«شبح الموت» يهدد نصف مليون تركي في معتقلات الديكتاتور العثماني
الثلاثاء، 12 مارس 2019 04:00 ص
لجنة «مناهضة التعذيب»، التابعة للأمم المتحدة، رصدت في تقريرها، عددا من الانتهاكات التي ارتكبها الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، وأجهزته الأمنية تحت غطاء حالة الطوارئ إبان مسرحية الانقلاب منتصف يوليو 2016، أكدت خلاله أن القانون التركي يغض الطرف عن وقائع العنف والانتهاكات، مثل المادة 94 من قانون العقوبات التي تجيز الحصول على معلومات أو اعترافات بالإكراه.
ووصف التقرير مصطلح الإكراه بأنه «مرسل وفضفاض»، ومن الممكن أن يؤدي إلى العديد من الانتهاكات والتعذيب، مطالبا بتعديل القانون وفق المادة 1 من اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعتها أنقرة. ولعل ذلك هو مايفسر الزج بمئات الآلاف من المعارضين لسياسات إردوغان القمعية بالسجون، وهو ما أكده اعتراف وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، باعتقال أكثر من نصف مليون شخص منذ ما يسميه بـ«محاولة الانقلاب الفاشلة» قبل نحو عامين ونصف العام، للاشتباه في صلتهم بحركة الخدمة، التابعة للداعية المعارض فتح الله جولن.
وزير داخلية رجب إردوغان أقر في تصريح لوكالة الأناضول الرسمية، بأنه جرى احتجاز 511 ألفا من أعضاء حركة جولن منذ 15 يوليو 2016، مشيرًا إلى أنه بالإضافة إلى المشتبه في صلتهم بـ«الخدمة»، استهدفت عمليات ما يسمها بـ«التطهير» من العناصر الكردية، ودأب إردوغان على اتهام جولن المقيم في الولايات المتحدة وحركته بأنهما وراء مسرحية الانقلاب، مطالبا واشنطن بتسليمه إلا أنها اشترطت تقديم ما يثبت ضلوعه بشكل مباشر، ما فشلت فيه أنقرة.
وتعتبر حكومة إردوغان حركة «جولن» منظمة إرهابية، واعتقلت الآلاف بتهمة صلتهم بها، مستغلة مسرحية الانقلاب في التنكيل بالمعارضين، وتعلن من وقت لآخر أنها تجري عمليات تطلق عليها «تطهير الجيش» من عناصر الكيان الموازي التابع للداعية، فيما تشير تقارير صحافية إلى الهدف الحقيقي إضعاف القوات المسلحة النظامية مقابل الاهتمام بدولة الميليشيات.
وتشهد تركيا موجة اعتقالات طالت جميع أطياف المعارضة منذ مسرحية الانقلاب، بالإضافة إلى تدهور أوضاع الحريات وسوء معاملة السجناء خاصة المعارضين، في وقت احتلت أنقرة المرتبة السادسة عالميا في أوضاع مراكز الاحتجاز المزرية، واعترفت وزارة العدل التركية، في نوفمبر الماضي بأن عدد المعتقلين بلغ نحو 275 ألفا، كاشفة عن خطة حكومة حزب العدالة والتنمية لبناء 45 سجنا جديدا، فيما دعت منظمة العفو الدولية لوقف الانتهاكات ضد المعارضين بذريعة حماية الأمن القومي.
ومن جانبها أكدت منظمة «العفو الدولية» اعتقال نحو 50 ألفا بتهمة «المشاركة في مسرحية الانقلاب»، وفصل 130 ألف موظف بالتهمة ذاتها، وأعربت جمعيات حقوقية ودول غربية عن قلقها من الأوضاع المتردية في تركيا، مؤكدين أن إردوغان يتذرع بالمحاولة المزعومة لسحق المعارضة.
وذكر تقرير حقوق الإنسان، التابعة لنقابة محامي شانلي أورفا، أن هناك المئات من المعتقلين في السجون التركية يحتجون على سياسات رجب إردوغان وحزبه الحاكم العدالة والتنمية بالإضراب عن الطعام، وعددهم 320 معتقلا عن الطعام في 60 معتقلا، منذ مطلع مارس الجاري، تضامنا مع نائبة حزب الشعوب الديمقراطي الكردي المفرج عنها 25 يناير الماضي ليلى جوفان.
وأشار التقرير إلى أن الانتهاكات الحقوقية باتت الآن ممنهجة، والحكومة تعطل اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية، فضلا عن إهمال مواد الحقوق والحريات الواردة في الدستور.
وكانت خاضت جوفان إضرابا مفتوحا عن الطعام داخل سجن ديار بكر 8 نوفمبر 2018، احتجاجا على سياسات رجب والتنكيل بالمعارضين، وتضامنا مع زعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل عبدالله أوجلان.
وعلى جانب آخر فإن الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي، المعتقل صلاح الدين دميرطاش، بعث برسالة إلى البرلمان الأوروبي والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، فبراير الماضي، كشف فيها عن الأوضاع المؤسفة في ظل حكم إردوغان، وألقت الرسالة الضوء على حملات القمع التي تمارسها الحكومة ضد المعارضين، وشدد صاحبها على أن السلطة تتجاهل المضربين عن الطعام حتى وهم عرضة للموت، مشيرا إلى إضراب ليلى جوفان عن الطعام منذ 104 أيام.
وأضاف في رسالته: «320 شخصا أضربوا عن الطعام داخل السجون وخارجها تضامنا مع جوفان، والمطلب الوحيد الذي قد يدفع أصدقائي إلى الموت هو إنهاء حالة العزلة والظلم ضد المعتقلين، ونريد تطبيق القانون ورعاية الحقوق واتخاذ إجراءات ملموسة لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام لتركيا وسورية وأوروبا، وبينما يقرب الإضراب أصدقائي من الموت يوما تلو الآخر تتجاهل الحكومة قضيتهم المهمة».
واختتم «دميرطاش» قائلا: «أعتقد أنكم ستستجيبون لصرخات مئات المضربين عن الطعام وملايين الداعمين للسلام والديمقراطية، لن نتوقف عن نضالنا، وأنا أؤمن بأنكم ستدعموننا بكل الوسائل من أجل تلبية مطالبنا المشروعة في أقرب وقت ممكن».