ناقوس خطر
الأحد، 17 مارس 2019 06:37 م
بعض الجرائم الأسرية أصبحت تتصدر وسائل الاعلام المصرية والعربية لقسوتها وغرابتها طبيب يقتل ابنه زوج يذبح زوجته واولاده أخ يقتل شقيقه وزوجة تتخلص من زوجها واخري تقتل ابنائها.
عناوين شاذة لجرائم تتنافى مع الطبيعة والفطرة التي فطر الله الإنسانية عليها والأسباب مختلفة لكن بنهاية واحدة والظاهرة شديدة القسوة لأنها تخطت مشاعر الأبوة والأمومة من أقصي درجات الحب والايثار والحنان والرعاية لتتجاوزها في قفزات كبيرة حتي وصلت إلى أقصي درجات العنف ومرحلة دعشنة ضد من ضد فلذات الأكباد.
تكرارها أصبح يؤسس لحالة عنف وينفي عنها كونها حالات فردية وادخلها دائرة الظواهر التي ينبغي دراستها وتحليلها فوفق الإحصائيات أصبحت نسبة الجرائم الأسرية تشكل من ربع إلى ثلث إجمالى جرائم العنف وهو معدل ليس بالهين من حيث الكم والكيف فالعلاقات الأسرية لم تعد أقوى الروابط الوجدانية المتماسكة كما كانت في الماضي في ظل طغيان القيم المادية علي القيم الإنسانية في كل جوانب حياتنا حتي أصابت الأسرة تلك الدائرة الخاصة جدًا ولكن بدرجات متفاوتة كلا علي حسب تكوينه النفسي والاجتماعي والتربوي.
وسيطرت حالة من الغربة العاطفية بين ذوي القربي خاصة مع انتشار تكنولوجيا وسائل الاتصال الحديثة فتفككت روابط وحلقات كثيرة وغاب التناغم داخل الاسرة وكلا علي حدة يعيش في عالم منعزل عن محيطه الجغرافي والذي لا يتجاوزه الي من يجاوره ومع ضعف القدرات التربوية والتكوين الجيد للاسرة اصاب الخلل اهم مكونات المجتمع وما بين احباطات وضغوط مجتمعية وظروف اقتصادية وتكنولوجيا تفرقنا ولا تجمعنا و مابين انتشار ثقافة العنف دخل البعض مرحلة تشويش وتوتر جعلته اكثر قابلية للانفجار والاسقاط نحو الحلقة الأضعف وهى الأطفال وانفرط العقد ودخلنا مرحلة اللامعقول أو اللامتوقع.
وعلي الرغم من أن الأزمات الاقتصادية أحد أسباب الجرائم الأسرية فعندما يشكل الأبناء ضغطا يفوق قدرة رب الأسرة علي التكيف مع متطلبات الحياة يدخل في حالة نفسية وانفعالية تؤدي به في الحالات الشاذة إلى انفجارات خارجة عن السيطرة وقد تدفعه إلى التخلص من هؤلاء الذين يشكلون عبئا نفسيا عليه وأنا هنا لا أعمم لكن وجود ميول عنف وقسوة بأشكال ودرجات مختلفة في المجتمع بجميع طبقاته أصبح سمة غالبة إلا من رحم ربي وما نشاهده من ممارسات عنف لفظية وجسدية في الشارع المصري خير برهان.
وجاء التطور النوعي للجريمة موزايا لبث قيم العنف الهدامة للمجتمع خاصة في محيط الأسرة، فبعد أن كانت لا تتعدى عقوق الأبناء للأباء والأمهات في ظاهرة مقيتة تخلو من العرفان بالجميل أنقلبت مخالفة كل الأعراف والمشاعر الإنسانية ليتجرد من هو مفترض فيه الحب والرعاية ويصبح مصدر الخطر ضد أعز الحبايب وزلزال يهدد كيان الأسرة ويضرب في أسس العلاقة السوية بين أفرداها في مجتمع يقدس العلاقات الأسرية.
فما الذي أدى إلى هذا الخلل ليصل ببعض الاسر المصرية الي الحالة السلوكية المازومة المضطربة ولماذا اضطرب الميزان التربوي وهل عجزت الأسرة المصرية في الحفاظ على تماسكها ولماذا غاب عنها الغرس الحسن للنواة الاولي للقيم والمبادئ في ابنائها الصغار ليشبوا اسوياء واين دور المدرسة والمؤسسات الاجتماعية والنفسية المعنية بأمر الأسرة ام ان الزحام والتلوث السمعى والبصرى والأخلاقى هو ما ادي الي هذا التردي.
هل هي مسؤلية الاعلام وصناع الفن السابع الذين يصدرون لنا مشاهد ودراما العنف اللفظى والجسدى وادبيات تدعو الي العنصرية والكراهية والتحريض علي الاخر ام تتحمل المسؤلية المؤسسات الدينية التي لم تغرس بالقدر الكافي المفاهيم الصحيحة للتسامح والتراحم في التعامل من خلال مجموعة الحقوق والواجبات والسلوكيات الواجبة بين افراد الاسرة والمجتمع التي سنتها الاديان.
هذة المعدلات غير المسبوقة من العنف الأسري والمجتمعي تجاه بعضنا البعض تدعونا إلى التوقف أمام الخلل في أهم مكونات المجتمع وظواهر عنف تحتاج للدراسة من علماء الاجتماع والنفس حتي نستطيع أن نعيد التوزان والتماسك لكل من ضل الطرق.