من الفتوة لـ«البودي جارد».. كيف أنهى قانون استعراض القوة على ظاهرة البلطجة؟
الثلاثاء، 26 فبراير 2019 07:00 م
نعود من حيث أنتهينا ليظل الحديث موصول بين الجريدة والقارئ، فقد أنتهينا في التقرير السابق من أظهر ملامح شخصية الفتوة من أين بدأت وإلي أين أنتهت وخضنا خلالها غمار تفصيل تلك الشخصية من الناحية القانونية والتاريخية، فقد سبق وأن بينا فيه كيف أندثرت تلك الشخصية وتوارت وراء أنتشار التعليم والانفتاح الذي لاح في أرجاء المحروسة ومع أنتشار الأجهزة المعنية بالأمن في الدولة تخافتت أضواء الفتوة لتتحور وتظهر في أشكال جديدة في محاولة من أصحاب الفتونة التكيف مع العصر.
فى التقرير التالى «صوت الأمة» رصد إشكالية الظهور الجديد لـ«الفتونه» التى أطلق عليها بـ«البودى جارد» وهو الحارس الشخصي الذى تُعد وظيفته حماية من يطلب ذلك لقاء مبالغ مالية، وتناول راي القانون في أستعمال القوة المفروطه في ترويع أمن وأمان الموطنين – بحسب الخبير القانونى والمحامى.
رأي القانون في استعمال القوة المفروطة في ترويع أمن وأمان الموطنين:
ظهرت تلك الظاهرة واضحة جالية أبان ثورة يناير 2011 وقتما غابت السيطرة الأمنية وحدث الإنفلات الأمني في حينه حيث ظهرت فئة بين الناس تعث فساد في الأرض بغية أرضاء سادتها مما دعا المجلس الأعلي للقوات المسلحة في ذلك الوقت لتعديل بعض أحكام قانون العقوبات بإصدار القانون رقم 10 لسنة 2011 والذي ينص علي أضافة الباب السادس لقانون العقوبات بشأن جرائم الترويع والتخويف والمساس بالطمأنينة، حيث نص هذا الباب علي أضافة المواد 375 و375 مكرر حيث نصت المادة 375 من قانون العقوبات والمضافة بالقانون رقم 10 لسنة 2011 علي أن: «مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد واردة في نص آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من قام بنفسه أو بواسطة الغير باستعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد بأيهما أو استخدامه ضد المجني عليه أومع زوجه أو أحد أصوله أو فروعه، وذلك بقصد ترويعه أو التخويف بإلحاق أي أذى مادي أو معنوي به أو الإضرار بممتلكاته أو سلب ماله أو الحصول على منفعة منه أو التأثير في إرادته لغرض السطوة عليه أو إرغامه على القيام بعمل أو حمله على الإمتناع عنه أو لتعطيل تنفيذ القوانين او التشريعات أومقاومة السلطات أو منع تنفيذ الأحكام أو الأوامر أو الإجراءات القضائية واجبة التنفيذ، أو تكدير الأمن أو السكينة العامة.
متى كان من شأن ذلك الفعل أو التهديد إلقاء الرعب في نفس المجني عليه أو تكدير أمنه أوسكينته أو طمأنينته أو تعريض حياته أو سلامته للخطر أو إلحاق الضرر بشئ من ممتلكاته أو مصالحه أو المساس بحريته الشخصية أو شرفه أو اعتباره و تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين و لا تجاوز خمس سنوات إذا وقع الفعل من شخصين فأكثر، أو باصطحاب حيوان يثير الذعر، أو بحمل أية اسلحة أو عصى أو آلات أو أدوات أو مواد حارقة أو كاوية أو غازية أو مخدرات أو منومة أو أية مواد أخرى ضارة، أو إذا وقع الفعل على أنثى ، أو على من لم يبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة – وفقا لـ«عبد القادر» .
و يقضى في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها.
ترهيب و تخويف الناس
وضع المشرع في المادة 375 عقوبات حكما لكل من أستخدام القوة بنفسه أو بواسطة غيره في ترويع أمن وأمان أحد الاشخاص سوء كان هذا الترويع قد ورد علي نفس أو مال المجني عليه أو علي زوجته أو أحد من أصوله بما يسبب الرعب في نفس المجني عليه أو تعريض حياته للخطر وتكون العقوبة في هذة الحاله هي الحبس مدة لا تقل عن سنة .
وأما من أستخدام في ترهيب أو تخويف الناس حيوان مفترس أو كانوا أكثر من شخصين كما أن أستخدام أداة في بث الرعب والخوف في نفوس البشر فتكون العقوبة هنا هي الحبس مدة لا تقل عن سنتين، ويدخل نوع المجني عليه كأحد العوامل المشدده للعقوبة حيث نصت المادة 375 علي أن حال ما كان المجني عليه أنثي أو شخص سواء كان ذكر أو أنثي لم يبلغ الثامنة عشر فتكون العقوبة هي الحبس من سنتين لخمس سنوات .
