عاصم الدسوقي: ثورة 19 لم تحقق مطالبها.. وشخصيات مؤثرة ظلمت لخلافها مع سعد زغلول
السبت، 09 مارس 2019 04:00 مسامى سعيد
قال الدكتور «عاصم الدسوقى»، أستاذ التاريخ المعاصر، إن ثورة 1919 كانت مليئة بالمتغيرات التى شهدتها الحياة السياسية فى مصر، بداية من الحراك السياسى، إضافة إلى مشاركة المرأة فى العمل السياسى، والخروج لأول مرة للتظاهر خلال تجمعات صغيرة، بدأت بزوجات القيادات مثل هدى شعراوى وصفية زغلول.. وأكد «الدسوقى» أن هناك شخصيات ظلمها التاريخ ولم يذكرها رغم دورها الكبير فى الثورة لعل أبرزهم عبد الرحمن فهمى، الذى يعتبر أحد العقول المدبرة للثورة.. وإلى نص الحوار:
فى البداية.. ما هى الشرارة الأولى التى أشعلت ثورة 1919؟
- بدأت أحداث الثورة عقب رفض سفر الوفد المصرى لعرض مطالب الشعب على مؤتمر الصلح فى باريس بحجة أن هذا الوفد لا يمثل المصريين، وقد صاحب هذا الرفض حملة توقيعات قام بها الوفد لإثبات أنه يمثل الشعب المصرى ليتم بعدها القبض على سعد زغلول فى 8 مارس، وتمت إذاعة الخبر فى اليوم التالى، وهو ما أدى إلى انطلاق الشرارة الأولى للثورة، وبدأت حالة الغضب والرفض للتصعيدات التى بدأها الإنجليز من خلال إطلاق النار على المتظاهرين، وسقوط عدد من الضحايا والمصابين، الأمر الذى زاد من حالة الغضب لدى المصريين.
من أين خرجت أول مظاهرة لثورة 1919؟
- بدأت خروج أول مظاهرة من منطقة وسط البلد فى القاهرة، وضمت مجموعة من طلاب مدرسة الحقوق، الذين أعلنوا رفضهم قرار القبض على سعد زغلول والوفد المرافق له، ثم لحق بهؤلاء الطلاب عدد من طلاب المدارس الأخرى، لينضم لهم بعد ذلك باقى أفراد الشعب المصرى من فلاحين وعمال وموظفين.
ماذا عن دور المرأة فى الثورة.. وهل كان لها دور فى الحياة السياسية قبل ذلك
- لم يكن للمرأة المصرية فى هذه التوقيت دور فى العمل السياسى، لكنها بدأت المشاركة فى الحراك الثورى من خلال زوجات القيادات، حيث اقتصر الأمر عليهن فى البداية، ثم شاركت المرأة المصرية فى أول تظاهرة قادتها صفية زعلول، زوجة سعد زغلول، وهدى شعراوى.
هل هناك شخصيات سياسية ظلمها التاريخ كان لها دور بارز فى ثورة 1919؟
- أرفض أن يتم تعظيم الأشخاص بشكل مبالغ فيه، وللأسف هناك أحداث سياسية كبرى، يتم اختصارها فى شخص واحد وهذا مرفوض، خاصة أن هناك العشرات من القيادات التى ظلمها التاريخ بالفعل، لعل أبرزهم عبد الرحمن فهمى، الذى كان يشغل البوليس السرى، وأحد العقول المدبرة، لكن بسبب خلافه مع سعد زغلول لم يتم تعيينه فى أى من المناصب، خاصة أن «زعلول» كان من بين من يرشح الشخصيات للمناصب العامة، وحين تساءل «فهمى» عن عدم ترشيحه فى أى منصب، رد عليه سعد زغلول، وقال له «أمرك غريب تتحدث عنى بسوء، وتطلب منى أن أرشحك»، فرحل إلى الأحرار الدستوريين تاركا حزب الوفد.
كيف تم التنسيق بين المحافظات خلال أحداث الثورة؟
- أغلب المحافظات شاركت فى الثورة، لكن لم يكن هناك تنسيق بين المحافظات، فمجرد وصول أخبار القبض على سعد زغلول والوفد المرافق له، كانت تخرج التظاهرات المعترضة على الأوضاع، والتأكيد على مطالب الثورة، وقد حاول الإنجليز أكثر من مرة العمل على تهدئة الأوضاع، ووقف المظاهرات من خلال تدخل بعض الشخصيات المصرية التى كانت لها تأثير على الشعب، إلا أنها فشلت فى اقناع المتظاهرين بإيقاف تظاهراتهم.
ما هى المطالب التى لم تحققها ثورة 1919؟
- للأسف لم يتحقق أى من المطالب التى قامت من أجلها الثورة، فكان المطلب الرئيسى، هو استقلال مصر، ورفعت الثورة شعار «الاستقلال التام أو الموت الزؤام»، فلم يجن المصريون إلا الموت، والدليل على ذلك أن المندوب السامى البريطانى ظل فى مصر، ولم يتحول إلى سفير، كما لم تكن لمصر سفارة فى بريطانيا ولم تنضم كعضو فى عصبة الأمم التى تم تشكيل عام 1920 عقب الحرب العالمية الأولى، لأن المنظمة الدولية لم تكن تضم إلا الدول المستقلة، حتى بعد توقيع اتفاقية عام 1936، التى نظمت وجود الإنجليز فى مصر بأربعة أماكن فقط، واستمر الجيش الإنجليزى حتى توقيع الاتفاقية التى وقعها جمال عبد الناصر فى عام 1954 برحيل الإنجليز على مدار 20 شهرًا حتى منتصف عام 1956.
ما سبب فشل ثورة 19 فى تحقيق مطالبها؟
- السبب هو أن قياداتها لم تكن تتعامل مع الثورة كثورة شعبية، فهناك واقعة تكشف التفاوت الذى كان موجودا فى هذه المرحلة، ففى بداية أحداث الثورة، خرجت أول تظاهرة صباح السبت 9 مارس، عقب انتشار القبض على سعد زغلول، فتجمع العشرات من طلاب مدرسة الحقوق بمنطقة المنيرة، وذهبوا إلى منزل سعد زغلول، وعندما وصلوا، خرج عليهم عبد العزيز فهمى باشا، وقال كلمته الشهيرة «عودوا إلى مدارسكم ودعونا نعمل فى صمت»، وهو ما يعكس التفاوت فى حالة الثورة بين الشعب والقيادات.