صفحات «السوشيال ميديا».. حديقة خلفية للموت البطيء
السبت، 02 مارس 2019 09:00 م هبة جعفر
- منصات على مواقع التواصل لتجميع وتدوير الزيوت المستعملة بمزاعم استخدامها فى إنتاج الجلسرين وحماية البيئة
- الزيت المنزلى المستعمل مقابل 10000 جنيه للطن والزيت الجديد 13ألفا للطن
وزارة الداخلية تعلن- بشكل شبة يومى- ضبط كميات ضخمة من زيوت الطعام مجهولة المصدر، والتى تستخدمها مصانع «بير السلم» وتوزعها على المحلات لاستخدمها فى تصنيع الأغذية بالمخالفة للقانون، باعتبارها أحد جرائم الغش التجارى والتدليس على المواطنين.
ونظرا لأن السيطرة على مواقع التواصل الإجتماعى غير محكمة، يستغل سماسرة هذا الفضاء الإلكترونى العديد من الصفحات المنتشرة تحت مسمى «إعادة تدوير الزيت المستعمل» فى تجميع الأطنان من الزيت المستعمل من المنازل مقابل عشرة آلاف جنيه للطن رغم أن سعر طن الزيت الجديد يبلغ 13ألفا.
ومن هذه الصفحات على سبيل المثال لاالحصر، «نود التعامل معكم فى شراء زيوت الطعام المستعملة بأفضل أسعار السوق نظرا للخبرة الطويلة فى هذا المجال نشترى بسعر 8 جنيهات للكيلو، 8000 جنيه للطن، قابلة للزيادة».. هذه الجملة تتكرر داخل الصفحة المذكورة سلفا، ووضع مالك الصفحة رقم هاتفه للتواصل معه لإرسال مندوب لتجميع الزيت من المنازل موضحا أن الشركة لديها مندوب فى كل محافظة وحى لتجميع الزيوت من المنازل.
الصفحة لقيت تفاعلا من قبل المواطنين لبيع الزيت المستعمل مع المطالبة برفع سعر الطن، فهو يباع فى مناطق أخرى بقيمة 9 و10 آلاف جنيه، فيما علق البعض على أسباب تجميع الزيت الهالك وكيفية استخدامه، لتؤكد الصفحة أنها وسيط فى تجميع الزيوت وتسليمها للمصانع من أجل إعادة استخدامها فى الكثير من العمليات وتدوير المنتجات.
صفحات أخرى انتهجت سياسة مختلفة من أجل جمع الزيت المستعمل من خلال تجميعه من أجل الحفاظ على البيئة، «شاركوا معانا فى الحفاظ على البيئة بدل ما نرمى الزيت فى الزبالة أو الصرف الصحى ممكن نتخلص منه بطريقة أفضل ونكسب كمان فلوس، لو عندك 10 لتر أو أكتر ابعت لنا رسالة على الصفحة أو رسالة على الواتس أو بكالمة تليفون على الأرقام دى، احنا بنعيد تدوير الزيت فى صناعة الصابون والجلسرين و الشحم».
مسئول المشروع، رفض ذكر اسمه، وانتقد غياب وجود منظومة حكومية للاستفادة من زيوت الطعام المستعملة: «على الأقل عشان نحافظ على مياه الصرف، والمواسير من التأكل والانسداد، ولو كنا شعب منظم ومحافظ، كان تم عمل صندوق خاص لرمى زيت القلى به ثم جمعه والاستفاده منه، ماديا للمنازل وكمصالح أخرى للوطن».
وأوضح: «المشروع له فوائد أولها إنك ممكن تصفيه مرة و2 و3 لتنقيته من الشوائب ثم إدخاله فى صناعة الصابون بالمنزل، ويتم الاكتفاء الذاتى المنزلى، وممكن يكون مشروع لأسرة بسيطة وممكن مصانع أكبر تشترى الزيت، وهناك بحوث عالمية لدول إنها بتدخله كبدائل للسولار بإضافة مواد كيميائية له لتقليل نسبة اللزوجة لسهولة استخدامه بديل للسولار، بالإضافة لصناعة الجلسرين وقوالب السيراميك والزفت الأسود، والبَيوديزل وهو نوع من الوقود بس مش موجود فى مصر».
كما اتجهت شركات عديدة لمشروع جمع الزيوت المستعملة، وتعمل فى مجال تجميع الزيوت الهالكة وإعادة تدويرها للمحافظة على البيئة فى المقام الأول وتوجيها فى مجالات صناعية شتى، وبعض هذه الشركات معتمدة من قبل وزارة الصناعة وحاصلة على تراخيص لشراء زيوت الطعام المستهلكه بكل أنواعها وبأى جودة من المنازل والمصانع والشركات والمطاعم، وإمكانية كتابة عقود مع الشركات والمطاعم والمصانع التى تقدم كميات جيدة وتحول الزيوت المستعملة إلى طاقة نظيفة.
وحذر الدكتور محمد سعيد عبد اللطيف، أستاذ الكيمياء الحيوية بجامعة القاهرة، أن تلك الصناعة غير معروفة بمصر، وبحاجة لضمانات لعدم تسرب الزيت المعاد تدويره للأغراض المنزلية مرة أخرى من خلال ورش «بير السلم» التى تقوم بتعبئته مرة أخرى بعد تدويره داخل عبوات جديدة للمستهلك، مشيرا إلى أن «زيت الطعام المستعمل يحمل مواد كيمائية تؤذى الجسم والجهاز المناعى والكبد والدم، ولا يضر إذا تم استخدامه لصناعة الصابون أو الجلسرين أو الوقود، وأن الزيت المستخدم فى الطعام لا يكون صالحا للاستهلاك الغذائى مرة أخرى.
وأضاف عبد اللطيف، أن استعمال زيت الطعام فى القلى يجعله يدخل مرحلة وسطية من الفساد، تتحول خلال ساعات قليلة إلى مرحلة متقدمة، عندها لا يسمح نهائيا بإعادة استخدامه، حيث يحتوى وقتها على مواد كيميائية تؤدى إلى «تدهن الكبد، وزيادة نسبة الكوليسترول فى الدم، وخلل فى الجهاز المناعى»، وتظهر أعراض ذلك فى سقوط الشعر وتلون بشرة الوجه والكتفين وإنهاك شديد فى الجسد نتيجة تحميله بالسموم.