الدكتورة آمنة نصير: «كبار العلماء» عقولها متحجرة.. وتم اغتيال ثورة 25 يناير (حوار)
السبت، 02 مارس 2019 06:00 م
- المثقفون تركوا «الحبل على الغارب» للمؤسسات الدينية فى أزمة تجديد الخطاب الديني.. وعلم الحديث يحتاج لـ «غربلة»
- الإرهاب صناعة سياسية تعتمد على أقوال الفقهاء.. والنقاب ليس فريضة إسلامية وليس له بعد سياسى بل يرجع للعقل الجمعى
- علماء الدين أغفلوا القضايا الاجتماعية واقتصر اهتمامهم على علوم دينية
لا تزال الدعوة لتجديد الخطاب الدينى مثار خلاف حاد سواء داخل البرلمان أو خارجه بين المؤسسات الدينية المختلفة، مع ازدياد الدعوة للبدء فى تنقية الأحاديث النبوية الشريفة مما علق بها، وهو ما دفع أعضاء اللجنة الدينية بمجلس النواب إلى السعى للانتهاء من هذا الملف، وتسليم المؤسسات الدينية خطة كاملة، وهو ما كشفت عنه الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب، وأستاذ الفلسفة بجامعة الأزهر، التى تحدثت عن الخطة وتفاصيلها لمواجهة أفكار الجماعات التكفيرية، متهمة علماء هيئة كبار العلماء بالجمود الفكرى.
هذا صحيح؛ حيث إن المؤسسة تحتاج لتجديد كوادرها، كما وجب عليها إعادة قراءة ثقافة العصر، فليس كل ما هو موروث يصلح لزمانه، ولابد أن يأخذ منه ما يصلح للعصر، ويعلو به شأن الإنسان، كما أن الموروث الضخم، تسبب فى تعطيل الاجتهادات، فأصبحت عقول العلماء متحجرة بعد أن توقفت عن التفكير والاجتهاد، لذا فإن المؤسسات الدينية، خاصة مؤسسة هيئة كبار العلماء، تحتاج لتجديد كوادرها.
الوقت الراهن ملىء بمستجدات كثيرة، كما أن المسلمين انفتحوا على كل الديانات تبعا لطبيعة العصر الرقمى «الإلكترونى»، والإطلاع على الثقافات المختلفة، إضافة إلى انتشار الإلحاد بين شباب الأمة بشكل مقلق.
- هل آليات التجديد والتنوير مفعلة عند العرب مثل الغرب؟
- لماذا يخشى المثقفون من تحمل مسئولية تجديد الخطاب الدينى وتركها لعلماء الدين؟
- يختلط معنى تجديد الخطاب بالتنوير عند الكثيرين، فما توضيحك للمعنى؟
من يرفض مسألة تجديد الفكر الدينى، يحكم على نفسه بالعيش فى الظلام، كما أن تجديد الفكر الدينى لا يمس بالثوابت الدينية بتاتا؛ حيث يعتبر التجديد هو الأخذ من ثوابت الدين، وتجديدها على حسب مستجدات العصر.
- هل البنود الخاصة بالمرأة فى وثيقة تجديد الخطاب الدينى المشرف عليها الأزهر مفعلة على أرض الواقع؟
نحن نقوم بمشاريع كبيرة من وقت لآخر، نُقبل عليها بحماس، ولكن للأسف يتبع هذا الحماس فتور، فلا يتم تطبيق هذه الخطط على أرض الواقع، فالمشكلة فى مصر ليست بوثيقة الأزهر، خاصة البنود المتعلقة بشأن المرأة فقط، بل المشكلة توجد فى أمور كثيرة، تتعلق بقضايا المجتمع من إصلاح وتجديد الفكر فى المستقبل وغير ذلك، والعيب فى من تولى تطبيق اقتراحات مشروع تجديد الخطاب الدينى، وإننى ألوم على المؤسسة التى تبنت الاقتراحات، ومن وضع رؤيته فى هذه القضية.
- لماذا لا تفعل وثيقة تجديد الخطاب الدينى الخاصة بالمساواة وحقوق المرأة فى مصر، كما اتخذت تونس مبادرة فى مساواة الرجل والمرأة بجميع الحقوق كالميراث؟
- في تقديرك.. الإرهاب صناعة الدين أم السياسة؟
- من أين تبدأ دائرة الإصلاح.. من الدائرة السياسية والثقافية أم من الدائرة الدينية؟
دائمًا أؤكد أن دائرة الإصلاح، تبدأ من تجديد الخطاب الدينى، باعتباره سابقا على الإصلاح الثقافى والسياسى، لابد أن يتواجد الفكر المسموع الذى تجتمع به المصادر الدينية الإنسانية والفلسفية؛ فإذا وجد هذا «العقل المعولم» فى البيئة العربية، استطاع تناول قضايا الدين والدنيا وقيادتهما لمواجهة التشدد الدينى والدعوة للإنسانية.
- فى رأى الفيلسوف إيمانويل كانط أن الثورة الحقة هى ما تصلح.. هل ثورة 25 يناير وثورة أصلحت القضايا التى عانى منها المجتمع المصرى؟
- هل فصل الدين عن الحكم «العلمانية» هو الحل للتخلص من جماعات الإسلام السياسي؟
دائمًا ما أكدت على استحالة الإقلاع من الجذور؛ فلا يمكن تطبيق مقولة السيد المسيح: «أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا ِللهِ ِللهِ»، فمن الصعب تطبيقها على المجتمع العربى؛ فالدين الإسلامى يشمل حياة المسلم.
- هل الصوفية هى الحل لمواجهة فكر التيارات المتشددة؟
ليس هناك تيار أو اتجاه بمفرده يستطيع حل مشاكل وقضايا العصر؛ لذا على الأمة أن تستمد الأفكار المناسبة من فكر كل فرقة من الفرق الإسلامية المختلفة.
