هل نحتاج تغليظ عقوبة الإهمال؟.. حادث قطار محطة مصر يجيب
الخميس، 28 فبراير 2019 11:00 م
بحسب النصوص القائمة فإن سائق جرار محطة مصر الذي تسبب في سقوط عشرات الشهداء والمصابين، (الأربعاء)، قد لا يحصل على أكثر من (10 سنوات) سجن، وفقا نص المادة (238) من قانون العقوبات في التعامل مع جريمة الإهمال الجسيم، وهو ما يثير سؤالا مهما حول مدى احتياجنا لتغليظ تلك العقوبة.
وعلى الرغم من أن تحقيقات الحادث مازالت جارية، ومن ثم فإن قيد ووصف الاتهام للسائق لم يتحدد حتى الآن، لكن وفقا للبيانات الأولية الصادرة عن النائب العام، فإن الحادث وقع نتيجة خطأ وإهمال، وفي هذا الصدد فإنه إذا ما انتهى الأمر إلى قيد التهمة تحت بند الإهمال الجسيم، فقد لا تكون العقوبة المنتظرة كافية أو رادعة أو مقتصة لحقوق الضحايا، وهو ما يطرح السؤال هل نحتاج تعديل قانونيا لتغليظ عقوبة الإهمال؟.
المستشار جميل سعيد، المحامى بالنقض، أكد على ضرورة تغليظ العقوبة، خاصة مع حادث كبير بحجم حادث القطار، متابعا: «نص المادة (238) من قانون العقوبات جرى تعديله قبل سنوات ليصل بالحد الأقصى إلى (10 سنوات)، مراعيا في ذلك غياب التعمد، باعتبارها من جرائم الإهمال التي يغيب عنها القصد الجنائي، ولكن إزاء تعدد مثل تلك الحوادث وارتفاع عدد الضحايا، فمن المناسب جدا بحث تعديل تلك المادة لزيادة العقوبة على (10 سنوات)».
يُذكر أن المادة (238) من قانون العقوبات تنص على أنه: «من تسبب خطأ في موت شخص، بأن كان ذلك ناشئًا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين».
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على (5 سنوات)، وغرامة لا تقل عن مائة ولا تجاوز (500 جنيه)، أو بإحدى العقوبتين، إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالاً جسيما بما تفرضه على أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته، أو كان متعاطيًا مُسكرًا أو مُخدرًا عند ارتكابه الخطأ الذي نجم عنه الحادث، أو امتنع وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على (7 سنوات)، إذا نشأ عن الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على عشر سنوات.
فيما أكد المستشار عبد الستار إمام، رئيس محكمة الجنايات السابق وعضو مجلس إدارة نادى القضاة، أن ما نحتاجه بصفة عامة في مثل تلك الحوادث هو تحقيق العدالة الناجزة، السريعة لا المتسرعة، حتى يتحقق الردع العام والخاص، ليكون الجاني مثالا لأي موظف أو مسؤول في موقعه يرتكب فعلا مماثلا، مشيرا إلى أنه حتى الآن لم يتضح التكييف النهائي للجريمة، وعليه لا بد من الانتظار حتى انتهاء التحقيقات، فتهمة الإهمال مجرد حديث مبدئي بناء على التقارير والبيانات الأولية الصادرة عن النيابة.
وأشار رئيس محكمة الجنايات السابق، أنه وفقا لنصوص ومواد قانون العقوبات، فإن الإهمال الجسيم والإخلال بواجبات الوظيفة، خاصة إذا تسبب في سقوط أكثر من ثلاثة ضحايا، ينطبق عليه نص الفقرة الأخيرة من المادة (238)، التي تصل بالعقوبة إلى السجن (10 سنوات).
وفي ذات السياق أكد النائب شريف فخري، عضو مجلس النواب، أنه تقدم بمشروع قانون للمجلس لتعديل المادة (238) من قانون العقوبات، لتغليظ العقوبة في حالة الإهمال الجسيم الذي يترتب عليه قتل، بحيث يُعاقب مرتكبه بعقوبات مماثلة لعقوبات القتل العمد التي تتراوح بين الأشغال الشاقة المؤبدة والإعدام. متابعا: «التعديل يهدف في المقام الأول لردع المتسببين في مثل تلك الحوادث الجسيمة التي تنتج بسبب الاستهتار بأرواح الناس والاستهانة بالعقوبات المقررة».
كما شدد النائب نبيل الجمل، وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، على أنه لا بد من انتظار نتائج التحقيقات وقرار النيابة بشأن الواقعة، لمعرفة التكييف القانونى للتهمة من جانب النيابة العامة، ومعرفة العقوبة المقررة على السائق.
يشار إلى أن النائب العام المستشار نبيل أحمد صادق، أصدر بيانا تفصيليا بشأن حادث قطار محطة مصر، الذي أودى بحياة (22 شخصا)، وتسبب في إصابة (41 آخرين)، قال فيه: «الجرار رقم (2310) مرتكب الحادث، في أثناء سيره إلى مكان التخزين، تقابل مع الجرار (2305) في أثناء دورانه على خط مجاور عكس الاتجاه، ما أدى إلى تشابكهما، وحال ذلك دون استمرار سير الجرار مرتكب الحادث، فترك قائد الجرار الأخير كابينة القيادة دون أن يتخذ إجراءات إيقاف المحرك، وتوجه لمعاتبة قائد الجرار الأخير الذي رجع للخلف لفك التشابك، ما أدى إلى تحرك الجرار مرتكب الحادث دون قائده وانطلاقه بسرعة عالية، واصطدامه بالمصد الخرساني في نهاية خط السير داخل المحطة، فوقع الحادث».