محافظ الدقهلية.. إيه رأيك في النظام؟
الجمعة، 22 فبراير 2019 06:32 م
تقول النكتة:
ذهب رجل بسيط إلى أحد المطاعم الشيك، وطلب فرخة من العامل، فسأله: عاوز فرخة بريش ولا من غير ريش؟ فقال له: من غير ريش. فطلب منه الصعود إلى الدور الثاني، فسأله العامل: عاوز الفرخة يرجلين ولا من غير رجلين؟ فقال له: من غير رجلين.. فطلب منه الصعود إلى الدور الثالث، فسأله العامل: عاوزها بالجناحين ولا بدون جناحين؟ فقال له: من غير جناحين.. فطلب منه الصعود إلى الدور الرابع، فسأله العامل: عاوزها برأس ولا من غير رأس؟ فقال له: من غير رأس.. فطلب منه الصعود إلى الدور الخامس، وهناك قال له العامل: بصراحة إحنا معندناش فراخ بس إيه رأيك في النظام؟!
هنا مربط الفرس.. نحن نفتقد إلى أشياء كثيرة جدًا، ونهمل في أشياء كثيرة جدا جدا، لكننا نمارس شغل الفهلوة والثلاث ورقات؛ حتى نظهر أننا نقف على قدم المساواة مع أي دولة تحتل الصدارة في أي مجال.
بالمناسبة، ليس مطلوبًا من أي مسؤول العمل يوم إجازته، اللهم إلا إذا حدث ظرف طارئ يستدعي وجوده، وأن وجوده سوف ينهي إجراءات كثيرة، ويختصر خطوات أكثر حال عدم وجوده.. كما أن القيادة السياسية لن تعلق المشانق لمسؤول قرر الراحة يوم إجازته وخصص هذا اليوم للجلوس مع أولاده وأقاربه وأصدقائه.. لكن المؤكد أن القيادة السياسية ستغضب، والرأي العام سيغضب أيضًا حين يهتم المسؤول بالمظهر على حساب الجوهر، بالشكل لا بالمضمون، بإرضاء كاميرات المصورين على حساب الشعب المطحون.
أقول ذلك بمناسبة اهتمام محافظ الدقهلية، الدكتور كمال جاد شاروبيم، بتفقد مدرسة الشهيد محمد أحمد سرحان للتعليم الأساسي بقرية كوم الدربي، التابعة لمركز المنصورة..
المحافظ شاروبيم ترك كل أيام الأسبوع، واختار يوم «الجمعة»، يوم الإجازة؛ لتفقد المدرسة، على الرغم من عدم وجود دراسة بها.. الوزير يعلم أن يوم الجمعة إجازة أسبوعية، ومسؤولو التعليم يعلمون أيضًا، وكل المصريين يعلمون أن الجمعة إجازة أسبوعية رسمية.. لكن لأن المحافظ جاء، فلابد أن تفتح له الأبواب المغلقة، وتلغى له الإجازات، ويستدعى له الطلبة بزيهم المدرسي، ولا مانع من وقوفهم في صفوف لاستقبال سيادته.. وهو ما فعلته إدارة المدرسة التي حرصت على إحضار عدد من التلاميذ للترحيب بسيادة المحافظ.
محافظ الدقهلية
في يوم الجمعة، وبينما أولياء الأمور وجميع طلاب مصر في فسحة من أمرهم، يفعلون ما يروق لهم يوم إجازتهم.. كان هناك تلاميذ آخرون، استيقظوا مبكرًا، وارتدوا زيهم المدرسي، وتجملوا، وتعطروا، وقطعوا مسافات قصيرة وطويلة؛ ليصلوا إلى المدرسة، رافعين أعلام مصر، ويكونوا في شرف استقبال سيادة المحافظ، الذي جاء لتفقد فصول ذوي القدرات الخاصة، وحجرة الحاسب الآلي، وفصول رياض الأطفال، وقاعات الأنشطة اليدوية والفنية للتلاميذ، وعددا من الفصول المدرسية، وجميعها خالية من الطلاب.
مدرسة محافظ الدقهلية
المحافظ قال- بحسب وسائل إعلامية- إنه «حرص على تفقد المدرسة بعد التوسعات الجديدة، في إطار الاهتمام بتطوير منظومة التعليم التي يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسى، والاطمئنان على وجود الفصول الخاصة بالأنشطة، والمعامل اللازمة لممارسة التلاميذ لها».
جميل كلام المحافظ، لكن هل يعلم سيادته أن الرئيس السيسي لا يرضيه أن «تشحططوا» التلاميذ يوم إجازتهم، وتحضرونهم «قسرًا»؛ ليكونوا في شرف استقبالكم والتقاط الصور لزوم التلميع؟ وهل يعلم سيادة المحافظ أن مثل هذا التصرف- غير المحسوب- قد يستغله إعلام الشر للإساءة للنظام، والسخرية منه، وجعله مادة خصبة على شاشتهم؟
سيادة المحافظ.. نحن نتنشق على الإنجازات.. نتمنى أن تكون أيامنا وساعاتنا كلها عبارة عن افتتاح مدارس، وجامعات، ومشروعات ومصانع، ومساجد، وكنائس، ومستشفيات، وأندية، ومراكز شباب، وبيوت ثقافة.. لكن عندما يكون الإنجاز على حساب الأطفال، فأنت بذلك تمنح المتربصين المغرضين سلاحًا يطعنوننا به.. أليس كذلك؟
ما نطلبه من سيادة المحافظ هو الاعتذار، ثم نطالب بمحاسبة المسؤولين الذين شاركوا في هذه الواقعة المشينة، التي تدل على عدم فهم، وسوء تقدير للأمور.