محاكمة الإهمال والفساد في السكة الحديد
السبت، 02 مارس 2019 05:00 مرضا عوض
- المسئولية السياسية تطيح بوزير النقل وعقوبة التقصير تلاحق كل المتهمين
هل ستتم محاكمة هشام عرفات وزير النقل بعد أن تقدم باستقالته بتهمة الإهمال؟ هذا هو السؤال الحائر الآن عقب وفاة أكثر من 20 شخصا وإصابة 43 آخرين على خلفية حادث قطار محطة مصر، وإن كان العدد مرشحا للزيادة عقب نشوب حريق هائل داخل محطة مصر، إثر اصطدام أحد جرارات القطارات بالصدادة الحديدية الموجودة على رصيف رقم 6 بعد خروجه عن القضبان، ما أدى إلى انفجار «خزان السولار» واشتعال النيران في الجرار، وحدوث حريق نتج عنه مصابين ووفيات بين الركاب الذين كانوا على الرصيف واحتراق بعض المكاتب المجاورة برصيفى 6 و8 بين أرصفة بحرى وقبلى بمحطة مصر.
النائب العام، فور الحادث أصدر بيانا كشف فيه عن التفاصيل بقوله إن التحقيقات أشارت إلى وقوع شجار بين سائقى قطارين تسبب فى حادث محطة مصر الذى راح ضحيته 20 شخصا و43 مصابا، وقررت النيابة العامة ندب لجنة من الطب الشرعى لمناظرة جثامين ضحايا حادث قطار رمسيس، وأخذ عينات البصمة الوراثية «DNA» نظرا لتفحم الجثث وصعوبة التوصل إلى هوية المتوفين.
وقال النائب العام فى بيانه، إنه استكمالا للتحقيقات التى تجريها النيابة العامة فى حادث القطار بمحطة سكك حديد مصر بميدان رمسيس؛ قد تبين من التحقيقات أن الجرار رقم 2310 مرتكب الحادث أثناء سيره متجها إلى مكان التخزين تقابل مع الجرار رقم 2305 أثناء دورانه على خط مجاور عكس الاتجاه ما أدى إلى تشابك السائقين وحال ذلك دون استمرار سير الجرار مرتكب الحادثة، وترك قائد الجرار الأخير كابينة القيادة دون أن يتخذ إجراءات إيقاف محرك الجرار وتوجه لمعاتبة قائد الجرار الآخر رقم 2305 الذي رجع للخلف لفك التشابك؛ ما أدى إلى تحرك الجرار مرتكب الحادث، دون قائده، فاصطدم بالمصد الخرساني في نهاية خط السير داخل المحطة، فوقع الحادث الذى نتج عنه اندلاع النيران ووفاة عشرين شخصا تصادف وجودهم بمنطقة الحادث، متأثرين بالنيران التى أدت إلى احتراق أجسادهم وتفحمها من شدتها.
وأضاف البيان أن الحادث نتج عنه إصابة 43 شخصا تم نقلهم لتلقى العلاج بمستشفيات الهلال، القبطي، السكة الحديد، معهد ناصر، شبرا العام، الحلمية العسكرى، دار الشفاء، وقررت النيابة العامة ندب لجنة من خبراء الطب الشرعى لمناظرة الجثامين وأخذ عينات البصمة الوراثية DNA نظرًا لتفحم الجثامين وعدم التوصل لتحديد هوية كل منهم، كما تم ضبط المتهم قائد الجرار مرتكب الحادث تنفيذا لقرار النيابة العامة بضبطه وإحضاره ويخضع الآن للاستجواب.
الحادث كشف عن إهمال شديد من سائق القطار، وهو ما يتحمل مسئوليته سياسيا وزير النقل الدكتور هشام عرفات الذى تقدم باستقالته لرئيس الوزراء الذى قبلها على الفور، لكن ظهرت مطالبات بمحاكمة وزير النقل بعد أن قضى الوزير عامين و11 يوما كوزير للنقل عقب تعيينه في 16 فبراير 2017، وشهدت هذه الفترة عددا من حوادث القطارات التي راح ضحيتها عشرات الأشخاص في حوادث حريق وخروج عربات عن القضبان واصطدام قطارين ببعضهما البعض دون أن يعلن الوزير السابق مسئوليته أو أن يتقدم باستقالته مثلما فعل في هذه الحادثة.
