعيد توزيع الكتلة السكانية المتركزة فى بعض المناطق.
 
شعبان هدية: ما المعايير التى حددت اختيار موقع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس؟
 
 
عند اختيار منطقة استثمارية يجب مراعاة عدد من الأمور، أبرزها سهولة الدخول إليها والخروج منها، سواء عبر البر أو البحر، لذا كان اختيار موقع المنطقة الاقتصادية ومحاورها مرتبطا بحركة النقل وربطها بالبحرين والأحمر والمتوسط، لأن ذلك سيوفر الوقت والجهد وجانبا كبيرا من تكلفة النقل، فكلما كانت المواصلات سهلة وربطنا المنطقة بالعالم كانت جاذبة للاستثمار، وهذا ما يتحقق فى المنطقة الاقتصادية صاحبة الموقع المتميز والمرتبط بكل أنحاء الجمهورية، وبالعالم بكامله من خلال شبكة واسعة تضم 6 موانئ متنوعة.

هبة حسام: كيف تتصل المنطقة الاقتصادية بأنحاء مصر؟ 
 
 
ترتبط المنطقة الاقتصادية بشبكة طرق برية واسعة، كما ترتبط أجزاؤها ببعضها وبالمحافظات من خلال عدد من الأنفاق العملاقة أسفل قناة السويس، وعدد من الكبارى العائمة، وشبكة الطرق القومية التى تنفذها الدولة، لدينا حاليا 5 أنفاق عملاقة، و5 كبارى عائمة تنفذها هيئة قناة السويس فى ترساناتها، الكوبرى الأول يحمل اسم الشهيد أحمد المنسى فى المنطقة 6 بالإسماعيلية، والثانى باسم الشهيد أبانوب جرجس فى القنطرة، وتسميتهما باسمى الشهيدين رسالة تقدير وعرفان وامتنان لما قدموه من أجل مصر، أما الكوبرى الثالث فهو كوبرى طه زكى فى سرابيوم، ثم كوبرى الشط فى السويس وكوبرى النصر فى بورسعيد، وإلى جانب الأنفاق أصبحت لدينا 17 نقطة اتصال تربط سيناء بالضفة الغربية وجسد الوطن الأم، إضافة إلى كوبرى السلام وكوبرى الفردان ونقاط المعديات الخاصة بقناة السويس.

السيد فلاح: هل انتهى تنفيذ كل تلك الأنفاق والكبارى؟ 
 
 
هناك 4 أنفاق عملاقة انتهى تنفيذها بالفعل وتنتظر قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى بالافتتاح وبدء التشغيل، كما أنجزنا الكبارى الخمسة العائمة، وبدأ ذلك قبل العمل فى الأنفاق لتسهيل حركة العبور وتفادى أية أعطال طارئة فى الأنفاق.

خالد صلاح: ومتى تتوقع افتتاح الرئيس السيسى لأنفاق القناة؟
 
 
موعد الافتتاح قرار رئاسى يرتبط برؤية القيادة السياسية وظروفها، لكن أتوقع أن يكون الافتتاح فى عيد تحرير سيناء يوم 25 إبريل المقبل، أو فى ذكرى ثورة 30 يونيو المقبلة، أما النفق الخامس فسيُوضع حجر الأساس له عند افتتاح الأنفاق الأربعة وسيكون على مقربة من نفق الشهيد أحمد حمدى.

حازم حسين: هل ستتولى هيئة قناة السويس إدارة الأنفاق أم ستتبع جهة أخرى؟
 
 
أنشأنا إدارة للأنفاق فى هيئة قناة السويس، لتتولى مسؤولية إدارة وتشغيل أنفاق القناة العملاقة، فالهيئة تحملت تكلفة التنفيذ وأرسلت 30 مهندسا إلى ألمانيا فى دورة شاملة فى التشغيل والصيانة، حتى نكون جاهزين لإدارة تلك المرافق المهمة، كما وفرنا أجهزة تأمين وكشف متقدمة للغاية، إضافة إلى إعداد ساحات أمنية بعيدة عن مداخل الأنفاق منعا لحدوث تكدس على المداخل أو ازدحام فى الحركة، وتلافينا كل العيوب التى كشفتها حركة العمل فى الأنفاق القديمة، وبفضل ذلك المشروع تحملنا قيمة 4 ماكينات حفر نفذت الأنفاق، ودعمنا مترو أنفاق القاهرة بواحدة منها بعد إنجاز المشروع، كما استطعنا خلق وتأهيل جيل جديد من المهندسين المدربين على حفر الأنفاق وفق أعلى الخبرات والمعايير العالمية.
 

هبة حسام: ما أبرز مزايا المنطقة الاقتصادية التى لا توفرها غيرها من المناطق الاستثمارية؟
 
 
لدينا عديد من الحوافز والمزايا لدعم الاستثمار وتشجيع الشركات والمستثمرين، أبرزها أننا نُطبق صفر جمارك على كل صادرات المنطقة للخارج، ونقدم تخفيضات كبيرة فى الرسوم، وفى ضريبة القيمة المضافة، كما يتمتع المستثمر بضمانات واسعة تشمل الحماية القانونية وإمكانية تحويل العوائد والأرباح وعدم التعرض إلى الحجز أو المصادرة، وبعدما كانت العقوبات القانونية والأحكام القضائية تُنفذ على الشركات أصبحت تُنفذ على المستثمر أو الشخص المسؤول عنها بمفرده، فلم يعد المستثمرون يخشون الاستثمار، إذ تقع العقوبة على الأشخاص لا المنشآت.

- وماذا عن موانئ المنطقة والخدمات البحرية التى تقدمها؟
 
 
قمنا مؤخرا بتخفيض رسوم السفن فى ميناء شرق بورسعيد، الذى يعد أهم ميناء محورى فى منطقة شرق البحر المتوسط، وهذا ما أضفى عليه ميزة جديدة، خاصة أنه، مؤخرا، انسحبت بعض التحالفات لخطوط الملاحة العالمية من ميناء شرق بورسعيد بسبب ارتفاع الرسوم، والتى كانت تصل إلى 116 ألف دولار تدفعها السفينة عند دخول الميناء، فى مقابل دفعها لـ36 ألف دولار فقط عند الدخول فى ميناء آخر، لذا بدأت بعض الخطوط العالمية تترك ميناء شرق بورسعيد وتتجه لموانئ أخرى، وهو ما دفعنا لاتخاذ قرار تخفيض الرسوم 50% لخدمات الموانئ، وبالفعل انعكس هذا الأمر على أعداد السفن التى بدأت فى التحسن.
 

هبة حسام: كم تبلغ نسبة العمالة المصرية فى المنطقة الاقتصادية؟
 
 
الهيئة أُنشئت بموجب قانون المناطق الاقتصادية الخاصة، وبحسب نصوص ذلك القانون فإن المستثمر ملزم بالاستعانة بـ90% من العمالة المصرية، على ألا تتجاوز حصة العمالة الأجنبية نسبة 10% من العمالة الإجمالية.

محمود سعد الدين: هل هناك عوائق تواجه المنطقة الاقتصادية بالنسبة للعمالة المصرية؟
 
 
هناك نقص فى العمالة الفنية المدربة، وحتى أتمكن من إلزام المستثمر بتخصيص 90% من العمالة للمصريين يجب أن أوفر له العامل الفنى الماهر والمدرب، لهذا بدأنا إنشاء مراكز تدريب فنية، فاتفقنا بالفعل على مركزين، الأول مع شركة «سيمنس» الألمانية، والثانى مع الصين، بغرض توفير تدريب فنى للعمالة ورفع مستواها، تمهيدا لمدّ المستثمرين والمشروعات العديدة بها، وتنفيذ قانون المنطقة الاقتصادية الذى يُلزم بالاستعانة بأغلبية من العمالة الوطنية، والأهم إكساب تلك العمالة خبرات فنية ومعرفية وعملية ذات طابع دولى عبر كبرى الشركات والمؤسسات العالمية.

