ضحايا قوى الكراهية «اليمينية» في تزايد.. ما وراء حادث نيوزيلندا؟
الجمعة، 15 مارس 2019 07:00 م
في علوم الحضارات، هناك نظريات خاصة بالصراع بينها، تتحقق بين الحين والآخر، كان أبرزها نظرية صامويل هننجتون الخاصة بصراع الحضارات، والتي قال فيها أن صراعات ما بعد الحرب الباردة لن تكون متمحورة حول خلاف آيديولوجيات بين الدول القومية، بل بسبب الاختلاف الثقافي والديني بين الحضارات الكبرى في العالم، وهو ما يدعى تمثيل الأديان.
الصراع الآن ينحصر في قتال دموى بين جماعات أو أفراد يتسمون بالهمجية، دافعهم ليس غلبة حضارة على أخرى ولكن الكراهية باسم الدين، فقبل عقود ليست طويلة ظهرت التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم القاعدة، الذى شن باسم الإسلام أبشع هجوم إرهابي فى تاريخ الولايات المتحدة بلغ عدد ضحاياه نحو 3000 شخص، ثم قبل سنوات قليلة ظهر داعش مرتكبًا جرائم هى الأفظع فى تاريخ منطقة الشرق الأوسط.
ومنذ ذلك الحين يزداد فى المقابل اليمين الغربى تطرفا وظهرت فى الجزء الشمالى من الكرة الأرضية جرائم قتل بحق المسلمين من قبل متطرفين بيض كانت إحداها تلك الجريمة البشعة التى استهدفت مصلين سلميين في مسجد بمقاطعة كيبيك فى كندا فى 2017.
الجمعة الحالكة كما أسمتها رئيسة وزراء نيوزيلندا، استيقظ فها العالم على مذبحة جديدة من نوعها على الجزء الجنوبى من الكرة الأرضية، حيث شهدت مدينة «كرايست تشيرش» فى نيوزيلندا، ما يمكن وصفه بمذبحة إرهابية ضد مصلين في اثنين من المساجد خلال صلاة الجمعة، راح ضحيتها حتى الآن 49 شخصا. بحسب رئيس وزراء استراليا فإن منفذ الهجوم هو مواطن استرالى يمينى عنيف.
وبحسب مفوض شرطة نيوزيلندا مايك بوش فإن هناك «أربعة أشخاص محتجزين. ثلاثة رجال وامرأة». ومضى قائلا: «وردتنا بضعة بلاغات بوجود عبوات ناسفة بدائية الصنع مثبتة فى مركبات وتمكنا من إبطال مفعولها».
هذا الهجوم الذى يبدو أنه تم تخطيطه بين مجموعة كاملة بشكل محترف ومنظم لاسيما فى اختيار توقيت الهجوم، حيث صلاة الجمعة، التى تكون فيها المساجد أكثر أزدحاما بالمصلين، مستلهمًا من أسلوب جماعات العنف ذات الأيدلوجية الدينية، ما يشكل انعكاسا لتصاعد قوى الكراهية التى يتزايد ضحاياها من الأبرياء.
ورغم أن حوادث القتل نادرة فى نيوزيلندا، إذ وقع 35 حادثا فقط فى أنحاء البلاد منذ عام 2017، فإن الهجوم الأخير يطرح جدلية أخرى يواجهها العالم الغربى، ورغم أنها برزت فى الولايات المتحدة وأوروبا، حيث اتساع الخطاب المعادى للمهاجرين باختلاف دياناتهم، إذ أن الهجوم استهدف مصلين أغلبهم من المسلمين المهاجرين واللاجئين، بحسب ما أفادت به وسائل الإعلام المحلية.
وتتخذ قضية كراهية الغرباء حيزا متزايدا داخل المجتمعات الغربية فى ظل تصاعد اليمين المتطرف الذى بات يرفع السلاح فى وجه الغرباء.
وأدان مجلس مسلمي بريطانيا الهجوم على مسجدين في نيوزيلندا ووصفه بالمرعب والجبان والإرهابي المعادي للإسلام. وطالب هارون خان أمين عام المجلس السلطات البريطانية مضاعفة جهودها في حفظ أمن المساجد، وتساءل في البيان عن إجراءات الحكومة البريطانية التي يمكن أن تتخذها لمكافحة زيادة محتملة في هجمات اليمين المتطرف مع مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي.
ودعا هارون الحكومة البريطانية إلى إعادة فتح برنامج دعم مالي حكومي كان مخصصا لتشديد معايير الأمن لدور عبادة يحتمل أن تتعرض لهجمات كراهية، وشدد على أن المسلمين وأقليات أخرى لديهم قلق من هجمات كراهية يشنها أفراد من اليمن المتطرف. وكانت الحكومة البريطانية قد أعلنت عن خطة لنشر عدد أكبر من الشرطة حول المساجد، وحثت الناس على التكاتف في وجه التطرف.