كان أول حوادث القطارات عقب توليه منصبه الوزارى بستة أشهر تقريبا، حيث وقعت الحادثة في 11 أغسطس 2017 عندما وقع حادث تصادم قطارى الإسكندرية بالقرب من محطة أبيس، وقد وقع الحادث بسبب إشارة خاطئة أصدرها العامل المختص بالسكة الحديد أسفرت عن سير القطار المتحرك على نفس قضبان «القطار المتوقف»، وهو ما تسبب في وقوع الحادث والذى راح ضحيته عدد من الركاب.
وأعلن مجلس الوزراء وقتها في بيان رسمى له أن رئيس الحكومة شريف إسماعيل يتابع حادث اصطدام قطار رقم 13 إكسبريس القاهرة - الإسكندرية بالقطار رقم 571 بورسعيد - الإسكندرية، بالقرب من محطة خورشيد، والذى أسفر عن وفاة وإصابة عدد من المواطنين، ووجه رئيس الوزراء بسرعة تشكيل لجنة متخصصة من وزارة النقل للتحقيق في الحادث والوقوف على الأسباب التى أدت إلى وقوعه وإعداد تقرير عاجل.
وأعلنت الحكومة وقتها أنها تعمل على توفير رافعات لرفع العربات ومحاولة إنقاذ مزيد من ركاب القطارين من المحتمل أن يكونوا عالقين داخل العربات التى تضررت بشكل كبير جراء قوة التصادم، حيث أسفر الحادث عن مصرع 43 شخصا على الأقل وجرح 133 آخرين.
لم تمر سوى ثلاثة أشهر على هذا الحادث إلا ووقع الحادث الثانى فى الأول من نوفمبر 2017 عندما خرج أحد القطارات عن القضبان في محطة قليوب، وكشفت المعاينة الأولية لحادث خروج جرار قطار عن القضبان أن الجرار خرج عن القضبان قبل اصطدامه مباشرة بصدادات محطة قليوب، ولم يسفر الحادث عن وقوع أى إصابات أو ضحايا في الأرواح، وتبين أن القطار يحمل رقم 833 كان متوجها من القاهرة إلى الزقازيق وخرج عن القضبان أثناء دخوله محطة قليوب.
وكانت محطة قليوب قد شهدت خروج جرار أحد القطارات بمدخل المحطة عن القضبان، حيث فوجئ المواطنون بخروج الجرار عن القضبان، وانتقلت على الفور الأجهزة المعنية للتعامل مع الواقعة، حيث تم سحب الجرار على الخط من جديد والدفع بآخر لاستكمال الرحلة مرة أخرى.
وفى 10 فبراير 2018 شهدت حركة القطارات على خط «الإسكندرية - القاهرة»، فى اتجاه شبرا الخيمة، خروج عربة قطار عن القضبان عند تحويلة محطة القطار، وقد انتقلت القيادات الأمنية والتنفيذية وتبين خروج عربة قطار الإسكندرية المتجه إلى القاهرة عن القضبان بعد مغادرته محطة قليوب، وتم الدفع بآلات الرفع لإعادة العربة على السكة الحديد مرة أخرى.
وفي العاشر من أبريل اندلع حريق في عربتين بقطار على خط «القاهرة - الإسكندرية»، أمام مزلقان سنديون بمدينة قليوب فى محافظة القليوبية، ما أسفر عنه توقف حركة القطارات.
وفى 28 فبراير 2018 شهدت محافظة البحيرة حادثا مأساويا عقب اصطدام القطارين رقمى 691، 694 ركاب بخط المناشى فى محطة الطيرية التابعة لمركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة، بقطار بضائع، الأمر الذى أسفر عن مصرع 19 شخصا وإصابة عشرات الركاب وفق الإحصاءات الأولية، وقد انتقل وزير النقل إلى موقع الحادث لمتابعة الكارثة، فيما أعلنت رئاسة الوزراء عن متابعة المهندس شريف إسماعيل لتطورات الموقف لحظة بلحظة. وكشفت المعاينة الأولية عن انفصال عربتين من قطار الركاب وانقلابهما على قضبان السكة الحديد بالتزامن مع قدوم قطار البضائع القادم من الإسكندرية، ونتج عن ذلك توقف حركة القطارات بخط المناشى «إيتاى البارود - القاهرة».
