هذا ما قاله رجال القضاء والقانون عن دائرة «توحيد المبادئ» بالإدارية العليا
الأربعاء، 27 فبراير 2019 01:00 م
بعد إنشاء المحكمة الإدارية العُليا عام 1955 وتعدد دوائرها واختلاف الأحكام الصادرة عنها صدر القانون رقم 136 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام قانون مجلس الدولة، وأنشأ بمقتضى المادة (54) مكرراً دائرة تشكل من أحد عشر مستشاراً من مستشاري المحكمة الإدارية العليا، تكون صنواً للهيئتين العامتين لمحكمة النقض، واصطلح على تسميتها بدائرة توحيد المبادئ.
في كتابه «الأحكام الكبرى في قضاء مجلس الدولة» الذي يحوي أهم ما قضت به وأرسته دائرة توحيد المبادئ خلال عام 2018، يقول المستشار إسلام توفيق الشحات، نائب رئيس مجلس الدولة، ويضم بعض كتابات رجال القضاء والقانون حول تلك الدائرة، ويقول: إن للسوابق القضائية ولاسيما تلك الصادرة من دائرة توحيد المبادئ دورها وأهميتها ليس فقط لكونها صادرة عن شيوخ قضاة مجلس الدولة وإنما لكون التزام المحاكم الأدنى ودوائر المحكمة الإدارية الُعليا ذاتها بهذه السوابق يحقق فوائد عملية جمة منها توفير عدالة سريعة وناجزه و إيجاد درجة من العلم القانوني لدى أطراف المنازعات الإدارية يمكن أن يكون له أثره في حل النزاعات القانونية دون حاجة للجوء إلي القضاء ومنها تحقيق الثقة لدى المواطنين في قضاءهم واليقين في عدله، إذ ليس بمستساغ لدى المواطن العادي أن يجد حكمين متناقضين في ذات المسألة القانونية لمجرد اختلاف تشكيل الدائرتين اللاتين أصدرتهما ومنها تيسير أداء القضاة أعمالهم دونما حاجة إلي عودة البحث في المسألة القانونية التي سبق إقرار مبدأ بشأنها ومدارستها.
المستشار إسلام توفيق الشحات
ويقول المستشار الدكتور محمد ماهر أبو العينين نائب رئيس مجلس الدولة، في كتابه «الدفوع في القانون العام ج 3 ص 1012 ومؤلف المبادئ القضائية الحديثة طبعة 2013، إن المشرع بإنشاء دائرة توحيد المبادئ اعترف بالقضاء كمصدر رسمي للقانون الإداري وهذا المصدر الرسمي يجد له رافدا من المبادئ العامة للقانون والسوابق القضائية يوازي التشريع فمن الملزم أن تكون الأحكام القضائية منشورة ومعروفة للناس كافة شأنها شأن القوانين وهو ما يلقي بعبء نشر هذه الأحكام وتلخيصها والتعليق عليها للمكاتب الفنية للمحاكم.
الدكتور جابر جاد نصار في مؤلفه دائرة توحيد المبادئ وتأكيد الطبيعة القضائية للقانون الإداري يقول إنه يمكن إجمال مبررات الأخذ بفكرة السوابق القضائية في أربع كلمات هي «المساواة، التوقع، الاقتصاد، الاحترام».
ويشرح ذلك بقوله إنه من ناحية أولي فإن تطبيق ذات الحل الذي يحتويه الحكم القاضي الذي يمثل السابقة القضائية في القضايا المماثلة يعني في حقيقته تحقيق مبدأ المساواة بين أفراد متماثلين وليس هناك ما يبرر التميز بينهم فعندما تتماثل وقائع الدعويين فإنه يكون من المنطقي تطبيق ذات الحكم ، ومن ناحية ثانية إن الأخذ بنظام السوابق القضائية يوفر للأفراد إمكانية توقع الحل الذي يمكن أن يصلوا إليه من خلال اللجوء إلى القاضي، وهو الأمر الذي يدفعهم إلي تسوية منازعاتهم خارج نطاق القضاء، وهو يعني تخفيف العبء عن كاهل المحاكم، وتفرغها للقضايا الأكثر أهمية.
ومن ناحية ثالثة فإن الأخذ بنظام السوابق القضائية يوفر الوقت، ويؤدي إلي سرعة الحسم في القضايا، وهو ما يؤدي إلي توفير عدالة سريعة وناجزة، وهو ما يمثل علاجا فعالا لمشكلة بطء التقاضي، ومن ناحية رابعة، فإن الأخذ بنظام السوابق القضائية، يعكس تقديرا واحتراما لأحكام القضاء، والحلول التي خلص إليها، ويمنع تضارب هذه الحلول، وتناقضها، وهو ما يعزز الثقة بالقضاء.
ويقول المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة في بحث سابق عن الحصاد القضائي إن من يقرأ تاريخ الفكر القضائي تصبح له أكثر من حياه غير حياته ومعنى أكثر من معانيه لأنه يتعرف على أشخاص لم يرها ويعيش حياتهم دون أن يعرفهم، وإن تواصل الأجيال في العلم والمعرفة من علامات تقدم الأمم وازدهارها خاصة في مجال خدمات العدالة وتبدوا من الأهمية بمكان الإطلاع على ما تركه الخلف للسلف من دُرر الأحكام الرصينة.