هبة حسام: كم يبلغ حجم الإنجاز فى المنطقة الاقتصادية حاليا؟ وما خطتكم المستقبلية؟ 
 
 
المنطقة فى مرحلة متطورة للغاية قياسا على ما كان عليه الأمر قبل سنوات قليلة، وما زالت فرص التنمية والتطوير واسعة جدا، الآن لدينا 192 مشروعا قائما، و100 شركة لوجستية وخدمية، 90% من العاملين فيها من المصريين، وذلك باستثمارات إجمالية تتجاوز 25 مليار دولار، إضافة إلى 25 مليارا تعاقدنا عليها و55 مليار دولار نستهدفها على المدى المتوسط خلال الـ15 سنة المقبلة، وتستهدف المنطقة عشرات الأنشطة الصناعية، أبرزها صناعة تكرير البترول والبتروكيماويات، والملابس والمنسوجات، والحديد والصلب، والجلود، والأدوية، والأغذية والمشروبات، والأثاث، والأجهزة المنزلية والكهربائية، ومن المستهدف تنفيذ أنشطة سياحية وإنشاء موانئ لذلك الغرض على البحر المتوسط، ستكون مخصصة لاستقبال اليخوت والسفن والرحلات السياحية، بغرض وضع مصر على الخريطة السياحية العالمية واستعادة موقعها الرائد والمتقدم فى هذا القطاع المهم.

السيد فلاح: ما آخر التطورات فى تنفيذ مجمع التحرير للبتروكيماويات؟
 
 
هذا المجمع هو الأضخم فى الشرق الأوسط، وفى الوقت الحالى تتواصل الاستعدادات لبدء الخطوات التنفيذية له، باستثمارات إجمالية تصل إلى 200 مليار دولار ومدة تنفيذ 5 سنوات، ومن المتوقع أن يحقق صادرات ضخمة بعد اكتمال مراحل إنشائه الثلاث، بما يتجاوز 8 مليارات دولار سنويا، إلى جانب توفير 48 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وهو اتجاه لدى المنطقة الاقتصادية للتركيز على المشروعات كثيفة العمالة، لتوفير مزيد من فرص العمل ودعم رؤية الدولة وتحركاتها لتنمية سوق العمل وتقليص معدل البطالة.

هبة حسام: المنطقة الاقتصادية مشروع تنموى عملاق فهل تهتمون بجذب المشروعات الكبرى فقط؟
 
 
بالطبع لا، الاقتصاد لا يقوم على المشروعات الكبرى وحدها، لهذا تحرص المنطقة على تنفيذ واجتذاب المشروعات المتوسطة والصغيرة أيضا، وبادرنا فى ذلك المسار بإنشاء وتأسيس ومدّ المرافق إلى 54 مصنعا صغيرا، وتجهيزها بالتراخيص والموافقات اللازمة، والآن تنتظر تلك المصانع الشباب والماكينات لبدء العمل والإنتاج، وكل ما على الراغب فى الحصول على مصنع منها أن يتقدم بفكرته ويُحضر معداته ويبدأ العمل، وبالفعل هناك رواج كبير وطلب واسع عليها.

شعبان هدية: ما هى كلمة السر فى نجاح المنطقة الاقتصادية؟
 
 
المنطقة الاقتصادية منطقة خاصة ذات طبيعة مستقلة، لا تتبع أية وزارة فى الحكومة، ولذلك فإنها تتمتع بالاستقلالية والمرونة فى اتخاذ القرار، فنحن نحدد مستوى التسهيلات والتخفيضات والمزايا وفق الحالة الاقتصادية وموقف التجارة العالمية، بغرض جذب أكبر عدد من السفن، ونتحرك فى هذا بدون الرجوع لأية جهة، لأن هذا دورنا، أن نعزز قدراتنا باستغلال الإمكانات المتاحة ونجذب مزيدا من العملاء والاستثمارات والخطوط الملاحية العالمية، ومزيدا من النقد الأجنبى لدعم الموازنة العامة والاحتياطى النقدى، ونحن ناجحون فى هذه المهمة بقوة لأن مفيش عندنا مركزية فى اتخاذ القرار، والمرونة مش غايبة عننا، وبنتحرك كجهة مستقلة قرارها من داخلها حسب الظروف والأوضاع والأهداف الوطنية العليا.

