في ذكرى طابا .. مفيد شهاب لـ«صوت الأمة»: مصر خاضت معركة قانونية ودبلوماسية ناجحة
الثلاثاء، 19 مارس 2019 07:20 ممنة خالد
في أواخر خريف عام 81 وفي الوقت الذي بدأت إسرائيل انسحابها من سيناء تنفيذا للمرحلة الأخيرة من مراحل اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، سعى الجانب الإسرائيلي إلى افتعال أزمة تعرقل الانسحاب الأخير من أرض الفيروز، بإثارة مشكلة حول العلامة 91 طابا .. كان هذا الفعل الإسرائيلي بداية لمعركة سياسية وقانونية خاضتها مصر لتخرج منتصرة رافعة الرأس والعلم في هذا اليوم 19 مارس عام 1989.
مفيد شهاب
ومابين العامين 1982 -1989 شكّلت مصر لجان قومية للدفاع عن طابا، وتشكلت بالخارجية المصرية لجنة لإعداد مشارطة التحكيم، وعقب قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي بالموافقة على التحكيم، تم توقيع اتفاقية المشارطة بمشاركة شمعون بيريز في 11 سبتمبر 1986.. وقبلتها إسرائيل بضغط من الولايات المتحدة، وأُلزم الجانب الإسرائيلي بقبول التحكيم وفق جدول زمني محدد بدقة، وحصر مهمة هيئة التحكيم في تثبيت مواقع العلامات ال14 المتنازع عليها.
هذه المرحلة، كانت الأخطر قبل الحكم، وبعد قبول الجانب الإسرائيلي "تحت ضغط"، تم الإعلان عن حكم هيئة التحكيم في جنيف بسويسرا في النزاع حول طابا، وجاء الحكم في صالح مصر مؤكدا أن طابا مصرية في 29 سبتمبر 1988. ليتم رفع العلم معلنا السيادة المصرية على طابا في 19 مارس 1989.
وبمناسبة ذكرى تسليم، تحدثنا مع الدكتور مفيد شهاب وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية الأسبق وعضو اللجنة القومية للدفاع عن طابا، ورئيس الفريق القانوني المصري لاسترداد طابا، عن كواليس تسليم الأرض في حديث ذكر خلاله شهادات أشخاص أحياء بجانب الوثائق القانونية والتحركات الدبلوماسية في هذا الحدث التاريخي.
يقول مفيد شهاب ل "صوت الامة" إنه هناك مستندات كثيرة قدمها الجانب المصري عبارة عن وثائق قانونية وخرائط دولية لإثبات مصرية طابا، وإدارة الأزمة والاحتكام إلى الشرعية والقضاء الدوليين، وإتباع أسلوب علمى ناجح لحل النزاعات الدوليه بالطرق السلمية وبأحكام القانون الدولى.
يضيف "شهاب" حول كواليس التسليم، إنه وبعد تسليم الجانب الإسرائيلي لقرار التحكيم الدولي، طالبت مصر بحقها في المنشآت والفندق سونستا، وتم الاتفاق على دفع الجانب المصري مبلغ تعويض هذه المنشآت وكان حوالي 30 مليون دولار وصور لهذه المنشآت.
بجانب هذا، كان هناك كثير من المراسلات بين الجنود الأجانب أيام الحرب العالمية الأولى.. هنا يُذكر خطاب الجندي البريطاني لزوجته في الحرب العالمية الأولى، الذي حدثها فيه أنه يتكلم عند النقطة طابا المصرية، أيضا المراسلات بين الضباط المصريين وذويهم وصورهم عند شجر الدوم، حيثُ يوجد صور وشهادات من ضباط وجنود كانوا يقيمون ويتواجدون باستمرار ودائما عند شجر الدوم، وهي معلم من معالم طابا وهذا دليل على وجود المصريين في طابا تحديدا عند العلامة 91.
يذكر مفيد شهاب أيضا شهادة اسماعيل شيرين باشا زوج الامبراطورة فوزية شقيقة الملك فاروق، والذي كان يعيش بسويسرا، وقدم مستندات قال من خلالها إنه كان ضابطا يعمل بوزارة الدفاع وأحد اعضاء وفد مصر رودس الخاصة بالهدنة مع إسرائيل التي وقعت في فبراير 1949، وكان موجود موقعه في طابا عند النقطة 91. والدليل الرابع، الضابط اليوغسلافي والذي كان يعمل رئيس مجلس إدارة أحد الشركات في طابا، وكان أحد أفراد قوات التحكيم الدولي.
كانت يوغوسلافيا أكثر الدول التى أبدت التعاون مع مصر من خلال شهادة ثلاثة أكدوا موقع العلامات المرسمة للحدود الدولية بين مصر فلسطين تحت الانتداب، وكانت مهمة الكتيبة اليوغوسلافية لمدة عشر سنوات في طابا، هي القيام بدوريات غرب الهضبة وأن خرائطهم الرسمية تؤكد أن خط الحدود يمر على هضبة طابا، وليس فى وادى طابا كما تدعى إسرائيل.
كانت هذه شهادات لأشخاص أحياء، والأهم الخرائط التي بيّنت حدود مصر والتي طالبنا بها تركيا وقتها وبريطانيا ويوغسلافيا وباكستان وأمريكا ودول كثيرة، كدليل من الدلائل جميعها شهادات من الشهود وخرائط جغرافية اثبتت أحقية مصر في طابا.
تماطل الجانب الإسرائيلي وحيل صهيونية لازاحة العلامة 91
يقول الدكتور مفيد شهاب، إنه تم وضع أول خريطة لترسيم حدود طابا كانت عام 1906 وقت قررت مصر الاستقلال عن الخلافة العثمانية، وتم وضع النقطة 91 طابا وانسحبت منها الدولة العثمانية، وإن لم تكن الحدود مصرية ما كانت انسحبت منها القوات العثمانية، وكانت وقتها فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وسوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي ومصر تحررت حدودها وتم ترسيمها.
وبشأن حيل اسرائيل لعرقلة سير الإجراءات القانونية، اختلفت على 14 نقطة من رفح شمالا حتى طابا جنوبا على الحدود الشرقية لمصر، مساحتها تقدر بحوالي 240 كم بها 14 نقطة، مقسمة إلى 91 علامة، أمرت اسرائيل أحد عساكرها بإلقاء العلامة 91 في البحر لتثبت أمام التحكيم الدولي أنه لا يوجد علامات، وقامت ببناء فندق سونستا وقرية سياحية لتتشبث بالأرض المصرية. لكن مصر خاضت معركة قانونية ودبلوماسية ناجحة لاثبات مصريتها.
وفي نهاية الحديث عن ذكرى طابا أشار مفيد شهاب إلى دروس عديدة مستفادة من ملحمة استرداد طابا يجب أن تتعلمها الأجيال القادمة من الشباب والنشئ الذى لم يعاصروا هذه الأيام بما دار فيها من معارك وطنيه وكنموذج للأداء المصرى فى الساحه السياسيه ومن أهمها الا يضيع حق وراءه مطالب.