من جانبها أعلنت الهيئة في بيان لها أن سبب الحادث هو سقوط عجلة البوجى من العربة الثالثة لقطار رقم 678 ركاب إيتاى البارود القاهرة بطريق المناشى أثناء سيره بمحطة أبو الخاوى، ما أدى إلى احتكاكها مع عربة قطار طفلة المخزن على السكة، حيث تم الدفع بآلات الرفع لرفع عجلة البوجى نتيجة سقوطها بحوش المحطة. وفى منتصف يونيو 2018، خرجت عجلات إحدى عربات قطار ركاب رقم 988 أثناء دخوله محطة مصر برمسيس للقيام برحلته إلى أسوان، ما أحدث حالة ارتباك في حركة القطارات الخارجة والداخلة للمحطة.
وقالت هيئة السكة الحديد في بيان صحفى لها آنذاك إن قطار رقم 988 مكيف القاهرة ـ أسوان تأخر عن موعد قيامه برحلته نتيجة سقوط عجلة البوجى لإحدى عرباته من على السكة أثناء دخوله الرصيف بحوش محطة مصر فوارغ (خالى من الركاب) للقيام برحلته المقررة. كما شهد قطار أسوان حادث آخر بخروج قطار 982 عن مساره بمنطقة السيد سعيد بمركز كوم أمبو، ما أدى إلى خروج 8 عربات من بينها عربتا الجرار والمولد عن القضبان، وأسفر الحادث عن إصابة 6 أشخاص ونجاة ركاب القطار من الموت المحقق.
وشهد خط الصعيد في 14 يوليو 2018 حادث قطار وقع فى قرية المرازيق بالبدرشين فى الجيزة، عندما سقطت 3 عربات من قطار 986 المتجه من القاهرة لقنا، وانقلبت العربة الرابعة بسبب تحويله عن طريق الخطأ بحوش محطة المرازيق، وأسفر الحادث عن إصابة 55 مواطنا، ودفعت وزارة الصحة بـ25 سيارة إسعاف لنقل المصابين، كما أوقفت وزارة النقل حركة القطارات على خط الصعيد ودفعت بأوناش لإعادة تسيير حركة خط «السد العالى»، كما كلف النائب العام، المحامى العام لنيابات جنوب القاهرة بالانتقال لمكان الحادث والاستماع لأقوال المصابين، وأعلنت هيئة السكك الحديدية عن تأخر قطارات الوجه القبلى نتيجة سقوط العربات من قطار رقم 986 ركاب مكيف «القاهرة - قنا» بحوش محطة المرازيق على خط «القاهرة- السد العالى» بالجيزة، وقدمت الهيئة اعتذارها لتأخر القطارات نتيجة هذا الحادث المفاجئ.
وأرجعت التحقيقات الحادث إلى أن القطار دخل الرصيف بسرعة عالية، حيث إنه دخل للتخزين، رغم أنه كان من المفترض الدخول بهدوء، وهذا ما يؤكد أن حدوث تحويلة خاطئة تسبب فى وصول القطار بهذه الصورة. وفي 30 يناير 2019 وفي منطقة العياط توقفت حركة القطارات لمدة ساعة ونصف الساعة بسبب حادث تصادم بين قطار وسيارة نقل في مزلقان باجة الشيخ في العياط، ولم يسفر الحادث عن أى خسائر أو إصابات بشرية، بعدما تمكن سائق السيارة النقل من القفز من الشباك قبل التصادم.
وتبين من خلال المعاينة أن سيارة نقل تعطلت على مزلقان قرية باجة الشيخ في العياط، وتفاجأ قائدها بقدوم القطار وعدم تحرك السيارة فقفز خارجها قبل أن يصطدم بها القطار، ويسحبها أمامه على القضبان لمسافة 5 أمتار ثم يطيح بها إلى جانب شريط السكة الحديد.