خالد صلاح: هل لديكم أى تخوفات من تأثير الطرق الجديدة على معدل الملاحة فى القناة؟
 
 
كل تلك الطرق الجديدة، مثل طريق الحرير وفكرة القناة الإسرائيلية، «على راسى»، لكن ستظل قناة السويس قلب التجارة العالمية، والمنطقة الاقتصادية للقناة أيضا ستكون أعظم منطقة اقتصادية فى العالم، لأنها منطقة وسيطة بين الشرق والغرب، تصل بين بحرين مهمين، وتتوفر بها قناتان مهمتان، قناة السويس القديمة والقناة الجديدة، وتجلت تلك الأهمية واضحة فى وضع الصين لمنطقة القناة ضمن مخططات مبادرة الحزام والطريق كأسرع قناة ملاحية فى العالم.

هبة حسام: أشرتم فى كلامكم إلى عدم التخوف من فكرة القناة الإسرائيلية.. هل هناك أسباب عملية للاطمئنان؟ 
 
 
تقوم فكرة القناة على توفير ممر بحرى عبر خليج العقبة إلى ميناء إيلات بطول 180 كيلو مترا، ثم خط سكك حديدية إلى ميناءى حيفا وأشدود بطول 322 كيلو مترا، وشحن البضائع من الميناءين إلى وجهاتها النهائية فى أوروبا، والعكس فى مسار العودة، واستحالة الفكرة تتمثل فى أن كل حاوية 40 قدما تحتاج عربة قطار لنقلها، فإذا استقبلت 20 ألف حاوية فإنك تحتاج 20 ألف عربة قطار، بينما تحتاج سفينة واحدة عملاقة من السفن التى تعبر قناة السويس فى الوقت الحالى، ورغم الحديث عن تدشين منطقة لوجستية فى «إيلات» على مساحة 8 كيلومترات مربعة لتفريغ سفن الحاويات وإعادة شحنها عبر القطارات، فإن تلك الفكرة لا تصمد أمام زيادة حركة النقل البحرى، ولا يستطيع هذا الخط استقبال 60 سفينة عملاقة كالتى تستقبلها القناة يوميا، وهذا يوضح الفارق الكبير بين قناة السويس وأى مشروع آخر مقترح، ويزيد الاطمئنان إلى أنه لا تخوفات من تلك الأفكار، وأننا سنظل الممر الملاحى الأهم فى العالم.

خالد صلاح: وهل وضعتم حالة الموانئ وقدراتها الاستيعابية فى الحسبان؟ 
 
 
بالتأكيد إذا لم نقم بتطوير موانئنا فسنصبح غير قادرين على استيعاب السفن، فالسفينة تحسب وقتها بالدقيقة والثانية، والوقت بفلوس، ولو هتتعطل مش هتدخل عندنا، كما أن دخولها إلى الموانئ المصرية يتطلب توفير كل إمكانات الموانئ المتطورة من قدرات استيعاب ولوجستيات وخدمات بحرية وفق أحدث ما يمكن، ولأن التنافسية مطلوبة وتلعب دورا كبيرا فى تعزيز قدرات جذب العملاء فإننا نضع ذلك فى الحسبان دائما، ونعمل على تطوير الموانئ طوال الوقت، لكن لم يقتصر التطوير على الموانئ فقط فى ظل احتدام المنافسة حولنا وتنامى أعداد المناطق الاقتصادية إقليميا، فبدأنا العمل على تعزيز قدراتنا الشاملة إلى جانب خدمات العبور، لنكون أقوى من تلك المناطق، خاصة أن لدينا ميزة ربانية لا تتوفر لكثير منها، وهى موقعنا الاستراتيجى بالغ الأهمية، فمنطقتنا الاقتصادية أفضل موقع فى كل المناطق المجاورة، ووجود قناة السويس يعزز قدراتها التنافسية ويزيد أعداد السفن المارة فى المنطقة. 

دندراوى الهوارى: حدثنا عن أبرز مشروعات وجهود تطوير موانئ المنطقة الاقتصادية!
 
