السبوبة الشمال في المقابر: جرائم بين الموتى
الأحد، 17 مارس 2019 10:00 ص
«دحروج» قتل متسولة لسرقتها مقابل «ربع جنيه».. و«حنان» ذهبت ضحية 4 شباب مخمورين
استغاثات ونداءات عديدة لضم سكان المقابر إلى مبادرة «حياة كريمة» التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى
حياة أخرى يعيشها سكان المقابر، منعزلين عن العالم الخارجى تماما، وعلى الرغم من انعزالهم عن الحياة خارج الجبانات، فإن أرضهم كانت دائما أرضا خصبة لممارسة الجرائم كالقتل والاغتصاب، وتعاطى المخدرات وغير ذلك، وهو ما جعل الأجهزة الأمنية تلتفت لتلك الأزمة، والتعامل معها من خلال إجبار المسئولين عن الجبانات من التُربية بتركيب كاميرات أمام منازلهم والأماكن المسئولين عنها بنطاق الجبانات لضبط الأمن، وهو ما لاقى استجابة من سكان المقابر.
ويحكى «محمد.ح.س»، أحد التُربية المسنين فى مقابر السيدة نفيسة، عن جريمة عاصرها بنفسه منذ أكثر من 20 عاما، عندما قام أحد سكان المقابر من الخارجين على القانون يسمى بـ «دحروج»، بقتل امرأة مسنة، كانت تتسول بمحيط مسجد وضريح السيدة نفيسة، ظنا منه أنها تمتلك مبلغا ماليا كبيرا، ولكنه وجد معها ربع جنيه فقط، واختبأ بعدها فى أحد المقابر، إلا أن الشرطة تمكنت من القبض عليه، وتم الحكم عليه بالسجن المؤبد، وخرج بعدها من السجن، ولم يجد مصدرا للزرق سوى التسول عند أبواب مساجد أولياء الله الصالحين، ويعود فى نهاية اليوم منهكا من السير طوال اليوم.
ويقول محمد: من الجرائم التى حدثت منذ عدة سنوات فى مقابر السيدة نفيسة أيضا، قتل فتاة تدعى حنان، وهى فتاة متسولة، كانت تسكن فى شارع الزرايب بحى الخليفة، حيث استدرجها مجموعة من الشباب إلى منطقة «التُرب»، وتناوبوا اغتصابها، ثم قاموا بذبحها بعد ذلك ودفنها، وبعد غياب الفتاة عدة أيام، لاحظت إحدى جيرانها غيابها، فأبلغت الشرطة، وتم القبض على من قاموا بتلك الجريمة.
من البؤر الإجرامية التى داهمتها قوات الأمن أكثر من مرة، منطقة مقابر الفيوم، التى شهدت منذ عدة أشهر جريمة قتل شاب من المترددين على تلك البؤرة لتعاطى المواد المخدرة
واستكمل محمد حكايته عن أبرز الجرائم التى عاصرها فى «تُرب» السيدة نفيسة قائلا: «هناك أيضا قضية عاصرتها، وكنت حينها لم أتعد الـ 20 عاما، حيث قام 4 أشخاص بقتل «فقى»، يقرأ القرآن عند مقابر الموتى، وقت الدفن والزيارات، حيث استغلوا مروره من إحدى المناطق المظلمة بـ «التُرب» ليلا، وانهالوا عليها بالطعنات، وبعد أن سرقوه وجدوا أنه لا يملك سوى بضع جنيهات فقط، وحُكم عليهم أيضا بالسجن المؤبد، وبعد خروج كل منهم من السجن، اختفى ثلاثة منهم عن الأنظار نهائيا، وعاد منهم شخص واحد فقط، وهو الآن يعمل فى مجال المعمار والعتالة، ولا يختلط بأحد من الناس، كما أنه لم يتزوج حتى الآن بسبب الظروف التى مر بها.
ومن البؤر الإجرامية التى داهمتها قوات الأمن أكثر من مرة، منطقة مقابر الفيوم، التى شهدت منذ عدة أشهر جريمة قتل شاب من المترددين على تلك البؤرة لتعاطى المواد المخدرة، حيث اعتدى عليه شخصان بالضرب باستخدام سوط، وجرداه من ملابسه، ثم أجبرا عددا من المتهمين يستقلون سيارة نقل من المترددين على المنطقة لشراء المواد المخدرة، لنقل المجنى عليه إلى أقرب نقطة إسعاف، حيث تخلصوا من جثته بطريق القاهرة الفيوم، وتمكن رجال المباحث من ضبط المتهمين
كما شهدت تلك البؤرة سابقا مواجهة بين قوات الأمن، وعدد من العناصر الإجرامية المسلحة، مما أسفر عن مقتل تاجر مخدرات، يدعى «عيد.ض» عاطل، وضبط بحوزته بندقية آلية، وعدد من الطلقات، بالإضافة إلى كمية من المواد المخدرة، وتم العثور على عدد من الأسلحة النارية الخاصة بالمتهمين الهاربين.
فيما استغلت منطقة المقابر بمركز الفشن جنوب بنى سويف، فى تعاطى المخدرات، وسرقة أبواب الأحواش الحديدية، وما يسهل مهمة هؤلاء عدم وجود إضاءة بالمنطقة.
وكان للفتيات النصيب الأكبر من الأذى فى المقابر، فناهيك عن الحياة المليئة بالصراخ والدموع، التى يعشنها فى مساكنهن بالمقابر فإنهن معرضات للخطر بشكل مستمر، ولعل من أقرب القصص عن الاغتصاب فى المقابر، التى تمت منذ شهرين تقريبا، حيث كانت تعود طفلتان إلى الـ «حوش»، الذى تسكناه بصحبة والدهما الكفيف، وشقيقهما الأصغر بمقابر الإمام بمنطقة مصر القديمة، وأثناء سيرهما اتبعهما مجموعة من الشباب، وقيدوا حركتهما، وحملوهما إلى أحد المقابر، وتبادلوا اغتصابهما لمدة أسبوع كامل، وطوال هذه الفترة كان يبحث والدهما عنهما فى كل مكان، وأبلغ قسم الشرطة، ولكن دون جدوى.
وبعد مرور أسبوع، عادت إحدى الشقيقتين، وهى تبكى وتصرخ وتقص على والدها ما حدث لها ولأختها، وهو ما جعله يتوجه بها إلى المستشفى لتؤكد الطبيبة حقيقة ما ترويه الطفلة، ولكن بسبب التهديد وحالة الرعب التى استطاع هؤلاء المجرمون أن يسيطروا بها على عقلية الطفلتين، هربت إحداهما وعادت الأخرى، لتتخذ من غرفتها محبسا لها خوفا من الخروج ورؤيتهم من جديد منتظرة الموت فى كل لحظة.