اختراق الحساب الشخصى على شبكة التواصل الاجتماعي بين اللغط والقانون
الجمعة، 22 فبراير 2019 07:00 م
كان قد أثير جدلا فقهيا صاخبا حول العقاب على اختراق الحساب الذي ينشأه الفرد العادي علي مواقع التواصل الاجتماعي، وكان موطن الخلاف عدم وجود نصوص صريحة تجرم هذا الاختراق وتعاقب عليه وعملا بمبدأ الشرعية الجنائية لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص يجرم الفعل ويرصد له العقاب.
فى هذا التقرير «صوت الأمة» رصد ما ذهبت إليه القوانين والتشريعات بخصوص اختراق الحساب الخاص للأشخاص علي شبكة التواصل الاجتماعي خاصة عقب واقعة إختراق وسرقة الحساب الشخصى للمستشارة مروة، ابنة الشهيد المستشار هشام بركات النائب العام السابق – وفقا لأستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر فاروق الأمير.
فعل الإختراق ونصوص السرقة
نظرا لخطورة فعل الاختراق واعتدائه علي حق الفرد في الخصوصية ومساسة بملكيته للحساب الخاص الذي خلقه من العدم ليكون سكنا لنفسه يبث فيه أفكاره ويعبر عما يجول بخاطره لجأ بعض الفقهاء إلى تطبيق نصوص السرقة على هذا الاختراق بدعوى أنه لا يعدوا أن يكون اختلاس للموقع الخاص، فهذا ما ذهبت إليه بعض المحاكم الفرنسية – بحسب «الأمير».
ولكن انتقد هذا الإتجاه علي أساس أن الحساب الخاص عبارة عن نبضات إليكترونية وليس منقول مادي يمكن حيازته حال أن السرقة لا ترد إلا على منقول مادي يمكن حيازته والاستيلاء عليه، فضلا عن أن السرقة يجب لتحققها توافر نية التملك ومن يخترق الحساب الخاص تكون له مأرب أخرى غير التملك كتعطيل الحساب أو التلصص علي ما به من معلومات أو صور أو بيانات... ألخ، فلا تتحقق السرقة، وهذا ما اتجهه إليه بعض أحكام المحاكم الفرنسية، وإزاء هذا الاضطراب تدخل المشرع الفرنسي وجرم الاختراق والتعطيل للحسابات الخاصة على شبكة التواصل الاجتماعي بنصوص صريحة – الكلام لـ «الأمير».
خلاف فى التشريع المصرى
ولقد انتقل الخلاف السابق إلى مصر وترنحت الأراء بشأنه ما بين الإباحة والتأثيم حتى تدخل المشرع في عام 2018 وأصدر القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات اسوة بالمشرع الفرنسي، ولقد اضفي هذا القانون ولأول مرة الشرعية على إنشاء الحسابات الخاصة للأفراد على شبكة الإنترنت «المادة الأولى من القانون»، مشيرا إلى أن هذا الإنشاء أحد مظاهر الحق في الحياة الخاصة أو بالأحرى حق الخصوصية «المادة الأولى فقرة ثالثا».
ومجرما كل اعتداء على اختراق الحساب الخاص لأحاد الناس أو تعطيله بعقوبة الحبس الذي لا يقل عن شهر أو غرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز100 أالف جنية أو باحدى هاتين العقوبتين «المادة 18»، فإن كان الحساب الخاص محظور الدخول عليه أضحت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة فإن نتج عن الدخول إتلاف أو نسخ أو تغيير أو محو أو إعادة نشر للبيانات أو المعلومات الموجودة على الحساب أو الموقع كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين «المادة 14».
الفرق بين الإعتداء على الحساب والإختراق
ويُضيف أستاذ القانون الجنائى يلاحظ أن المشرع فرق بين الاعتداء علي الحساب الخاص بأحاد الناس وبين الدخول علي حساب خاص محظور الولوج إليه، فشدد العقوبة عند الدخول على الحسابات المحظورة عن مجرد اختراق أو تعطيل أو إتلاف الحساب الخاص، ولكن لا يبين مقصود المشرع من الدخول إلى الحسابات الخاصة المحظورة، التي يتشدد العقاب عند تحققه إذ المفروض أن الدخول إلى أي حساب خاص محظور فلفظ محظور ورد في النص مجمل ومبهم.
وبالتالي أضحى التفرقة بين جريمة الدخول إلى الحسابات الخاصة وجريمة اختراقها من الصعوبة بمكان ويمكن أن يثير الجدل والخلاف، ومهما كان الأمر فإن جريمة الاعتداء علي الحساب الخاص من خلال اختراقه أو تعطيله يُعد من جرائم الخطر وليس الضرر، إذ يكفي لتحققها مجرد اختراق الحساب ولو لم يلحق صاحب الحساب أي ضرر وبغض النظر عن الباعث على الاختراق، إذ الجريمة تتحق بمجرد الاختراق ولا ترتهن بباعث الجاني من الاختراق إذ قد يكون التجسس أو إعادة نشر أو بث أو تعطيل أو إتلاف أو تبطيئ الحساب... الخ فالباعث ليس من أركان الجريمة – الكلام لـ «الأمير».
هذا ولقد نص القانون علي سريان أحكامه علي جرائم الاعتداء على الحساب الخاص، التي ترتكب في خارج البلاد متى كان من شأن الجريمة الأضرار بأمن المواطن أو أحد المقيمين على أراضيها... «المادة 3/3» أو اذا كان المجني علية مصريا «المادة 3/1» وحالات أخرى كثيره بينها، وذلك استثناء من مبدأ إقليمية قانون العقوبات.