خلد أسمه بحروف من نور ... وسطر تاريخا مشرفا تتوارثه الأجيال وتفخر به .. أنه الشهيد البطل عبدالمنعم رياض الذي روي تراب سيناء بدمائه الطاهرة ، بعد أن استشهد علي الجبهة وسط رجاله من أبطال القوات المسلحة أثناء حرب الاستنزاف لاسترداد الأرض المغتصبة من العدو الصهيوني، حيث اقترن الاحتفال بيوم الشهيد فى 9 مارس من كل عام، بذكرى اليوم الذى استشهد فيه الفريق أول عبدالمنعم رياض على الجبهة وسط جنوده، وهو الرجل الذى لقبه العسكريون بالجنرال الذهبى.
ولد الفريق أول عبدالمنعم رياض، فى 22 أكتوبر 1919، فى مدينة طنطا بمحافظة الغربية، لوالد ينتمى للعسكرية المصرية، والتحق بالكلية الحربية عام 1936.
قبل استشهاده بأسبوعين طلب من سكرتيره استمارة المعاش الخاص به من شئون الضباط والتى بمقتضاها يصرف الورثة معاشه ومصاريف أخرى، حيث تذكر أنه لم يملأ هذه الاستمارة فى ملفه العسكرى، لدرجة أدهشت سكرتيره فقال له: " بعد 31 سنة خدمة فى القوات المسلحة، هل يعقل أن سيادة الفريق نسى أن يملا استمارة معاشه "، ليذهب بالفعل ويملأ الاستمارة له يوم 6 مارس ويحدد شقيقته دكتورة زكية وريثة لكل مستحقاته.
تذكر المراجع العسكرية أن الفريق أول عبدالمنعم رياض كان قريبا للغاية من جنوده، حيث كان فى زيارة للجبهة فى إحدى ليالى الشتاء ، وشاهد جنديا يقف فى حراسته دون جاكته الخاص، فسأله عنه، فأخبره الجندى بأنه أعطاه لأحد زملاءه فى مأمورية خارج الجبهة، فما كان من الشهيد الراحل إلا أن يخلع جاكته الخاص، ويعطيه للجندى، مع مزحة طريفة بأن يرجعه له فى اليوم التالى.
فى صباح يوم 9 مارس اختار الفريق أول عبدالمنعم رياض موقع نمرة 6 بالاسماعيلية، والذى لايبعد سوى 250 مترا عن موقع العدو بالضفة الشرقية، وتوجه إليه بنفسه، ليرى خطة تدمير خط بارليف، وفى حركة خسيسة من العدو أطلق النار على موقع الفريق أول عبدالمنعم رياض، ليسقط الجنرال الذهبى شهيدا وسط جنوده.
سيرة الأبطال لم تكتف ببطل واحد أو أبطال فى حقبة معينة، واستمرت التضحيات مستمرة، وظلت مسيرة الشهداء ممتدة، والقائمة مفتوحة لتضم إلى جانب الفريق أول عبدالمنعم رياض، أسماء ابطال اخرين ضحوا بحياتهم مثل البطل العميد إبراهيم الرفاعى، والعميد رامى حسنين، مرورا بالعقيد أحمد منسى، والرائد محمد أحمد عبده، ووصولا للجنود أبانوب ومحمد شويقة، حيث سطر كل منهم تاريخا خلد بطولات العسكرية المصرية، رافعين شعار " إما النصر أو الشهادة ".
ولد إبراهيم الرفاعى فى يونيو 1931 فى منطقة العباسية بالقاهرة، والتحق بالكلية الحربية عام 1951 وانضم عقب تخرجه إلى سلاح المشاة، وتم تعيينه مدرسا بمدرسة الصاعقة، وشارك فى بناء أول قوة للصاعقة المصرية، وعندما وقع العدوان الثلاثى على مصر 1956 شارك فى الدفاع عن مدينة بورسعيد، وفى يوم 5 أغسطس 1968 بدأت قيادة القوات المسلحة فى تشكيل مجموعة صغيرة من الفدائيين للقيام ببعض العمليات الخاصة فى سيناء، ووقع الاختيار على البطل إبراهيم الرفاعى لقيادة هذه المجموعة، والتى استطاعت تحقيق كم كبير من العمليات فى العمق الاسرائيلى، حتى أطلق على مجموعته مجموعة الأشباح.