من جماع هذا التوضيح يتبين أن المادة 375 عقوبات قد أحكمت قبضتها علي ظاهرة البلطجة وترويع الأمن للأفراد وحاول المشرع في هذه المادة أن يجمع كافة أشكال التعرض لنفس المجني عليه سواء كان المجني ذكر أو أنثي كما وضع في الحسبان عمر المجني عليه في تغليظ العقوبة حال ما إذا كان المجني عليه لم يبلغ الثامنة عشر، كما أن أستخدام المتهم لوسائل مساعدة لإلقاء الرعب في نفس المجني عليه من شأنه تشديد العقوبة كإستخدام الأسلحة أو الأدوات الحادة والعصي وخلافة أو تكوين التحالفات بين المتهمين فالعقوبة تتشدد إذا كان المتهمين أثنين فأكثر – الكلام لـ«عبد القادر» .
مضاعفة العقوبة
لم يكتفي المشرع بما أورده من حالات في المادة 375 عقوبات فنص علي مدة أخري وهي المادة 375 مكرر حيث نص المشرع فيها علي أن: «يضاعف كل من الحدين الأدنى والأقصى للعقوبة المقررة لأية جنحة أخرى تقع بناءً على ارتكاب الجريمة المنصوص عليها فى المادة السابقة، ويرفع الحد الأقصى لعقوبتى السجن والسجن المشدد إلى عشرين سنة لآية جناية أخرى تقع بناءً على ارتكابها .
وتكون العقوبة السجن المشدد أو السجن إذا ارتكبت جناية الجرح أو الضرب أو إعطاء المواد الضارة المفضى إلى موت المنصوص عليها فى المادة «236» من قانون العقوبات بناءً على ارتكاب الجريمة المنصوص عليها فى المادة السابقة، فإذا كانت مسبوقة بإصرار أو ترصد تكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد .
وتكون العقوبة الإعدام إذا تقدمت الجريمة المنصوص عليها فى المادة 375 مكرراً أو اقترنت أو ارتبطت بها أو تلتها جناية القتل العمد المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة «234» من قانون العقوبات، ويقضى فى جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليه بحيث لا تقل عن سنة و تجاوز خمس سنين».
في المادة 375 مكرر شدد المشرع العقوبة لتصل للإعدام إذا ما أقترنت أو أرتبطت جريمة الترويع أو التخويف بجناية القتل العمد حتي وأن تلت جريمة القتل العمد جريمة الترويع كأن يتشاجر شخصين فيقوم المتهم بترويع المجني عليه وتخويفه «وربنا مانا سيبك – أنت أخر يوم ليك النهاردة»، وما شابه ذلك من عبارات بث الخوف والرعب في نفس المجني عليه ثم يعمد المتهم بعدها بقتل المجني عليه عمدا أي قاصدا أزهاق روح المجني عليه .
سهام عدم دستورية القانون رقم 10 لسنة 2011
لم يخلي القانون 10 لسنه 2011 الذي حمل بين طياته مواد قانون عرف بإسم قانون البلطجة من سهام الطعن عليه بعدم دستوريته فقد وجه إليه أكثر من طعن بعدم دستوريته الدعوي رقم 13 لسنة 37 دستورية والقامة بشأن القضاء بعد دستورية المواد 375 ،375 مكرر من قانون العقوبات والذي أسست علي: «أن الاصل في التشريع الجنائي هو حصر الافعال المجرمة علي نحو واضح وصريح ولا لايجوز أن يكون النص الجنائي مترامي الاطراف ، كما أنه لا يجوز للمشرع فرض العقاب علي النوايا والأفكار وهو ما أستخدمه المشرع في عبارات التلويح بالعنف، كما أن جريمة البلطجة من ضمن الجرائم العمدية فكيف يمكن أثبات القصد الجنائي العمدي إذا لم يكن هناك تحديد للسلوك الاجرامي»، وقد قضي في تلك الدعوي بالرفض، ثم تلتها بعض الدعاوي كالدعوي رقم 140 لسنة 36 دستورية والدعوي 110 لسنة 38 ».
وبهذا النص القانوني أنتهت ظاهرة الفتونه وشخصية الفتوة التي أصبحت مجرمة قانونا وقد كتبت المواد 375، 375 مكرر شهادة وفاة شخصية كان لها أثر بين المصريين قديما وبات شخصية الفتوة الآن ما هي إلا حكاية تقصها الاجداد علي أحفادهم ليس إلا.