حاكم دبى يروي قصة تعلمه صناعة القادة: 3 دروس مع بداية حكم راشد
الثلاثاء، 19 مارس 2019 06:00 ص
من خلال كتابه «قصتى»، سرد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبى، قصة تعلمه من الشيخ راشد، صناعة القادة وما له من دور كبير فى تقدم الدول.
نشر موقع «الإمارات اليوم» مقتطفات من كتاب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم من كتاب «قصتى» تحت عنوان «ثلاثة دروس مع بداية حكم راشد».
وقال محمد بن راشد:«فى يوم آخر من أيام الشيخ راشد، تعلمت شيئا عظيما مازالت أطبقه حتى اليوم، كان الشيخ راشد يحدث أحد الرجال فى المجلس ويقول له أعتقد أنك نشيط ولديك قدرات قيادية هل تستطيع إطلاق المشروع الفلانى، ومتابعته حتى النهاية».
وأضاف قائلاً :«كنت أبدى تجردى لاحقا وأهمس له لماذا قلت لفلان أنه قائد هو قليل الكفاءة ولا يستحق هذه الكلمة، فيأخذ نفس عميقا ويرد على أنه من أهم صفات الحاكم الناجح أن يحيط نفسه بقادة أقوياء، ونحن نبحث عنهم دائما ولكن عندما لا نجدهم نصنع نحن القادة».
واستطرد قائلاً:«لقد كانت حقا كلمات من ذهب قالها بكل بساطة، ولكنها سر عظيم من أسرار نجاح الدول وتفوقها صناعة القادة هى صناعة التنمية وتفوقها هذا هو الدرس الثانى، طبقت ذلك المبدأ على مدى خمسين عاما من حياتى، ومسيرتى حتى اليوم، وخصصت برامج لإعداد القادة وصناعتهم، واستثمرت بشكل شخصى فى الشباب الطموحين الذين أحط نفسى بهم فى كافة المناصب التى تقلدتها واليوم أراهم قادة عالميين فى مجالاتهم وافتخر بهم».
وتابع راشد:«شكلت رحلتى الأولى إلى لندن فى صيف 1959 مع والدى، محطة فارقة فى طفولتى أحببت لندن قبل الوصول إليها، وصفتها لى والدتى عندما أخبرتى عن الخضرة الممتدة على مد البصر، والأشجار التى تملا الشوارع، أخبرتنى أننا سننام فى مبنى شاهق لأن الجو هناك يناسبه النوم فى الداخل وليس كما نفعل فى دبى ننام على السطح».
وأضاف:«اخبرتنى والدتى عن الأعداد الكبيرة من البشر التى تعج بهم لندن، وملابسهم التى تشبه ملابس الضباط الإنجليز، أخبرتنى عن سباقات الخيول فى تلك البلاد، كانت والدتى تحمسنى عن الرحلة المرتقبة وابتاعت لى كندورتى جديدتين، وسترة جميلة».
وتابع:«أما والدى فكانت له نظره آخرى، قضى والدى الأيام القليلة قبل الرحلة فى صمت، كان يفكر كيف سيطرح الكثير من المواضيع، وكيف يستطع العودة من لندن بأكثر عدد من المكاسب، كانت علاقتنا مع البريطانيين باردة وتتميز بالمجاملة ظاهريا ولكن فى قرارة أنفسنا، كنا ننتظر اليوم الذى يرحلون فيه عن بلادنا، حكمتنا معهم معاهدات واتفاقيات نتولى من خلالها شئوننا الداخلية ويتولون هم الشئون الخارجية والدفاع، لم يكن يقطع صمت والدى إلا أسئلتى الكثيرة من سنقابل، سنقابل رئيس الوزراء يا محمد، ومن هو رئيس الوزراء هو مثل الشيخ عندنا، ولكن ما هو دور الملكة، هى شيخه أيضا ولكن رئيس الوزراء هو الأهم، وماذا سنناقش، أريدك يا محمد أن تركز فى كافة النقاشات وتنتبه إلى ما يقوله المترجم، سنناقش العديد من الأمور المهمة نريد مطارا فى دبى، ونناقش قضايا آخرى ونعم يا أبى نريد مطارا فى دبى».
واستطرد:«كانت الطائرات القادمة إلى دبى تنزل فى مياه الخور، ولم يكن يمكن استقبال الطائرات التجارية الكبيرة فى خلال الخور، كنا نستخدم مطار الشارقة، وكان والدى يريد بناء مهبط للطائرات مكان المطار الحالى، وكان البريطانيون يرفضون إنشاء مطار فى دبى بحجة كفاية مطار الشارقة، حيث توجد قاعدتهم العسكرية، كانت نظرتهم أمنية وكانت نظرتنا تنموية، وكانت رحلة لندن محورية لحسم ذلك الملف».
وأكمل:«كان السفر إلى الخارج أمر محفوفا بالمشاق إذا كان يستغرق لعده أيام، والعديد من رحلات الربط والتوقف الاجبارى فى عدة مطارات، وصلت إلى لندن وقف وراء والدى اترقب بابا الطائرة وهو يفتح، وقبل أن أراها من أمام قامة والدى الطويلة رحبت بى انجلترا بطريقتها الخاصة، بنفحة من الهواء البارد الجاف، كان المطار كأن مستعمرة نمل يكتظ بالأعداد الهائلة من الناس يمشون بسرعة للحاق برحلاتهم، وكان يقفون فى صفوف طويلة للخروج من لندن أو الخروج منها، وكان مظهر المطار مذهلا ومهيبا يعبر عن قوة لندن وضخامة حركاتها الاقتصادية، كان يكفى أن ترى المطار لتحترم هذه الدولة».
وأشار:«لا أدرى لماذا ارتبطت حركة المطار فى ذهنى فى ذلك الحين بقوة الدولة أو المدينة التى يمثلها، المطار يمثل الواجهة والقوة والتجارة، ورغبة الملايين فى زيارة هذه المدينة نحن اليوم هنا لنحاول بناء مطارنا فى دبى، وهل سيكون مطارنا فى يوم من الأيام مثل مطار لندن، ولكنى كنت أعرف شيئا واحدا لسنا أقل من الآخرين».