وكانت أول عمليات هذه المجموعة نسف قطار للعدو عند «الشيخ زويد» ثم نسف «مخازن الذخيرة» التى تركتها قواتنا عند انسحابها من معارك 1967، ومع الوقت كبرت المجموعة التى يقودها البطل وصار الانضمام إليها شرفا يسعى إليه الكثيرون من أبناء القوات المسلحة، وأطلق على المجموعة اسم المجموعة 39 قتال، وذلك من يوم 25 يوليو 1969 وأختار الشهيد البطل إبراهيم الرفاعى، شعار رأس النمر كرمز للمجموعة.
فى ليلة الأربعين من استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض طلب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر القيام برد فعل سريع وقوى حتى لا تتأثر معنويات الجيش المصرى باستشهاد قائده، فعبر الرفاعى القناة واحتل برجاله موقع لسان التمساح، الذى أطلقت منه القذائف التى كانت سبباً فى استشهاد الفريق رياض، واستطاع القضاء على كل من فى الموقع، وظل البطل إبراهيم الرفاعى ينفذ العديد من المهام المستحيلة، حتى استشهد يوم 19 أكتوبر 1973.
ضمت القائمة العديد من أبناء القوات المسلحة والشرطة ممن ضحوا بحياتهم فداءا لوطنهم، فالجميع يذكر كيف وقف الأبطال فى معارك " كمائن الرفاعى "، حتى أن أحد الأبطال الذين أصيبوا فى الحادث، ذكر أنه ظل يدافع حتى أصيب فى ذراعه ولم يشعر به، وقام بتغيير السلاح لليد الأخرى ليدافع عن الوطن، بينما يذكر الجميع بطولة الرائد محمد أحمد عبده، الذى كان يستعد للنزول لإجازته، فلما سمع نداء الواجب ترك حقيبة سفره، ليذهب للموت مقدما عليه، كما خلد محمد أيمن شويقه، بطولة باسمه، حين قرر فى لحظة فارقة أن يحتضن إرهابيا قبل أن يفجر نفسه فى زملائه، ليستشهد البطل ثابتا على موقفه المدافع فيه عن وطنه.
كما ضم تاريخ هوؤلاء العظماء سيرة البطل أحمد منسى ورفاقه خالد دبابة وعمر الشبراوى وغيرهم، روائع خاصة، حيث حفرت اسمائهم فى تاريخ الصاعقة المصرية والقوات المسلحة بأسرها، جعلت الجميع يذكرهم ويضع صورهم فى المنازل ويشدو بأسمائهم فى الأناشيد الوطنية، بينما كان فى استشهاد اللواء نبيل فراج، رسالة أخرى للعالم، بأن مصر ستنتصر، فالرجل استشهد وسط تلاميذه وقت اقتحام أحد البؤر الإرهابية فى مدينة كرداسة، مسطرا حلقة أخرى فى سلسلة التاريخ الخالد لشهداء مصر.
«فى ذمة الله أستاذى ومعلمى، تعلمت منه الكثير، الشهيد بإذن الله العقيد رامى حسنين، إلى لقاء شئنا أم أبينا قريب».. بتلك الكلمات المؤثرة ودع العقيد أحمد منسى، قائده العقيد رامى حسنين، قائد الكتيبة 103 صاعقة بشمال سيناء، بعد ساعات من استشهاده، وإسناد المسؤولية إليه، وما هى إلا فترة قليلة، ولحق الشهيد منسى بقائده، ليصنعا باستشهادهما مجدا جديدا فى تاريخ الصاعقة المصرية.
يعتبر حادث استشهاد العقيد أحمد منسى، من اللحظات الخالدة، وتحفظها الذاكرة الوطنية باعتبارها من أصعب اللحظات فى مواجهة العناصر الإرهابية، خاصة لما عرف عن الشهيد منسى من قصص وبطولات، ومواجهته القوية للعناصر الإرهابية فى شمال سيناء.
ولد الشهيد أحمد منسى، فى مدينة منيا القمح بمحافظة الشرقية عام 1977، والتحق بالكلية الحربية وتخرج ضمن الدفعة 92، والتحق بأول دورة للقوات الخاصة الاستكشافية عام 2001 م، ثم سافر للحصول على نفس الدورة من الولايات المتحدة الأمريكية عام 2006، وحصل الشهيد على ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان عام 2013 م وتم اختياره خلال مسيرته الناصعة للعمل كملحق إدارى بالملحقية العسكرية بدولة باكستان.