- لماذا تبغض الجماعات المتشددة والمتطرفة فكريًا الفلسفة والتصوف، كذلك تخشى الحديث عن التنوير والاجتهاد؟
لعل السبب فى ذلك، هو أن الفلسفة وكل ما له صلة بالعقل، وزهد النفس عن الأطماع الدنيوية، لا يتماشى مع أفكارهم المتحجرة، ودائمًا أوجه لهم تلك الكلمات، قائلة: «نفسى أن رئيس الدولة يستقطع مدينة لهم، يعيشون بها «يريحوا» الأمة منهم، يمارسون ما يشاءون»، وفور مطالبتى بذلك، فوجئت بهجوم وقح من الجماعات التكفيرية مدعين بالقول: «إن آمنة نصير ، خريجة مدارس تبشيرية، كما لا تركعها»، وأنا أرد عليهم قائلة إنكم أصحاب أكاذيب، كما أن المدارس التبشيرية علمتنى اللغة الإنجليزية بشكل راقٍ، فمن خلالها استطعت أن أوضح مبادئ الدين الحنيف وسماحته عند الغرب، كما أوصلت الإسلام حول العالم؛ فالله أنعم علىّ باللغة، وقمت بتوظيفها لخدمة الإسلام.
- هل يتشابه العلمانيون مع السلفيين فى إطار النقل؟
العلمانيون مدرسة تختلف عن السلفيين، قد يكون التشابه فقط فى النقل وفى وقت المفاضلة؛ فأنا أفضل العلمانيون عن السلفيين؛ حيث يُعتبر العلمانى أرحم، كما أننى أستطيع التعامل معه عن السلفى، لأن العلمانى لديه قدرة على النقاش والحوار مع المختلف عنه، أما السلفى فيفتقد لآليات الحوار؛ فلا يصلح للحوار من الأساس.
- لماذا يحرص الكثير من المثقفين بالرجوع لفكر الإمام محمد عبده، خاصة فى مسألة التنوير والتجديد؟
- هل هناك حد فاصل لرؤية المرأة بين المثقفين وعلماء الدين؟
رؤية المجتمعات العربية للمرأة تحتاج لرقى؛ وبالتالى فإن من مهام المسئولين عن تجديد الخطاب الدينى، أن يضعوا باعتبارهم البعد النفسى المتمثل فى الرفق بالمرأة، ولكن للأسف رؤية ولغة بعض الشيوخ للمرأة تتصف بالغلظة والجفاء والاستعلاء، فتدعو أغلب خطابات هؤلاء المشايخ الرجل إلى الخشونة فى التعامل داخل بيته، وإقناعه بأحقيته على أخذ كل ما يريد دون إعطاء تقدير لحق الزوجة.
- البعض تحدث عن حكم تكشير المرأة بوجه زوجها بأنه كفر.. كيف ترى ذلك؟
ليس كفرا، ولكنه سوء تعامل؛ فيخلق كراهية بين الرجل وزوجته، وتبين من خلال السنة النبوية مدى أهمية الكلمة الطيبة على الإنسان وتأثرها على النفس فى قول الرسول -صلى الله عليه وسلم: «الكلمة الطيبة صدقة»، لذا من باب أولى أن تكون لأهل البيت.
- هل حق على المرأة شرعًا الإنفاق فى بيتها وإجبارها على العمل؟
الزوج مكلف شرعًا بالإنفاق على بيته، كما قال الله-عز وجل: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ»؛ فالإنفاق بقدر ما استطاع تكليف إلهى، وليس سطوة من الرجل على المرأة، ولكن للأسف نجد بعض الأزواج، يأخذ سطوة الجانب المعنوى على زوجته ويترك الجانب المادى.
- ما حكم الزواج الإلكترونى المنتشر عبر مواقع التعارف والزواج أونلاين، مع العلم أن هناك «مؤذون إلكترونى» ليتمم تلك الزيجات؟
هذا ما يسمى بالزواج الإلكترونى، الذى يتم عبر شاشات بعيدة عن ضوابط الزواج التى رسخها علماء السلف؛ ففى هذه القضية يتم الآخذ بآرائهم؛ لأنها تناسب ضوابط المجتمع الأخلاقية المتعلقة بالزواج، والحرص على احترام الميثاق الإلهى المقدس باعتباره غليظا.
- إذا تطرقنا لأزمة قضية «حظر النقاب»، التى انتهت بتقرير من هيئة مفوضى الدولة أن «النقاب» لا يجوز خروجه من أصله الإباحى إلى الحظر المطلق.. فما حكم النقاب فى الشريعة الإسلامية؟
النقاب ليس فى الإسلام، بل يُعتبر نتيجة الفكر الإقليمى الذى جاء من الفكر اليهودى؛ حيث أن الثقافة اليهودية، أثرت فى شبه الجزيرة العربية؛ فيما لا يعتبر أن النقاب من مبادئ الحاكمة للمرأة بالإسلام.. اليهود أحرار بشأن دينهم، ولكن لا يصح أن ينقل النقاب كفرض باسم الإسلام، كما فرضته الجماعات المتشددة على الثقافة المصرية.
- هل موجة ارتداء الحجاب لها جانب سياسى، خاصة بعد خلع عدد كبير من الفتيات والفنانات للحجاب؟
موجة ارتداء الحجاب تراجعت بالشارع المصرى، وليست لها جانب سياسى، بل ترجع للعقل الجمعى، فالفتيات تقبل على مظهره دون قناعة به أثناء سيطرة الجماعات الرجعية بالساحة؛ فالحجاب فرض على المرأة البالغة، ومفهومه يتمثل فى احتشام المرأة وصيانتها.