العبور الجنسي في مصر: رحلة تبدأ من الأطباء وتنتهي عند الأزهر
الجمعة، 15 مارس 2019 07:00 م
هل سألتك نفسك يوما ما هو العبور الجنسي؟ بداية فإن تغيير الجنس أو اشتهاء تغيير الجنس أو العبور الجنسي، هي الحالة التي يعرف فيها الفرد نفسه على أنه ينتمى إلى الجنس المختلف عن جنسه الحيوى الأصلي.
أغلب أسباب تغيير الجنس تعود إلى عدم راحة الفرد بجنسه الحالي ورغبته بأن يصبح فردا من أفراد الجنس الآخر، أو أن الفرد يعانى من إعاقة تسبب له قلقا من جنسه الحالى، وينتشر تغيير الجنس فى العديد من دول العالم خاصة الدول الغربية فى القرن العشرين بعد الثورة الجنسية، إلا أنه لا زالت الكثير من المجتمعات تعد التغيير الجنسي ظاهرة سلبية وخاصة بتأثير كبير من القيم الدينية والثقافية للمجتمع.
كيف يتعامل الدين مع حالات تغيير الجنس؟
يقول الدكتور عبد الهادى زارع، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، عن كيفية تعامل اللجنة مع حالات تغيير الجنس، إن هذا يكون عن طريق نقابة الأطباء، إذ يتم تحويل الحالات لاستطلاع الرأي الشرعي.. وتلك الحالات تعرف بتحويل النوع وتأتينا الحالة ونطلع عليها ونحولها لمجمع البحوث الإسلامية، إذا ما كانت تستحق الدراسة ويحولها المجمع للجنة الفقهية ويتم بحثها وتعرض في الجلسة العامة للمجمع لكي يتم اتخاذ القرار.
وكشف أن اللجنة استقبلت العام الماضى ثلاثة حالات وتم دراستهم وأصدرنا تقرير بشأنهم بعد الاطلاع على التقرير الطبي والطب النفسي وبناء عليه نرسل تقريرنا للجنة الفقهية بمجمع البحوث الاسلامية أو اللجنة الفقهية بهيئة كبار العلماء ويتم إبلاغ نقابة الأطباء، حيث تندرج تلك الحالات تحت مسمى القضايا المستحدثة طبيا، ولكن فى الغالب تكون حالات نفسية.
وتابع: توصلنا إلى أن التحول الجنسي لن يفيد في حالة لأنثى تريد أن تحول لذكر، إذ يتم تكليف اثنين من الفقهاء بدراسة الحالة بلجنة الفتوى قبل رفعها للجنة الفقهية بمجمع البحوث الاسلامية أو هيئة كبار العلماء إذا رأينا أنها تحتاج لرفعها لتلك اللجنتين.
ويرى الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق، أنه إذا قام الرجل بوظيفة الأنثى، أو قامت الأنثى بوظيفة الذكر، فإنه لن يكون هنالك ذكر أو أنثى، وإنما سيكون هنالك «نوع» أي «جندر»، وهذا يعنى أن اختلاف الرجل والمرأة البيولوجى لا علاقة له باختيار النشاط الجنسي الذي يمارسه كل منهما، وهنا دعوة صريحة للشذوذ الجنسي، ويعنى أيضًا قيام الرجل بوظائف المرأة، وقيام المرأة بوظائف الرجل؛ لأن هذه الوظائف المخصصة لكل منهما حددها المجتمع ولم يحددها طبيعة الذكورة والأنوثة كما يزعمون، وهذا يعنى أيضًا أنه هدم للأسرة التى هى نواة المجتمعات كلها ومن دونها يخرب المجتمع.
ويضيف مفتي الجمهورية الأسبق: دلت هذه النصوص الشرعية على أن الإنسان لا يملك جسده ملكا حقيقيا؛ لأنه مسئول عنه أمام الله تعالى، ومجازى على تصرفه فيه وما اقترفه من ظلم فى حق نفسه وجسده، بينما المالك الحق لا يُسأل ولا يُجازى على ما فعل فى ملكه، قال تعالى: {قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ} (آل عمران: 26)، وقال تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (الأنبياء: 23)، وكما تدل محاسبة الإنسان على ماله -من أين اكتسبه وفيما أنفقه- على أنه لا يمتلكه ملكا حقيقيا يبيح له حرية التصرف المطلقة، فكذلك تدل محاسبته على جسده فيما أبلاه.
ويكمل: وعلى هذا الأساس لا يحق للإنسان التصرف فى أعضاء جسده إلا فى حدود ما بينت شريعة الإسلام إباحته بنص خاص أو بنص عام، قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ 116 فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} (المؤمنون: 115،116)، فالإنسان لم يخلق عبثًا ولن يترك سدى بلا أمر ونهى وحساب، فإنه عبد مكلف فى الحياة الدنيا بمهام محددة يؤديها ويثاب أو يعاقب بناء على ما عمل، {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (التوبة: 105).