تأثر الشهيد أحمد منسى بشخصية العميد الراحل إبراهيم الرفاعى، وكانت صورته دائما ترافقه، حتى كان زملاؤه دائما ما يصفون بإبراهيم الرفاعى الجديد، خاصة أن كليهما من أبطال الصاعقة المصرية، وبطولاتهما سجلها التاريخ.
فى إحدى الندوات التثقيفية للقوات المسلحة، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، قالت زوجة الشهيد منسى: «أحمد كان بيقدم المساعدة لأى إنسان محتاج، لما كان بيلاقى سيدة معاها أطفال صغيرين كان بيوصلها لحد بيتها، ولما كانت بتدعيله كان بيرد عليها بإنه ماعملش حاجة، كان دايمًا بيقول أنا ماعلمتش غير إنى طلعت حق ربنا فى العربية.
الشهيد محمد أحمد عبده، ابن محافظة الإسكندرية، كان متفوقا فى دراسته وكاد يلتحق بكلية الهندسة تحقيقا لرغبة والدته حتى لا يبتعد عنها، ولكنه تراجع فى اللحظات الأخيرة وأصر على تحقيق حلمه ودخول مصنع الرجال، حيث التحق بالكلية الحربية فى يونيو 2010 الدفعة 104 حربية.
التحق الشهيد محمد أحمد عبده بسلاح المدرعات، وخلال مدة عمل قصيرة حصل على العديد من الفرق التعليمية والمتخصصة وخدم فى العديد من الكتائب والوحدات بالجيش الثانى الميدانى، وسافر ضمن قوات حفظ السلام بإحدى الدول الأفريقية، وفى يوم استشهاده كان معينا ضمن قوة خفيفة الحركة قامت بالتحرك بدبابة لنجدة كمين الرفاعى، بقطاع الشيخ زويد، الذى تعرض لهجوم إرهابى خسيس، وسعى البطل ورفاقه لصد الهجوم الإرهابى الذى تعرضت له الكمائن فيما عرف إعلاميا بمعركة الشيخ زويد، وأثناء تحركه ضمن قوات الدعم على طريق الشيخ زويد، عارضته بعض العناصر الإرهابية وأثناء الاشتباك معهم تعرض لإصابة فادحة إثر إطلاق قذيفة «آر بى جى» ورغم ذلك ظل يقاتل متمسكا بسلاحه إلى أن فاضت روحه.
كان الشهيد يستعد لإجازته فى ذلك اليوم، وحينما سمع صوت نداء الواجب، لم يتأخر ونزل لمواجهة العناصر الإرهابية، ليسقط شهيدا، ويسجل اسمه فى سجل بطولات العسكرية المصرية.
وفى فيلم تسجيلى لوالدته السيدة أمل المغربى، عرض فى أحد الندوات التثقيفية، قالت: " إن الشهيد محمد عبده ابنها الأكبر وكان ذى صفات ملائكية مثل أهل الجنة، وقبل استشهاده كان يجلس ويتابع أخبار سيناء، فكنت أقول له إن الشهداء اللى نسمع عنهم الله يكون فى عون أمهاتهم، فكان يقاطعنى ويقولى يا ماما متقوليش كده، ياريتنى أبقى شهيد، وتابعت أنه كان سينزل إجازة ومحضر شنطته ومعاه التصريح، ولكنه سمع استغاثة أنهم محتاجين دعم، ففضل البقاء والدفاع عن الوطن" .
«مارد سيناء» هو اللقب الذى حمله الشهيد الجندى محمد أيمن شويقة، بعد أن أثبت بطولة فائقة فى ساحة الحرب على الإرهاب، وحين تصدى لأحد التكفيريين واحتضنه قبل أن يفجر حزامه الناسف فى زملائه.
ولد محمد أيمن محمد السيد فى الأول من يناير عام 1995، فى كفر سعد بمحافظة دمياط، وحصل على مؤهل متوسط، دبلوم ثانوى صناعى قسم زخرفة، والتحق بالقوات المسلحة فى 20 أكتوبر 2014، ثم التحق بوحدات الصاعقة فى شمال سيناء فى شهر فبراير عام 2015.
سجل الجندى الشهيد محمد شويقة اسمه فى قائمة الشرف، حينما رأى إرهابيًا يرتدى حزامًا ناسفًا، فلم يفكر ثانية أو يتردد لحظة، وسارع إلى احتضانه لمنعه من تفجير نفسه فى الكمين، فانفجر الحزام الناسف، وقال قائد الكتيبة وقتها: «صرخنا فيه أن يعود، لكنه لم ينفذ الأوامر، كان يركض بكل ما أوتى من قوة، يبدو أنه أبصر باب السماء مفتوحًا، فأراد اللحاق به، وأنقذ شركاء العيش والملح من إخوانه العساكر».
