الجولان ليست الأولى.. الاضطهاد الديني في إسرائيل يُطيح بالقوانين الدولية (صور)
الأربعاء، 27 مارس 2019 05:00 معلاء رضوان
المتابع الأمين لأوضاع القدس لن يجد أدنى مشقة في رصد ما أقدمت عليه إسرائيل في السنوات الأخيرة من إجراءات تهودية، بدءاً بعمليات التوسع الاستيطاني ووصولا إلي هدم المباني العربية من أجل طمس هويتها العربية بشريا و عمرانيا وتراثيا.
فى التقرير التالى «صوت الأمة» رصد الاضطهاد الديني للمسلمين و المسيحيين في إسرائيل، والإجراءات السياسية وعمليات التطهير العرقي والديني المتعارضة مع أحكام القانون الدولي و للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك مخالفة لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م – بحسب الخبير القانونى والمحامى صالح حسب الله.
اليهود بين الدرجة الأولى والثانية
إن الكيان الصهيوني الذي ينتهك اتفاقية جنيف الرابعة يوميا، هو أكبر تجمع لشتات عنصري غير مسبوق في تاريخ العلاقات الدولية، حيث أن إسرائيل تعتبر اليهود الغربيين مواطنين من الدرجة الأولي، وتعتبر يهودها الشرقيين من أصول يمنية و عراقية و مصرية و مغربية و سورية من الدرجة الثانية في سلم العرق والمكانة الاجتماعية، بينما تعتبر يهودها السود من أصول حبشية وهندية وجنوب أفريقيا من الدرجة الثالثة، وتعتبر الدروز العرب من الدرجة الرابعة، أما المسلمون و المسيحيون فهم من الدرجة الخامسة والأخيرة في السلم الطبقي العنصري في إسرائيل – وفقا لـ«حسب الله».
و تنص المادة 27/3 من اتفاقية جنيف الرابعة علي أن «يعامل جميع الأفراد المحميين بنفس الاعتبار بواسطة طرف النزاع الذين يكونون تحت سلطته دون أي تميز ضار يرجع سببه علي الأخص إلي العنصر أو الدين أو المعتقد السياسي».
ممارسة الإرهاب للمسيحين
وإسرائيل كما تشهد أعمالها المشينة تمارس الاضطهاد ضد المسلمين والمسيحيين في الأراضي العربية المحتلة وأن الجماعات اليهودية المتعصبة والمسلحة بواسطة الجيش الإسرائيلي تشعل النار في منازل المسلمين والمسيحيين، وكذلك دور عبادتهم، ومذبحة الخليل يوم 25 فبراير سنة 1994 في صلاة الفجر التي ارتكبها جولد شتاين واحدة من عشرات المذابح التي ارتكبها الكيان الصهيوني ضد المسلمين، وكذلك أحرقت بيتا تعيش فيه ثلاث راهبات سويسريات في مدينة القدس بحجة أنهن يمارسن الدعوة للمسيحية – هكذا يقول «حسب الله».
قتل الأطفال والنساء
بل إن الجماعات اليهودية التي ترتدي زيا خاصا تتخذ من النساء والضعفاء هدفا لها ولأعمالها الإجرامية ، وتعمل دائما علي بث الذعر و الرعب و الفزع و ترويع أصحاب الديانات غير اليهودية في جميع أنحاء الأرض المحتلة و بوجه خاص في مدينة القدس، وفي كثير من المرات اعتدت الشرطة الإسرائيلية نفسها علي رجال الكاثوليك و الأرثوذكس و ينال العرب نصيبا أكبر من هذه الاعتداءات بهدف الضغط عليهم و دفعهم إلي الفرار من أرضهم و ديارهم، وهدمت إسرائيل أكثر من مائة مسجد وكنيسة ودمرت أعداد كثيرة من أماكن العبادة مثل حريق المسجد الأقصى والحفر من تحته بقصد تدميره تدريجيا – الكلام لـ«حسب الله».
أزمة معبد دير السلطان
وعلي الرغم من أن الاتفاقية الرابعة تمنع هذه الجرائم إلا أن إسرائيل تمارسها بشكل شبه يومي، وتمنع رجال الدين من إقامة صلواتهم و تحول بينهم و بين الوصول إلي أماكن العبادة بالعنف و بالقوة، وواقعة الاستيلاء علي معبد دير السلطان التابع للرهبان و الكنيسة المصرية أكبر دليل علي ذلك علي الاضطهاد، وحاولت الكنيسة المصرية استرداده و صدر فيه حكم بأحقية الكنيسة المصرية في ملكية هذا الدير، ومع ذلك فإن الحكومة الإسرائيلية ترفض تنفيذ هذا الحكم.
فقد قاومت قوات الشرطة الإسرائيلية في ليلة عيد القيامة سنة 1969 و ضربت الرهبان فأصيب ثلاثة منهم، وأوقفت شعائر الصلاة – و لم تكن هذه المرة الأولي التي تعتدي الشرطة اليهودية علي الرهبان أثناء الصلاة، و لقد حكمت المحكمة العليا بالقدس بتاريخ 9 يناير 1979 بأحقية الكنيسة المصرية في تسلم دير السلطان .