 
نعمل الآن على تطوير ميناء العين السخنة، ولكن جزءا مهما من تطوير الموانئ يتمثل فى إنشاء مناطق لوجستية وصناعية، وهو ما نعمل عليه بشكل شامل، خاصة فى ميناء شرق بورسعيد الذى ينقل البضائع إلى أوروبا والولايات المتحدة، ونستهدف تحويله إلى ميناء محورى وليس ميناء عاديا، ما يعنى توفير عدد من الاشتراطات والضوابط الفنية والقدرات الاستيعابية، أبرزها العمق وتوفر المناطق اللوجستية والصناعية، وبالفعل طورنا الميناء وصولا بعمق الغاطس إلى 18.5 متر، وخططنا عددا من المناطق اللوجستية والصناعية المتاخمة له، مع شبكة طرق ترتبط بأنحاء المنطقة الاقتصادية، والآن أصبح لدينا ميناء محورى مهم يملك منظومة من الخدمات تسمح له بالدخول إلى قلب التجارة العالمية، فكل السفن المتجهة إلى أوروبا وأمريكا يمكنها المرور من خلاله لتفريغ وشحن الحاويات والبضائع، ونعمل على تلك الاستراتيجيات بخطط شاملة ودراسات فنية واقتصادية وافية، ومستعدون للمنافسة بقوة.

هبة حسام: هل هناك استثمارات أو مشروعات تنوع بها القناة دخلها إلى جانب رسوم العبور؟
 
 
بالفعل نهتم بتنويع مصادر الدخل من خلال عدد من الأنشطة، أبرزها بناء السفن، فى ظل اتجاه العالم إلى بناء السفن العملاقة، كما نعمل أيضا فى الاستزراع السمكى، فأنشأنا مزارع سمكية على مساحة 7500 فدان بإجمالى 4441 حوضا، وأنشأنا شركة تكريك مع الإمارات، ونبنى مشروعات سكنية للعاملين، فتعاملنا كهيئة اقتصادية لا يصح أن يتوقف على رسوم العبور فى القناة فقط.

شعبان هدية: وكيف تستغل الهيئة قدراتها اللوجستية وما تملكه من شركات ومعدات؟
 
 
نعمل على تعزيز القيمة المضافة للأصول الثابتة لهيئة القناة، فمثلا تعمل وحداتنا البحرية وسفن الخدمات حاليا فى حقل «ظهر» العملاق للغاز الطبيعى، بإيجار يصل إلى 6100 دولار فى اليوم للسفينة الواحدة فى تعاقد لمدة سنتين، ما يعنى استعادة ثمن السفينة أو الوحدة البحرية خلال عامى التعاقد، كما نعمل فى بناء السفن العملاقة التى تعادل الواحدة منها 5 أو 6 سفن صغيرة، فى ظل توفير الوقود ووقت وتكلفة نقل البضائع وتعاظم اقتصاديات صناعة السفن الضخمة. 

هبة حسام: ولماذا تحرص قناة السويس على تنويع دخلها بتلك المشروعات؟ 
 
 
إحنا خدنا درس من اللى حصل فى حرب 1967 لما قناة السويس اتقفلت 8 سنين، من يونيو 67 لحد 1975، وظلت مصر فى هذا الوقت بدون عملة صعبة طوال تلك المدة، وهذا الدرس كان كفيلا بأن يلفت أنظارنا إلى ضرورة عدم الرهان على رسوم العبور وحدها كمصدر دخل للقناة، وأن نبدأ تنويع مصادر الدخل عبر عدد من الموارد والمشروعات والاستثمارات. 

حازم حسين: مع نظرة هيئة القناة لتنويع مواردها وفى ظل رئاستكم للهيئتين لماذا لا تستثمر القناة فى المنطقة الاقتصادية؟
 
 
هيئة قناة السويس ليست جهة استثمارية بالأساس، وإنما تحاول تنويع مصادر دخلها بما لا يتعارض مع دورها الأساسى كمورد دخل ومصدر للعملة الصعبة للموازنة العامة، أنا وزير المالية بيعد عليا كل سفينة بتمر فى القناة، وكل مليم بيدخل لنا بنحوله لخزانة الدولة فورا، لأن الدولة تحتاج تلك الإيرادات الدولارية لتدبير المواطنين، وطبعا للشعب المصرى والدولة الأولوية الأولى، ولكن الهيئة تستثمر فيما يخصها بغرض تنويع مصادر دخلها بأقصى قدر ممكن.
 