فى فيلم تسجيلى عرضته وزارة الدفاع فى وقت سابق، تناول الفيلم شهادات والد ووالدة وجيران الشهيد، كما عرض شهادات مجموعة من أصدقاء الشهيد، حكوا خلالها كيف أنه كان يحتفل بأنه سيستشهد، بعد حلمه بأحد الشهداء، مشيرين إلى أنه افتدى زملاءه، بعدما احتضن أحد الإرهابيين، الذى حاول تفجير نفسه بحزام ناسف.
وقال أحد الضباط: إنه لم يفسر نظرات محمد له وابتسامته سوى بعد استشهاده، مضيفًا أنه استيقظ يوم المهمة فى الخامسة صباحًا، وكان ينظر إليه مبتسمًا، وفجأة قفز من السيارة منطلقًا نحو أحد الأهداف «عشة» واحتضن الإرهابى الذى كان يرتدى عبوة ناسفة، ومنعه من الوصول لأفراد القوة، «محمد مكنش بيجرى، ده كان طاير، ومترددش إنه يحضن الإرهابى وياخده بعيد، عشان يحمى زمايله».
«فقدت بصرى.. والآن أرى بعيون المصريين.. وظللت 3 أشهر فى غيبوبة تامة، وإرادة الله أعادتنى للحياة مرة أخرى».. بهذه الكلمات تحدث الشهيد ساطع النعمانى قبل أن يرحل عن الدنيا بهدوء.
حياة مليئة بالتضحيات عاشها البطل، منذ أن كان طالباً، حيث كان يرغب فى الالتحاق بكلية الطب، لكن مجموعه جعله يلتحق بكلية العلوم التى لم يمكث بها سوى شهر، قبل أن يلتحق بكلية الشرطة، ليبدأ مشوار بطل جديد فى مصنع الرجال.
تخرج «النعمانى» سنة 1992 من كلية الشرطة، وعمل معاون نظام بقسم شرطة العجوزة، ثم ضابطًا بالإدارة العامة للمباحث، ثم معاون مباحث بقسم الدقى، وشغل معاون مباحث الصف ورئيسًا لمباحث المرور لمدة عامين، ثم تدرج فى المناصب، وأصبح رئيس مباحث ترحيلات الجيزة، ورئيس حرس محكمة جنوب الجيزة، حتى وصل نائبًا لمأمور قسم بولاق الدكرور حتى أحداث بين السرايات.
فى الخطاب الشهير للمعزول «محمد مرسى» فى 2 يوليو 2013، الذى كان بمثابة تحريض على العنف، خرجت العناصر الإخوانية تهاجم المواطنين، وأصيب خلال هذه الأحداث البطل ساطع النعمانى أثناء دفاعه عن المواطنين فى الجيزة برصاصة غدر، وتلقى العلاج بالخارج نحو 14 شهرا، ثم عاد مرة أخرى للبلاد، وحظى بتكريم الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 2015، خلال حفل تخرّج دفعة جديدة بكلية الشرطة.
عاد النعمانى للعلاج خارج مصر مرة أخرى، ليعود بعدها ملفوفاً فى علم مصر، بعدما فارقت روحه الحياة بعد مسيرة عطاء وتضحيات كبيرة قدمها لبلاده، ولم يكتفى بذلك وإنما كان يصر على ترسيخ قيم العطاء للوطن فى ابنه الصغير وفقاً لما قالته زوجته الدكتورة شيرين عزازى، والتى أكدت على اهتمام الدولة بأسر الشهداء، قائلة: «جميع أسر الشهداء شعروا بمدى اهتمام الدولة المصرية وقياداتها بهم، وتقديرهم لحجم التضحيات.
هو بطل من نوع خاص، ضحى بحياته لمنع سيطرة الإرهابيين على بقعة من تراب الوطن.. وكان اللواء نبيل فراج فى طليعة الضباط المهاجمين لمدينة كرداسة لتطهيرها من العناصر الإرهابية، إلا أنه سقط شهيداً برصاصة غدر.
