السبوبة الشمال في المقابر: مدافن 5 نجوم خارج السيطرة

الأحد، 17 مارس 2019 11:00 ص
السبوبة الشمال في المقابر: مدافن 5 نجوم خارج السيطرة
مقابر- أرشيفية

المقاهى تستحوذ على مقابر آل البيت.. والقمامة والمياه الجوفية تدمران قبر الملك الأشرف

مقابر آل البيت تحولت إلى مكان لأصحاب الغرز.. الأهالى يعانون من عفاريت «الست خاتونة»

مثلما كان لمقابر المصريين أباطرة يتحكمون فى كل شبر فيها ويسيطرون على مجريات الأمور فى شئونها ويستغلونها فى تحقيق مكاسب كبيرة وأرباح غير معلوم مصدرها، فإن مقابر ملوك مصر القدامى وأوليائها الصالحين لها أيضا أباطرة يتحكمون فيها، ففى صحراء المماليك وبالتحديد فى شارع الأشرف بحى الخليفة، دُفن العدد الأكبر من ملوك مصر وأوليائها الصالحين وتجمع هناك عدد كبير من آثار حُكام المصريين فى عهد المماليك، وأولياء الله من أحفاد ابن عم الرسول وزوج ابنته على بن أبى طالب.

 
فإذا أردت أن تتجول فى الشارع من بدايته من ناحية الميدان، فتجد أن هناك أحد أهم مساجد وأضرحة أولياء الله الصالحين، ومقصدا مهما للمصريين إذا أراد أحدهم قراءة الفاتحة عند مقبرتها، مسجد وضريح السيدة نفيسة «نفيسة العلم»، ورغم تبعيته المباشرة لوزارة الأوقاف، فإنه وقع تحت سطوة أباطرة الجبانات، ولكن بشكل آخر، فمجرد مرورك بجوار المسجد يتجمع حولك الأشخاص المقيمون عند بوابات المسجد ويطلبون منك المال مقابل الدعاء، وبعضهم يطلبه مقابل منحهم القليل من عطر المسك، ويلتف حولك بائعو السبح والأذكار، فإذا كنت غريبا عن المنطقة يجبرك الوضع على الدفع من أجل زيارة الضريح فى كل مرة تحاول زيارته.
 
انتشرت بعض القصص الوهمية حول ضريح وقبة واستراحة فاطمة خاتون فالإهمال الذى شهده المكان جعل أهل حارة الست خاتونة يعتقدون أن هذا المكان مسكون بالجن
 
 كما أن محيط الضريح والمسجد أصبح مستباحا لأصحاب المقاهى، أو بالتحديد لأصحاب «الغُرز» بالمعنى الدارج، فبعض سكان المنطقة من خريجى السجون وأربابها يبنون كشكا صغيرا فى ميدان السيدة نفيسة ويشترون مجموعة من الكراسى البلاستيكية، ويحتلون قطعة من الميدان، ومن يريد الجلوس على أحد الكراسى يقوم بدفع مبلغ مالى كبير، أما إذا أردت شراء مشروب ساخن أو بارد، فعليك الاستعداد لذلك بتجهيز مبلغ مالي آخر، دون أن يدفع أحد من أصحاب تلك المقاهى المخالفة جنيها واحدا  للدولة مقابل ذلك، محققين مبالغ طائلة من وراء ذلك.
 
وإذا قررت الانتقال من الميدان متجها إلى شارع الأشراف، فستجد على يسارك وعلى بُعد 50 مترا فقط من مسجد السيدة نفيسة، ضريح ومقام الملك الأشرف خليل بن قلاوون، وهو أحد ملوك مصر العظام فى عهد دولة المماليك فى مصر، والذى سيطر عليه الإهمال، فقد أصبحت قبة الملك الأشرف مكانا لإلقاء القمامة من قبل سكان المنطقة، وتحولت الأرضية الخارجية للضريح لبركة غارقة فى المياه الجوفية وقد تراكمت فوقها الطحالب، وهو ما يدل على عدم اقتراب أحد منها منذ مئات السنوات، ولم يقف الوضع عند ذلك، فقد استغلت إحدى شركات الـ«آيس كريم» المجاورة للضريح حرمه وجعلته جراجا تضع فيه سياراتها التى تنقل بها بضائعها إلى التجار ومحلات البقالة.
 