 
حازم حسين: القناة تحصل رسوم العبور بوحدة حقوق السحب الدولية SDR التى تشمل الدولار واليورو والين والاسترلينى.. فلماذا لا تشمل الروبل الروسى واليوان الصينى فى ظل علاقاتنا المتنامية بالبلدين وهل يمكن إدخال الجنيه ضمن سلة العملات؟
 
 
اليوان الصينى دخل إلى سلة العملات الدولية بالفعل، لكن الأمر مرتبط بأبعاد اقتصادية ومالية دولية، أما فيما يخص الجنيه فإن الأمر لن يشكل دعما للاقتصاد، فإذا حصلت على رسوم العبور بالجنيه سأضطر إلى تحويله للدولار أو اليورو لتدبير وارداتى، فلماذا لا أحصل عليه بتلك العملات من البداية؟ كما أن اهتزاز أداء الجنيه أو انخفاض قيمته سيؤثر على دخل القناة، أما استقرار الدولار يضمن عدم تأثر إيرادات القناة سلبيا.

حازم حسين: حتى الآن هناك بعض سفن الصب الجاف وناقلات البترول لا تستطيع عبور القناة.. هل يعود الأمر لسبب فنى أم لوجستى؟
 
 
فى العام 1967 لجأت بعض الدول لبناء ناقلات بترول عملاقة لمعالجة آثار طول أزمان الرحلات وارتفاع تكلفتها بعد إغلاق قناة السويس بعد الحرب، وما زالت تلك الناقلات مستخدمة فى النقل من السعودية والكويت إلى الولايات المتحدة وأوروبا، ونتيجة ضخامة خزانات الناقلات لا يمكنها العبور بحمولتها، ولكنها تستطيع العبور بعد تفريغ الحمولة جزئيا أو كليا واستعادتها فى نهاية القناة، وذلك من خلال خط أنابيب «سوميد» وصولا إلى سيدى كرير، وتلك النقطة تحديدا تؤكد ضرورة التطوير المستمر وواسع المدى للتوافق مع كل تغيير تشهده حركة التجارة العالمية وصناعة السفن، لأن مفيش حاجة ثابتة طول الزمن، خاصة فى أجيال السفن الجديدة ومنظومة التجارة العالمية المتغيرة دائما بتطور السفن وقدرات الموانئ، فعلى سبيل المثال أصبحت الصين والهند الآن مسؤولتين عن حصة ضخمة من التجارة العالمية التى باتت تتحرك من الشرق للغرب، وليس من الشمال للجنوب كما كان الأمر فى الماضى، وفى مصر استعددنا جيدا لتلك التطورات ولاستيعاب الحركة التجارية المنتقلة من الشرق إلى الغرب، عبر تعميق المجرى الملاحى للقناة إلى 24 مترا «66 قدما» والسماح بالعبور المزدوج من خلال قناة السويس الجديدة ومشروع توسعة وتعميق التفريعات الجانبية، وإنشاء محور تنموى ضخم يضم عدة موانئ ومدن صناعية ضمن مشروع المنطقة الاقتصادية، لتعظيم القيمة المضافة ومواكبة التطور العالمى.

شعبان هدية: كم تبلغ حصة الاستثمارات المصرية ضمن مشروعات المنطقة الاقتصادية؟
 
 
حتى الآن يتصدر الاستثمار المحلى خريطة المستثمرين فى المنطقة الاقتصادية، بحصة عظيمة تصل إلى 90% من إجمالى الاستثمارات القائمة، من خلال عدد من الشركات المصرية الكبرى فى كل المجالات، فى مقدمتها السويدى للكابلات والمعدات الكهربائية، ومجموعات السلاب وأبو العينين ومحمد فريد خميس وأحمد عز، كل رجال الأعمال الكبار تقريبا دخلوا المنطقة الاقتصادية وبدأوا العمل، وبعدما كنا نواجه أزمة سابقة بسبب ممارسات بعض رجال الأعمال والشركات الذين يُجمدون الأراضى بدون تنمية، تغيرت تلك الصورة تماما بعد قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى بإنهاء تلك الحالة من خلال سحب الأراضى من المستثمرين بعد مضى 3 سنوات على قرار التخصيص بدون بدء العمل والتنمية والإنتاج.
 