فى 19 سبتمبر سنة 2013 سجل اللواء نبيل فراج اسمه ضمن قوائم الشرف لدى مداهمة الإرهابيين الذين كانوا يسعون لفرض سيطرتهم على منطقة كرداسة، ليسقط شهيداً، تاركاً خلفه زوجته «المهندسة نضال» و3 من أبنائه، الذين أبدوا رغبة كبيرة فى الالتحاق بكلية الشرطة لاستكمال مسيرة الكفاح لوالدهم. تخرج «فراج» من كلية الشرطة عام 1981، والتحق بالإدارة العامة لاتصالات الشرطة عام 2004، وحصل على رتبة عقيد سنة 2007، وعرف بكفاءته فى العمل، حتى ترقى لدرجة لواء فى يوليو 2013، ومنها تمت ترقيته مساعدا لمدير أمن الجيزة حتى استشهد أثناء اقتحام كرداسة.
«نبيل فراج» الضابط الصعيدى الذى تمتد جذوره لمحافظة سوهاج، كان محبوباً من الجميع خاصة من زملائه والمقربين منه ومن تعاملوا معه، فضلاً عن شدة ارتباط أسرته به، فقد كان زوجاً مثالياً وأبا قدوة لأبنائه. لاحقت أجهزة الأمن للمتهمين بقتل اللواء نبيل فراج وتمكنت من ضبطهم، وأحيلوا فى أول مارس 2014 للمحاكمة، وفى 30 يوليو 2016 قضت المحكمة بإحالة أوراق 13 متهما منهم لفضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأى، وحددت جلسة 24 سبتمبر للحكم، وفى العاشر من يناير 2018 أيدت محكمة النقض حكم الإعدام ضد ثلاثة متهمين وصدر حكم بالسجن المؤبد لـ4 آخرين، والمشدد 10 سنوات لـ5 متهمين آخرين.
ونفذت مصلحة السجون، حكم الإعدام شنقا بحق المتهمين الثلاثة، الأمر الذى أثلج قلب أسرة الشهيد، حيث شعروا بأنه تم الثأر لروحه الطاهرة، فضلاً عن حرص الدولة ومؤسساتها على تكريم أسرة الشهيد فى كل المحافل، والعمل على تلبية متطلباتهم ورعايتهم باستمرار.
بشجاعة كبيرة، تحرك البطل محمود أبواليزيد شهيد حادث الدرب الأحمر، نحو الإرهابى الذى كان يحمل حقيبة بها متفجرات، محاولا ضبطه وحماية المواطنين من هذا الخطر المتحرك.
لم يبال البطل بالموت ولم يخافه، فكان هدفه الأسمى حماية الأبرياء حتى لو كلفه الأمر حياته، فقد عاش عاشقاً للتضحيات متفانيا فى عمله بشهادة الجميع، ليحصل على رتبة شهيد.
تخرج «أبواليزيد» عام 2000 وعمل بقسم الدرب الأحمر، وعمل هناك على مدار 19 سنة، كانت تربطه خلالها علاقة قوية بأهالى المنطقة، الذين اعتبروه واحدا منهم، يحل مشاكلهم ويجاملهم فى أفراحهم ويشاركهم أحزانهم، لدرجة أنهم أقاموا عزاء فى المنطقة حبا فيه، فيما كان «محمود» حصل مؤخرًا على ليسانس الحقوق، وكان حلمه أن يكون ضابطًا لاستكمال مسيرته ورسالته النبيلة فى خدمة أهله وحماية وطنه.
لم يكن البطل محبوباً فقط لدى أهالى المنطقة، وأطفاله وزوجته، وإنما كان بارا بوالده المريض، الذى يقيم فى منطقة إمبابة بالجيزة، بعدما تركوا مقر الأسرة بمنطقة أم خنان فى الحوامدية جنوب الجيزة واستقروا فى إمبابة، حيث يعيش برفقة أشقائه وزوجاتهم، وكونوا هناك علاقات جيرة وحب واحترام مع الجميع.
وكانت الأجهزة الأمنية رصد مكان وجود الإرهابى والمتهم باستهداف قول أمنى أمام مسجد الاستقامة بالجيزة عقب صلاة الجمعة الماضية، وأسفرت عمليات البحث والتتبع لخط سير مرتكب الواقعة عن تحديد مكان تواجده بحارة الدرديرى بالدرب الأحمر، وقامت قوات الأمن بمحاصرته، وأثناء ضبطه والسيطرة عليه انفجرت إحدى العبوات الناسفة التى كانت بحوزته، مما أسفر عن مقتل الإرهابى واستشهاد ضابط وأمينى شرطة من الأمن الوطنى ومن مباحث القاهرة، وإصابة ضابطين.