ومنذ نحو 800 عام تقريبا، أراد الملك الأشرف خليل بن قلاوون أن تكون استراحة أمه قبل أن تكون ضريحها بجوار ضريحه، وبالفعل كان ذلك، فهناك 10 أمتار فقط تفصل بين قبة الملك الأشرف وبين ضريح أمه فاطمة خاتون، أما عن قصة هذا الضريح فهو يختلف قليلا عن ضريح الملك الأشرف، فبالإضافة إلى تجمع القمامة والمياه الجوفية فى أرضه وتحويله إلى مقلب للقمامة، فقد عانى هذا المكان أيضا من تحويله إلى وكر لتعاطى المخدرات وممارسة الرذائل.
 
انتشرت بعض القصص الوهمية حول ضريح وقبة واستراحة فاطمة خاتون، فالإهمال الذى شهده المكان جعل أهل حارة الست خاتونة يعتقدون أن هذا المكان مسكون بالجن ويؤذى كل من يقترب منه، بعدما أصيب أحد أبناء المنطقة يدعى «عمرو أونا» بأحد الأمراض النفسية، خاصة أنه اعتاد هو وزملاؤه الجلوس عند حافة الضريح وتعاطي المخدرات وتعالى الضحكات هو وأصحابه دون  مراعاة لحُرمة المكان وأهميته، وبعد تلك الواقعة انتشرت الحكايات على ألسنة الناس بأن هناك أصواتا تخرج من هذا المكان ليلا ولا يعرفون مصدرها الحقيقى أو سببها، حتى أن أهل الحارة يتجنبون الخروج فى أوقات متأخرة من منازلهم.
 
الغريب أن هذا المكان كان من المفترض خضوعه لخطة التطوير التى وضعتها وزارة الآثار منذ عدة سنوات، وبالفعل جاءت لجنة من الوزارة لمعاينة المكان أكثر من مرة، إلا أنه وحتى الآن لم يتم البدء فى ترميم ما تبقى من مظاهر جمال بالمكان، كما أن شركة الصرف الصحى لم تقم بسحب المياه المتجمعة أسفله والتى قد تؤثر بشكل أو بآخر على وضعه الإنشائى.
 
وعلى بُعد بضع أمتار من ضريح «الست خاتونة» كما يلقبونها أهل المنطقة، يوجد ضريح يزعم أهل المنطقة أنه ضريح مُفسر الأحلام والعلامة ابن سيرين، وعلى الرغم من أهمية هذا الاسم فى مجال الدين وتفسير الأحلام، إلا أن ضريحه وفقا لمزاعم الناس يتواجد فى الدور الأرضى بأحد المنازل الموجودة بشارع الأشراف، والذى يسيطر عليه أحد الأشخاص الذى سمح للناس بزيارة القبر مقابل الحصول على بعض المال منهم، كما أنه يحصل على الأموال مقابل رعاية وحماية المكان من بعض الزائرين الذين يقدسون المكان ويهتمون برعايته.
 
وإذا استكملت السير نحو سوق الخليفة، فستجد على يمينك حمام الملكة شجر الدر، إحدى أهم ملكات مصر والتى حكمت مصر فى نهاية عهد الدولة الأيوبية وبداية عصر المماليك، وهو الحمام الذى قُتلت فيه ملكة مصر صاحبة الشخصية القوية والتى تقاتل المماليك ليظفروا بالزواج منها بعد موت زوجها الملك الصالح نجم الدين أيوب.. فبعد أن انتهت وزارة الآثار من تطويره، تحولت ساحة الحمام لمكان يلعب فيه الأطفال كرة القدم، وتحولت بوابته لمكان لتجميع قمامة الشارع فيه لنقلها من قبل عمال النظافة «منطقة مناولة نظافة»، كما تحول المبنى الأثرى المُلحق به إلى مستوصف طبي لأهل المنطقة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق