علوم مسرح الجريمة.. إثبات النسب في القانون المصري بالبصمة الوراثية «DNA»
الخميس، 28 مارس 2019 10:00 ص
« DNA»..هي المادة الوراثية الموجودة في خلايا جميع الكائنات الحية، وهي التي تجعلك مختلفًا، إنها الشفرة التي تقول لكل جسم من أجسامنا: ماذا ستكون؟ وماذا ستفعل عشرة ترليونات «مليون مليون» من الخلايا؟، وطبقًا لما ذكره العالمان: «واطسون» و «جريح» في عام 1953 فإن جزيء الحمض النووي «DNA» يتكون من شريطين يلتفان حول بعضهما على هيئة سلم حلزوني، ويحتوي الجزيء على متتابعات من الفوسفات والسكر.
ودرجات هذا السلم تتكون من ارتباط أربع قواعد كيميائية تحت اسم أدينين A ، ثايمين T، ستيوزين C، وجوانين G، ويتكون هذا الجزيء في الإنسان من نحو ثلاثة بلايين ونصف بليون قاعدة كل مجموعة ما من هذه القواعد تمثل جينًا من المائة ألف جين الموجودة في الإنسان، إذًا فبعملية حسابية بسيطة نجد أن كل مجموعة مكونة من 2.200 قاعدة تحمل جينًا معينًا يمثل سمة مميزة لهذا الشخص، هذه السمة قد تكون لون العين، أو لون الشعر، أو الذكاء، أو الطول، وغيرها «قد تحتاج سمة واحدة إلى مجموعة من الجينات لتمثيلها».
فى التقرير التالى «صوت الأمة» رصد أهمية البصمة الوراثية، والأجزاء التى تُستخرج منها فى الجسم، والكمية المطلوبة لمعرفة البصمة الوراثية، ومجالات الاستفادة من البصمة الوراثية – بحسب الخبير القانونى والمحامية يارا أحمد سعد.
أهمية البصمة الوراثية :
تعتبر مسألة البصمة الوراثية ومدى الاحتجاج بها من القضايا المستجدة التي اختلف فيها فقهاء العصر، وقد تطورت الأبحاث في مجال الطب وتم اكتشاف محتويات النواة والصفات الوراثية التي تحملها الكروموسومات والتي يتعذر تشابه شخصين في الصفات الوراثية – عدا التوائم المتشابهة – وهي أكثر دقة وأكثر توفراً من بصمات الأصابع حيث يمكن أخذ المادة الحيوية الأساسية لنستخرج منها البصمة الوراثية من الأجزاء التالية :
1– الدم.
2 – المني.
3 – جذر الشعر.
4– العظم.
5 – اللعاب.
6 – البول .
7 – السائل الأمينوسي «للجنين» .
8 – خلية البويضة المخصبة «بعد انقسامها 4 – 8».
9 – خلية من الجسم .
والكمية المطلوبة – وفقا لـ«سعد» - بقدر حجم الدبوس تكفي لمعرفة البصمة الوراثية، وقد ارتضى المجمع الفقهي بمكة التعريف التالي للبصمة الوراثية: «البصمة الوراثية هي البنية الجينية نسبة إلى الجنيات أي المورثات التي تدل على هوية كل إنسان بعينه».
إن مصادر البصمة الوراثية موجودة في النواة من كل خلية في جسم الإنسان والجسم يحتوي على ترليونات من الخلايا، وكل خلية تحتضن نواة هي المسئولة عن حياة الخلية ووظيفتها وكل نواة تحتضن المادة الوراثية بداية من الخواص المشتركة بين البشر جميعهم أو بين سلالات متقاربة وانتهاء بالتفصيلات التي تختص بالفرد وتميزه بذاته بحيث لا يطابق فرداً آخر من الناس.
ومصدر البصمة موجود على شكل أحماض أمينية «DNA» وتسمى الصبغيات لأن من خواصها أنها تلون عند الصبغ ويطلق عليها أيضاً «الحمض النووي»، لأنها تسكن في نواة الخلية وهي موجودة في الكروموسومات، وهذه الكروموسومات منها ما هو مورث من الأب والأم ومنها ما هو مستجد بسبب الطفرة الجديدة NEO MUTATION – الكلام لـ«سعد».
والصفات الوراثية تنتقل من الجينات وهذه الجينات تتواجد في الكروموسومات وهناك حوالي مئة ألف جين مورث في كل كروموسوم واحد، لذلك لو تم دراسة كروموسومين فقط بطريقة عشوائية لأمكن متابعة عدد كبير من هذه الصفات الوراثية في هذين الكرموسومين ولأصبح الجواب الصحيح في معرفة البصمة الوراثية للأبوة والبنوة بنسبة نجاح تصل لـ 99.9% نظراً لعدم تطابق اثنين من البشر في جميع هذه الصفات الوراثية
مجالات الاستفادة من البصمة الوراثية :
إن اكتشاف القوانين المتعلقة بالوراثة ومعرفة ترتيب عناصرها المشتركة والخاصة ومعرفة كيفية الاستفادة منها مما هيأه الله للبشر من العلم في هذا الزمان كما قـال تعالى: « ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء».
ويمكن تطبيق هذه التقنية والاستفادة منها في المجالات التالية :
1- إثبات النسب أو نفيه وما يتعلق بذلك مثل تمييز المواليد المختلطين في المستشفيات أو في حال الاشتباه في أطفال الأنابيب أو عند الاختلاف أو التنازع في طفل مفقود بسبب الكوارث والحوادث أو طفل لقيط أو حال الاشتراك في وطء شبهة وحصول الحمل أو عند وجود احتمال حمل المرأة من رجلين من خلال بييضتين مختلفتين في وقت متقارب كما لو تم اغتصاب المرأة بأكثر من رجل في وقت واحد، أو عند ادعاء شخص عنده بينة «شهود»بنسب طفل عند آخر قد نسب إليه من قبل بلا بينة .
2- تحديد الشخصية أو نفيها مثل عودة الأسرى والمفقودين بعد غيبة طويلة والتحقق من شخصيات المتهربين من عقوبات الجرائم وتحديد شخصية الأفراد في حالة الجثث المشوهة من الحروب والحوادث والتحقق من دعوى الانتساب بقبيلة معينة بسبب الهجرة وطلب الكلأ أو تحديد القرابة للعائلة .
3- إثبات أو نفي الجرائم وذلك بالاستدلال بما خلفه الجاني في مسرح الجريمة من أي خلية تدل على هويته كما هو الحال في دعاوى الاغتصاب والزنى والقتل والسرقة وخطف الأولاد وغير ذلك.
ويكفي أخذ عينة من المني أو العثور على شعرة أو وجود أثر اللعاب عقب شرب السيجارة أو أثر الدم أو بقايا من بشرة الجاني أو أي خلية تدل على هويته : ونسبة النجاح في الوصول إلى القرار الصحيح مطمئنة لأنه في حال الشك يتم زيادة عدد الأحماض الأمينية ومن ثم زيادة عدد الصفات الوراثية .
ومن أشهر القضايا التي استعملت فيها هذه التقنية فضيحة بيل كلنتون الرئيس الأمريكي في قضيته المشهورة مع ليونيسكي، حيث لم يعترف ويعتذر للجمهور الأمريكي إلا بعد أن أظهرت الأدلة الجنائية وجود بصمته الوراثية المأخوذة من المني الموجود على فستان ليونيسكي .