خالد صلاح: وهل يتوفر تقدير لتأثير قرار الرئيس على حجم العمل فى المنطقة الاقتصادية؟
 
 
بالفعل حقق القرار نتائج إيجابية للغاية، ففى الوقت السابق كان بعض رجال الأعمال يحصلون على الأراضى لتسقيعها، بل وتوريثها أيضا بدون تنمية أو تطوير، لكن بعد قرار الرئيس وسحب عدد من قطع الأراضى، تسارع إيقاع العمل، وأصبح الجميع يعملون ويطورون المساحات المخصصة لهم ويساهمون فى خطط التنمية وفق مستهدفات الدولة.
 

خالد صلاح: وماذا عن الاستثمار الأجنبى؟
 
 
الاستثمار الأجنبى رهان مباشر بالنسبة للمنطقة الاقتصادية، لكننا نستهدف منه الشركات الكبرى والمستثمرين الأقوياء، وبثقة كبيرة يمكن القول إن كل الشركات العملاقة والدول الكبرى أصبحت موجودة فى المنطقة الاقتصادية الآن، ألمانيا دخلت فى منطقة شرق بورسعيد، وروسيا تستثمر لأول مرة خارج دول الاتحاد السوفيتى السابق، عبر تصنيع الجرارات والمعدات الزراعية التى تتميز فيها، إضافة إلى صناعة الأوناش والروافع الثقيلة، فالروس جاءوا إلى المنطقة الاقتصادية لاستغلال الترسانات المملوكة لهيئة قناة السويس والقاعدة العريضة المتوفرة لصناعة الأوناش والمعدات البحرية، وذلك إضافة إلى الوجود القوى للصين من خلال منطقة «تيدا» فى العين السخنة، وأحد أكبر مصانع «الفايبر جلاس» فى العالم الذى يصدر 90% من منتجاته، وهو ما ساهم فى وضع مصر بقوة على الخريطة العالمية للدول الكبرى المصدرة لذلك المنتج المهم.

هبة حسام: هل وضعتم قواعد منظمة لدخول الاستثمار الأجنبى للمنطقة؟ 
 
 
هناك قاعدتان أساسيتان لتنظيم دخول الاستثمارات الأجنبية إلى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، الأولى مراعاة تنوع الاستثمارات والأنشطة وعدم اقتصارها على دولة بعينها، والثانية المساواة الكاملة بين الجميع فى المزايا والالتزامات وعدم التمييز بين مستثمر وآخر. 
 

محمود سعد الدين: ماذا عن الشركات العالمية مثل مرسيدس التى عادت بعدما سحبت استثماراتها من مصر فى وقت سابق؟
 
 
المثل بيقول «من جاور السعيد يسعد»، وهذا الأمر ينطبق على الاستثمار، فكلما نجحت فى اجتذاب مستثمر قوى أصبحت المنطقة أكثر قوة وجذبا، وبالتالى فإن دخول شركات عالمية مثل مرسيدس وموانئ دبى يرفع تصنيف المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ويجعلها منطقة تنافسية وجاذبة للاستثمار والمستثمرين، لذلك نعمل على تهيئة المنطقة وتعزيز قدراتها وفى الوقت نفسه جذب المستثمرين الأقوياء والشركات الكبرى. وفيما يخص خروج مرسيدس من السوق فى وقت سابق لم يرتبط الأمر ببنية الاستثمار والقدرات الفنية واللوجستية، وإنما كان بسبب مشكلات مع مصلحة الجمارك، والسيد الرئيس تدخل بنفسه وحل كل المشكلات العالقة، وآخر مرة زار فيها العاصمة الألمانية برلين التقى مسؤولى شركة مرسيدس، لذلك يمكن القول إنها عائدة إلى السوق المصرية بقوة وبدعم من القيادة السياسية، لكن عودتها ستأتى عبر عدة مراحل تبدأ بمركز لوجستى فى المنطقة الاقتصادية، ثم عدة مصانع لتجميع السيارات، تليها إطلاق مصانع وخطوط إنتاج للصناعات المغذية وإنتاج السيارات محليا، وهذه المراحل المتتابعة ستوفر آلافا من فرص العمل وتعزز القيمة المضافة للمنطقة وقدراتها التنافسية وسمعتها كمنطقة جذب، أما موانئ دبى فهى شركة ضخمة تدير عددا كبيرا من الموانئ فى 78 دولة حول العالم، ولديها خبرة كبيرة فى المجال، ونحن فى حاجة إلى تلك الخبرة لتطوير أداء الموانئ المصرية وإدارتها، لأنها فى حاجة للتطوير والتحديث سواء فيما يخص الإدارة أو الخبرات الفنية، خاصة بعدما اتفقنا مع وزير النقل المهندس كامل الوزير على ضرورة إيجاد مخطط طموح لتطوير الموانئ باعتبارها بوابة مهمة للدولة، واستغلالا لما نملكه من إمكانيات فى القطاع ونتمتع به من موقع وسطى استراتيجى بالنسبة للعالم بأكمله، وبفضل تلك المزايا يجب أن تكون موانئنا متطورة وقادرة على التعامل مع كل أجيال السفن العملاقة وإنهاء إجراءاتها بسرعة من خلال إدارة جيدة وآليات عمل عصرية ومتطورة.

