أيها «الهبيدة» هداكم الله أو هدكم
السبت، 23 فبراير 2019 12:49 م
الهبد لغة: هو شىء لا أعرفه (فهل تعرفه أنت؟).
أما الهبد اصطلاحًا: فهو وصف أطلقه أصحاب الحسابات على الفيسبوك، على كل أمر يقتل العقل، وينحر المنطق، وينسف المصداقية.
سأخطو خطوة لوضع الأمر فى موضوعه الحقيقى، مشيرًا إلى أن هناك شخصيات تقف وراء الهبد المصرى، وذلك لأن كل هبد على الفيسبوك، يمثل كومًا، بينما يمثل الهبد المصرى كومًا آخر.
الهبد المصرى منظم وممنهج، ويعلو فجأة حتى تظن أنه الحقيقة المطلقة، ثم يتبخر فجأة، كأنه لم يكن، وهو فى كل الأحوال، يتناول إلى حد التوحش كل أمر، وينال من سمعة أى شخص، ثم يتوقف لالتقاط الأنفاس ليعاود الهجوم.
قبل يومين نال الهبد من شخصية بعلو مقام ومكانة شيخ الأزهر، فقد راجت أخبار عن تردد شاب بين الكفر والإيمان، فما كان من الجهة أو الشخصية راعية الهبد إلا أن جاءت بصورة لشيخ الأزهر ووضعتها بمهارة على لوجو صحيفة الشروق، وكتبت على لسان الشيخ الإمام بالعامية:« مين جانا نضمه.. ومين راح.. إيه يا شباب؟».
هل يصدق عاقل أن الإمام شيخ الأزهر، يعرف أغانى حمو بيكا ومجدى شطة ويستشهد بها؟.
بكل أسف وحزن، نعم هناك عقلاء يصدقون ذلك، لأن قوة الهبد وتواصله، تجعل الحليم يقع فى الحيرة.
ومن شيخ الأزهر، نعود إلى هبدة الموسم، وملخصها يقول: «إن وزارة التربية والتعليم، قد أصدرت أمرًا بتوحيد زى المدرسين والمدرسات والإداريين والإداريات!».
طبعًا قامت القيامة على وزير التعليم، وجرت محاكمته بتهم عجيبة أقلها الفاشية!
العجيب، بل المريب أن الذى فكر فى «الهبدة» وروجها، كان متأكدًا أن أحدًا لن يبحث خلف كلامه، كيف أصبح مخترعو الأكاذيب، يتمتعون بكل هذه الثقة؟.
لا توجد أسرة فى طول البلاد وعرضها مقطوعة الصلة بعالم المدارس، فكيف جازت عليهم الكذبة؟.
الحكومة كعادتها، وهذا من عجائب أخلاقها، تتأخر دائمًا فى إنقاذ ما يمكن إنقاذه، فبعد رواج الكذبة، وتصديق القاصى والدانى لها، خرج السيد الدكتور طارق شوقى، وزير التعليم، ليقول: إن محافظ الوادى الجديد محمد الزملوط، هو من صمم ونفذ مبادرة جميلة تتعلق بزى مدرسى للمعلمين والإداريين، وتهدف الخطوة، إلى توحيد المظهر، وإضافة هيبة للمعلم، تتناسب مع جلال وظيفته.
وهذه المبادرة الفردية لم تخرج عن نطاق محافظة الوادى الجديد، وننظر إليها باهتمام، ونتابعها، لكنها ليست مبادرة قومية على مستوى الدولة فى الوقت الحالى.
ولم تصرح الوزارة بأى شىء يتعلق بالزى المدرسى، ولم أقل شيئا عن تحمل المعلم أى مبالغ مادية (50 % من التكلفة)، كما يشاع على مواقع التواصل.
كلام الوزير الحاسم القاطع، لم يوقف الهبد، فتدخل صاحب المبادرة، محافظ الوادى الجديد، محمد الزملوط، ليقول: إن الزى الموحد ليس أمرا إجباريا أو قرارا يجب تطبيقه فورا، بل تجربة تهدف إلى إضفاء شكل جمالى ومتميز للمعلمين، ولا تهدف للربح مطلقا.
كلام الرجلين واضح وصريح، لا لبس فيه ولا غموض، وكان من المنطق أن يقطع كلامهما كل كلام، ولكن ماذا نفعل، وقد أعلنوا موت العقل ذاته، فكيف يجوز لنا نحن الآن البحث عن المنطق؟.
ستظل كرة النار الخبيثة هذه تكبر حتى نستيقظ، لا قدر الله، على كارثة خلفها شائعة كذوب، وساعتها لن يحق لنا لوم أحد غير أنفسنا.