سطر اللواء محمد جبر، مأمور مركز شرطة كرداسة، ملحمة بطولية عندما رفض تسليم مبنى المركز للعناصر الإرهابية الذين تجمهروا بمحيطه، تزامناً مع فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة المسلحين.
حين كان المئات يتجمهرون حول مبنى المركز، وآخرين يحملون الأسلحة والذخيرة، والبعض يهتف ضد رجال الشرطة، كان اللواء جبر قد اتخذ قراره بالدفاع عن مقر عمله مهما كلفه ذلك من ثمن، ووسط هذه الأجواء الملتهبة أثناء فض الاعتصامين المسلحين، لم يبالِ أبطال الشرطة بتهديدات المسلحين، ورفضوا مطالبهم بالخروج من المركز وتسليمه لهم، ووقف اللواء محمد جبر مأمور المركز يحث ضباطه على الاستبسال والدفاع عن المبنى لآخر لحظة فى العمر، فى مشهد يعيد للأذهان ملحمة الإسماعيلية سنة 1952، عندما تصدى أبطال الشرطة لقوات الاحتلال الإنجليزى واستبسلوا فى الدفاع عن المبنى.
لم يكن غريباً أن يستشهد اللواء محمد جبر وسط ضباطه، فقد عاش بينهم ومات بينهم، حيث كانوا يعتبرونه بمثابة الأب والقدوة، فهو شديد الالتزام فى عمله، أول من يحضر للمبنى صباحاً وآخر من يغادره، يعطى ضباطه الصغار دروساً عملية فى الالتزام والجدية، والعمل على حفظ الأمن وسلامة واستقرار الوطن.
اللواء محمد جبر النشيط فى عمله كما يصفه زملاؤه، قضى معظم خدمته فى الداخلية بقطاع الأمن العام، وشغل موقع «المأمور» فى ثلاث مراكز فى الجيزة هى «الواحات، ثم أبو النمرس، ثم كرداسة»، وقضى على ظاهرة العصابات المسلحة فى كرداسة بحملات أمنية متكررة، وتم تكريمه لأكثر من مرة، تقديرا لنشاطه الدائم والمستمر، وصدر له قرار بترقيته لرتبة «لواء» ونقله من مركز كرداسة للعمل مساعدا لمدير أمن الجيزة، وتأخر تنفيذ قرار الترقية 24 ساعة بسبب اندلاع أحداث شغب إبان فض اعتصام رابعة، فوقعت المجزرة واستشهد.
جنبا إلى جنب الرجال، تبقى الشرطة النسائية حاضرة بقوة فى قوائم الشرف لجهاز الشرطة، كما تشارك الرجال فى قوائم الشهداء، تأكيداً على أن المصريين جميعا فى خندق الدفاع عن الوطن.
العميدة نجوى الحجار، هى أول شهيدة فى الشرطة النسائية بتاريخ وزارة الداخلية التى فاضت روحها خلال محاولة إرهابيين استهداف إحدى الكنائس بالإسكندرية.
كانت الشهيدة البطلة دوماً تحفز ابنها النقيب محمود عز على مواجهة الخارجين عن القانون، ولا تدرى أنها نفسها ستحصل على رتبة «شهيدة» لتكون أول سيدة تحصل على هذه الرتبة بوزارة الداخلية.
العميدة نجوى الحجار التى ولدت سنة 1963 وتخرجت من كلية الشرطة 1987، عملت بالعديد من المواقع الشرطية، وشغلت منصب نائب مدير شرطة تصاريح العمل، وانتدبت قائدًا للشرطة النسائية لتأمين الأعياد بالكنيسة.
تم تكليف العميدة نجوى الحجار لتشارك فى تأمين الكنيسة المرقسية ضمن الشرطة النسائية، لتلقى مصرعها هناك وتسجل اسمها فى قوائم الشرف.
وتصدت البطلة برفقة أفراد الخدمة الأمنية المعينة لتأمين الكنيسة المرقسية بمنطقة الرمل بالإسكندرية، لمحاولة اقتحام أحد العناصر الإرهابية للكنيسة وتفجيرها بواسطة حزام ناسف، وذلك أثناء تواجد قداس داخلها، وأثناء ضبط القوات للإرهابى قام بتفجير نفسه فى أفراد الخدمة الأمنية المعينة خارج الكنيسة، ما أسفر عن استشهاد ضابطين وضابطة وأمين شرطة من قوة مديرية أمن الإسكندرية، وعدد من المواطنين، إضافةً إلى وقوع العديد من الإصابات.