دندراوى الهوارى: هل هناك أشياء ما زالت تنقص المنطقة الاقتصادية حتى الآن؟ 
 
 
أنجزنا كثيرا من الأمور، لكن بعض مشروعات البنية التحتية ما زالت تنقصنا، وتلك المشروعات بالغة الأهمية لأن مفيش مستثمر بيشتغل ويستثمر من غيرها، لهذا كلما دعمت البنية التحتية وعملت على تقويتها رفعت تصنيف المنطقة وعززت تنافسيتها وقدرتها على جذب الاستثمارات.

هبة حسام: وإلى أين وصل الموقف التنفيذى للبنية التحتية؟
 
 
لدينا خريطة واسعة من المشروعات، ونبنى حاليا محطة للمياه فى العين السخنة بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، فى ظل اعتمادنا فى الوقت الحالى على خط المياه القادم من مدينة العاشر من رمضان، وذلك التزاما بنص قانون المناطق الاقتصادية الخاصة الذى يُلزم الدولة بتوفير المرافق وخطوط المياه والكهرباء للمستثمر على رأس الأرض، ليستكمل هو إنجاز الشبكات الداخلية بحسب طبيعة النشاط ونوعية الصناعة المنفذة فى أرض المشروع. أما فى بورسعيد فإن موقف البنية التحتية جيد جدا وليس قيد الاستكمال كما هو الحال فى العين السخنة، لكن البنية التحتية ليست خطوط مياه وكهرباء فقط وإنما تتسع لتشمل مشروعات أخرى عديدة، فمثلا قناة السويس الجديدة التى نفذناها فى السنوات الماضية بمثابة بنية تحتية للمنطقة الاقتصادية، وكذلك الأنفاق العابرة أسفل القناة جنوبى بورسعيد وشمالى السويس، والكبارى ونقاط العبور العديدة على المجرى الملاحى، وقانون الاستثمار الجديد، الموضوع مش ميّه وكهربا بس، لازم تشتغل فى كل حاجة فى وقت واحد وبرؤية شاملة حتى تزيد القيمة المضافة وترفع التنافسية وقدرات الموقع الاستثمارى، فكلما يسرت على المستثمر وسهلت بيئة العمل بدءا من إنهاء الإجراءات وإصدار التراخيص وصولا إلى إقامة المشروع وتشغيله ونقل احتياجاته ومنتجاته، وتيسير دخول أمواله وخروجها، وفرت مساحة أوسع من الجذب وقدرة أكبر على استقطاب مزيد من الشركات والمستثمرين، مع ضرورة أن توفر له العمالة الفنية التى تعد من مكونات البنية التحتية، والمشروعات السكنية ووسائل النقل والخدمات اللازمة لتلك العمالة، لذا يشمل المشروع إقامة محاور سكنية وشبكات طرق وخدمات، إضافة إلى مراكز تدريب مهنية للصناعات الوافدة، فكل تلك العناصر والمكونات تدخل ضمن مفهوم البنية التحتية، ونعمل عليها فى آن واحد وبإيقاع متسارع.
 
 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق