تغول الحرس الثورى فى السياسية الدولية..روحانى فشل فى تحييد المؤسسة العسكرية
كان قاسم سليمانى العنصر المشترك فى كافة اللقاءات التى جمعت بشار الأسد بالمسئولين الإيرانيين بينما غاب الوزير، وللمرة الأولى شوهد سليمانى يحضر لقاء رئاسى، الأمر الذى نظر إليه كمؤشرا واضحا لتدخل الحرس الثورى فى السياسية الخارجية الإيرانية بشكل صارخ السنوات الأخيرة، ومحاولة تهميش دور المسئول الإيرانى الأبرز الذى يصفه المتشددون وبعض المقربين من الحرس المرشد بالخائن الموالى للغرب، لكن حضوره أكد على أن روحانى فشل روحانى فى تحييد دور الحرس على مدار السنوات الـ5 الماضية، رغم أنه اتخذ على عاتقه ابعاد المؤسسة العسكرية عن السياسة فى مايو 2017 أثناء حملته الانتخابية حيث طالب وقتها ابعاد الحرس الثورى عن السياسة تنفيذا لوصية قائد الثورة آية الله الخمينى، وفى كل مرة كان يتدخل الحرس، على نحو ما حدث فى اغسطس 2018 عندما قال قائد الحرس الثورى محمد على جعفرى "الشعب الإيراني لن يسمح لمسئوليه باللقاء أو التفاوض مع الشيطان الأكبر حتى الرؤساء الذين سيكونون بعدك لن يرون ذلك اليوم (أى يوم التفاوض مع إيران)" تصريحات اغضبت المعسكر الإصلاحى وعارضتها النائب المعتدل محمد مطهرى.
ورغم ذلك بعض الأوساط الإعلامية والسياسية خلال حديثها "لليوم السابع" ورفضت ذكر اسمها من طهران، حاولت تبرير تواجد سليمانى فى لقاءات الأسد، بأنه الرجل الأول وأبرز اللاعبين فى الميدان السورى والذى يقود الحرس الدائرة بمقاتلين ومستشاريين عسكريين بالإشتراك مع الجيش الوطنى السورى، وأرجعت غياب ظريف لأسباب أخرى منها التدابير الأمنية المشددة التى اتخذت لزيارة الأسد فى طهران وغياب التنسيق الواضح بين الرئاسة ووزارة الخارجية وبالأحرى التكتم على الزيارة لحين عودة الضيف.
تعزيز هيمنة المتشددين على أركان السلطة واقصاء الوجوه الاصلاحية بعد الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى
يتفق العديد من المراقبين أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى المبرم فى 2015 مع إيران، أدى إلى تعزيز هيمنة المعسكر المتشدد على هيكل السلطة، وواجه التيار الاصلاحى إقصاء لاسيما الأصوات التى خرجت بين كوادره تنادى بالعودة للتفاوض مع الولايات المتحدة من أجل إعلاء المصلحة الوطني، الأمر الذى قوبل برفض من المعسكر المحافظ والمتشددين، وجائت استقالة ظريف نتيجة للضغوط التى تعرض لها على مدار الأشهر الـ8 الماضية، من أجل الحفاظ عى أحد أبرز انجازاته التمثل فى الاتفاق النووى، وسط موجات وعاصفة عاتية من المتشددين تدعو ظريف للانسحاب من الاتفاق النووى.
وفى نوفمبر 2018، أصبح ظريف فى مرمى نيران المتشددين، بل وصل بهم الأمر بإلقائه بتهمة "الإفساد فى الأرض" التى جائت على لسان الإعلامى الإيرانى وحيد يامين بور، بسبب تصريحات للوزير عن تفشى عمليات غسيل الأموال فى البلاد والتى أثارت الكثير من الجدل، اتهم فيها الوزير الإيرانى جهات داخل إيران بالقيام بعمليات غسيل أموال واسعة، على نحو ما قال ظريف، فى مقابلة مع موقع "خبر أونلاين" على خلفية رفض المتشددين ومجلس صيانة الدستور انضمام إيران إلى مجموعة العمل المالى لمكافحة غسيل الأموال والإرهاب (FATF)، أن عمليات غسيل الأموال فى بلاده حقيقة، وأن من يقومون بذلك يحاولون صناعة رأى عام معارض فى الداخل لتشريعات تتعلق بمكافحة هذه الأمور، لضمان مصالح اقتصادية "لأفراد" لم يسمهم، وحاول نواب جمع توقيعات آنذاك بالبرلمان على طلب استجوابه لكنهم فشلوا.
صدام جناح المرشد مع رجال روحانى
قد تبدو واقعة غياب وزير الخارجية من اللقاءات عادية بالنسبة للبعض، لكنها تؤيد التقارير الإيرانية التى لوحت الفترات الماضية إلى صدام بين جناح المرشد وفريق روحانى، الصور التى التقطت من لقاء الرئيس بشار الأسد بالمرشد الأعلى فى ظل غياب روحانى ووجود رجال المرشد المقربين منه ورجال الصف الأول فى النظام، وفى مقدمتهم محمد جلبايجانى رئيس مكتب خامنئى، ومستشاره للشئون الدولية على أكبر ولايتى، وقاسم سليمانى قائد فيلق القدس بالحرس الثورى، نظر إلى اللقاء كونه صدام ظهر فجأة إلى العلن بين الجناحين، فلم يسمح لهم حضور اللقاء، ليس ظريف فحسب ، فلم يشاهد أيضا حضور حسين جابري أنصاري وهو كبير مساعدي وزير الخارجية الإيرانية للشؤون السياسية والمسئول الأول فى الملف السورى بالخارجية الإيرانية، وعبر ظريف عن هذا الصدام فى تصريحاته التى قال فيها أن "الخلافات الحزبية تمثل السم القاتل للسياسة الإيرانية".
غياب التنسيق بين المؤسسات الإيرانية
من يتعامل مع أغلب المؤسسات الإيرانية والأوساط الإعلامية يدرك حقيقة تلازم الحكم فى إيران وهى غياب التنسيق فى كثير من الأحيان بين المؤسسات المختلفة فى الحكم، ورجحت مصادر من طهران غياب التنسيق مع وزارة الخارجية فى سفر الرئيس السورى بشار الأسد، أو بالأحرى عدم علم وزرة الخارجية بالزيارة التى تمت بشكل مفاجئ دون الاعلام عنها أو حتى التنسيق مع وزارته، وقالت المصادر أن ظريف علم بالزيارة من وسائل الاعلام الأمر الذى اغضبه بشدة كونه الجهاز الدبلوماسى الواقف على رأس العلاقات الخارجية، وهو أمر يمكن قراءته من خلال تصريحاته حول مكانة وزارة الخارجية، وأشارت مصادر إلى أن جهات فاعلة فى السياسة الإيرانية (الحرس الثورى) هى من قامت بالتنسيق بالزيارة دون اعلام جواد ظريف أو أى شخص فى إيران.