كما قرر الحكم إدانة تصرفات الحكومة الإسرائيلية التي لا سابق لها في تاريخ الأماكن المقدسة و رغم ما تدعيه الدعاية الصهيونية من أن إسرائيل واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط، فإن أحكام القضاء لا تنفذ و ضربت سلطات الاحتلال بها عرض الحائط .
و مازال دير السلطان مغتصبا مثل بقية الأرض و محكمتهم العليا مجرد حبر علي ورق الأمر الذي يجرد إسرائيل من صفة الديمقراطية المزعومة، لأن أبسط قواعد الديمقراطية هو الخضوع لأحكام القانون و احترام رأي القضاء و إسرائيل لا تفعل هذا و لا ذاك.
إرهاب المسلمين
اضطهاد السلطات الإسرائيلية للكاثوليك والأرثوذكس لا يفوقه إلا اضطهادها للمسلمين، وحرق المسجد الأقصى والاعتداء علي المصلين في مسجد الخليل، وإغلاق المساجد في وجوه المصلين في المناسبات والأعياد الدينية، ودخول الجنود اليهود إلي المساجد بأقدامهم وأحذيتهم وحصار المصلين بالأسلحة وهم يؤدون الصلاة وإيذائهم بالضرب والركل وإغلاق المدارس الدينية والرسومات المعادية للنبي محمد ء وللسيد المسيح عليه السلام .
ومحاولة تزييف القرآن وغير ذلك من الأساليب الهمجية المخالفة لاتفاقية جنيف وقواعد العرف الدولي تدل علي أن إسرائيل لا تحترم التزاماتها الدولية التي تفرضها الاتفاقية الرابعة، وكذلك قواعد العرف الدولي، وأنه ليست دولة متحضرة كما يزعم أنصارها ومؤيدوها.
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم تناقش لجنة الاضطهاد الديني في الكونجرس الأمريكي هذه الجرائم ضد أصحاب الديانات الأخرى في الأرض العربية المحتلة ؟ ولماذا لم يطبق بشأن هذه الجرائم قانون الاضطهاد الديني الذي سنه الكونجرس عام 1998 م و نصب نفسه مشرعا دوليا يتولي رعاية شئون الأقليات في العالم، والذي يعطي الرئيس الأمريكي – دون وجه حق – سلطة فرض العقوبات الاقتصادية و السياسية علي الدول التي تمارس التمييز العنصري و الاضطهاد الديني و أولها إسرائيل ؟
إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تقدم ما يقرب من 20 مليون دولار صباح كل يوم دعما للاحتلال اليهودي وتنصب نفسها زعيمة للعالم، و تفرض علي كل الشعوب الخضوع لقوانينها، وتصدر قانونا مناوئا للإرهاب و الاضطهاد الديني، وتنص فيه صراحة علي حقها دون منازع في محاسبة و معاقبة كل دولة تمارس الاضطهاد الديني بأي صورة من الصور، ولكن الإدارة الأمريكية تسكت عن ما يحدث في إسرائيل من اعتداءات و جرائم ضد المسلمين والمسيحيين من سكان الأرض المحتلة – بحسب «حسب الله».
إن سجلات لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وسجلات اليونسكو وتقارير المنظمات الدولية تضم آلاف الوقائع والحقائق والشهادات والأدلة التي لا يرقي إليها شك أن إسرائيل تمارس الإرهاب والاضطهاد الديني للمسلمين والمسيحيين .
وإذا كانت المنظمات الدولية تعمل علي سيادة روح التعاون والتسامح و ثقافة السلام، فإن الكيان الوحيد في العالم الذي يحتاج إلي تهذيب وتثقيف حول احترام حقوق الإنسان واحترام الديانات الأخرى هذا الكيان المسمى بالكيان الصهيوني المؤسس علي التعصب والكراهية للآخرين، وهذا مرفوض طبقا لقواعد القانون الدولي المكتوبة والعرفية بما فيها اتفاقية جنيف الرابعة 1949 م .
من قبل أعلن الرئيس الأمريكي آل جور يوم 23 مايو 1999 م، في كلمة ألقاها أمام منظمة «إيباك» اليهودية الأمريكية وهي أكبر منظمة إرهابية في العالم كما قال عضو مجلس الشيوخ الأسبق «جاك تنى» بأنه بإبلاغ هؤلاء بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستعمل بكل حماس من أجل إلغاء مؤتمر اتفاقية جنيف الرابعة المقرر عقدة لبحث الانتهاكات اليهودية لحقوق الفلسطينيين في الأرض المحتلة .
الحقيقة أن الإدارة الأمريكية وضعت نفسها من قبل موضع المدافع عن القتلة ومجرمي الحرب الذين يسفكون الدماء و يستولون علي أرض الغير، واليوم وبعد إعلان رئيس أمريكا أن القدس عاصمة إسرائيل أصبحت الإدارة الأمريكية شريكة للكيان الصهيوني في جرائمه ضد العرب والمسلمين والمسحيين بل جرائمه ضد الإنسانية، واليوم يستكمل ترامب سلسلة الانتهاكات الإرهابية والاستيلاء على أرض الجولان.